نموّ شخصيّة الإنسان


مرحلة الرضاعة (من الميلاد حتى عامين ) الثقة في مقابل عدم الثقة الأم
الطفولة المبكرة (من 3-4 سنوات) الاستقلال الذاتي في مقابل الخجل والشك . الوالدين
مرحلة سن اللعب (من5-8 سنوات) المباداة في مقابل الذنب الأسرة
مرحلة سن المدرسة (من 9-12سنة) الانجاز (التمكن) في مقابل النقص الجيران والمدرسة
مرحلة المراهقة (من 13-19سنة) الذاتية في مقابل اضطراب الذات. جماعات الأصدقاء ونماذج القادة .
مرحلة الشباب المبكر الألفة في مقابل العزلة الأصدقاء والزوج (الزوجة)
مرحلة الرجولة الاندماج(المشاركة) في مقابل الانطواء على الذات التفاعلات الأسرية وأصدقاء العمل .
مرحلة النضج والكهولة التكامل في مقابل اليأس كل الأفراد والجماعات
* المصدر " طلعت عبد الرحيم ، 1983.
1- الثقة مقابل عدم الثقة : Trust Versus mistrust
أثناء السنوات الأولى من الحياة ، يعتمد الرضع على الآخرين في الرعاية والعناية . إذ أن الآخرين هم الذين يقومون بأطعامهم والباسهم ، وتعريفهم لمثيرات جديدة . الآباء والأمهات هم الذين يحتضنوهم ويمسكونهم، ويتحدثون إليهم ، ويلعبون معهم . هذه التفاعلات الاجتماعية تحدد اتجاهاتهم فيما بعد . لو تمت العناية بالأطفال بهدف المحبة وسد احتياجاتهم البدنية وتمت مواجهة الحاجات على نحو كاف ، فإن الأطفال سينمون أحساسا أساسيا بالثقة . وإن لم يعتني بهم الوالدان كما ينبغي أو قوبلوا بمعاملة متنافرة ومتقلبة ، فمن المحتمل أن يصبح الأطفال خائفين وغير واثقين أو مرتابين في أنفسهم وأيضا في الآخرين .
2- الاستقلال مقابل الخجل والريبة :Autonomy Versus shame and doubt
ويتعلم الأطفال المشى والكلام فيما بين السنة الأولى والثالثة من العمر ، ويبدأون في تنمية نسبة من الاستقلال . في هذه الحالة يصبح الأطفال قادرين على تعلم واكتشاف العالم من حولهم تربيتهم واستقلاليتهم وبطريقتهم الخاصة ، لو كان الوالدان متذبذبين في اساليبهم التأديبية ، لو هما أسرفا في حماية الآطفال ، لو أظهر عدم الموافقة عند محاولة أطفالهم التصرف بحرية سيصبح هؤلاء الأطفال متقلبين شكاكين وخجولين من أنفسهم ومن سلوكهم ، ومع ذلك ، لو تصرف الوالدان بثبات وشجعوا نسبة محددة من الاستقلال عند أطفالهم ، سيتمتع الأطفال بقدرة أفضل من التعامل مع المواقف .
3- روح المبادأة مقابل الشعور بالذنب : Initiative versus guilt
اثناء السنة الرابعة والخامسة من العمر ، يواجه الأطفال مجموعة متنوعة ومتزايدة من الخبرات والتجارب ، تشمل علاقات بالأصدقاء والجيران . لو شجع الوالدان الانشطة والاسئلة والاستفسارات ، واللعب الابتكارى بصفة عامة ، فإن الأطفال سيجدون أنه من الأسهل الاستمرار في التصرف بحرية والتفاعل مع الناس الآخرين ، لو قيدت أنشطتهم وإستطلاعاتهم وحبهم للبحث والتحقيق من حقل الوالدين ، فأن الأطفال سينمون الشعور بالذنب والذى سيحملونه بين طياتهم طوال حياتهم في المستقبل .


4- المثابرة مقابل الشعور بالنقص : Industry versus inferiority
يصبح الأطفال فيما بين السادسة والحادية عشرة من العمر ، مقتدرين تماما على استهلال انشطتهم الخاصة بهم . ويكونوا قادرين على تعلم كيفية تعبئة وتحريك طاقاتهم بطرق بنائه ، والاستذكار ، والقراءة ، والتعلم عن أى شىء يثير انتباههم . لو شجعهم الوالدان ، والمعلمون ، سينموا احساسا بالمثابرة والكد وحب الاستطلاع والمعلمين بنفاذ الصبر لجهود ومحاولات الأطفال سينمى هؤلاء الأطفال احساسا بالنقص والدونية وانخفاض الدافع للانجاز .
5- الشعور بالهوية مقابل فوضى الدور :Identity versus role confusion
المراهقة ، هى الفترة ما بين الثانية عشرة والثامنة عشرة ، وقد اعتبرت تقليديا فترة الأزمة لأنها تتميز ببزوغ جنسية الرشد وبداية الدخول في مرحلة الرشد عموماً . إذا يجب على المراهقين دمج وتوحيد تجاربهم وخبراتهم السابقة مع الضغوط والمتطلبات الجديدة التي يواجهوها كي يقرروا ويحددوا ما يريدونه من حياتهم ، ما يعتقدونه وما يؤمنون به ، ومن هم. إن لم يستطيعوا دمج خبراتهم المبكرة وتوحيدها مع بعضها ، سيكونوا عاجزين عن تنمية الاحساس بالهوية .
6- الشعور بالألفة والمودة مقابل الشعور بالاغتراب والعزلة :
Intimacy versus isolation
الزواج والوالدية هى جميعها جزء من الخبرة السوية لمرحلة الرشد المبكرة ، لو اكتسب الراشدون الصغار الاحساس بالهوية ، سيكونوا قادرين على تكوين علاقات حميمة ومشاركة أنفسهم وايضا ممتلكاتهم مع الآخرين . لو عجزوا عن الاتصال بودية ودفء بالآخرين أو لم يكتسبوا الاحساس الكامل بالهوية ، ربما ينمو الاحساس بالعزلة ويشعرون بأنهم لا ينتمون إلى أى شىء في العالم سوى الانتماء لأنفهسم فقط .

7- الشعور بالانتاجية مقابل الاستغراق الذاتي :
Generativity versus self-absorption
مرحلة وسط العمر هى الفترة التي يجب على الناس أن يحلوا فيها صراعاتهم مع العالم ويعدون لأنفسهم ولمستقبل أسرهم . ويقصد ايركسن بالانتاجية القدرة على النظر خارج ذات الفرد أو خارج نفسه المرء والتعاون مع الآخرين ، الأفراد العاجزين عن عمل هذا يميلون إلى أن يصبحوا متمركزين حول ذاتهم أكثر من كونهم منتجين في تلك المرحلة .
8- الاندماجية مقابل الشعور باليأس Integrity versus despaire
هناك نقطة يدرك عندها الناس الأكبر سنا أن عملهم في الحياة تقريبا قد اكتمل . وأن مهمة حياتهم قد تمت تقريبا وأن معظم مساعيهم النشطة والجادة تقترب إلى النهاية . هؤلاء ممن يستطيعوا أن يعكسوا على حياتهم التمتع بالاحساس بالسعادة في تحقيق انجازاتهم ، شاعرين بمودة وإطمئنان مع أنفسهم ومع الآخرين وسيعيشون في سلام مع أنفسهم والآخرين ، من ناحية أخرى ، هؤلاء من يشعرون بأن حياتهم كانت سلسلة من الفشل والاحباطات وخيبة الأمل وكمون الاحساس باليأس والقنوط بسبب فوات الآوان على بداية الانطلاق ومواصلته .
اسهامات أريكسون في نظرية النمو النفسي :
لقد أدخل "أريكسون" تعديلا على نظرية "فرويد" فى عدة نواحى :
الأولى : بالتوكيد على التفاعل المتبادل بين الجانبين الاجتماعي والجانب البيولوجي .
والثانية : بالتوسع في المراحل من ثلاث إلى ثمان مراحل . والثالثة يؤكد "أريكسون" على استمرارية تغير الشخصية مع التقدم بالسن على حين يصر فرويد على ثبات الشخصية في سن البلوغ . ولنبحث فيما يلى عن هذه الاسهامات .
وباختصار ، يرى "أريكسون" أن ثمة توازنا بين الاتجاهات الاجتماعية أو الشخصية المتبادلة للعمليات البيولوجية في المراحل النفسية المختلفة ، ويشير إلى توقف كل منهما على الآخر . والأسلوب الأساسي للاستجابة تحدده العمليات البيولوجية المميزة للمرحلة المعينة ، كما أن التعبير الجسمى والاجتماعي يتأثر أيضا بالظروف الشخصية المتبادلة التي يجد الطفل فيها نفسه . ولقد اهتم "أريكسون" بصورة أكثر بالمظاهر الشخصية المتبادلة لكل مرحلة نفسية ( لازاروس ، 1989 :84) .
أما بالنسبة لتوسع "أريكسون" في النظرية النفسية ، وإضافة مراحل أخرى ، فإن أحسن إضافة معروفة هي ما يعبر عنه المصطلح " هوية الأنا " Ego-Identity الذى هو نتاج الصراع الذى حدث اثناء البلوغ للوصول إلى حل عقدتي أوديب وإلكترا في المرحلة القضيبية . ولقد أعطى اريكسون ، عند توكيده للجهد الذى يبذله الفرد من أجل اكتشاف مكانة في العالم والوصول للنجاح إلى طبيعته الموحدة ، أعنى بلوغ هوية الأنا ، أهمية لمرحلة المراهقة المتأخرة والرشد المبكر .
وختاما ، اثرت النظرية النفسية تأثيرا هائلا على الفكر السيكولوجي، وبخاصة علم النفس الاكلينيكي حيث نظر إلى العديد من صور الأمراض النفسية على أنها اضطرابات في النمو النفسي الجنسي .
ثالثا : نظرية بياجيه في النمو المعرفي
تعد نظرية "بياجيه" ( Piaget, 1936) للنمو المعرفي القائمة على المنهج الوصفى التحليلى في تناول النمو المعرفي ، مدخلا يتوسط كلا من المنحنى السيكومترى والمنحى المعرفى في تناول النشاط المعرفي فقد استخدم "بياجيه" في نظريته عددا من المفاهيم التى تعد من المفاهيم الأساسية التى يستخدمها علماء النفس المعرفي ومن هذه المفاهيم الأساسية التى يستخدمها علماء علم النفس المعرفي ومن هذه المفاهيم : مفهوم العمليات ، ومفهوم الاستراتيجيات المعرفية ، ومفهوم البنية المعرفية . النمو العقلي عند "بياجيه" لا ينفصل عن النمو الجسمى ، ويرى أن علم نفس الطفل لا يستطيع في بحثه عن عوامل النمو أن يقتصر على دراسة النضج البيولوجي ، فهناك عوامل أخرى لا تقل أهمية ، وهي التدريب أو اكتساب الخبرة والتفاعل الاجتماعي . والنمو العقلي للطفل عند "بياحيه" يمر بثلاث مراحل متتالية ، ولكل مرحلة منها هي امتداد للمرحلة التي سبقتها وإعادة بناء أو صياغة لها على مستوى جديد ، ثم تخطاها بعد ذلك إلى مستوى أعلى وأعظم . وهذه المراحل الثلاث هي : المرحلة الحسية الحركية ، مرحلة العمليات المحسوسة أو العيانية ، ثم مرحلة العمليات الصورية والشكلية قمة التفكير المنطقي .
يرى "بياجيه " أن أى نمط سلوكي مهما كان نمطيا يتضمن عوامل وجدانية كبواعث أو محركات ، وأنه لا توجد حالات وجدانية دون تدخل من المدركات أو المفاهيم التى تكون البنيان المعرفي ، ولذلك فإن السلوك وحدة لا تتجزأ ، فأحيانا يعمل الانفعال على تنظيم طاقات الأفعال ويقوم التركيب العقلي بتحديد الوسائل ، وأحيانا أخرى تقوم العمليات العقلية بتحديد قدرة الاستقبال الانفعالي . ومن هنا فهو يرى أن الشخصية الانسانية تنبع من تراكب الوظائف العقلية والانفعالية ، وكذلك من الصلة الداخلية بين الذكاء والانفعال (مدحت الكناني ، أحمد الكندرى ، 1992 : 611) .
ووحدة السلوك هذه هى التي تجعل عوامل النمو مشتركة بين الجانبين المعرفي والوجداني ، فالعواطف والانفعالات تخضع للنضج ، وتستمد من التفاعل الاجتماعي والشخصي ، كما تتضمن صراعات أو أزمات حيث إن بناء الشخصية يحكمه البحث عن التماسك وتنظيم القيم التى تمنع الصراعات الداخلية .
يرى "بياجيه" ان نمو الكائن يتم من أبنية ذات طبيعة بيولوجية ، وهذه الأبنية التى يرثها الطفل تتأزر مع بعضها لتصبح بنى جديدة بعد فترة من التفاعل مع البيئة خلال عمليات التمثل والمواءمة وهذا التفاعل يؤدي إلى التنسيق والتآزر فيما يظهر من افعال حسية حركية .
ويرى "بياجيه" أن الإنسان يولد مزودا باستعدادات معينة وإمكانات موروثة تساعده على بدء النمو . ويرى بياجيه أن هناك نوعين من البنية الوراثية التى تنـتـقل إلى الطفل حلال الوسائط الوراثية ، هما :
(أ) الأبنية الفيزيولوجية مثل العين واليدين والجهاز العصبى والحواس بشكل عام . وهذه الأبنية تساعد الفرد على التكيف مع البيئة المحيطة له .
(ب) ردود الفعل السلوكية اللإرادية . مثل انعكاسات المص وصراخ الطفل الرضيع عند الجوع . وحينما يحدث التفاعل بين هذه الانعكاسات وبين البيئة المحيطة يحدث تعديل لهذه الانعكاسات ، بحيث تتحول إلى ابنية عقلية ونفسية .
لكى نفهم تصور "بياحيه" عن النمو المعرفي يجب أن نفهم تصوره عن المعرفة حيث يفترض بياجيه أن المعارف أبنية أو تراكيب عقلية ، هى كليات منتظمة داخليا أو أنظمة ذات علاقات داخلية . هذه البنية والتراكيب هي قواعد للتعامل مع المعلومات أو الأحداث ويتم عن طريقها تنظيم الأحداث بصورة إيجابية . والنمو المعرفي ما هو إلا تغير في هذه الأبنية المعرفية ، ويعتمد في حدوثه على الخبرة . ( المرجع نفسه : 613) .
ويرى "بياجيه" أن هذه الأبنية العقلية تتحكم في تفكير الفرد وفي توجيه سلوكه وهى تمثل بصورة فعلية الحصيلة المعرفية للفرد ، وأن بناء وإعادة بناء هذه الأبنية العقلية هو ما يسمى بعملية النمو العقلي ، وتتكون هذه البنية العقلية منذ الميلاد أى أنها تنتقل للطفل وراثيا ، ولكن تطور هذه الأبنية ونموها ينتج من التفاعل الديناميكي بين الكائن الحي والبيئة التى يعيش فيها .
كما أن النمو المعرفي عند "بياجيه" هو تغيرات في الأبنية المعرفية تحدث من خلال عمليتى التمثيل والمواءمة ، وهما من العمليات التى يستطيع الأطفال بموجبها بناء أو فهم أكثر ذكاء للعالم الذي يعيشون فيه . والنمو المعرفي عند "بياجيه" هو تحسن ارتقائي منظم للأشكال المعرفية التى تنشأ من تاريخ خبرات الفرد . وهدفه تحقيق نوع من التوازن بين عمليتي التمثيل والمواءمة .
وتسمى عملية الاستجابة للتنبيه طبقا للبناء المعرفي للفرد عملية "التمثيل" والتى تعتمد على نوع التفاعل بين البنية المعرفية والبيئة الطبيعية، والبنية المعرفية المماثلة في أى لحظة إنما تشمل ما أمكن للكائن استيعابه وتمثله . وكمثال عندما يكتسب الطفل استراتيجية الرضاعة والرؤيا والتناول ومسك الأشياء تكون بنيته المعرفية ممثلة في هذه الاستراتيجيات ، ومع تغير البنية المعرفية فإنه يمكن للطفل أن يتمثل المظاهر المختلفة للبيئة الطبيعية .
والمواءمة هى العملية التي بواسطتها تتكيف أو تتعدل البنية المعرفية، ويحدث من خلالها النمو المعرفي .
ونظريا فإن أى خبرة يكتسبها الفرد تعتمد على كلتا العمليتين : التمثيل والمواءمة . فما يتفق مع البنية المعرفية لدى الكائن الحى يسهل استيعابه أو تمثله ، أما الخبرات التى لا تتفق مع البنية المعرفية لدى الكائن الحي يحدث لها تكيف أو مواءمه .
ويفترض "بياجيه" أن جميع الكائنات الحية لديها قابلية فطرية لإيجاد علاقة توافق أو تكيف مع البيئة من خلال ما يسمى بالتوازن ، وهذا التوازن هو القابلية الفطية لتهيئة قدرات الفرد وخبراته لتحقيق أكبر قدر ممكن من التكيف .
ويمكن تعريف التوازن بأنه نجاح الفرد في توظيف إمكاناته مع متطلبات البيئة حوله ، ويكاد يتسق مفهوم ( التوازن) لدى "بياجيه" مع مفهوم اللذة عند فرويد التى تتوازى مع عمليتي التمثيل والمواءمة والتى تستخدم لتفسير النمو العقلي (فتحى الزيات، 1995) ومع زيادة النمو المعرفي لدى الطفل يصبح قادرا على استقبال المواقف الأكثر تعقيدا والتفاعل معها . كما يصبح أقل اعتمادا على غيره . وهذا التناقض التدريجي في الاعتماد على البيئة الطبيعية والزيادة في استخدام القدرات أو البناء المعرفي إنما يسمى بالاستدخال . ومع نمو الأبنيةالمعرفية تزداد أهميتها في عملية التكيف فمثلا مع تزايد البناء المعرفي وتكامله يكون حل المشاكل الأكثر تعقيدا ممكنا ، ومع استدخال قدر أكبر من الخبرات يصبح التفكير أداة للتكيف مع البيئة .
مراحل النمو المعرفي عند بياجيه :
قدم "بياجيه" أربع مراحل أساسية للنمو المعرفي هي :
المرحلة الأولى : مرحلة النمو العقلي الحسى الحركي ، وتبدأ من الولادة حتى نهاية السنة الثانية .
المرحة الثانية : مرحل ماقبل العمليات وهى من سن 2 إلى 6 أو 7 سنوات.
المرحلة الثالثة : مرحلة العمليات العينية أو الملموسة وهى من 6 أو 7 سنوات إلى 11 أو 12 سنة .
المرحلة الرابعة : مرحة العمليات المجردة وهى من سن 12 إلى 15 حيث يتم اكتمالها .
وفيما يلى وصف موجز لمراحل النمو المعرفي عند "بياجيه " .
المرحلةالأولى - مرحلة النمو المعرفي الحسي الحركي :
Sensory- Motor Stage
لا يستطيع الطفل فى هذه المرحلة أن يفكر ، وإنما يستطيع القيام بأنشطة حسية حركية ، وهذه المرحلة تبدأ من الولادة حتى نهاية السنة الثانية وتتميز هذه المرحلة بعدة خصائص ( نقلاً عن فتحى الزيات ، 1995) من أهمها ما يلى :
1- اكتساب الطفل للمهارات والتوافقات البسيطة ذات الطابع السلوكي الحركي ، وهو مزود بمجموعة من الأفعال المنعكسة الفطرية وعن طريق التعلم تتعدل تلك الأفعال وتصبح أكثر اتساقا مع البيئة التى يعايشها الطفل .
2- تمركز الطفل حول ذاته بمعنى أن يكون تفكير الطفل واهتمامه منصبا على ذاته وأقل اهتماما بالآخرين .
3- عندما يتعلم الطفل الكلام يبتكر أنماطا جديدة من السلوك ويتحول تفكيره نحو التمثلات العقلية الداخلية .
4- يحدث تحسن في الترابطات المتعلقة بالنشاط الحسي كما يحدث هذا التحسن في الترابطات المتعلقة بالنشاط الحركى ويبدأ الكلام والتفكير الرمزى في هذه المرحلة .
ويقسم بياجيه هذه المرحلة إلى ستة فترات ، تأخذ الحركات الحسية الحركية مظهرا معينا في كل فترة منها ولها دلالات معينة في كل فترة من هذه الفترات :
1- فترة الأفعال المنعكسة : وهى تستغرق من الميلاد حتى نهاية الشهر الأول عقب الولادة ومن أمثلتها حركة المص وحركة قبض الأصابع عند ملامسة باطن الكف وتتميز الحركة في هذا الشهر بأنها غير متعلمة ولا إرادية ، وهذه الحركات تحقق للطفل تكيفاً مع بيئته ذلك لأنه لا يستطيع أن ينمو أو يعيش بدون هذه الحركات .
2- فترة ردود الأفعال الدائرية الأولية : وهى تستغرق الشهرين الثاني والثالث ومن أمثلتها تكرار قبض الصابع ، العبث بالأصابع في الفراش. وهى حركات غير مقصودة وأن الحركات فيها متتالية ، ومتجه نحو الذات.
3- فترة ردود الأفعال الدائرية الثانوية ، وتنحصر بين الشهرين 4-6 أو من الشهر 4 - الشهر 8 وفيها يكرر الطفل الاستجابات التي يجد أنها تسلية كركل الوسادة برجليه وربما يؤدي هذا الركل إلى تحريك بعض الأشياء التى تحدث صوتاً له ، ومن ثم يكررها بقصد التسلية ، ولذلك فإن الحركات مقصودة في هذه الفترة وتمكن الطفل من التعرف على الأشياء المحيطة به .
4- فترة المواءمة بين ردود الأفعال الدائرية الثانوية : وتنحصر بين الشهرين (7-10 ) أو من (8-12) وحركة الطفل في هذه الفترة وسيلة للحصول على شىء أو إزالة عقبة من طريق الوصول إلى شىء . فالحركة في هذه الفترة تختلف عما قبلها في أنها وسيلة أكثر منها مجرد تسلية ، ويزداد فيها التآزر بين رؤيته لشيء ومحاولة وصول يد إلى هذا الشيء ( مدحت الكناني ، أحمدالكندرى ، 1992 :628).
5- فترة ردود الأفعال من الدرجة الثالثة : وتنحصر بين شهري (12-18)، وفي هذه الفترة يميز الطفل بين الاستجابة ونتائج الاستجابة ، كما تتعدد الاستجابة للوصول إلى الهدف الواحد ، ولذلك يطلق على هذه المرحلة مرحلة الردود من الدرجة الثالثة ، كما يطلق عليها فترة التجريب حيث يحاول الطفل التعرف على أكثر الاستجابات فاعلية في تحقيق الهدف والوصول إليه .
6- فترة التأليف والمزاج : وتنحصر بين شهري (18-24) أى حتى نهاية السنة الثانية ، وفي هذه الفترة يبدع الطفل ويكتشف ويخترع الأساليب الجديدة من خلال التراكيب العقلية .
المرحلة الثانية - مرحلة ما قبل العمليات أو التفكير التصورى :
Preoperational Stage
وتمتد من سن السنتين إلى نهاية سن السادسة أو السابعة ويقسمها البعض إلى :
أ - ما قبل المفاهيم ( من سنتين حتى نهاية السنة الرابعة ).
ب- التفكير الحدسي ( من سن الرابعة حتى بداية السابعة ).
وتتصف هذه المرحلة بما يلى :
- أن هذه المرحلة هى مرحلة انتقالية بين مرحلتين الأولى والثالثة ( أى لا تتميز بحدوث أى توازن أو ثبات ).
- يعوز الطفل في بداية هذه المرحلة استخدام المفاهيم وخاصة مفهوم الفئة والعلاقة العضوية للمفهوم في فئة معينة . ( أى أن تفكير هذه المرحلة يعد في منزلة متوسطة بين مفهوم الشيء ومفهوم الفئة وهو نوع من التفكير التحولي من الخاص إلى الخاص ).
- أهم ما يميز هذه المرحلة هو النمو اللغوي السريع والقدرة على تكوين جمل كاملة وفي نهاية المرحلة يكون قد الم بمفردات لغوية كثيرة .
- يعتقد الطفل في الحقيقة كما يراها ولا يقتنع بوجهة النظر التى تقال له بعكس البالغين .
- يتجه تفكير الطفل إلى التركيز حول ظاهرة واحدة ولا يعطى اهتمامه ظاهرة أخرى .
- من الخصائص التى تميز هذه المرحلة أيضا فشل الطفل في إدراك العدد الكمية ، الطول ، الوزن ، وخواص أخرى للأشياء ، فالطفل لا يستطيع أن يدرك أن قطعة من الصلصال لها نفس الوزن سواء شكلت على هيئة مكعب أو شكل دائرى مسطح أو في شكل كرة ، كما أنه لا يدرك أن لتر الماء هو نفس الكمية سواء تم صبه في أنبوبة طويلة ورفيعة أو أنبوبة عريضة وقصيرة .
وهذه المرحلة تنقسم إلى فترتين : الفترة الأولى هي فترة نمو اللغة ذات الوظيفة الرمزية ، اللعب الرمزى ، اللعب الخيالي ، وهى تقع ما بين 2-4 سنوات ، والفترة الثانية هى فترة التفكير الحدثي ، أو الذاتي البعد ، بمعنى أنه يرى الأشياء من بعد واحد ، وهى تقع ما بين 4-7 سنوات .
الفترة الأولى :
فترة نمو اللغة ذات الوظيفة الرمزية أو مرحلة اللعب الخيالي:
في هذه الفترة تنمو اللغة بسرعة مما يساعد على نمو التفكير ، ويميز "بياجيه" في النمو اللغوي بين عدة أنواع من التفكير اللغوى هي :
(أ ) التفكير اللغوى غير الواقعي :
وهو لفظى ، ولا شعوري ، وغير هادف ، ولا يعبر عنه باللغة ولكن يعبر عنه بالخيالات والأحلام والصور الذهنية ، فهو عمل بدون فكر ، ويقع هذا النوع من التفكير في المرحلة الحسية الحركية .

(ب) التفكير اللغوي الذاتي :
وهو مرحلة انتقالية بين التفكير اللغوي اللاواقعي والتفكير اللغوي الاجتماعي . واللغة هنا لغة اجتماعية تهدف إلى الاتصال بالآخرين ، ويمتد هذا التفكير المتمركز حول الذات في الفترة ما بين 4 إلى 6 أو 7 سنوات ، والتفكير الذاتي يشبع الحاجات الذاتية . أما التفكير اللغوي الاجتماعي يهدف إلى الاتصال الاجتماعي بالآخرين والتفاعل معهم ويظهر بعد السابق .
الفترة الثانية : فترة التفكير الحدسي أو الذاتي :
وتبدأ من سن 4 إلى 6 أو 7 سنوات ، ويكون التفكير في هذه الفترة غير منطقي ومتمركز حول بعد واحد أو حول علاقة واحدة في الوقت الواحد. مثال ذلك إذا أخذت إحدى زجاجتين متساويتين في الحجم والشكل وكمية المائ الموضوع بهما ، ووضعت ما بها في زجاجة أطول أو أوسع ، فإنه أيضا يحكم بأنه أكبر أو أصغر فإن ذلك يحدث بسبب ظاهرة التمركز حول بعد واحد في هذه المرحلة ، حيث لا يدرك الطفل مفهوم احتفاظ المادة بخصائصها ، مهما اختلف شكلها أو مكانها ، فهو يدرك الأشياء من بعد واحد وليس من أكثر من بعد . تقل ذاتية التفكير كلما كبر في السن ، ويسمى التفكير أيضا في هذه الفترة بالتفكير الحدسي أو التخميني ، لأن الطفل لا يستطيع أن يفسر الجوانب تفسيرا منطقيا وهذا يعني أن الطفل يستخلص فقط تعميمات .
المرحلة الثالثة : مرحلة العمليات العينية أو المحسوسة : Concrete Operational Stage
وتسمى بمرحلة التفكير المنطقي المحسوس ، وهى تمتد من 7 سنوات إلى نهاية 11 سنة . ومن خصائصها :
1- يتحول تفكير الطفل إلى الاستدلال بدلا من تناول الأشياء بمظهرها السطحى والتمركز حول الآخرين بدلا من التمركز حول الذات وتنمو لديه القدرة على إدراك القابلية العكسية واستخدام الأرقام والترابطات العددية ويظهر نمط التفكير الرمزى .
2- تنمو لدى الطفل القدرة على تنفيذ العمليات المعكوسة ويدرك أن عمليات الطرح هى عمليات جمع سالب وتبدو واضحة قدرة الطفل على التعامل مع الكميات وإدراك قيمة الأرقام العددية وترتيبها وتصنيف الأشياء في فئاتها وإدراك بعض أسس هذا التصنيف.
3- يتحول سلوك الطفل إلى السلوك الاجتماعي الذى يحترم فيه الطفل وجهة نظر الآخرين ويبدو حديثه أكثر اجتماعية وأكثر تقديرا للسياق الاجتماعي السائد حوله .
ويعتمد التحرر من التمركز في التفكير حول بعد واحد ، ومن ثم نمو عمليات الاحتفاظ والتصنيف والتسلسل أو الترتيب والعد والجمع والطرح والضرب والقسمة ويستطيع إدراك مفاهيم الزمان والمكان والمسافة وإدراك العلاقات الهندسية الأولية ، وإدراك عمليات الفيزياء الأولية ( كل ذلك بصورة تدريجية وفي إطار الأشياء المحسوسة وليس في نطاق الفروض النظرية - على عمليات أخرى أشار إليها بياجيه . منها عمليات الاغلاق (أى عمليتين يمكن الربط بينها بتكوين عملية ثالثة 2+3 = 5 ( كل الرجال + كل النساء = كل البشر) ، ونمو المعكسية ( كل عملية يمكن عكسها ، مثال 2+3= 5 ، (5-3= 2 " وعملية الدمج ( إذا ارتبطت ثلاث عمليات مع بعضها فمن الممكن أن نبدأ بأى عمليتين منها أولا ) مثال ذلك (2+3)+4=2+(3+4) .
وأهم منجزات هذه المرحلة هى أن تراكيبها المعرفية تتألف من أنظمة كليات متماسكة من العمليات القابلة للانعكاس والتى تمكنه من ايجاد التنظيم والثبات بين الأشياء والأحداث في العالم المحيط ، وحين تنتظم وتثبت الأعمال المعرفية العقلية في وحدات تامة متماسكة وتركيب محدد قوى ، يطلق عليها اسم العمليات العقلية .


المرحلة الرابعة : مرحلة التفكير المنطقي أو الصوري أو العمليات
الشكلية: Formal Operational Stage
وهى مرحلة العمليات المجردة أو العمليات الصورية أو الاستنتاج الفرضى ، وهى تقع بعد سن 12 وتصل إلى حالة التوازن في سن 15 سنة ويتم في هذه المرحلة أدراك ونمو المفاهيم التي سبق الاشارة إليها في المرحلة السابقة ، سواء كانت في نطاق المحسوس أو المجرد ، ونمو القدرات في هذه المرحلة مبني على أساس نمو القدرة على التفكير المجرد. فالتفكير المجرد في المجال اللغوي يعنى القدرة اللغوية ، والتفكير المجرد في مجال التصور المكاني هو القدرة المكانية ، والتفكير المجرد في المجال العددى هو القدرة الحسابية وهكذا .
وفي هذه المرحلة يتم ادراك المفاهيم السابقة في مرحلة التفكير العيني بصورة مجردة وهذا هو الفرق بين المرحلتين ، فالمفاهيم موجودة لكن الصورة التى يتم التفكير بها في هذه المفاهيم تكون مختلفة . فنمو مفاهيم المساحة والمسافة والحرارة والسرعة ، والحجم والكثافة والعدل والحرية ونحوها يتم تصورها وفهمها بعد سن 12 سنة ، ويستطيع المراهق القيام بالعمليات الفرضيةواستيعاب المعادلات الرياضية والهندسية . وفي هذه المرحلة يمكن للمراهق أن يضع 3 أو 4 فروض محتملة ويبدأ بالتجريب .
العوامل التى يتأثر بها النمو العقلي للأطفال في نظرية بياجيه :
يمكن تلخيص هذه العوامل فيما يلى :
1- العوامل البيولوجية التى تتفاعل مع البيئة الفيزيقية عندما يتعامل الطفل معها أثناء الميلاد والنمو .
2- عوامل تحقيق التوازن التى تنشأ عندما يتفاعل الطفل مع بيئته الفيزيقية التى تحيط به مباشرة .
3- العوامل الاجتماعية اللازمة لتحقيق التعاون بين الطفل والآخرين وتظهر هذه العوامل عندما يتبادل الطفل المعلومات مع الراشدين ويحاول أن يوائم سلوكه لأنشطة الآخرين الذين يحتلون مكانه هامة في حياته .
4- عوامل النقل الثقافي والتربوى التى تعد انواعا من الضغوط على الطفل عندما يتعلم ويكتسب الخصائص الثقافية المميزة للبيئة التي يعيش فيها .
وبالنسبة للعامل الرابع السالف الذكر فإن بياجيه يرى أن نمط الحضارة الذى يعيش فيه الطفل وكذلك نوعية الدراسة التى يتلقاها يؤثران على مدى العمر الزمنى الذى تظهر فيه العمليات الشكلية (فتحى الزيات، 1995) .
نقد نظرية بياجيه :
إن نظرية بياجيه شأنها في ذلك شأن كثير من نظريات علم النفس ، تعرضت لكثير من النقد . فنظرية بياجيه نظرية معرفية ، والنظرية المعرفية تهتم بشكل خاص بعمليات التنظيم التي يقوم بها الفرد ، وفي هذا تشبه نظيرة الجشتالت - كما أنها تعترف بوجود استقلال جزئي لهذه العمليات ، كما أنها تهتم أساسا بالتركيب أو البناء بدلا من المحتوى ، كما انها تهتم بـ " كيف يعمل العقل " بدلا من " ماذا يعمل " كما تهتم النظرية أكثر بالفهم بدلا من التنبؤ والسيطرة على السلوك وهذا يعني اهتمامه بالاتجاه الكيفي في دراسة نوعية التفكير وخصائصه في كل مرحلة من مراحل النمو العقلى ( مدحت الكناني، أحمد الكندري ،1992) .
إن المراحل المقترحة لم تعد تربط بالعمر ربطا شديدا ، كما كان الحال من قبل ، في أعمال بياجيه المتأخرة . إن الاحتفاظ بمادة التكوين ، مثلاً ، يظهر عند الأطفال في أعمال مختلفة ، أضف إلى ذلك أن ظهور القدرة على الاحتفاظ عند الطفل بشكل متدرج وهى تختلف من خاصية إلى أخرى . إن الفروق الفردية في نمو المفاهيم عند الأطفال يجب أن تؤثر تأثراُ كبيراً على تصميم المنهج من قبل المعلم الذي يعرف مراحل النمو العامة للأطفال .
ربما يكون أكثر إدعاءات "بياحيه" إثارة للجدل هو أن النمو عملية تلقائية ، فالأطفال كما يقول ينمون بنيا معرفية على مسئوليتهم دونما تعليم من الكبار وأكثر الأمثلة غير القابلة للنقاش حول التعلم التلقائي تأتي من ملاحظات "بياجيه" للأطفال الذين حققوا تقدما عقليا ضخما ببساطة من خلال إستكشافاتهم للبيئة قبل أن يتحمل أي فرد عنا تعليمهم ، وما أن تبدأ تعليمهم إلا ويبدو أننا نخنق حبهم للإستطلاع . في المدرسة يكون الأطفال غير مهتمين وكسولين ومتمردين وخائفين من الفشل ، المهمة الرئيسية للتعليم كما يبدو وهى أن يطلق جسارة حب الاستطلاع التي تدخل الأطفال للحياة .
عندما قال "بياجيه" أن الأطفال يتعلمون بمعرفتهم لم يقصد أنهم يتعلمون في فراغ فالاطفال الآخرون يمكن أن يستثيروا ويتحدوا تفكيرهم ويبدوا أن الكبار بإمكانهم أن يفعلوا الشىء نفسه ، لأن بياجيه لم يعتقد أن الإنتاجية الأفضل تأتي عن طريق محاولة تعليم الأطفال الإجابات الصحيحة، وبدلا من ذلك فإنه إعتقد أن التعليم الحقيقي يأتي عن طريق الخبرات التى ترفع من فضولية الطفل وتوفر له فرصة العمل من أجل الوصول إلى الحلول على مسئوليتة ومع ذلك فإن كثيرا من علماء النفس خصوصا علماء النفس الأمريكين من أصحاب الإتجاه الخاص بنظريات التعلم يعتقدون أن تعليم الكبار أهم مما إعتقد "بياجيه" .
أضاف "بياجيه" (Piaget, 1970) ، بعض الأفكار المرتبطة بالموضوع فنحن أحيانا نفترض أن النمو التلقائي غير مرغوب لبطئه ، في حين يبدو التعليم المباشر أفضل بسرعته اشار "بياجيه" إلى تجارب جروبر على صغار القطط للأحتفاظ بالأشياء والتى وجد فيها أن هذه القطط تحقق تتابع بقاء الأشياء بمعدل أسرع بكثير من أطفال الإنسان ثم لا يحدث أى تقدم بعدها وتساءل "بياجيه" عما إذا كان البطء في التقدم ... يمهد لتقدم أكبر في النهاية لاحظ "بياجيه" أيضا أن دارون إستغرق وقتا طويلا بشكل ملحوظ ليكون افكاره الأساسية وتساءل "بياجيه" عما إذا كان البطء أحيانا يعتبر شرطا للتوصل إلى نتائج مثمرة ، وهكذا تساءل "بياجيه" عن الإفتراض بأن البطء غير مرغوب فيه ، وفكرنا بالإضافة إلى ذلك في أن كل طفل ينبغي أن يكون له معدله الأمثل الخاص به ‎لتحقيق الإنتقال عبر المراحل . (وليام كرين، 1996:172) .
خلال العقدين الأخيرين ، عدد من علماء النفس الذين أجرى كثير منهم دراسات التدريب مثل ( Gelman, 1969) ركبوا موجة هجوم آخر ، يقولون فيه بأن "بياجيه" جعل الطفل الصغير يبدو أحمقا من الناحية المعرفية، إن وصف "بياجيه" لطفل ما قبل العمليات بصفة خاصة ركز على نواقص أو عيوب هذا الطفل ، مثلا فشله في الإحتفاظ ، التصنيف ، تمركزه حول الذات وغيرها ، هذه الصورة كما يقول النقاد تذهب بعيدا في سلبيتها وتشاؤمها وهم يعتقدون أننا لو بسطنا مهام "بياجيه" أو جعلناها أكثر مألوفية للأطفال أو قدمنا للأطفال الأنواع المختلفة من التدريب المسبق عليها ، فإن هؤلاء الأطفال يظهرون الكثير من الإمكانات العقلية للأطفال الأكبر وكذلك البالغين .
وقد رد "بياجيه" على هذه الاتهامات باختصار في أواخر أعماله ، واشار (Piaget, 1970) إلى أن تفكير طفل ما قبل العمليات يحتوى على بعض العناصر الإيجابية ، على سبيل المثال ، الأطفال في هذه الفترة يتعرفون على الهوية وبطريقة كيفية مثلا يتعرفون على حقيقة أنهم هم نفس الأشخاص الذين كانوا صغارا ومع ذلك فلقد إستمر "بياجيه" في القول بأن تفكير طفل ما قبل العمليات بصفة عامة ما قبل منطقي - جامد - مرتبط بالمدركات - غير قابل للإنعكاسية - مملوءة بالأخطاء ، وهكذا فإنه لم يصدر أي إستجابة قوية على ما اتهم به من أن وجهة نظره حول تفكير ما قبل العمليات كان سلبية ومتشائمة ( وليام كرين ، 1996: 175).
وباختصار لقد صور "بياجيه" أطفال ماقبل العمليات بشكل سلبى مركزا على نواقص المنطق لديهم ومع ذلك فإن أفضل طريقة لتعديل الصورة ليست بالضرورة من خلال تتبع منتقديه ومحاولة بيان أن تفكير هؤلاء الأطفال هو اقرب إلى المنطق مثلنا ، بل إننا في حاجة إلى أن نضع في إعتبارنا إمكانية أن يكون تفكير هؤلاء الأطفال له صفاته الخاصة وفعالياته المميزة .
وإذا كان "فرويد " يؤكد على نمو العمليات الدافعية والانفعالية كالدوافع الجنسية والمشاعر المتصلة بها ، فإن بياجيه يركز على النمو المعرفي ، أى على العمليات العقلية المميزة للنمو من الطفولة حتى المراهقة والرشد . وتتسق وجهة نظر بياجيه وفرويد مع اتجاه داروين في التكيف. فهو ينظر إلى السلوك كعملية تكيف مع الحياة ، يؤكد الفرد عن طريقها حالة التوازن بين نفسه وبين البيئة . فالتغيرات التي تحدث في البيئة تؤدي باستمرار إلى اضطراب هذا التوازن . ومن الممكن أن يعود الفرد إلى حالة التكيف فقط من خلال تغييره لنفسه (أي المواءمة مع البيئة ) أو معالجة البيئة (التمثل) وينمو التفكير من خلال عملية التغير التكيفي المستمر بين الفرد والبيئة . ويشترك بياجيه مع نظرية التحليل النفسي في محاولة تفسير السلوك الإنسانى داخل نظام واحد وتجنب المعطيات الكمية (المرجع نفسه :626).
ومن الواضح أن التركيز المطلق على النمو المعرفي في شأنه أن يغفل عناصر أساسية في الشخصية تكون متضمنة في موضوعات الدافعية والانفعال أو في السلوك الاجتماعي . وبالمثل فأن الاهتمام المطلق بنمو العمليات الدافعية والوجدانية الاجتماعية من شأنه أن يغفل النشاط المعرفي . أن ما تتطلبه هو قيام نظام في التفكير يحتوى على جميع المظاهر الأساسية للشخصية في اطار نمائي (لازاروس ،1989).


رابعاً : نظرية كولبرج في النمو الأخلاقي
بينما كان "كولبرج" Kolhlberg, 1958- a) ( يواصل دراساته العليا ، تأثر بعمق بدراسات بياجيه حول النمو الأخلاقي ، حيث كان يرى أن بياجيه وجه حديثه للأطفال نحو أمور أساسية في فلسفة الأخلاق ، كما كان يعبر بصدق عن تفكيرهم الحقيقى ، وفي نفس الوقت فقد بدا له أن عمل بياجيه لم يكتمل، حيث يمكن وضع النتائج الأساسية لبياجيه حول الحكم الأخلاقي لدى الأطفال في نظرية ذات مرحلتين . الأطفال الأصغر من العاشرة أو الحادية عشر يفكرون في القضايا الأخلاقية في اتجاه واحد ، الأطفال الأكبر من ذلك يأخذون في اعتبارهم أمورا مختلفة . الأطفال الصغار يعتبرون قواعد الأخلاق أشياء ثابته ومطلقة ، أنهم يعتقدون أن القواعد تصلهم من الكبار أو من الله وهم لا يملكون لها تغييرا ، الأطفال الأكبر نظرتهم أكثر واقعية ونسبية ، إنهم يتفهمون أنه من الممكن أو قد يكون من المسموح به تغيير القواعد لو حظي التغيير بموافقة الجميع ، فالقواعد ليست مقدسة ولا مطلقة ولكنها وسيلة يستعملها الكبار للتعاون فيما بينهم .
وفي نفس الوقت تقريبا أي في حدود العاشرة والحادية عشر من العمر يتعرض التفكير الأخلاقي للأطفال لتحولات أخرى ، فالأطفال الأصغر يبنون أحكامهم الأخلاقية على النتائج في حين أن الأطفال الأكبر يبنون أحكامهم الأخلاقية على النوايا والأهداف .
مراحل كولبرج في النمو الأخلاقي :
المرحلة الأولى : التوجه نحو الطاعة والعقاب :
فالطفل يفترض أن هناك سلطات قوية تفترض عليه مجموعة ثابتة من القواعد التي يجب أن يطيعها دون نقاش الطفل عادة يستجيب في إطار النتائج المتضمنة شارحا أن السرقة عمل سيء لأنه يتلوها أن تنال عقابك (Kohlberg, 1958 b) إنه من الممكن أن تجد طفلا يدعم هذا الحدث لكنه لايزال يستخدم تفكير المستوى الأول مثل هذا الطفل قد يقول يمكن أن يسرق دون أن يعاقب ويسمى "كولبرج" المرحلة الأولى "ماقبل الإتفاق" لأن الأطفال لا يتكلمون حتى الآن كأعضاء في المجتمع ، بل لأنهم يرون الأخلاق كشئ خارجي عن أنفسهم ، شئ كبير يقول الكبار أن عليهم إتباعه.
المرحلة الثانية : التفرد والتبادل
في هذه المرحلة يتعرف الأطفال على أنه ليست هناك وجهة نظر واحدة صحيحة تأتيهم من سلطة ما ، لكن هناك وجهات نظر مختلفة لأفراد مختلفين فقد يشيرون إلى أنه من الصحيح أخذ الدواء في حين أن موقف الصيدلى ليس صحيحا ، وطالما أن كل شيء نسبي فإن كل فرد حر في أن يتابع تحقيق إهتمامه .
لعلك قد لاحظت أن الأطفال في المرحلتين الأولى والثانية ليتكلمون حول العقاب ومع ذلك فإنهم يدركونه بشكل مختلف ففي المرحلة الأولى يرتبط العقاب بالخطأ ، العقاب يثبت أن عدم الطاعة خطأ . على العكس في المرحلة الثانية ، العقاب ببساطة مخاطرة ، على الإنسان أن يتجنبها بطبيعته. وعلى الرغم من أن المستجيبين في المرحلة الثانية يبدون وكأنهم غير أخلاقيين ، إلا أننا نجد لديهم إحساس بما هو صحيح ، هناك فكرة عن التبادل العادل ، هذه الفلسفة تقوم على المصالح المتبادلة " لو ضربتني على ظهري أضربك على ظهرك ".
المرحلة الثالثة : العلاقات الجيدة بين الأشخاص
في هذه المرحلة يكون الأطفال على وشك الدخول إلى المراهقة عادة ، ويرون الأخلاق أكثر من كونها تعامل بسيط ، إنهم يعتقدون أن الناس ينبغي أن يعيشوا لتحقيق توقعات الأسرة والمجتمع وأن يسلكون بشكل صحيح . السلوك الصحيح يعني دوافع صحيحة ومشاعر متبادلة بين الأشخاص مثل الحب والتعاطف والثقة والاهتمام وغيرها .



يتبع