من الحكمة المتعاليه الى الحكمة المتواضعة
منتدى الفلسفة والعلوم الانسانية منتدى الباكالوريا - منتدى الآداب و العلوم الإنسانيّـة - فلسفيات الباكالوريا آداب وشعب علمية بكالوريا علوم - باكالوريا آداب بكالوريا الجزائر بكالوريا المغرب - منتدى الفلسفة منتدى علم الاجتماع منتدى علم النفس
منتدى الفلسفة من هنا
لنقم بدءا باختزال ابرز الاراء في تراثنا القديم وخطابنا الحديث, ازاء الفلسفة, قبولا ورفضا, وهي كالتالي :
1- الموقف الاول هو تحريم النظر الفلسفي , سواء بحجة:
- قيامها على منطق يتنمي لمخيال فكري وفضاء معرفي آخر كما شرح اقوال ذلك ابوحيان التوحيدي في المقابسات .
- او من باب عجزها عن اعطاء المعرفة اليقينية كما في الدين , ولعل اشد هولاء وطأة هو ابو حامد الغزالي .
- او بحجة معارضتها للدين من الاصل بدءا او انتهاءا ,وهو تنظير يعتبر ابن تيمية قمة الهرم فيه .
2- الموقف الثاني هو القبول كلياً بالفكر الفلسفي والاستناد عليه بشكل كامل كمافعل جل فلاسفة المسلمين من المعتزلة وحتى التأويل الفلسفي للقرآن اليوم على يد ملاصدرا وتلامذته المتأخرين كالخميني و محمد حسين الطباطبائي , ومن يسير خلفهما الى اليوم . ولعل اشد اتباع هذا الرأي في التاريخ هو المعلم الثاني ابي نصر الفارابي , فهو قد بلغ به الامر ان جعل الفلسفة هي الحقيقة وخطاب النخبة , والقرآن هو مجرد امثال للعوام والسوقه (= راجع ماكتبناه بحثنا المطبوع ورقيا : التفسير كشف النص ام كشف الواقع ) .
3- الموقف الثالث هو قبول النظر الفلسفي , لكن بشرط جعله متوافقا مع الكتاب والسنه
4- الموقف الرابع هو عكس الموقف الثالث اي جعل النص هو الفلسفي هو الاصل , والنص الديني هو الهامش , وهو يفترق عن الموقف الثاني , بعدم الاستناد الكلي على النظر الفلسفي .
5- في الخطاب الثقافي المعاصر جرى التنظير بوجود موقفين جديدين : موقف يقبل النظر الفلسفي بلا قيد ولا شرط ازاء النظريات الفكرية المعاصرة , وهذا مايمثله عموم المثقفين العرب والشرقيين من عبدالرحمن بدوي وحتى محمد اركون , واكثرهم تفريطاً في هذا الموقف هو طه حسين الذي طالب بقبول الفكر الغربي حتى باخطائه .
6- الموقف الثاني في الحركات الثقافيه المعاصره في الشرق والخطاب العربي , يتقوم على القبول بالفلسفة لكن بشرط موافقتها مع فكرنا وحضارتنا وهويتنا وهذا مااسماه محمد باقر الصدر (( بفلسفتنا)) , وهو موقف يمثله اليوم قطاع واسع من كتاب الاسلاميين ودينيين , بل وعلمانيين ايضا (!!) اعتمادا على ضرورة التوافق مع التراث والهوية .
وفي واقع الامر انه لايوجد لدينا حتى الان سوى مواقف اربعة من الفلسفة وهي الاربعة الاولى , اما الموقف الخامس والسادس , فهي ذاته الموقف الثالث القديم وما يقوله المثقفين المعاصرين ليس بشيء جديد سوى تبديل الفاظ فقط , وهذا سبب هذا الركود الثقافي الذي نعانيه فنحن لدينا مصطلحات جديدة لمواد قديمة , هذا في احسن حال , والا فكثير من الاحيان نجد انفسنا امام ذات المعاني القديمة بالفاظها التراثية تلك .
.............................................
لعل ابرز دعوة تجديدة للقول الفلسفي في هذه الارض الشرقية , هو القرآن نفسه . حيث امتاز هذا الكتاب عن اشقائه من الكتب الدينية التي سبقته بكونه رغم اعتماده على قوة البيان اللغوي , الا انه لم يتكل كل الاتكال على استخدام الكلام الادبي الجميل او الاثارة العاطفية , من اجل دعوته ( كما تجد هذا في الانجيل بشكل واضح , مثلا ) , وانما كان يطالب باعادة (( النظر )) في تركيبة النفس والحيوانات والطبيعة . ومن الواضح انه لافكر فلسفي اذا ما نفينا قاعدة النظر الحر , ونقول (( حر)) هنا , لكون قوام الفكر الفلسفي هو حرية التفكير بدون وضع قواعد قبلية , وهذا ماكان يفعله القرآن بشكل واضح الى درجة انه كان يشكك بنفسه , فكان يخطاب مناوئيه بقاعدة هي اصل النظر الفلسفي ذاته التي اعتمد عليها خطاب سقراط القديم : انا او انتم على الحق او في ظلال مبين.
لكن هذا لم يثمر لدينا لوحده , خطابا فلسفيا بسبب :
1- ان القرآن نفسه لم يكن وفيا لمثل هذا الخطاب اذ كان يخرج عن هذا السياق ويعتمد على قوة البيان والاثارات العاطفية والجمالية , بل كثيرا ما يخرج القرآن الى طرح بديهية مدعياته من الاصل (= {أفي الله شك} .. {ضل من تدعون من دونه } ..الخ ) , وهذا طبيعي لكونه يخاطب امة البيان من جهة , وكونه كتابا موجهة للجميع وليس للنخبة والفلاسفة من جهة ثانية .فلو استخدم القرآن الخطاب الفلسفي خرج عن كونه عاما للجميع, بل ولخرج عن كونه كتاب دعوه دينيه من الاصل .
2- الاهم من ذلك هو ان القرآن لم يطرح هذا النظر من اجل النظر نفسه مطلقا , وانما كان يطرح النظر مقدمة من اجل بعض القضايا فقط , مثل قضية اثبات وحدانية الرب .. او من اجل اثبات الحياة بعد الموت .. او غيرها من قضايا اللاهوت الاسلامي . وهذا امر طبيعي جدا , لكون القرآن كتاب دعوة دينية وليس دعوة ثقافية او فكرية عامة .
..............................
وهذا بالذات سوف يشكل عرقلة للفكر الفلسفي وموقفنا منه , بدل ان يكون منيما له وذلك لجملة امور اهمها هنا هي :
1- بما ان النظر العقلي في وعي المسلمين ارتبط منذ البداية كخادم لبعض القضايا الدينية , فهنا نجد ان الفلسفة الاسلامية كانت تقترب من الفكر الفلسفي كي يعينها على اثبات تلك القضايا الدينية نفسها , وهذا معناه اننا لم نكن نقترب من الفكر الفلسفي من اجل نفسه وانما من اجل غيره ,اولا , وثانيا : ان الفكر الفلسفي لدينا كان معتقل منذ البداية بجملة قضايا عليه ان لايخرج عنها ابدا.
2- وكان هذا مؤثرا على اول لقاء لنا مع الفكر الفسفي , اعني المرتجم الاول الذي ترجم لنا القول الفلسفي اليوناني والروماني .
فهنا المترجم العربي لم ينقل لنا الفكر الفلسفي كماهو لدى اليونان وانما قام بعدة امور غيرة ماهية النص ليوناني من الاصل , مثل :
- ترجمة البحوث الفلسفية الخالصة , مع اهمال كلي تام وشامل لنصوص هولاء الفلاسفة الادبية والتي هي الوجه المتمم لنظرياتهم العقلية , لكونها نصوص اباحية في قيمها الاخلاقية من جهة , وكونها وثنية الالفاظ والمعاني من جهة ثانية .
- وهذا التحريف وصل الى ذات ترجمة البحوث الفلسفية الخالصة , فكان المترجم العربي الاول يزور كلمات من قبيل الالهة النعيم والالهة العذاب مثلا الى (( الجنه والنار)) , وكأن الفلاسفة اليونان كانوا موحيدين . وهو تزوير سوف تكون له تبعات مثيرة الى اليوم , بدءا موضع روايات على لسان نبي الاسلام تصور ان سقراط وافلاطون وارسطو (( انبياء نساهم قومهم )) , وحتى جملة امور سوف تعتمدها مدرسة التصوف الاسلامي . فهي اعتمادا على هذه الترجمة انطبع لديها مخيال بان هولاء الفلاسفة اليونانين , هم امة طاهرة نقية كانت تعرج في سلم القيم العرفانية , وهذا ماتجده حتى لدى آخر من زاول الكتابة في ذلك , كما هو حال الخميني وتعليقاته حول ارسطو ,تبعا لكونه طالب مقلد لملاصدرا (= راجع ماعلق عليه الخميني في كتابه الاداب المعنوية للصلاة , حول كتاب المثلوجيا), وهي تعليقات لايستطيع الطالب المعاصر اليوم , سوى ان يشفق على كاتبها لعمق الخطأ والالتباس فيها .
3- وهذا يعني بشكل اعمق ان المترجم العربي الاول ذاك هو اول من قام بما نسميه اليوم (( بالاسلمه )) , فذاك المترجم اسلم النص اليوناني , وعليه فنظرية الاسلمة التي لهج بها جملة كتاب الفكر الاسلامي والديني , وليست هي فكرة جديدة . وعليه فهي نظرة لاتمثل موقفا غير فسلفي حقيقة , لكونها لاتعتمد الفكر الحر , وانما بقبليات مسبقه ,
- وانما هي ايضا فكرة مدمرة مخربة تقوم بتشويه الفكرة الاصل عن .
- كما انها تقوم على الحس التلفيقي بين الاشياء ولاتمثل اجتهادا عقليا وفكريا جديدا.
بالتوفيق للجميع
موقع وظائف للعرب في تونس والجزائر والمغرب العربي والخليج والشرق الاوسط واوروبا
من هنا



 
			
			 من الحكمة المتعاليه الى الحكمة المتواضعة
 من الحكمة المتعاليه الى الحكمة المتواضعة
				
 
					
					
					
						 رد مع اقتباس
  رد مع اقتباس 
			