بحث كامل حول الإفلاس والتسوية القضائية

الفرع الثاني: التوقف عن الدفع

إضافة لصفة التاجر اشترطت المادة 215 ق ت التوقف عن الدفع لتطبيق نظامي الإفلاس و التسوية

القضائية، و دراسة هذا الشرط تستلزم البحث في المسائل التالية:

أولا ماهية التوقف عن الدفع: لم يعرف المشرع المقصود بالتوقف عن الدفع و لا شروطه و لا كيفية

تقديره و هو ما اعتنى به الفقه و القضاء، فيقصد بالتوقف عن الدفع العجز الحقيقي عن الدفع لدين أو عدة

ديون مستحقة، و الناشئ عن مركز مالي ميئوس منه يستحيل معه متابعة التجارة بصورة طبيعية 1و هذا ما

يظهر في الحكم الصادر عن محكمة النقض المصرية بقولها : "التوقف عن الدفع هو الذي ينبىء عن مركز مالي

مضطرب و ضائقة مستحكمة يتزعزع معها ائتمان التاجر و تتعرض ا حقوق دائنيه إلى خطر محقق أو كبير

الاحتمال" 2

وعلى ذلك إن كان التوقف عن الدفع ناتج عن أزمة عابرة يمكنه تجاوزها فلا يشهر إفلاسه، كما أن التوقف

عن الدفع لدين متنازع فيه أو غير معين المقدار أو غير مستحق الأداء لا يفيد العجز عن الوفاء المقصود، و لا

عبرة في تقدير حالة التاجر المدين باليسر أو العسر و إنما بعجزه عن أداء ديونه في مواعيد استحقاقها و يترتب

على ذلك:

أن التاجر المدين الذي يقوم بأداء ديونه في مواعيد استحقاقها لا يشهر إفلاسه و لو كان معسرا لأن فكرة

الائتمان التي تقوم عليها الحياة التجارية تمكنه من الحصول على مبالغ مالية لتغطية ديونه 3، إلا إذا استعمل

الغش لتأخير إفلاسه فيعتبر في حالة وقوف عن الدفع و يشهر إفلاسه.

أن التاجر المدين الذي عجز عن أداء ديونه في مواعيد استحقاقها يشهر إفلاسه و لو كانت ذمته ميسورة ،

كأن يكون سبب عجزه أن الجزء الأكبر من أصوله عبارة عن حقوق لدى الغير غير مستحقة الأداء حالا، أو

أنه يملك عقارات يصعب بيعها بسرعة للحصول على سيولة للدفع ، و يختلف الوضع إذا كان المدين التاجر

قادرا على الدفع و لكنه امتنع رد العناد أو المماطلة دون أن تكون له أسباب مشروعة لهذا الامتناع إذ لا

يجوز شهر إفلاسه و للدائنين توقيع الحجوز الفردية على أمواله و المطالبة بالتعويضات عن الأضرار الناجمة عن

. المماطلة في الدفع

وبناءا على ما تقدم يتبين الفارق الأساسي بين التوقف عن الدفع و الإعسار المدني الذي هو عدم كفاية أموال

المدين الحالة و المستقبلة للوفاء بديونه المستحقة الأداء 1 ذلك أن المعسر لا يفي بديونه لأن الجانب السلبي من

ذمته المالية يتجاوز الجانب الإيجابي، أما التاجر المتوقف عن الدفع فيمكن أن يكون مليئا قادرا على الوفاء

. وتكفي تصفية أمواله للوفاء بجميع ديونه 2

و تجدر الإشارة إلى أنه يكفي لإعلان الإفلاس أو التسوية القضائية عدم الوفاء بدين واحد مهما كانت قيمته،

فلا عبرة بعدد الديون التي توقف عن دفعها بل بتقدير الإمتناع عن الدفع و المركز المالي للتاجر و هذا وفقا

للرؤية الحديثة لمفهوم الإفلاس.

و يقع عبء إثبات التوقف عن الدفع على المدعي و يجوز إثباته بكافة الطرق باعتباره واقعة مادية، و الوقائع

التي تنشأ عنها حالة التوقف عن الدفع كثيرة و متنوعة ، فيمكن أن تستخلص من تحرير احتجاج عدم الدفع

ضد المدين لامتناعه عن دفع قيمة ورقة تجارية ، و من عدم تنفيذ المدين لحكم ملزم بالدفع، و من توقيع حجوز

. عليه خاصة إذا انتهت بمحاضر عدم الوجود ،و اصدار شيكات بدون رصيد 3

و لقاضي الموضوع تقدير الوقائع المعروضة عليه و كفايتها لقيام حالة التوقف القانوني عن الدفع.

ثانيا الديون غير المدفوعة : يعتبر التاجر متوقفا عن الدفع إذا كانت الديون التي يطالب ا واجب عليه

قانونا أن يؤديها حالا، و إن كانت المادة 215 ق.ت قد سمحت بتطبيق الإفلاس و التسوية القضائية في حالة

وجود توقف عن الدفع دون أن تعين طبيعة الديون التي توقف المدين عن دفعها و لا شروطها و لا عدد الديون

التي تسمح بإعلان الإفلاس و التسوية القضائية فسنحاول بيان ذلك و تفصيله:

1 شروط الديون غير المدفوعة : لما كان التوقف عن الدفع معناه عجز التاجر عجزا حقيقيا عن الوفاء

فيشترط ما يلي:

أ أن يكون الدين الذي عجز التاجر عن دفعه تجاريا :إن الإفلاس و التسوية القضائية نظامان تجاريان

يطبقان أصلا على التجار، لذلك فإن الإعلان عنهما يستوجب توافر شرط موضوعي يتمثل في الإمتناع عن

الوفاء بدين تجاري و بصورة استثنائية يجوز شهر إفلاس الأشخاص المعنوية الخاصة الغير تاجرة كالجمعيات و

التعاونيات و الشركات المدنية في حالة توقفها عن الدفع لديون مدنية إلا أن هذا القول لا يمنع الدائن بدين

مدني أن يطلب شهر افلاس مدينه التاجر شريطة أن يكون المدين التاجر امتنع أيضا عن دفع دين تجاري .

ب- و لما كان التوقف عن الدفع معناه عجز التاجر عجزا حقيقيا عن الوفاء فيشترط أن لا يكون الدين

الممتنع عن دفعه دينا متنازعا فيه أو غير معين المقدار أو غير حال الأداء .

طبيعة الدين الممتنع عن دفعه: نصت المادة 216 ق.ت على جواز افتتاح التسوية القضائية أو

الإفلاس بناء على تكليف الدائن بالحضور مهما كانت طبيعة دينه، و هو ما أثار نقاشا حول ما قصده المشرع

بشأن طبيعة الدين غير المدفوع، فذهب جانب من الفقه إلى أن المشرع قصد جواز شهر الإفلاس أو التسوية

القضائية في حالة التوقف عن الدفع مهما كانت طبيعة ذلك الدين مدنيا أو تجاريا طالما أن المتوقف عن الدفع

. يخضع للنظامين 1

و رأى جانب آخر أن الدين الغير مدفوع يجب أن يكون تجاريا ذلك أن عبارة " مهما كانت طبيعة دينه "

تعود على التكليف بالحضور و الذي لا يعني بأي حال من الأحوال إعلان الإفلاس أو التسوية القضائية ،على

أساس أن الديون المدنية قليلة الأهمية بالنظر للديون التجارية و لا يمكن تبعا لذلك إشهار إفلاس التاجر لامتناعه

عن الوفاء بدين مدني مادام ذلك لا يرتب اضطرابات في الحياة التجارية مثلما يترتب عن عدم الوفاء بالديون

. التجارية 2

إلا أننا نتصور رأيا آخر لمقصود المشرع و ذلك للاعتبارات التالية:

اعتبار أن المقصود من المادة 216 ق.ت إمكانية شهر الإفلاس و التسوية القضائية مهما كانت طبيعة

الدين الغير مدفوع تجاريا أو مدنيا ، لا يتماشى مع نظامي الإفلاس و التسوية القضائية باعتبارهما نظامين

تجاريين و جدا للحفاظ على الحياة التجارية.

أن قراءة المادة 216 ق.ت لا يفهم منها إلا أن المشرع أجاز إمكانية افتتاح الإفلاس أو التسوية القضائية

مهما كانت طبيعة الدين مدنيا أو تجاريا، و لا اعتبار للقول بأن عبارة " مهما كانت طبيعتها " تعود على

التكليف بالحضور و لا تعني الحكم بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية، ذلك أن إجازة توجيه تكليف بالحضور

بخصوص دين مدني أو تجاري يعني إمكانية صدور حكم بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية .

و بناءا على ذلك و محاولة منا للموازنة بين الاعتبارات السابقة فإننا نرى أن المادة 216 ق.ت جاءت عامة

فيما يخص طبيعة الديون بقصد من المشرع فالإفلاس و التسوية القضائية نظامان تجاريان يطبقان أصلا على

التجار لذلك فإن الإعلان عنهما يستوجب توافر شرط موضوعي يتمثل في الامتناع عن الوفاء بدين تجاري، و

يطبقان بصورة استثنائية على الأشخاص المعنوية الخاصة الغير تاجرة كالجمعيات و التعاونيات و الشركات

المدنية في حالة توقفها عن الدفع لديون مدنية باعتبارها أشخاص لا تمارس التجارة،و هذا القول لا يمنع الدائن

بدين مدني أن يطلب شهر إفلاس مدينه التاجر شريطة أن يكون المدين التاجر ممتنعا أيضا على دفع دين تجاري

المطلب الثاني : صدور حكم معلن للإفلاس أو التسوية القضائية.

إضافة للشروط الموضوعية الواجب توافرها لافتتاح الإفلاس و التسوية القضائية نصت المادة 225 ق ت

على وجوب صدور حكم قضائي يعلن افتتاح الإفلاس أو التسوية القضائية و هو ما أكدته المواد 244 ق.ت

و ما بعدها الأمر الذي سنحاول التطرق إليه من خلال دراسة دعوى وحكم شهر الإفلاس و التسوية

القضائية.

إلا أنه قبل ذلك يتعين علينا تحديد موقف المشرع الجزائري من نظرية الإفلاس الواقعي أو الفعلي التي تدلي

بأن لا حاجة لصدور حكم بالإفلاس عن المحكمة المختصة لاعتبار التاجر مفلسا و استخلاص النتائج القانونية

التي تترتب على التاجر المفلس، و يحق للمحاكم المدنية و الجزائية بذلك التثبت من توقف التاجر عن الدفع

بصورة طارئة عند رؤية التراع المعروض عليها و استخلاص النتائج القانونية دون انتظار صدور حكم بشهر

2 ق.ت يمكن للمحاكم الجزائية أن تلاحق تاجرا بجرم / الإفلاس عن المحكمة المختصة . فطبقا للمادة 225

الإفلاس التقصيري أو التدليسي دون صدور حكم بالإفلاس عليه، فتتحقق تبعا لذلك من الشروط اللازمة لحالة

الإفلاس المتوافرة و تقدر العقوبة .

والتساؤل يثور بالنسبة لإمكانية نظر المحاكم المدنية لتحقق حالة الإفلاس دون أن يصدر حكم بشهر

الإفلاس، و إن كان هنالك من يذهب إلى أن المشرع الجزائري يعطي للمحاكم المدنية الحق في ذلك كما في

حالة إقامة دعوى على تاجر لإبطال بعض تصرفاته الضارة بدائنيه باعتبارها جرت أثناء فترة الريبة، حيث لها

. أن تقرر بطلان التصرفات مؤسسين ذلك على المادة 226 ق.ت 1

2 ق.ت عندما تحدث عن إمكان تقرير حالة / إلا أننا نرى أن ذلك يخالف الصواب كون نص المادة 225

الإفلاس دون صدور حكم أجاز الإدانة بالإفلاس بالتقصير أو التدليس و هو من اختصاص القضاء الجزائي

دون المدني و ما جاء في المادة 226 ق.ت لا يمكن أن يفسر على إطلاقه بالإجازة للمحاكم المدنية النظر في

ذلك.

و تجدر الإشارة إلى أن المحكمة الجزائية لا يجوز لها التطرق إلى الحكم بشهر الإفلاس أو اتخاذ الإجراءات

اللازمة لافتتاح الإفلاس أو التسوية القضائية، كما أن لا حجية للحكم الجزائي على المحكمة المختصة في تقرير

حالة افلاس التاجر سواء كان مضمونه البراءة أو الإدانة .

الإفلاس والتسوية القضائية

الفرع الأول :دعوى شهر الإفلاس أو التسوية القضائية.

اشترط المشرع لشهر الإفلاس أو التسوية القضائية اللجوء للمحكمة المختصة قانونا وفق إجراءات قانونية

فيها ما يميزها عن القواعد الإجرائية العامة للتقاضي، الأمر الذي سيأتي بيانه فيما يلي:

أولا المحكمة المختصة بإعلان الإفلاس أوالتسوية القضائية: و نتناوله بعرض الاختصاص النوعي

فالاختصاص المحلي:

1 الاختصاص النوعي:إن الاختصاص بإصدار حكم شهر الإفلاس أو التسوية القضائية يتعلق بالنظام

العام، و بالرجوع للمادة الأولى من قانون الإجراءات المدنية فإن المحاكم لها الولاية العامة للفصل في القضايا

المدنية بما فيها التجارية، إلا أن القضايا المتعلقة بالإفلاس يؤول الاختصاص بنظرها إلى المحكمة المنعقدة بمقر

االس القضائية دون سواها وهذا طبقا للمادة 8 من ق.ا.م.

على أن المحاكم الجزائية لا تخضع لهذا الاختصاص عند نظرها في تحقق حالة الإفلاس و حكمها في الإفلاس

. بالتقصير أو بالتدليس كما جاء في المادة 225 من ق.ت 1

2 الاختصاص المحلي: تختص محليا محكمة المكان الذي يقع فيه إعلان الإفلاس أو التسوية القضائية،

أي المحكمة التي يقع في دائرا موطن المدين، ولا يجوز الاتفاق على خلاف ذلك طبقا للمادة 8 من

ق.ا.م.

و بالرجوع للمادة 37 ق.م نجد أن الموطن هو مكان وجود الإدارة الرئيسية للأعمال التجارية بالنسبة

للمدين التاجر و المركز الرئيسي للنشاط بالنسبة للمدين غير التاجر.

و يعود الاختصاص للمحكمة المختصة بشهر الإفلاس أو بالتسوية القضائية لنظر المنازعات المرتبطة

بالإفلاس أو الناشئة عنه مدنية كانت أو تجارية متعلقة بمنقول أو عقار .ذلك أن هاته المحكمة قد فحصت

حالة المدين المالية عند النظر في أمر شهر إفلاسه و كونت لنفسها فكرة عامة عن ظروف التفليسة و

ملابستها و كذا تصرفات المفلس ضف إلى ذلك أن هذه المنازعات عادة ما تكون مرتبطة ببعضها البعض،

. بحيث يستحسن عرضها على محكمة واحدة 2

والاختصاص النوعي لمحكمة شهر الإفلاس أو التسوية القضائية ملازم للاختصاص المحلي ، و يعد هذا

الاختصاص من النظام العام لا يجوز الاتفاق على مخالفته و يمكن الدفع بعدم الاختصاص في أي مرحلة

كانت عليها الدعوى كما يجوز للمحكمة إثارته من تلقاء نفسها و بانتهاء التفليسة يزول اختصاص محكمة

الإفلاس و يتم الرجوع إلى المحكمة المختصة وفقا للقواعد العامة.

ثانيا أطراف دعوى شهر الإفلاس و التسوية القضائية: و يمكن شهر الإفلاس أو التسوية القضائية

بطلب من المدين أو بمبادرة من أحد دائنيه كما يمكن للمحكمة المختصة أن تحكم به من تلقاء نفسها.

1 شهر الإفلاس بناءا على طلب المدين: قضت المادة 215 ق.ت بأنه يتعين على المدين المبادرة خلال

15 يوما إلى إعلان توقفه عن الدفع من أجل افتتاح إجراءات الإفلاس أو التسوية القضائية، فالدعوى تقام من

قبل المدين كمدع ضد دائنيه كمدعى عليهم و هي حالة استثنائية من القواعد العامة في رفع الدعاوى التي

تقتضي أن تقام من الدائن ضد المدين 1 ، و تقرير المشرع لمبادرة المدين على هذا النحو دليل على حسن نيته 2

فهو بذلك يبعد نفسه من خطر اعتباره مرتكبا لجريمة الإفلاس بالتقصير أو بالتدليس، و يأمل به إعطاءه فرصة

إجراء اتفاق أو تسوية قضائية مع دائنيه تحت إشراف القضاء.

و إن كانت صيغة المادة 215 ق.ت سوت بين التسوية القضائية و الإفلاس أي أن للمدين طلب شهر

إفلاسه كما له طلب إفتتاح التسوية القضائية، فهناك من يرى أن تقديم إقرار بالتوقف عن الدفع خلال 15

يوما هو حالة من حالات الاستفادة من التسوية القضائية و ليس الإفلاس 3، فإن كان من مصلحة المدين أن

يطلب شهر إفلاسه متى توقف عن الدفع لأن السكوت عن ذلك يزيد من اضطراب أحواله وارتباك شؤونه

المالية، مما يؤدي إلى نقص أصوله و زيادة خصومه الأمر الذي قد يعرضه لايار تام لا يجدي إصلاحه وقد

يعرضه للمساءلة الجزائية عن الإفلاس بالتقصير أو التدليس 4،فالمنطق يتوافق مع اعتبار الإقرار المقدم من المدين

حالة من حالات التسوية القضائية ذلك أنه و في أسوء الحالات من مصلحته طلب التسوية القضائية لا شهر

الإفلاس.

مع الإشارة إلى أن القانون اشترط تقديم الإقرار من المدين و الإقرار لا يتطابق مع ما تقتضيه الإجراءات

العملية في العمل القضائي 5، لذلك نرى تقديم الإقرار في صورتين إما بتحرير عريضة يضمنها إقرارا منه

بالتوقف عن الدفع ، أو بتحرير إقرار بالتوقف عن الدفع في وثيقة مستقلة و يلحقه بالعريضة كأحد مرفقاا.

وفي الحالتين يتضمن الإقرار التصريح بصحة و مطابقة الوثائق المرفقة للواقع من طرف المدين و الأسباب التي

حالت دون تقديم هذه الوثائق ، و يتعين أن يرفق بالإقرار الوثائق المنصوص عليها في المادة 218 ق.ت

مؤرخة و موقعا عليها من طرف صاحب الإقرار.

و بالرجوع للمادة 219 ق.ت فإن وفاة التاجر و هو في حالة توقف عن الدفع يمكن معه رفع دعوى من

أجل شهر الإفلاس أو التسوية القضائية بإقرار من أحد ورثته في أجل عام من الوفاة.

و يجب أن يشتمل الإقرار على قائمة بأسماء الشركاء المتضامنين و موطن كل منهم إن كان الأمر يتعلق

بشركة تشتمل على شركاء مسؤولين بالتضامن.

وبرفع إقرار المدين للمحكمة لابد لها أن تتحقق من توافر شروط الإفلاس أو التسوية القضائية قبل الحكم به،

و لها رفض طلب شهر الإفلاس إذا ثبت لها أن المدين غير متوقف عن الدفع ،إنما في حالة ارتباك مالي أو أنه

يريد من وراء تقديمه طلب شهر الإفلاس إرغام الدائنين على إبرائه من جزء من ديونه، و ذلكرغم اعترافه

. بتوقفه عن الدفع 1

-2 طلب شهر الإفلاس أو التسوية القضائية بناءا على طلب الدائن: نصت المادة 218 ق.ت على أنه

يجوز افتتاح التسوية القضائية أو الإفلاس بناءا على تكليف بالحضور صادر من دائن مهما كانت طبيعة الدين،

فيحق لكل دائن متى كان دينه حقيقيا و صحيحا، و مهما كانت قيمته و طبيعته مدنيا أو تجاريا، و كذا صفته

عاديا أو ممتازا أو مضمونا برهن أو اختصاص 2 تقديم طلب بذلك.

و يحق لكل دائن أن يتدخل بصفة شخصية في دعوى شهر الإفلاس المرفوعة من أحد الدائنين و لا يؤثر

رجوع المدعي عن دعواه على هذا التدخل باعتبار أن الإفلاس لا ينحصر أثره على المدعي و المدعى عليه بل

. يتعداهما إلى جميع الدائنين 3

و للدائن بدين مؤجل أن يطلب شهر الإفلاس شريطة أن يقيم الدليل على أن المدين متوقف عن دفع ديونه

الحالة.

و إذا تعلق الأمر بشركة فإن الحق في طلب شهر الإفلاس يثبت لدائني الشركة و حدهم دون الشركاء أو

الدائنين الشخصيين للشركاء.

على أن حق الدائن بطلب شهر إفلاس مدينه الذي توفي و هو في حالة توقف عن الدفع أو افتتاح إجراءات

التسوية القضائية له ، يسقط بمرور عام من تاريخ الوفاة أو من تاريخ شطب المدين من سجل التجارة إذا كان

المدين قد شطب و هو في حالة توقف عن الدفع.

و تجدر الإشارة إلى أنه متى رفضت المحكمة شهر الإفلاس لعدم توافر شروطه فلا يجوز للمدين طلب التعويض

عما لحقه من ضرر كون الدائن استعمل حقا مقررا له قانونا، إلا إذا ثبت أن الدائن كان سيء النية، قصد

التشهير بالمدين.

شهر المحكمة للإفلاس أو التسوية القضائية من تلقاء نفسها: نصت المادة 216 ق.ت على حق

المحكمة في إشهار إفلاس المدين أو افتتاح التسوية القضائية من تلقاء نفسها وذلك بعد سماعه أو استدعائه

قانونا، و في ذلك خروج عن القواعد العامة التي تقضي بأن المحكمة لا تحكم بما لم يطلب منها، و مع ذلك فإن

في إعطاء هذا الحق للمحكمة حماية لمصالح الدائنين الغائبين أو الذين منعتهم الضرورة من تقديم طلب

للمحكمة، وهو مبرر بأن الإفلاس و التسوية القضائية من النظام العام، ويبقى من الصعب على المحكمة معرفة

أن المدين في حالة توقف عن الدفع.

و يمكن للمحكمة أن تستعمل حقها بناء على تبليغ غير رسمي من قبل النيابة العامة التي تلقت شكوى متعلقة

بإحدى جرائم الإفلاس كما لها أن تقضي به من تلقاء نفسها إذا ما عرضت عليها قضية تبين من خلالها حالة

التوقف عند الدفع 1 ، كأن يطلب أحد الدائنين شهر إفلاس مدينه ثم يتنازل عنه فتحكم به المحكمة من تلقاء

نفسها متى تثبتت من شروطه . أو أن يكون طلب شهر الإفلاس أو التسوية القضائية مرفوع من غير ذي

. صفة 2

و تجدر الإشارة إلى أن هذا الحق يثبت للمحكمة دون الس القضائي، على أنه يتعين على المحكمة قبل

افتتاح التسوية القضائية أو الإفلاس أن تستمع للمدين أو تستدعيه قانونا، وكذلك الأمر بالنسبة للشريك

المتضامن في حالة إعلان إفلاس الشركة والورثة في حالة وفاة المدين و هو في حالة توقف عن الدفع .

إلا أننا نتساءل في هذه الحالة عن تحديد مراكز الأطراف في الدعوى وأي الطرفين الدائن أو المدين من يعتبر

مدع وأيهم يعتبر مدعى عليه.

الفرع الثاني :الحكم بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية

إذا كان شهر الإفلاس أو التسوية القضائية لا يترتبان إلا بصدور حكم قضائي فإن هذا الحكم له ما يميزه

عن الأحكام العادية نظرا لما يرتبه من آثار لها أهميتها، وسنحاول بيان ذلك من خلال التطرق إلى طبيعته

،مضمونه و كذا تنفيذه و طرق الطعن فيه.

أولا طبيعة الحكم بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية: إن طبيعة الحكم تتحدد بما يحكمه من الميزات

التي قررها له القانون:

1 حجية حكم شهر الإفلاس أو التسوية القضائية: طبقا للمادة 338 ق.م فإن حجية الأحكام

نسبية إذ لا تسري الأحكام إلا على أطراف الدعوى وعلى نفس الموضوع وحول نفس الوقائع، غير أن حجية

حكم الإفلاس أو التسوية القضائية مطلقة سواء من حيث الأشخاص الذين يسري عليهم أو الأموال التي

يتناولها فبالنسبة للأشخاص فلحكم الإفلاس حجية مطلقة على الناس كافة دون تمييز بين من كان طرفا في

الدعوى و من لم يكن ، فبصدور حكم الإفلاس عد المدين مفلسا بالنسبة لكافة الناس، أما بالنسبة للأموال

فللحكم حجية مطلقة حيث يمتد أثره على جميع أموال المدين الحاضرة و المستقبلة، المتعلقة بتجارته أو غير

المتعلقة ا، إذ يتعدى موضوع التراع إلى ذمة المدين بأجمعها. 1

2 – حكم شهر الإفلاس و التسوية القضائية منشئ: نصت المادة 225 ق.ت على أن لا الإفلاس و

لا التسوية القضائية يترتبان عن مجرد التوقف عن الدفع إنما بصدور حكم مقرر لذلك، و على الرغم من أن

نص المادة جاء به عبارة "حكم مقرر لذلك" فإننا نرى أن الحكم بافتتاح التسوية القضائية أو الإفلاس هو

حكم منشئ لا مقرر، حيث ينشئ مركز قانوني جديد لم يكن موجودا قبل صدوره فلا يعتبر المدين مكتسبا

لصفة المفلس أو المستفيد من التسوية القضائية إلا إذا صدر حكم بذلك أين تترتب آثار الإفلاس أو التسوية

القضائية بقوة القانون ، و إن كان هذا الحكم منشئ بالنسبة للإفلاس أو التسوية القضائية فهو مقرر لحالة

التوقف عن الدفع، و حتى عبارة "حكم مقرر له" المذكورة في المادة 225 ق. ت فتعود على حالة التوقف

عن الدفع، أي أن الحكم الذي تطلب القانون صدوره هو مقرر لحالة التوقف منشئ للإفلاس أو التسوية

2 ق.ت بجواز الإدانة بالإفلاس بالتقصير أو بالتدليس دون حكم مقرر / القضائية. و حتى قضاء المادة 225

للتوقف عن الدفع، لا يعني بأي حال من الأحوال أنه حكم مقرر كون حكم المحكمة الجزائية لا حجية له على

المحكمة المختصة سواء كان بالإدانة أو البراءة كما أنه لا يرتب أي أثر من آثار الإفلاس.

3 – وحدة الإفلاس: إن الحجية المطلقة لحكم شهر الإفلاس أو التسوية القضائية و كذا الوصف المنشئ له

يحول دون إمكان إفلاس التاجر أكثر من مرة واحدة في وقت واحد. وهو ما يعبر عنه بمبدأ وحدة الإفلاس

اسد في قاعدة لا إفلاس على إفلاس. ويترتب على هذه الوحدة ما يلي:

أ- أنه لا تختص بإفلاس المدين إلا محكمة واحدة وإن كان للتاجر عدة محال رئيسية الأمر الذي يؤدي

لاختصاص عدة محاكم فإذا أصدرت إحدى هذه المحاكم حكمها تمتنع المحاكم الأخرى عن الفصل في

الدعاوى المعروضة أمامها.

ب – إذا أذن للتاجر المدين بممارسة التجارة من جديد ثم توقف عن الدفع مرة أخرى قبل قفل التفليسة

. الأولى فلا يجوز شهر إفلاسه مرة ثانية و إنما يشترك الدائنون الجدد في التفليسة التي مازلت قائ

ثانيا - مضمون الحكم بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية: إذا كان شهر الإفلاس أو التسوية القضائية

يترتب على صدور حكم فإن الحكم يجب أن يتضمن بيانات لها أهميتها تثبت قيام حالة الإفلاس أو التسوية

القضائية،وأخرى أوجب القانون توافرها في الحكم، و عليه فإنه يتضمن إثبات شر