بحث حول نظام الشهر العقاري في القانون الجزائري

المبحث الثاني: صلاحيات المحافظ العقاري و نظام
المسؤولية


من خلال هذا المبحث سيتم التعرض لصلاحيات المحافظ العقاري في مطلب أول، أما
في المطلب الثاني فنتطرق لنظام مسؤولية المحافظ العقاري.


المطلب
الأول: صلاحيات المحافظ العقاري


لقد أصاب الواضع الجزائري عندما حدد المهام الموكلة للمحافظ العقاري على
سبيل الحصر، في المادة 03 من المرسوم 76/63 باعتباره المسؤول الأول و الأخير عن
الحفظ العقاري، و إن كان في تعداده هذا لم يراع مراحل و إجراءات الحفظ و على كل
يمكن تحديد هذه المهام في النقاط التالية: (1)


-
يقوم المحافظ بإعداد و مسك مجموعة البطاقات العقارية الكاملة.


-
ينفذ الإجراءات اللازمة لطلبات
إشهار العقود.


-
يفحص العقود و مختلف الوثائق الخاضعة للشهر.


-
يؤشر على السجلات العقارية الخاصة بالحقوق العينية و التكاليف العقارية
المؤسسة على العقارات الخاضعة للإشهار و جميع الشكليات اللاحقة لهذا الإشهار.


-
يحافظ على العقود و المخططات ، وجميع الوثائق المتعلقة بعملية الشهر.


-
يقدم المعلومات للجمهور عند طلبها.


-
كما يسهر على مراقبة قاعدتي الرسمية و الشهر المسبق في المحررات المقدمة
إليه من أجل إخضاعها إلى عملية الإشهار العقاري و يتولى إنشاء مجموعة البطاقات
العقارية و تأسيس السجل العقاري.(2)


ـــــــــــــــــــــــ


(1):
أ. خالد رامول – المرجع السابق – ص 91


(2):
أ. مجيد خلفوني- المرجع السابق – ص 121


*الصفحة: 30 *


بالإضافة إلى هذه المهام فإن للمحافظ العقاري، هناك مهم أخرى يباشرها
المحافظ العقاري بحكم علاقاته المتعددة و اليومية مع المصالح الأخرى.





الفرع الأول: الإيداع القانوني للسندات العقارية و إجراء عملية الشهر العقاري


أولا: إيداع الوثائق


إن إيداع المحررات بالمحافظة العقارية يعد عملا قانونيا، أوليا في كل سند
يستوجب إخضاعه لعملية الإشهار العقاري، و يكون هذا الإيداع من قبل المعنيين بالأمر
في المحافظة التي يقع في دائرة اختصاصها العقار، المادة 61 مرسوم 76/63 ، بالإضافة
إلى تسجيلها بمصلحة التسجيل وفقا لأحكام الأمر رقم 76/105 المؤرخ في 29/12/1976 .


كما للمحافظ أن يطلب كل وثيقة للتأكد من الحالة المدنية للأشخاص و التعيين
الدقيق للعقار.إلا أن إيداع الوثائق بسجل الإيداع و المحاسبة لا يعني أنها وثائق
مشهورة و إنما إجراء الإشهار عملية لاحقة لإجراء الإيداع بحيث يمكن أن تودع
الوثائق إلا أن المحافظ العقاري يرفض إشهارها إذا ثبت أن بها نقص أو مخالفة للنظام
العام و الآداب.


ثانيا:إجراء الشهر العقاري


تكون عملية الإشهار بعد الإيداع القانوني للوثائق العقارية ب 15 يوما من
تاريخ إيداعها و يكون للشهر أثر فوري، و به ينشئ الحق العيني و حق الملكية
العقارية و ذلك طبقا لما جاءت به المادتين 15و16 من الأمر رقم 75/74 . فإذا تمت
عملية شهر العقار يكون لهذا الأخير بطاقة عقارية أبجدية، أو بطاقة عقارية عينية
تدون فيها الحالة القانونية الوصفية للعقار. كما أن المادة 20 من المرسوم 76/63
تبين أن البطاقات العقارية تتضمن بالنسبة لكل بلدية تابعة لاختصاص المحافظة
العقارية بطاقات قطع الأراضي و بطاقات العقارات الحصرية ، المادة 23 و 32 من
المرسوم 76/63 .


كما أن الإشهار ينتج عن الضبط في الدفتر العقاري، فهذا الأخير يشكل سندا
قويا للملكية و لا يمكن أن يسجل أي إجراء في السجل العقاري دونه، و كل تأشير في
البطاقة العقارية العينية ينبغي أن ينقل على الدفتر العقاري يرسم الوضعية
القانونية للعقار.


و في حالة تصرف المالك بدفتره تصرفا ناقلا للملكية يسلم إلى المتصرف إليه
الدفتر الجديد مع إتلاف القديم.(1)





ـــــــــــــــــــــ


(1):
أ. مجيد خلفوني – المرجع السابق- ص 122


* الصفحة:31 *


الفرع الثاني:الإيداع غير القانوني للسندات العقارية و رفض تنفيذ
الشهر العقاري


للمحافظ العقاري صلاحيات واسعة في مراقبة مدى صحة المحرر المراد إشهاره
بالمحافظة العقارية و كذلك التأكد من هوية الأطراف و أهليتهم فيترتب عن ذلك إما
رفض إيداع المحررات المراد إشهارها و إما قبول إيداعها مع رفض شهرها.


أولا:رفض الإيداع


يقرر المحافظ
رفض الإيداع إذا تبين له وجود خلل في الشرط الشخصي للأطراف كذلك ثمة أسباب تدفع بالمحافظ
العقاري إلى رفض إيداع المحرر منها : غياب إحدى الوثائق أو البيانات المطلوبة في
الوثائق المودعة أو كذلك وجود نقص أو خلل في تعيين الأطراف و العقارات في المحرر
المودع و هذه الأسباب تمت الإشارة إليها في المادة 100 من المرسوم رقم 76/63 و
يمكن إجمالها في النقاط التالية: (1)


- في حالة عدم
تقديم الدفتر العقاري للمحافظ العقاري، أو مستخرج مسح الأراضي إذا تعلق الأمر
بعقارات واقعة في مناطق ممسوحة.


- عندما يكون
التصديق على هوية الأطراف و على الشرط الشخصي مخالفا للشروط و الكيفيات السابقة
الذكر.


- عند عدم
تقديم أي وثيقة تكون واجبة التسليم للمحافظ العقاري لأجل قبول الإيداع.


-إذا كان تعيين
العقارات لا يستجيب لحكام المادة 66 من المرسوم رقم 76/63 .


- عندما تكون
الجداول المتعلقة بتسجيل الرهون و الامتيازات لا تحتوي على أي من البيانات
المطلوبة أو عندما تكون غير محددة على الاستمارات المقدمة من طرف الإدارة.


- عندما تظهر
الصورة الرسمية أو النسخة المودعة بأن العقد الذي قدم للإشهار غير صحيح من حيث
الشكل.(2)


من خلال هذا
التعداد يظهر أن الواضع الجزائري لم يأخذ بعين الاعتبار بعض الحالات التي
يمكن أن تكون كذلك سببا في رفض الإيداع و
منها:


-
صدور قانون جديد ما بين فترة إيداع الوثيقة و فترة دراستها يمنع التصرف
الذي تنطوي عليه الوثيقة موضوع الإيداع و هي الحالة التي أوردها الواضع الفرنسي و
المصري ضمن حالات رفض الإيداع و إسقاطات سبقية فيه .





ــــــــــــــــــــــــ


(1):أ. خالد رامول – المرجع السابق
– ص 130


(2):أ.خالد رامول – نفس المرجع – ص 131


* الصفحة:32 *


كذلك توجد
حالات أخرى تم النص عليها في المادة 353 من قانون التسجيل يمكن إجمالها فيما يلي:


-حالة غياب
التصريح التقييمي للعقار موضوع التصرف، بمعنى عدم تحديد القيمة التجارية للمعاملة.


-عدم الدفع
المسبق لرسم الإشهار العقاري من طرف ملتمس الإيداع. (1)





ثانيا: قبول
الإيداع و رفض إجراء الشهر العقاري


بعد الإطلاع
الدقيق للمحافظ العقاري على الوثائق المودعة بمصلحته، و تبين أن بها عيب من العيوب
سواء عند عدم إرفاق بعض الوثائق التي طلب استكمالها أو أن التصرف الذي يحمله
المحرر مخالف للنظام العام و الآداب بناء على المادة 105 من المرسوم 76/63 :"
يحق للمحافظ العقاري بمجرد إطلاعه على البيانات الموجودة في الوثيقة المودعة بان
موضوع أو سبب العقد غير مشروع أو مناف للأخلاق أو مخالف للنظام العام بكل
وضوح".


و بناء على ما
نصت عليه المادة 101 من المرسوم 76/63 هناك عدة حالات يقبل فيها المحافظ العقاري
الإيداع، لكنه يرفض إجراء الإشهار العقاري و تكون في الحالات التالية:


- عندما تكون
الوثائق المودعة و الوثائق المرفقة بها غير متطابقة و غير متوافقة.


- عندما تكون
مراجع الإجراء السابق و الخاصة بالوثائق و جداول قيد الرهون و الامتيازات غير
متطابقة مع الوثائق المودعة قصد الشهر.


- عندما يكون
تعيين الأهداف و تعيين العقارات و الشرط الشخصي كما هو محدد في المادة 65 من
المرسوم رقم 76/63 غير متوافق مع البيانات المذكورة في البطاقة العقارية.


- عندما يكون
التحقيق المنجز بموجب المادة 104 من نفس المرسوم يكشف بأن الحق غير قابل للتصرف.


- عندما يظهر
وقت التأشير على الإجراء أن الإيداع كان من الواجب رفضه.


- عندما يكون
موضوع العقد أو المحرر المراد شهره غير مشروع و مخالف للنظام العام.


- و في الأخير
تجدر الإشارة إلى أن الواضع الجزائري عكس الواضع الفرنسي فقد أورد أسباب رفض
الإجراء على سبيل الحصر.





ـــــــــــــــــــــــ


(1):أ. خالد رامول – المرجع السابق
– ص 131








* الصفحة:33 *


* كيفيات رفض الإجراء:


قبل إجراء الشهر العقاري ، يتولى المحافظ مع أعوانه تفحص مدى صحة الوثائق
المقدمة له، من أجل الإشهار و يبلغ المعنيين بالأمر خلال اجل 15 يوما ابتداء من
تاريخ الإيداع بالعيب الموجود و المكتشف على الوثائق للقيام بتصحيحها أو استكمال
النقص، أو إيداع الوثائق التعديلية و يؤشر على البطاقة العقارية بعبارة "
إجراء قيد الانتظار"


بعد الانتهاء يؤشر على هذه البطاقة بالإجراء النهائي، و يكون له أثر رجعي
إلى تاريخ الإيداع من أجل الترتيب في سجل الإيداع. و يكون على المعني بالأمر خلال
مدة 15 يوما من تاريخ التبليغ أن يصلح العيب أو أن يودع الوثائق التعديلية و إلا
فإن المحافظ العقاري يرفض إجراء الشهر العقاري و يكتب عبارة في العمود المخصص
للملاحظات في سجل الإيداع يوضح فيها تاريخ قرار الرفض و النص الذي يبرر هذا
القرار.(1)


أما إذا تعلق الأمر بتصحيح الأخطاء الواردة في وثيقة تم إشهارها، فيتم
إيداع وثيقة جديدة بدلا من الوثيقة الأولى المشوبة بالأخطاء، و يؤشر ذلك في
البطاقة العقارية و الدفتر العقاري قصد الإشارة إلى التعديلات و في حالة عدم إيداع
هذه الوثيقة التعديلية يبلغ المحافظ العقاري قرار رفض عملية الإشهار العقاري فيما
يخص الحق المشار في الوثيقة الخاطئة.





الفرع الثالث: أشكال الطعن في قرارات المحافظ العقاري


إن مهنة المحافظ العقاري حافلة بالأخطار و المشاكل و التعقيدات، نظرا لتشعب
مهامه و دقتها حيث تجعل منه مشهرا للعقود و مسيرا للمصلحة و مسؤولا عن حماية حقوق
الأفراد و أملاكهم في نفس الوقت، و بذلك فهو يعد أكثر المهنيين عرضة للأخطاء و
أكثرهم تحملا للمسؤولية و عليه فهو مطالب أكثر من غيره باليقظة و روح
المسؤولية.(2)


و لهذه الأسباب منح له الواضع السلطة الكاملة في رفض إيداع أو إجراء شهر كل
وثيقة لم تراعى فيها الشروط القانونية السابقة الذكر، غير أنه في مقابل ذلك و خوفا
من تعسف المحافظ العقاري في استعمال هذه السلطات منح الواضع للأفراد المتضررين
الحق في الطعن ضد القرارات و الأخطاء التي قد تصدر عن المحافظ العقاري.


ـــــــــــــــــــ


(1):
أ.مجيد خلفوني – المرجع السابق – ص 129


(2):
أ. خالد رامول – المرجع السابق – ص 137





* الصفحة:34 *


أولا:الطعن في قرارات المحافظ العقاري


نصت المادة 24 من ألمر رقم 75/74 المؤرخ في 12/11/1975 المتضمن إعداد مسح
الأراضي العام و تأسيس السجل العقاري على ما يلي:


" تكون قرارات المحافظ العقاري قابلة للطعن أمام الجهات القضائية
المختصة إقليميا" من خلال نص المادة يتضح أن قرارات المحافظ العقاري سواء
تعلقت برفض الإيداع أو رفض الإجراء تكون قابلة للطعن أمام محكمة اختصاص وجود
العقار، على أن إجراءات الطعن تحرك وفق المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية التي
تنص على ما يلي:


" تختص المجالس القضائية بالفصل ابتدائيا بحكم قابل للاستئناف أمام
المحكمة العليا في جميع القضايا أيا كانت طبيعتها، التي تكون الدولة أو الولايات
أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الطبيعة الإدارية طرفا فيها و ذلك حسب قواعد
الاختصاص" (1)


أما فيما يتعلق بميعاد رفع الدعوى،
يكون خلال مدة شهرين من يوم تاريخ الإخطار الخاص بقرار الرفض، و الملاحظ أنه من
الناحية العملية كثيرا ما يلجأ المتضررون قبل لجوئهم إلى القضاء بتقديم شكاوى، إلى
المديرية الولائية للحفظ العقاري و ذلك بصفتها المسؤولة الأولى عن أعمال المحافظة
العقارية الدائرة في اختصاصها. و نشير إلى أنه حتى تكون قرارات المحافظ العقاري
قابلة للطعن لابد على المتضرر أن يثبت وجه
التعسف، و التجاوز في إصدار هذا القرار كان يكون غير مؤسس قانونا، أو لم تراعى فيه
إجراءات التبليغ السابقة الذكر. حيث يقوم المتضرر أو أحد ممثليه بإيداع عريضة
مكتوبة و موقعة باسمه أو أحد ممثليه أمام الجهة المختصة قضائيا، و هذا لا يمنع
المحافظ العقاري من مواصلة عملية الشهر العقاري بصفة عادية (2). غير أنه حماية لحق
المتضرر ألزم الواضع شهر عريضة افتتاح الدعوى أمام المحافظة العقارية المختصة في
انتظار صدور الحكم النهائي.





ثانيا: الطعن في أخطاء
المحافظ العقاري


للمتضرر كذلك حق الطعن ضد الأخطاء المرتكبة من طرف المحافظ العقاري، و ذلك
بعد التأكد من توافر ركن المسؤولية التقصيرية و التي يترتب عليها ضرر يلحق بالمدعي
أو المتضرر بالإضافة إلى وجود علاقة سببية بين الخطأ و الضرر، أما عن ميعاد تحريك
المسؤولية فيكون في أجل 15 سنة من ارتكاب الخطأ.


ـــــــــــــــــــــــــ


(1):أ.
خالد رامول – المرجع السابق – ص 138


(2):أ.
خالد رامول – المرجع السابق- ص 139


* الصفحة:35 *


أما إذا تبين أن الخطأ المرتكب من
طرف المحافظ العقاري خطأ جسيم و متعمد فإن للدولة حق الرجوع عليه بالتعويض عن طريق
رفع دعوى قضائية يحركها ضده مدير الحفظ العقاري المختص إقليميا، و هذا ما نصت عليه
المادة 23 من الأمر 75/74 المؤرخ في 12/11/1975 .(1)





المطلب
الثاني: نظام المسؤولية


و في هذا المطلب سوف نعالج المسؤوليات التي رتبها الواضع الجزائري في حالة
خطا المحافظ العقاري.





الفرع الأول: أنواع المسؤوليات


يعتبر المحافظ العقاري المحرر الأساسي في نظام الشهر العقاري، حيث يلعب هذا
الأخير دورا مهما في تفعيل استقرار الملكية العقارية ، و الحفاظ على حقوق الأشخاص
و من الطبيعي أن تقوم مسؤولية المحافظ العقاري في حالة ارتكابه لخطئ أثناء ممارسته
لمهامه، و هذه المسؤولية قد تكون فردية شخصية، تقرر على كل محافظ عقاري في إطار
شؤون المحافظة العقارية التي تعلن بإرادتها ضمن اختصاصها الإقليمي، و تكون مسؤولية
إدارية تقع على عاتق الوزارة التي يعمل المحافظ العقاري تحت وصايتها.(2)


ويثير موضوع المسؤولية بوجه عام
عنصر الخطأ و عنصر الجزاء، فالمسؤولية تقضي ارتكاب الشخص لخطئ و أن يكون هناك
تناسب بين الخطأ و الضرر.


و المسؤولية تختلف طبيعتها القانونية بطبيعة الفعل المرتكب و الشخص الفاعل
الذي يترتب عليه جبر الضرر الحاصل أو ما يسمى بالتعويض للشخص المضرور،هذا التعويض
يكون سواء من الذمة المالية للمحافظ العقاري مباشرة أو من الذمة المالية للمؤسسة
التي يتبعها بحكم الرابطة القانونية القائمة بينهما.


و تدرج المسؤوليات على النحو التالي:


أولا: المسؤولية المدنية


تنقسم المسؤولية المدنية إلى قسمين: مسؤولية تقصيرية و مسؤولية عقدية.


*المسؤولية التقصيرية:


تترتب المسؤولية التقصيرية على الإخلال بالالتزام القانوني و تقوم على
ثلاثة أركان هي:الخطأ، الضرر الذي يصيب الغير، و علاقة السببية بين الخطأو
الضرر.(3)


ــــــــــــــــــــــــ


(1):أ.
خالد رامول- المرجع السابق- ص 140


(2):أ.مجيد
خلفوني – المرجع السابق – ص 129


(3):
أ. مجيد خلفوني – المرجع السابق – ص 131


* الصفحة:36 *


1- الخطأ: يكون المحافظ العقاري مخطئا خطأ شخصيا إذا صدر عنه سلوك منحرف عن السلوك
الصحيح العادي و المألوف، و يهدف من ورائه إلى خدمة أغراضه الشخصية. و الخطأ
الموجب للمسؤولية ثلاثة أنواع حسب الفقه و هي: خطأ عمدي ، خطأ نتيجة إهمال، و خطأ
جزائي. لم يتطرق الواضع الجزائري لهذه الأخطاء في قانون الشهر العقاري و إنما
اكتفى بذكر بعض الالتزامات التي يخضع لها
أي موظف في المواد 14 إلى 20 من الأمر 66/133 في القانون الأساسي للوظيفة
العمومية، وهذه المواد تشير إلى أن أي تقصير من الموظف أو ارتكابه لأي خطأ حال
تأديته لوظيفته أو بسببها، يعرضه إلى العقوبات التأديبية المحددة بالمادة 55 من
نفس الأمر، كما يخضع لعقوبات جزائية.


المحافظ العقاري باعتباره أحد موظفي الدولة، ويشغل منصب أعلى بوزارة
المالية و يعمل تحت وصايتها، و تنص المادة 20 من الأمر 66/133 على أنه :


" يتعرض العامل لعقوبة تأديبية دون المساس بتطبيق القانون الجزائي إذا
اقتضى الأمر، إذا صدر منه أي إخلال بواجباته المهنية أو أي مساس بالانضباط أو
ارتكب أي خطأ خلال ممارسة مهامه أو بمناسبة هذه الممارسة "


·
الخطأ العمدي: و هو سلوك يتضمن
الإخلال بالتزام قانوني منبعه إرادة الموظف مصحوبا بنية الإضرار و يعتبر هذا الخطأ
جسيم و يستوجب معه المتابعة التأديبية و التقصيرية و الجزائية، و يعاقب عليه
التشريع الجزائري، ذلك أن هذا النوع من الأخطاء من الأخطار المضرة بالمرفق العام
التي تصدر عن الموظف، وذلك لقيام الصلة بين السلوك المادي و النشاط المهني للموظف
، و مثال ذلك كأن يقوم المحافظ العقاري بإجراء عملية الشهر العقاري لسند يحمل
تصرفا مخالفا للنظام العام و الآداب العامة.


·
خطأ الإهمال : الخطأ بالإهمال
إخلال بالتزام قانوني يدرك فيه المحافظ إدراكا تاما بهذا الإخلال المخالف للقانون،
و تقوم مسؤولية المحافظ العقاري في هذه الحالة بمجرد ثبوت انحرافه عن مسلك الموظف
العادي، وعدم الالتزام ببذل عناية في أداء الوظيفة، و قد ينجر عن هذا إما خطأ بالغ
الجسامة أو خطأ يسير و ذلك بحسب نوعية الإخلال بالالتزام القانوني و درجة مسؤولية
الموظف.


·
الخطأ الجزائي: سلوك يرتكبه المحافظ العقاري، يقوم على مخالفة التزام
قانوني و أورده الواضع ضمن قانون العقوبات. و لهذا الخطأ اثر بالغ على المسؤولية
المدنية، لأن قيام المسؤولية الجزائية يتبعه قيام المسؤولية المدنية.





* الصفحة:37 *





ومن أمثلة ذلك قيام المحافظ
العقاري باستبدال بيانات البطاقة العقارية بعد المسح دون أن ترتكز على عمليات المسح العام للأراضي، فهذا
السلوك يعتبر جريمة تزوير في محررات رسمية.


2-الضرر: الضرر الناجم عن المحافظ العقاري هو ضرر مادي يتمثل في الأذى و الخسارة ،
بشكل يؤثر على الذمة المالية للشخص و ينشئ له الحق في المطالبة بالتعويض عنه بحق
مالي ، و يقع إثبات الضرر على الشخص الذي يدعي وقوعه، لأن القاعدة في إثبات المدني
أن البينة على من ادعى،أي على من يدعي ضررا ارتكبه المحافظ العقاري و المطالبة
بالتعويض أن يقيم الدليل على الضرر اللاحق به ، أما المدعى عليه فله أن ينفي وقوع
الضرر ، غير أنه في حالة ثبوته يقع عليه أن يثبت بأنه راعى جانب الحيطة و الحذر و
أنه بذل قصارى جهده في أداء و وظيفته.


3-وجود علاقة سببية بين الخطأ و الضرر: بالرجوع إلى المادة 124 من القانون المدني يمكن استخلاص هذه العلاقة "
كل عمل أيا كان يرتكبه المرء و يسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه
بالتعويض"(1)


*المسؤولية العقدي