منهجيّة المقال الإنشائيّ الحجاجيّ في مناظرة شهادة ختم التّعليم الأساسيّ
منهجيّة المقال الإنشائيّ الحجاجيّ في مناظرة شهادة ختم التّعليم الأساسيّ
- الموضوع : منهجيّة المقال الإنشائيّ الحجاجيّ في مناظرة شهادة ختم التّعليم الأساسيّ
- منهجيّة المقال الإنشائيّ الحجاجيّ في مناظرة شهادة ختم التّعليم الأساسيّ
ملاحظات منهجيّة حول موضوع الإنشاء الحجاجيّ : مناظرة شهادة ختم التّعليم الأساسيّ دورة 2007
الأستاذ ياسر محمّد السّويسي
الموضوع :
"بمناسبة عيد الشّهداء دار حوار في قسمكم اكتفى فيه بعض التّلاميذ بالإشادة بدور هؤلاء الأبطال في تحرير البلاد من الاستعمار فعقّبت على ذلك و بيّنت ما يفرضه الوفاء للشّهداء من حفاظ على المكاسب الّتي ضحّوْا من أجلها و دعمها."
انقل كلا الرّأييْن مركّزا على ما اعتمدته من حجج تدعم رأيك.
* تفكيك المعطى :
نلاحظ أنّ نصّ المعطى ينقسم إلى جزءيْن :
1- موقف بعض التّلاميذ :
الاكتفاء بالإشادة بدور الشّهداء في تحرير البلاد من الاستعمار بالقول دون فعل . يعني أنّ صاحب هذا الموقف يقف موقفا سلبيّا يكتفي خلاله بالفرجة و بالاستفادة من منجزات الشّهداء الّذين قدّموا أرواحهم و أنفسهم و أفضل ما يملكون لأوطانهم في حين اكتفى أصحاب هذا الموقف بالاستفادة من أعمال غيرهم دون أن يواصلوا الرّحلة بأخذ المشعل عنهم و المضيّ إلى الأمام قـُـدُما ً في سبيل العمل و الاجتهاد و الإنجاز .
و هنا تتّضح الكلمة المفتاح من خلال التّحليل و هي (العمل) فأكثر المترشّحين خلال تلك الدّورة (2007) لم يفهموا أو لم يتفطّنوا إلى المحور المقصود المرتبط بنصّ الموضوع لأنّهم ينتظرون بكلّ سطحيّة أو "سذاجة" أن يذكر لهم نصّ الموضوع الكلمة المحيلة على المحور المقصود عارية واضحة مباشرة و هذا لا يكون دائما . فأحيانا كما هو الحال في هذا الموضوع تكون الإحالة على المحور المقصود غير مباشرة و في حالات أخرى يكون الرّبط بين محوريْن في الموضوع نفسه (مثل ربط الفقر بالعنف / أو ربط الفقر بالبطالة / أو التّخلّص من الضّغط النّفسيّ بممارسة نشاط فنيّ / أو ربط عمل المرأة بمشكلة دورها داخل الأسرة و خارجها / أضف إلى ذلك انفتاح محور التّراسل على مختلف المحاور فالرّسالة شكل و بقيّة المحاور مضمونه ..) فمن غير الضّروريّ أن يقف الموضوع المطروح في حدود محور وحيد لا يتعدّاه إلى غيره.
2- موقفك (موقف المتكلّم) :
بيان ما يفرضه الوفاء للشّهداء من حفاظ على المكاسب الّتي ضحّوْا من أجلها و دعمها. و يكون الدّعم المقصود بالتّخلّي عن الشّعارات الجوفاء و التّعبير الشّفويّ الشّكليّ الخاوي عن الوفاء دون دعمه بعمل ملموس يجسّد معاني الوفاء.
و هنا تظهر كلمتان تضطلعان بدور المفتاح في هذا الموضوع :
1- الإشادة : قوليّة غير مدعومة بعمل. (الأطروحة المدحوضة)
2- الوفاء و الحفاظ و الدّعم : فعليّ ينطلق من القيمة و يدعمها بالعمل. (الأطروحة المدعومة)
3- السّياق السّرديّ :
السّياق السّرديّ ورد واضحا في هذا الموضوع : "بمناسبة عيد الشّهداء دار حوار في قسمكم اكتفى فيه بعض التّلاميذ ..." فالحدث حوار خلال حصّة التّواصل الشّفويّ مثلا هي الزّمان و المكان هو القسم و الشّخصيّات هي التّلاميذ.
* تفكيك المطلوب:
انقل كلا الرّأييْن مركّزا على ما اعتمدته من حجج تدعم رأيك.
1- نقل الرّأيين : نمط الكتابة هو الحوار.
2- مركّزا على ما اعتمدته من حجج تدعم رأيك : إشارة إلى تغليب رأي المتكلّم على رأي المخاطب من حيث الكميّة أو الحيّز النصيّ المخصّص له و كذلك من حيث الثّقل الحجاجيّ فالمنتظر في هذه الحالة (و كثيرا ما يطرح التّلاميذ هذا السّؤال) أن يقتنع المحجوج بأطروحة المحاجّ .
* التّخطيط :
1- المقدّمة :
يُستحسن في المقدّمة الابتداء بتمهيد نظريّ عامّ يحضّر لطرح الإشكال و يتدرّج نحوه من العامّ إلى الخاصّ فموقف المحاجّ هو نموذج لتفكير سائد يخصّ مجموعة تتعدّى فرديّته و موقف المحجوج كذلك هو نمط تفكير قائم بذاته يقابل موقف المحاجّ و يقوم على مقارعته بالحجّة و مكافحته بالأدلّة و البراهين .
* مثال في تحرير المقدّمة :
لئن لا يختلف عاقلان في أهميّة العمل و الاجتهاد للتّعبير عن الوفاء للمبادئ و تجسيم القيم في الواقع فإنّ كثيرا من النّاس يكتفون بالإشادة بالأسلاف و تمجيد أعمالهم و التغنّي بها دون عمل فعليّ على دعم الأقوال بالأعمال و من بين هذه الفئة بعض التّلاميذ في قسمنا الّذين اكتفوْا خلال حصّة حوار بمناسبة عيد الشّهداء بالإشادة بدور هؤلاء الأبطال في تحرير البلاد من الاستعمار فعقّبت على ذلك و بيّنت ما يفرضه الوفاء للشّهداء من حفاظ على المكاسب الّتي ضحّوْا من أجلها و دعمها.
2- جوهر الموضوع :
1- يُستحسن الانطلاق في جوهر الموضوع بتأطير سرديّ مفصّل لما ورد مجملا في المقدّمة : (المناسبة : ذكرى عيد الشّهداء و إحياء هذه المناسبة و الاعتزاز بها خارج المدرسة و داخلها / حالة التّلاميذ في القسم و ظروف سير الحوار / التّخلّص إلى الإشارة السّرديّة الأخيرة التّي سينطلق منها الحوار /)
2- لا بدّ من الانطلاق في كلّ تدخّل حواريّ من إشارة سرديّة تصف حالة المتكلّم و انفعالاته و حتّى أفكاره الباطنة الّتي لم يفصح عنها فكلّ ذلك يخدم تصوير أفكار الشّخصيّة و يبيّن علاقتها بمحاورها أو محاوريها.
* مثال في الإشارات السّرديّة:
( تأمّلني دقائق معدودات ثمّ ضحك ضحكة لم أفهم مغزاها لكنّي أحسست أنّها تنمّ عن السّخرية أو أنّها وسيلة لإخفاء ملامح الشكّ الّتي سادت وجهه و اجتاحت عينيه ثمّ أردف بنبرة الواثق / أيقنت حينئذ أنّ من الصّعوبة إقناعه بفساد موقفه و بخطأ تصوّره فحججه لا تخلو من وجاهة التّفكير و بلاغة التّعبير لكنّي صمّمت على المضيّ قدما في الدّرب الّذي تخيّرته بكلّ عزيمة و ثبات و إن ملأته الأشواك و شابته العثرات فأردفت قائلا / تغيّرت ملامح وجهه و اجتاحت عينيه نظرات غريبة تشي بما يجول في عقله من أفكار قد تجعل هذه العقليّة تندثر و تتوارى لكنّه فاجأني بقوله و قد أشرق وجهه و كأنّه تيقّن من إفحامي بحجّة دامغة / ...)
3- للحوار خصوصيّة في هذا الموضوع فهو يدور بين فرد ينطق بلسان مجموعة و بين مجموعة أخرى تخالفه في الرّأي و هنا يمكن أن يتداول على الحوار مجموعة من التّلاميذ الّذين يذودون عن الأطروحة المدحوضة في حين يكتفي المحاجّ بحمل راية زملائه الدّاعمين لموقفه دون الحاجة إلى مساندة غيره من عناصر مجموعته.
4- كلّ فقرة يجب أن تنطلق من ردّ فعل على رأي المحجوج أو المخاطب لتبدأ الفقرة الحجاجيّة بتعليق على الرّأي السّابق للمخاطب و إبداء موقف منه و ذلك باستخدام الأعمال اللّغويّة المناسبة : التّحذير / الدّعاء / الإغراء / التّعجّب / المدح و الذمّ / النّداء / الأمر و النّهي / الالتماس و التّحضيض / الشّرط / الاستفهام ... (نلاحظ أنّ هذه الأعمال اللّغويّة تمثّل دروسا في علم النّحو ضمن برنامج اللّغة للسنّة التّاسعة من التّعليم الأساسيّ و يستحسن أن يتمّ إدماج مكتسبات التّلميذ من اللّغة في الإنتاج الكتابيّ).
5- تتكوّن الفقرة الحجاجيّة وجوبا و في كلّ مخاطبة من (أطروحة + حجّة + مثال + استنتاج) مع استعمال العبارات الدالّة على الاستنتاج و تنويع الحجج و الأمثلة و ترتيبها ترتيبا يخدم الخطّة الحجاجيّة.
6- يستحسن أن يجمع التّلميذ الأفكار الخاصّة بكلّ من المتحاوريْن دون أن يسقط في فخّ إعادة الكتابة فيهدر الوقت
7- يعمد التّلميذ إلى جمع الأفكار و تفريع العناصر :
* موقف التّلاميذ :
أهميّة الإشادة بالشّهداء و الثّناء عليهم و التّغنّي بإنجازاتهم لتخليد مآثرهم من خلال الأغاني و الأناشيد الّتي تصف أعمالهم و وقائعهم / المعارض و الصّور الّتي تبيّن إنجازاتهم / تذكّرهم في كلّ سنة و استعادة أعمالهم / وضع صورهم أو إطلاق أسمائهم على مؤسّسات متنوّعة ..)
* موقف المحاجّ :
ضرورة تجاوز ما أنجزه الشّهداء إلى ما دفعوا حياتهم من أجله و هنا تظهر قيمة العمل : (التّلميذ باجتهاده في دروسه و بعمله من أجل النّجاح يعبّر عن وفائه للشّهداء / بحفاظه على مؤسّسته التّربويّة و بعمله على صيانة مكتسبات وطنه خارجها يواصل حمل المشعل الّذي دفع الشّهداء أرواحهم من أجله / خارج المدرسة تعتبر كلّ أشكال العمل و البناء من أجل تطوير الوطن و الرّقيّ به شكلا ساميا من أشكال الوفاء للشّهداء / تفريع مجالات العمل و أنواعه بالفكر و السّاعد .. / ضرورة التّشارك بين الجنسيْن في العمل لبناء وطن ضحّى الشّهداء من أجله و من اجل شعبه كاملا دون تمييز بين الذّكر و الأنثى / العمل على تطوير الاقتصاد الوطنيّ بالإخلاص في العمل و إتقانه للتّحرّر من التّبعيّة الإقتصاديّة حيث الاستعمار الجديد بمفهومه المعاصر / دعم الأفكار بحجج دينيّة مثلا ترقى بالعمل إلى حيّز العبادة و تجعل الإخلاص فيه واجبا فــ"ــمن غشّنا فليس منّا" ..)
3- الخاتمة :
نتجنّب في الخاتمة التّصريح بعبارة (اقتنع) بل نستثمر أنماط الكتابة من سرد و وصف و حوار باطنيّ لتصوير مآل الحوار الحجاجيّ (تراجع المخاطب عن رأيه / إصرار المخاطب على رأيه / مراجعة المتكلّم لبعض آرائه و دخوله في مرحلة تفكير يخرج منها بحقائق جديدة.) كما يستحسن إنهاء الخاتمة بتعليق عامّ أو استنتاج نظريّ يؤكّد مآل الحوار الحجاجيّ.
عروض الشغل في القطاع العمومي والقطاع الخاص jobs Offres d’emploi من هنا
رد مع اقتباس
