جميع شروح النص : محور الأسرة السنة السابعة أساسي
أصبح رجلا
النصّ
ما إن أنهى الفتى امتحانَ الشّهادةِ الابتدائيّة حتّى قال له شقيقُه: " ستذهبُ معنا للحصاد ". كانت مُفاجأة له لم يكُن يتوقّعُها... سوف يُباشِرُ عمليّة الحصاد رغم صِغر سنّه لأوّل مرّة.
و حان الرّحيلُ، و لكنّ الفتى لا يدري بالضّبط في أيّة ساعة غادروا المنزل، و امتطى معهُم متنَ العربةِ... انسابت العربة على الإسفلتِ تسيرُ دُون ضجّة و لا قلقلة، و كان يُؤنِسُه رنينُ الجُلجُل المُعلّق برقبَة البَغْلة فاستسلم بسرعة يستكمِلُ نومَهُ... و لم يُفِق إلاّ ضُحًى عندما أخذت العربة ترتجّ و تئزّ عجلاتُها في مسالك ترابيّة كثيرةِ الحجارة و الأخاديد.
و قبل الأصيل بقليل انتهى بهم السّيْرُ إلى حيث يحصُدُون، فشرع يُعينُ الجماعة على إنزالِ الأمتعة من العربةِ و نصبِ الخيمة التّي سيقيمون فيها. انتبَهَ الفتى إلى أنّه الطّفلُ الوحيدُ مع الحاصِدين في تلك المنطقة فأحسّ لأوّل مرّة كأنّه أصبح رجُلا مِثل شقيقه و ابنِ عمّه و العمّ " الصّغير ".
شرع فعلا في الحَصْدِ و توكّل على الله مثلَ الرّجالِ، لكنّه لا يُحْنِي ظهرَهُ مِثلَهُم ليُمسِكَ قبضة السّنابل و يقُصّها بالمنجلِ، فلم تكُن قامتُهُ تفوتُ كثيرا مُستوى سنابل القمح، و لهذا كان في مُستطاعه أن يحصُد شبه واقفٍ. بدت له العمليّة سهلة في أوّل الأمر، لكنّ المنجل أقلقه، فهو لا يتناسبُ مع كفّه الصّغيرة و أصابعه اللّدنة، و كانت تنقُصُه المهارةُ في استعمال المِنجل. و لم تمضِ أيّام قليلة حتّى جُرٍحَتْ أصابِعُ يُسراه، و لم يفتأ العمّ " الصّغيرُ " يُراقبُ الفتى و يُشفِقُ عليه، لكنّه في الوقت نفسه كان يُريدُ منه أن يُتقِنَ الحصادَ كما يُتقِنُ عملَهُ في المدرسةِ... قال له مُبتسِما: " سوف تتذكّرُ كُلّ ذلك يا ولدي عندما تًصبِحُ كبيرا و تشغَلُ منصَبا عاليا... فتح الله عليك ".
تقبّل الفتى موقِفَ العمّ " الصّغير " بكلّ ارتياح، لأنّه يُكنُّ له كُلّ تقدير و احترام، و طالما سَمِعَ منهُ الإرشاد و النّصحَ و تلقّى منهُ مُعامَلة الوالد الحنونِ و قال في ما بينه و بين نفسِهِ: " لن أنساكَ يا عمّي مهما يَطُلْ بي العُمْرُ ... "
محمّد العروسي المطوي- رجع الصّدى- ص: 123-127 ( بتصرّف )
التقديم:
نصّ سرديّ يتخلّله الوصف استمدّ من رواية: " رجع الصّدى " لمحمّد العروسي المطوي، يندرج ضمن محور: " الأسرة "
الموضوع:
تجربة الحصاد و أثرها في نفسيّة الطّفل
المقاطع:
حسب معيار: الزّمان
* من البداية ------- الصّغير: قبل تجربة الحصاد
- شرع------ فتح الله عليك: أثناء تجربة الحصاد
* البقيّة: بعد تجربة الحصاد
الشّرح
المقطع الأوّل: قبل تجربة الحصاد
أنهى... لـه: ضمير الغائب المذكّر المفرد
ما إن... حتّى: قصر المدّة الزمنيّة بين الحدثين
سوف يُباشر: الاستقبال - عدم الانقضاء
الرّواي في هذا النصّ غير مشارك في الأحداث
يضطلع بفعل السّرد
المسافة الزمنيّة بين فعل الانتهاء و فعل القول قصيرة زمنيّا، فبمجرّد انتهاء الشخصيّة الرئيسيّة من دراستها وجّه لها الأخ دعوة للذهاب إلى الحقول ( الحصاد )
دعوة مفاجئة لم تكن تتوقّعها الشخصيّة الرئيسيّة
الدّعوة: الفعل القادح و الباعث للسّرد
يتحدّد هذا المقطع وفق ثنائيّة: الدّعوة و الاستجابة
هذه الاستجابة لم تكن قسريّة إلزاميّة و لكنّها كانت طوعيّة اختياريّة، فالطّفل كان يرغب في خوض تجربة جديدة و اكتشاف عالم جديد مجهول
إنّ هذه الرّغبة في اكتشاف المجهول رغبة إيجابيّة لأنّها تُشكّل دافعا و حافزا للمعرفة، فالتجاربُ هي التّي تجعلُ الطّفل يتعرّف إلى العالم الخارجي و يكتشف أشياء جديدة.
لكنّ: ناسخ حرفي يفيد الاستدراك
كان: ناسخ فعليّ يفيد المضيّ
يؤنس/ آنس: طمأنه وأزال وحشته أو خوفه
يسرعة: حال
لا يدري: نفي
لقد كان الفتى سعيدا بدعوته إلى الإسهام في أنشطة الأسرة، و القرائن الدّالة على ذلك كثيرة و متنوّعة:
* إنّ خروج الطّفل بسرعة- دون أن يُعير اهتماما للوقت- سببه شدّة شوقه إلى خوض هذه التجربة الجديدة.
* النّوم السّريع دليل على الطمأنينة و الارتياح
* مساعدة الجماعة على إنزال الأمتعة و نصب الخيمة علامة على رغبة الفتى في مشاركتها أعمالها
المقطع الثّاني: أثناء تجربة الحصاد
شرع: فعل شروع
مثلَ الرّجالِ: مركّب إضافي
هناك تقاطع بين المفرد ( الطّفل ) و الجمع ( الرّجال ): الاشتراك في الحصدِ و التوكّل على الله
الطّفل يُريد أن يتشبّه بالرّجال: يرغب في أن يكبر بسرعة و أن يُظهر قدراته
لكنّ: ناسخ حرفي يفيد الاستدراك
لا يُحني / لا يتناسب / لم تكُن: نفي
سهلة: حال
تجربة الحصاد لم تتمّ بالطّريقة التّي ظنّها الطّفل
كانت هناك صعوبات و عراقيل واجهت الشخصيّة الرئيسيّة
عوامل معرقلة داخليّة بالدّرجة الأساس: تجربة الحصاد اصطدمت بعمر الشخصيّة الرئيسيّة و بقدراتها البدنيّة
* قصر القامة
* الكفّ الصّغير
* الأصابع الليّنة
* قلّة الخبرة
نتج عن هذا: أذيّة بدنيّة ( " جُرِحت أصابع يُسراه " )
هذه العوامل المعرقلة حالت دون تنفيذ الشخصيّة لمشروعها ( تجربة الحصاد ) بالشكل المطلوب
العمّ الصّغير: مركّب نعتي
سوف تتذكّر: الاستقبال ( المستقبل البعيد )
العمّ الصّغير: شخصيّة مساعدة
سيُحاول تخفيف حدّة هذه العوامل المعرقلة التّي أثّرت في مشروع الشخصيّة الرئيسيّة
موقف العمّ الصّغير يتراوح بين الإشفاق و بين الرّغبة في تعلّم الطّفل.
التعلّم لا يحصل إلاّ بعد مُجاهدة و مُكابدة
هي مجاهدة داخليّة بالأساس: مُجاوزة العوامل الداخليّة المُعرقلة
المقطع الثّالث: بعد تجربة الحصاد
بكلّ ارتياح: حال
تقدير و احترام / الإرشاد و النصح: مركّب بالعطف
طالما سمع: كثيرا ما / التكرار
قال في ما بينه و بين نفسه: حوار باطني
انتهى النصّ بعودة الهدوء من جديد ( الارتياح ) بعد التأزّم الذّي بلغ ذروته في المقطع الثّاني بالأذى البدني، و قد كان موقف العمّ الصّغير عاملا مساعدا لحصول هذا الانتقال
يتبع شرح نص : "أنا أيضا مسؤول "