جدل بشأن مشاهدة طائرات روسية تهبط في مطار جزيرة جربة التونسية .. والسفارة التونسية بفرنسا تكذب الخبر (فيديو) الدكتور عبد السلام شقير يعلق على الموضوع



نفت سفارة تونس بفرنسا قطعيا ما أوردته القناة الإخبارية الفرنسية "ال سي إي " يوم الخميس23 ماي 2024 في برنامج "24 ساعة بوجاداس" من "ادعاءات" بشأن وجود عناصر من مجموعة "فاغنر" بجزيرة جربة، مشددة على أن تونس دولة ذات سيادة، وهي الوحيدة القادرة على مراقبة سلامة أراضيها.
وأضافت السفارة، في بلاغ نشرته على صفحتها بشبكة "فايسبوك"، أنّ القناة "تواصل للأسف عملها في التضليل الاعلامي بالترويج مرّة أخرى لأخبار لا أساس لها من الصحة حول تونس"، وقالت "إنه لم يتم التثبت مسبقا من هذه الأخبار لدى المصادر الرسمية".
واعتبرت أنّ هذه القناة لم تحترم مرّة أخرى أخلاقيات العمل الصحفي، مضيفة "أن الذين يدعون الدفاع عن حرية الرأي هم أنفسهم مَن ينتهكونها ".

ويذكر أنّ وسائل إعلام غربية أوردت أخبارا حول تنامي وجود قوات "فاغنر" (مجموعة روسية شبه عسكرية غير نظامية)
وسارعت موسكو عبر سفارتها في ليبيا إلى نفي صحة ما ورد في تقرير الصحيفة الإيطالية، واصفة إياه بـ"الأكاذيب والتزييف"، الاثنين الماضي. لانهاء الجدل مشاهدة طائرات خلال الأيام الأخيرة تهبط في مطار الجزيرة التونسية



كشفت تقارير إعلامية غربية مؤخرا عن هبوط طائرات روسية يُشتبه في أنها عسكرية، في مطار جربة الدولي جنوب شرق تونس، ما أثار موجة من التساؤلات في الأوساط السياسية والأمنية الإقليمية والدولية، بشأن حقيقة هذه التحركات ودلالاتها في ظل حساسية الوضع في المنطقة.
وعلى مدار الأيام الأخيرة، تداولت وسائل إعلام أوروبية وغربية بشكل واسع المعطيات التي أوردتها صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية والتي أفادت الأسبوع الماضي، بهبوط "طائرات عسكرية روسية" في الأيام القليلة الماضية، بمطار جربة الواقع على بعد 130 كيلومترا من الحدود الليبية.



أما تونس، فلم تعلق رسميا على الموضوع سوى سوى يوم الجمعة، 24 ماي 2024 عندما نفت سفارتها في روما ما أوردته لا ريبوبليكا، فيما رفضت سفارتها في باريس ما وصفته بـ"الادعاءات" التي حملها برنامج سياسي عرض على قناة "LCI" الفرنسية، بُثّ الخميس، وناقش ما أسماه "الاختراق الروسي لتونس". وأعربت السفارتان عن أسفهما لـ"نشر معلومات مضللة ولا أساس لها".

طائرات روسية في جربة
ونقلت "لا ريبوبليكا"، في تقريرها، الأحد الماضي، أن طائرات شوهدت خلال الأيام الأخيرة تهبط في مطار الجزيرة التونسية، مؤكدة أن طبيعة نشاطها لم تتحدد.

وذكرت أن لموسكو بالفعل حضور قوي في ليبيا، وتشكل تحالفا مع الجزائر، ونجحت في توسيع تواجدها العسكري في النيجر وتشاد، فيما انسحب الفرنسيون من مالي وبوركينا فاسو، معتبرة أن تواجدها في تونس من شأنه أن يكمل "اختراق" المنطقة.

واعتبرت الصحيفة أنه فيما "لا تزال الطبيعة الدقيقة لهذه الأنشطة الجوية، سواء كانت لوجيستية أو غير ذلك، غير واضحة"، شددت على أنها "تثير مخاوف حقيقية".

الناشط التونسي المقيم بإيطاليا، مجدي الكرباعي، يقول إن تقرير الصحيفة الإيطالية يشير إلى أن طائرات عسكرية روسية تتواجد في تونس، ويطرح فرضية تموضع قوات لفاغنر بالبلاد.



ويضيف الكرباعي في حديثه لموقع "الحرة"، أن بيانات السفارات الثلاث (التونسيتين والروسية) تنفي تواجد عناصر فاغنر وليس التواجد الروسي في تونس، حيث أن هناك إثباتات بوجود هذه الطائرات، بالتالي فهناك "روايتين" للموضوع.


ونفت السفارة التونسية بروما الأنباء التي تفيد بوجود عناصر من فاغنر في مطار جربة.

ووصفت السفارة، حسبما نقلته وكالة "نوفا" للأنباء، تقرير الصحيفة بأنه "معلومات كاذبة"، وأكدت أن "الجمهورية التونسية دولة مستقلة ذات سيادة، تتحكم وحدها في سلامة كامل ترابها، وترفض أي نوع من التدخل الأجنبي في شؤونها الداخلية".

بدورها، اعتبرت روسيا في بيان نشر على صفحة سفارتها في ليبيا عبر موقع "فيسبوك"، أن الدول الغربية "تسوق عبر إعلامها لأفكار غير حقيقية، الغرض منها بث الذعر ومحاولة التأثير على الأوساط الاجتماعية، عبر الترويج لأخبار مزيفة".

ونفى البيان "وجود أي طائرات حربية تابعة لقوات فاغنر داخل جزيرة جربة التونسية، المجاورة لليبيا، كما تزعم الدول الغربية".

الرواية الأولى وفقا للكرباعي، يمثلها تقرير لا ريبوبليكا والمعطيات التي أوردها بشأن التواجد الروسي والتداعيات الأمنية على المنطقة وعلى إيطاليا تحديدا القريبة من تونس.





ويضيف الناشط التونسي، أن البيانات التي تكذّب الخبر كذبت مسألة تواجد فعلي لفاغنر في تونس، وهو ما لم تطرحه الصحيفة بل بقي الأمر جزءا من التحليل الخاص بها.

بالمقابل، يقول علية العلاني، خبير الشؤون السياسية والاستراتيجية، إن التقارير "لا تحمل كل الحقيقة وتفتقد إلى الدقة"، مشيرا إلى أن "الأراضي التونسية تستقبل طائرات من العديد من الدول".

ويضيف العلاني في تصريح لموقع "الحرة"، أن "تونس لم ترد في البداية على التقارير لكن بعد تداول الحديث عنها اضطرت إلى الرد، نافية وجود قوات فاغنر على الأرض، وأيضا لا داعي لوجودها، حيث أن لروسيا مناطق أخرى أهم بالنسبة إليها".

ويشير الخبير التونسي إلى أن تقرير الصحيفة الإيطالية أشبه بـ"لعبة مخابرات"، وليس "خبرا حقيقيا"، لافتا إلى أنه يندرج ضمن الصراع الفرنسي الإيطالي على النفوذ بالبلاد.


وأوضحت صحيفة "لا ريبوبليكا"، أنها طلبت من الخارجية الأميركية بيانا بشأن موقفها بخصوص الرحلات الجوية الروسية إلى تونس، ومدى اطلاعها عليها.

وذكرت أن الخارجية الأميركية، علقت بالقول: "ما زلنا نشعر بالقلق بشأن أنشطة مجموعة فاغنر وتلك التي تدعمها روسيا في القارة الأفريقية، والتي تؤجج الصراعات وتشجع الهجرة غير النظامية، بما في ذلك إلى تونس".

"دلالات التحركات"
بدورها سلطت جريدة "لوموند" الفرنسية الضوء على تداعيات ودلالات التحركات الروسية المزعومة في تونس، والجدل الذي أثارته في ظل الوضع الإقليمي المتوتر.

واعتبرت الجريدة الفرنسية، أن تونس ترتبط بالمعسكر الغربي، ولجيشها علاقات وثيقة بالولايات المتحدة، بالتالي فإن أي تقارب محتمل بينها وبين وروسيا سيمثل بلا شك تحولا جذريا في توجهات البلاد، على الرغم من أن مثل هذا التحول لا يزال حتى الآن مجرد احتمال نظري بعيد المنال في خضم الظروف الراهنة.

غير أن الصحيفة، تقول إن "النزعة الاستبدادية" للرئيس قيس سعيّد، الساخر المعتاد من "الإملاءات" الغربية، خلقت مع ذلك بيئة حاضنة وأرضية خصبة للخطاب السائد في موسكو، وفقا لمراقب أوروبي في تونس.

وأكد مصدر دبلوماسي غربي لـ"لوموند"، أنه "كان هناك بالفعل هبوط لطائرات روسية في جربة، لكننا لا نعرف طبيعتها". ووفقا لتقارير غير مؤكدة تتداولها أوساط محللي الأمن في تونس، كانت هذه طائرات "شحن" و "رحلات مستأجرة" مدنية، وليست لطائرات عسكرية، كما ذكرت "لا ريبوبليكا".

وبحسب المصادر ذاتها، كان على متن بعض هذه الطائرات روس منتسبون لمجموعة فاغنر شبه العسكرية والتي أعيد تسميتها بـ"فيلق أفريقيا"، والذين حلوا في جربة من أجل الاستجمام.

وذكرت الصحيفة، أن طائرات أخرى توقفت للتزود بالوقود. وتم الإبلاغ عن هذه التحركات الجوية الروسية في الجزيرة التونسية منذ نحو عام.

ووفقا لعدد من المحللين، فإن تونس ليست بمعزل عن الانتشار الجديد للنفوذ الروسي في الساحل والصحراء وليبيا، حتى لو كان البعد العسكري الفعلي لا يزال غائبا.

وبعد تأجيلها مرتين، زار وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أخيرا تونس في ديسمبر الماضي، وذلك وسط نمو كبير للتجارة بين البلدين.

في هذا الجانب، يقول الكرباعي إن قيس سعيد يريد أن "يلعب لعبة تهديد ولي ذراع الأوروبيين والغربيين بسبب عدم رصد الأموال التي كانت مقررة بعد اتفاق الشراكة الشامل مع الاتحاد الأوروبي وأيضا إعانات صندوق النقد الدولي من خلال التلويح بالانضمام للمحور الروسي والصيني".

وفي السياق ذاته، يلفت المتحدث إلى أن مشاركة سعيد بمراسم جنازة الرئيس الإيراني ولقائه بالمرشد الأعلى، علي خامنئي، تحمل أيضا "رسائل مشفرة إلى الغرب الذي عزل تونس اقتصاديا وسياسيا".

ويشير إلى أن هذه "مناورات سياسية غير محسوبة من قيس سعيد"، وأن "هذا خيار اقتصادي وسياسي ودبلوماسي خاطئ".
الطائرات الروسية و مطار جربة: إعلامنا في تونس صفر اجتهاد... الدكتور عبد السلام شقير.