عقد انشاء شركة مضاربة
عرف فضيلة الشيخ/ خالد بن علي المشيقح أقسام شركة العقود وحكمها:
العلماء رحمهم الله يقسِّمون شركة العقود إلى خمسة أقسام ويختلفون فيها من حيث الجواز وعدمه، لكن الصواب أن هذه الأقسام الخمسة كلها جائزة وهي على سبيل الإجمال:
العلماء رحمهم الله يقسِّمون شركة العقود إلى خمسة أقسام ويختلفون فيها من حيث الجواز وعدمه، لكن الصواب أن هذه الأقسام الخمسة كلها جائزة
فشركة المفاوضة أن يفوِّض كل واحد منهما للآخر كل عمل مالي من أعمال الشركة.
هذه الأقسام هي التي يذكرها العلماء في الزمن السابق.
شركة المساهمة التي توجد الآن مثلاً: شركة الاتصالات شركة مساهمة؛ شركة سابك شركة مساهمة … إلخ.
شركة المساهمة: هي شركة ينقسم رأس مالها إلى أسهم متساوية؛ وهذه الأسهم يمكن تداولها حسب النصوص المتفق عليها، فهي عبارة عن شركة بين اثنين فأكثر في رأس المال والربح.
وهذه كما يتضح من تعريفها لا تخرج عن أقسام الشركات السابقة التي ينص عليها العلماء رحمهم الله؛ لكنها تتميز أن أسهمها تكون متساوية؛ مثلاً السهم بألف ريال أو بألفي ريال … إلخ؛ والربح يُقَسَّم على المساهمين حسب ما يكون متفقاً عليه … إلخ.
ويقول د. عبدالعظيم إصلاحي
باحث بمركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي
النصوص الشرعية والفقهية لعقود المضاربة
· القرآن: لا يوجد ذكر للمضاربة.
· السنة: عمل الرسول وتقريره صلى الله عليه وسلم.
ورواية ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال، كان العباس بن عبد المطلب إذا دفع مالاً مضاربة اشترط على صاحبه أن لا يسلك به بحراً ولا ينـزل به وادياً ولا يشتري به ذات كبد رطبة، فإن فعل فهو ضامن ، فرفع شرطه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجازه (رواه البيهقي 6/111) .
- وثابتة بالإجماع
والمضاربة كانت في التجارة فقط ولا يوجد مثال غير التجارة في العصر الأول حتى قبل العصر الحالي ، فبعض الفقهاء اشترطوا أن يكون العمل تجارة ، ولا توجد تفاصيل للمضاربة في العصر النبوي ولا في عصر الصحابة لا حديث ولا أثر ، وموقف الفقهاء متباين وليس واحداً ، فقد قالوا :
- والحقيقة أنها نوع من الشركة - شركة بين العمل ورأس المال .
وفي المضاربة لا ضمان لرأس المال .
ومنعوا أن تكون الوضيعة (الخسارة) عليهما بدليل "أن الوضيعة جزء هالك من المال فلا يكون إلا على رب المال" فقط (وهي مقدمة ليست خالية من الخلاف) .
العنصر الثاني : مناقشة
لنفترض أن رأس المال في المضاربة مليون ريال ، ونسبة الاشتراك في الربح 50% لكل فريق .
فتظهر إحدى ثلاث حالات:
يبدو من هذا أن المضاربة شركة عادلة في حالة الربح، ولكنها غير عادلة في حالة عدم الربح، و حالة الخسارة.
وأيضاً هب أن العقد كان لثلاث سنوات و حصل الربح في السنة الأولى مائة ألف، ولم يحصل ربح و لا خسارة في السنة الثانية، وحدثت الخسارة في السنة الثالثة مائة ألف. فإذا شرط توزيع الأرباح و الخسائر في نهاية كل عام فيكون الحال كما ذكر في السنة الأولى يربح كلاهما ، والسنة الثانية لا يجد المضارب شيئاً ولا يخسر صاحب المال ، وفي السنة الثالثة لا يحصل المضارب على شيء ويقل رأس مال المستثمر .
وأما إذا كان الشرط توزيع الأرباح و الخسائر في نهاية العقد فالنتيجة تكون غير ما ذكر ، يعني لم يربح أحد ولم يخسر.
هناك تساؤلات عديدة من ناحية العدل في هذا التوزيع:
إذن ما هي خسارة المضارب إذا نقص رأس المال (في الحالة الثالثة) ، هل هو نفس الربح المتوقع ؟ فهذا يبدو غير عادل .
إذا كانت نسبة الربح مثلاً 99% للمضارب و1% لرب المال ، فهل من المعقول أن تكون جميع وضيعة رأس المال على الذي يربح 1%، ولا وضيعة على الذي يأخذ 99% من الربح ؟
العنصر الثالث: هل يجوز للبنك الإسلامي بوصفه مضاربًا أن يشترك في تحمل الخسارة؟
وذلك لأن :
معايير الضبط للمؤسسات المالية الإسلامية
معيار المضاربة
مقدمة :
يصدر هذا المنشور في إطار السعي لتوحيد التقارير المالية للمصارف . وهو خاص بمعيار المضاربة . المضاربة هي شركة في الربح بين المال والعمل وتنعقد بين أصحاب حسابات الاستثمار ( أرباب المال ) والمصرف ( المضارب ) وذلك على اقتسام الربح حسب الاتفاق وتحميل الخسارة إلى رب المال إلا في حالات تعدى المصرف أو تقصيره أو مخالفته للشروط فإنه يتحمل ما نشأ من خسارة بسبب ذلك . وتنعقد أيضاً بين المصرف (بصفته صاحب رأس المال بالأصالة عن نفسه بالنيابة عن أصحاب حسابات الاستثمار ) وبين العملاء من رجال الأعمال .
إن المضاربة تعتبر الركيزة الأساسية للعمل المصرفي الإسلامي سواء في علاقته بأصحاب حسابات الاستثمار أو في علاقته بطالب التمويل منه مضاربة ولكن أظهرت الدراسة الميدانية قلة التعامل بصيغة المضاربة بين البنك وطالب التمويل نظراً لعدم إمكانية تدخل المصرف في عمل المضارب بالشكل الذي يضمن سلامة استخدام الموال المسلمة إليه ، وعلاجاً لذلك فإنه يلزم توفير معلومات موثوق بها عن التصرفات في أموال المضاربات يهدف معيار التمويل بالمضاربة إلى وضع القواعد المحاسبية التي تحكم الإثبات والقياس والإفصاح عن عمليات المضاربة التي تجريها المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية . وعلى المصارف الالتزام التام بها وتطبيقها وفقاً لما يرد في هذا المنشور الصادر استناداً على معيار المحاسبة المالية رقم (4) الذي أصدرته هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بالبحرين .
ينطبق هذا المعيار على عمليات التمويل بالمضاربة التي يقوم بها المصرف بصفته رب المال ، وعلى العمليات المتعلقة بالمال الذي يقدمه المصرف لاستخدامه مضاربة منذ بدايتها وحتى نهايتها ، سواء كان رأس مال المضاربة من أموال المصرف الذاتية ، أم من أمواله التي خلطها بحسابات الاستثمار المطلقة ، أم من أموال حسابات الاستثمار المقيدة كما ينطبق هذا المعيار على العمليات المتعلقة بحصة المصرف في أرباح المضاربة أو خسائرها .
من جماع ماتقدم
مع موضوع كتابة العقود الموجود فى قسم العقود
ارى انه يمكنك كتابة العقد المنشود
كتاب المضاربة
المضاربة لغة و اصطلاحاً
وتسمّى قراضاً عند أهل الحجاز. والأوّل من الضرب؛(1) لضرب العامل في الأرض لتحصيل الربح ، والمفاعلة باعتبار كون المالك مسبباً (سبباً)له والعامل مباشراً .
(1) - للضرب معان مختلفة حقيقةً ومجازاً، وقد استعمل في القرآن الكريم في معناه الحقيقي في قوله تعالى: «واضربوهنّ»(1) وفي معناه المجازي في قوله تعالى: «ضربتم في سبيل اللّه»(2) و «فضربنا على آذانهم»(3) و «كذلك يضرب اللّه الحقّ والباطل»(4) و «وليَضْرِبْنَ بخُمُرهنّ على جيوبهنّ»(5) و «فاضرب لهم طريقاً في البحر يَبَساً»(6) و «فضُرِبَ بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة»(7) و «وضربت عليهم الذِلّة والمسكنة»(8) «إن أَنتم ضربتم في الأرض»(9) و «كيف ضرب اللّه مثلاً»(10) و... .
والثاني من القرض بمعنى؛ القطع؛(1) لقطع المالك حصة من ماله و دفعه إلى العامل ليتّجر به (2).
واستعمل هنا في معناه المجازي بمعنى: «الضرب في الأرض» أو بمعنى: «ضرب كل منهما فى الربح بسهمه»، كما عن التذكرة(11) والمسالك(12) و قداستعمل بصيغة المفاعلة وهي كما قيل للمشاركة، فيقع التساؤل عن صدق الشركة؛ لأنّه لو كان بمعنى الضرب في الأرض، فهو يصدق بالنسبة إلى العامل دون المالك . أللّهم إلّا أن يقال: العامل ضارب في الأرض مباشرة والمالك ضارب سبباً أو يقال: كلّ منهما يضرب الربح بسهمه. ولكن الحق كما قيل: إنّه لا أساس لما اشتهر من أن هيئة المفاعلة وضعت للدلالة - خاصة - على صدور المادة من اثنين؛ لصدق طالعت وتابعت وباركت وناولت وسافرت وغيرها مما لا شركة فيها أصلاً بل، الهيئة فى هذا الباب تستعمل في السعي في العمل الذي قد يقع وقد لا يقع نحو قوله تعالى: «إنّ المنافقين يخادعون اللّه وهو خادعهم»(13).
(1) - القرض ورد في كتب اللغة لمعان متعددة يجمعها القطع؛ قال الفيومي في مادة قرض: «قرضتُ الشيء، قرضاً، من باب ضَرَبَ؛ قطعتُه... قَرَضَ الفأرُ الثوب، قَرْضاً؛ اَكَلَه، وقرضتُ المكانَ؛ عدلت عنه..، وقرضتُ الواديَ؛ جُزْتُه، وقرض فلانٌ؛ مات، وقرضتُ الشِعْر؛ نظمته...»(14)
(2) - بل لعله بعناية قطع المالك حصة من الربح ودفعه إلى العامل كما ذكره العلامةرحمه الله(15)؛ لأنّه لايقطع قطعة من ماله للعامل بل، يقطع قطعة من الربح له و إنّما يدفع قطعة من ماله إلى العامل أمانة لا تمليكاً .
وعليه؛ العامل مقارض بالبناء للمفعول،(1) وعلى الأوّل مضارب بالبناء للفاعل.
و كيف كان، عبارة عن: دفع الإنسان مالاً إلى غيره ليتّجر به على أن يكون
وقد يستشعر من كلام ابن الأثير عناية اُخرى ؛ لأنه نقل عن الزمخشري في توضيح حديث الزهري: «لاتصلُح مُقارَضَةُ مَنْ طُعمته الحرام»؛ أنّه قال : «أصلها من القرض في الأرض، وهو قطعها بالسير فيها، وكذلك هي المضاربة أيضاً من الضرب في الأرض.»(16)
(1) - يكون على المعنى الأوّل للقراض وهو قطع حصة من الربح، المقارِض - بصيغة الفاعل - هو المالك والمقارَض - بصيغة المفعول - هو العامل، ولو استعمل بالعناية الثانية، وهو قطع الأرض كما نقل عن الزمخشري، فيكون المقارِض والمضارِب نفس العامل ، فيصح أن يعبرَ عن المالك بالمقارض بصيغة الفاعل والمفعول كالمضارَب، ولكن العبرة بالاستعمال في العرف واللغة ولذا قال الشيخ الطوسيرحمه الله: «والمضارِب بكسر الراء، العامل؛ لأنه هو الذي يضرب فيه ويقلبه وليس لرب المال اشتقاق منه»(17)، وقال صاحب الجواهررحمه الله أيضاً: «ولم نعث على اشتقاق أهل اللغة إسماً لربّ المال من المضاربة.»(18)
وأمّا كون المضاربة لغة عراقية كما انّ القراض لغة حجازية، فقد جاء في كلمات كثير من العلماء، منهم الشهيد الثانيرحمه الله(19) ولكنّ الواقع في الأحاديث المرويّة في كتاب «وسائل الشيعة» هو لغة المضاربة وما وردت في تلك الروايات لغة القِراض حتّى في واحد منها مع كون إلامامعليه السلام والسائلين في الحجاز وظرف المكالمة أيضاً هو الحجاز ، نعم، قد وجدنا موردين وردت فيهما كلمة «القراض» أحدهما في كتاب «مستدرك الوسائل» عن أبي عبداللهعليه السلام، أنّه قال: «ومن كان له عند رجل مالُ قِراض الربح بينهما، لا أن يكون تماالربح للمالك ولا أن يكون تمامه للعامل(1). وتوضيح ذلك: إنّ من دفع مالاً إلى غيره للتجارة، تارة: على أن يكون الربح بينهما، وهي مضاربة، وتارةً: على أن يكون تمامه للعامل، وهذا داخل في عنوان
فاحتضر وعليه دين فإن سمّى المال ووجد بعينه، فهو للذي سمى وإن لم يوجد بعينه، فما ترك فهو أسوة الغرماء»(20)، وثانيهما عن رسول اللهصلى الله عليه وآله: «ثلاث فيهنّ البركة؛ البيع إلى أجل والمقارَضة وإخلاط البُرّ بالشعير للبيت لا للبيع».(21) (1) - عرّفها العلّامةرحمه الله في التذكرة بقوله: «عقد شرع لتجارة الإنسان بمال غيره بحصّة من الربح.»(22)
فقد توهّم بعض بأنّ قوله: «بحصّة من الربح» يخرج القرض والبضاعة ؛ لانّهما والمضاربة تجارة بالمال المأخوذ من الغير ، غير أنّه إذا كان الربح للعامل فهو القرض، و إن كان لصاحب المال، فهي البضاعة، و إن كان الربح مشتركاً بينهما، فهي المضاربة.
وهذا كلام غير صحيح؛ لأنّهما لم يدخلا في التعريف حتى يخرجا بهذا القيد ؛ لأنّ البضاعة وإن كانت تجارة بمال الغير إلّا أنّها ليست عقداً شرعاً على الصحيح، والقرض وإن كان عقداً شرعاً إلّا أنّه لم يُشرع لتجارة الإنسان ؛ لأنّ الاقتراض يمكن أن يكون لغرض آخر غير التجارة ومنشأ هذا التوهم ما جاء في المتن من قوله: «من دفع مالاً إلى غيره للتجارة» ثم تقسيمه إلى ألاقسام المذكورة تبعاً لما ورد في كلام السابقين كالعلامةرحمه الله(23) والشهيد الثانيرحمه الله(24) وغيرهما، وإن كان كلامهمرحمهم الله أيضاً غير خال عن الخدشةلّا أنّه سالم عمّا يرد على قول المتوهّم ، فلا تغفل.
القرض إن كان بقصده،(1) وتارة: على أن يكون تمامه للمالك، ويسمّى عندهم باسم البضاعة،(2) وتارةً: لايشترطان شيئاً(3). وعلى هذا أيضاً يكون تمام الربح للمالك(4)، فهو داخل في عنوان البضاعة.
(1) - قيّده بقوله: «بقصده» لئلا يرد عليه ما ورد على كلام غيره، وهو أنّ كون الربح للعامل لا يستلزم أن يكون قرضاً ما لم يقصده المالك والعامل ؛ لأنّ القرض عبارة عن إنشاء تمليك المال بعوضٍ في الذمة مثلاً أو قيمة، وهو من العناوين الإنشائية ولايتحقّق إلّا بالقصد .
قال صاحب الجواهررحمه الله: «وفيه منع تحقق القرض... وقصد كون الربح للعامل أعمّ من ذلك، وإن كان هو من اللوازم الشرعية لملك المال. ودعوى الاكتفاء بقصد ذلك في تحققه؛ لفحوى الصحيح عن أبي جعفرعليه السلام عن أمير المؤمنينعليه السلام: «من ضمن تاجراً، فليس لهإلّا رأس ماله وليس له من الربح شيء»،(25) والموثّق عن أبي جعفرعليه السلام: «من ضمن مضاربه فليس له إلّا رأس المال وليس له من الربح شيء»(26) إذ كما أنّ التضمين من لوازم القرض فكذا الاختصاص بالربح، يدفعها أنّ المتجه بعد تسليم مضمونهما وعدم رجحان معارضهما عهما، الاقتصار على ذلك فيما خالف الضوابط الشرعية.»(27)
أقول: فالحقّ أنّ اشتراط اختصاص الربح للعامل أعمّ من القرض إلّا أن تكون هناك قرينة اُخرى سوى اشتراط اختصاص الربح للعامل.
(2) - هذا أحد القسمين من البضاعة.
(3) - وهذا قسمها الآخر ، فالبضاعة على قسمين؛ أحدهما ما اشترط فيه كون الربح للمالك فقط والآخر ما لم يشترط فيه شيء؛ لا كون الربح لواحد منهما ولا كونه لكليهما . (4) - وهذا بمقتضى قاعدة معروفة عند الفقهاءرحمهم الله وهي: تبعية الربح لرأس المال الذي
يعبر عنه بالأصل. ولنا أن نسأل عن مدرك هذه القاعدة، هل هو النص أو العام المتلقى والمستفاد من الموارد الخاصة، أو هي قاعدة عقليّة أو عقلائيّة مرتكزة في الأذهان، بحيث يساعدها الاعتبار والوجدان ؟ فلو أجيب بالأوّل أو بالثاني، فنحتاج إلى أن نلاحظ النص الدال عليها أو الموارد الخاصة التي اقتنصت هذه القاعدة منها، ومن المؤسف عليه أنه ليس عندنا ما يدل عليها من النص والعام المستفاد من موارد خاصة .
ولو أجيب بالثالث كما هو الظاهر من كلامهم، فهو محل التأمل والإشكال ولايسع لنا بنحو الإطلاق قبوله وتصديقه بدواً و عمياءً.
توضيح ذلك: انّه لو كان المراد من الربح معناه الخاص - أعني النماءات المتصلة والمنفصلة - فالقاعدة المذكورة ظاهرة وواضحة وكلام جيد من دون أن يحتاج إلى أدنى استدلال وبيان؛ لوضوح أنّ الثمرة ملك لمالك الشجرة، ونتاج البقر والغنم ملك لمالك البقر والغنم كما هو كذلك في شعرهما ووبرهما ولبنهما و...
ولكن هذا ليس محل الكلام بل، المبحوث عنه هنا هو جري القاعدة المذكورة في الأرباح التجارية والتوليدات الصناعية وغيرها، التي تحصل من رأس المال ؛ فنقول: إنه لا كلام في أنّ الاسترباح وتحصيل الزيادات في هذه الموارد كما يتوقّف على رأس المال، يحتاج إلى العمل أيضاً. نعم، قديكون تأثير العمل ومدخليته إلى جنب مدخلية رأس المال في مستوى ضعيف بحيث يُعدّ في هذا المجال رأس المال أصلاً واحداً ، و قديكون الأمر بالعكس ، ولأجل ذلك فإن كثيراً من المحطات التجارية تحتاج في كيانها وحياتها الاقتصادية إلى رجالات فعّالة، مبتكرة، متخصّصة، مديرة، متحملة سعة دائرة المسئولية لعملية الشركات والمصانع - والعمليات كلّها ليست على حدّ سواء بل تختلف وتتفاوت من جهات عديدة من حيث الأولوية والحساسيّة - ومَنِ الذي لايعرف أنّه يصعب لكثير من الناس والأشخاص الولوج والخروج بمحطات اقتصادية، لأنّها محفوفة بالمخاطر وعليهما(1) يستحقّ العامل أجرة المثل لعمله، إلّا أن يشترطا عدمه أو يكون
وتشبه بالأمواج المتلاطمة التي تغرق من وقع فيها بلا مهارة . وعلى هذا فإذا صمّم وقصد شخص، ليس له رأس مال، أن يبني مصنعاً حساساً ذا فوائد كثيرة وأرباح متزايدة ويتحمل مشاقه من تحصيل الجواز وموافقة المسئولين ومديرية المصنع وتهيئة المقدمات وتسوية الأمور التي يحتاج المصنع إليها، ولكن يأخذ من شخص آخر بعنوان رأس المال مبلغاً ويحدث مصنعاً يقوّم بأضعاف رأس المال، فإن شاءوا أن يقسّموا حصصهم من الربح، فهل يصح أن يقال: إنّ المصنع ملكٌ لمن له رأس المال وللعامل المتخصّص المدير الذي أوجد المصنع بسعيه وهمّته وشخصيته الفذة، سهم بقدر أجرة المثل فقط ولابدّ من أن يقتصر عليه لأنّ جميع ما حصل من المصنع وما يحتويه، ربح تابع للأصل وملك لمن له رأس المال؟ حاشا و كلّا ! ولايتفوه بذلك إلّا من كان غافلاً عن واقع الأمر وغير مأنوس للأمور المألوفة عند الناس. أضف إلى ذلك؛ أنّه كيف يحاسب مقدار أجرة المثل مع أنّ كثيراً من تلك الأعمال لا مثل له في الخارج ؟ إذ تلك الأعمال ليست من الأفعال البسيطة التي يقدر عليها كل شخص بل هي مولودةُ شخصيات الأفراد وروابطهم الشخصية والاجتماعية وتفكرهم وتدبيرهم ونفوذ كلامهم وهذه الأمور ليست لها مثيل حتّى يعيّن لها أجرة المثل فقط.
وبالجدير أن يعلم أنّ هنا بعض الناس معتقدون بأنّ الأرباح تابعة لعمل العمال، كما في مسألة الصيد والشبكة والسيارة لحمل المسافرين، وأمّا صاحب رأس المال ليس له إلّا رأس ماله وهو أجنبي عن الأرباح، فالزيادات كلّها حصلت نتيجة العمل لا رأس المال . ويقولون: إنّ النقود والفلوس لا تبيض ولا تَلِدُ. وهذا تفريط وكلام باطل في مقابل تلك الإفراط.
(1) - أي على القسمين من البضاعة، لأنه قد وقع الخلاف بين الفقهاء في أنه هل أنّ أجرة المثل للعامل ثابت في قسمي البضاعة أو في القسم الثاني منه فقط، وهو ما العامل قاصداً للتبرع. ومع عدم الشرط وعدم قصد التبرع أيضاً؛ له أن يطلب الأجرة، إلّا أن يكون الظاهر منهما في مثله عدم أخذ الأجرة، وإلّا فعمل المسلم محترم ما لم يقصد التبرع.
لم يشترط فيه شيء، و أنّه في القسم الأوّل - أي ما يشترط فيه كون الربح للمالك فقط - يقع العمل بلا أجرة أصلاً؟ قال صاحب الجواهررحمه الله في هذا المجال بعد نقل كلام العلامةرحمه الله في التذكرة «وإن شرطاه للمالك، فهو بضاعة. وإن لم يشترطا شيئاً، فكذلك، إلّا أن للعامل أجرة المثل» ما هذا لفظه: «إنّ ظاهر العبارة المزبورة، الفرق بين فردي البضاعة باستحقاق الأجر في الثاني دون الأول الذي نَسَبَ عدم الأجر فيه إلى ظاهر الأصحاب في الرياض بل، قال: «هو حسن، إن لم يكن هناك قرينة من عرف أوعادة بلزومه وإلّا، فالمتجه لزومه.» قلت: لايخفى عليك عدم وضوح الفرق بينهما إذ التصريح في الأوّل منهما، بكون الربح بأجمعه للمالك، أعمّ من التبرع بالعمل وعدم إرادة الأجر عليه. فالتحقيق حينئذ عدم الفرق بينهما وأن العامل يستحق الأجر فيهما.»(28)
والحقّ هو ما قاله صاحب الجواهررحمه الله وكلامه متين، وعلى هذا فعدم استحقاق العامل أجرة المثل لعمله مشروط بأحد شروط ثلاثة:
أوّلها: أن يشترط المالك أن يعمل العامل من دون أجرة المثل.
ثانيها: أن يقصد العامل التبرع في عمله.
ثالثها: أن يكون الظاهر من العمل في مثله عدم أخذ الأجرة.
وفيما سوى ذلك، فبمقتضى احترام عمل المسلم يستحق العامل أجرة المثل خصوصاً فيما إذا كان إتيانه بطلب من المالك.
الفصل الثاني:
في
شرائط المضاربة
ويشترط في المضاربة الإيجاب والقبول ويكفي فيهما كلّ دال قولاً أو فعلاً(1). والإيجاب القولي كأن يقول: ضاربتك على كذا وما يفيد هذا المعنى؛
الشرائط العامة في المضاربة
(1) - كان من الجدير أن يقول الماتنرحمه الله بدل ما قاله في المتن: إنّ المضاربة عقد كالعقود الاُخَر، ولابدّ في كلّ عقد من إرادة مفاده ومعناه قلباً و إبراز ذلك الأمر المقصود بالقول أو الفعل و إنشائه بذلك المبرز؛ لأنّ اللازم في كلّ عقد هو هذا المعنى، وإن لم يسمّ من جانب إيجاباً ومن جانب آخر قبولاً؛ إذ في بعض العقود لا يكون إلّا كذلك و لا يعرف ولا يميز الموجب من القابل؛ كما إذا كان العوضان معاً من الأمتعة ويرغب كل واحد من المتبايعين أن يعطي سلعته ويتصاحب سلعة الطرف الآخر من دون أن يكون أحد العوضين سلعة والآخر نقداً ثمناً لذلك، ومن دون أن يكون أحدهما أصليّاً والآخر فرعيّاً، حتّى يقال: صاحب السلعة أو الشيء الأصلي موجب وصاحب النقود أو الشيء الفرعي قابل، أو ما أشبه ذلك كالقول بأنّ القائل الأول موجب والثاني قابل. وبما قلناه يرتفع إشكال تعيين الموجب من القابل في بعض الموارد، كعقد التأمين؛ فإنهم قد بحثوا في أنّه هل الموجب هو مؤمّن أو المؤمّن له؟ فقال بعض كالمحقّق الخمينىرحمه الله: «يمكن أن يكون الموجب، المؤمّن والقابل المستأمن... وبالعكس»(29) وقال بعض آخر كالمحقّق الشيخ حسين الحليرحمه الله في بحوثه الفقهية غير ذلك،(30) فعلى ما بيناه لا مجال فيقول: قبلت . ويشترط فيها أيضاً د البلوغ والعقل والاختيار(1) وعدم الحجر لفلس(2) أو جنون(3)، أمور:
لهذا البحث أصلاً.
(1) - حيث إنّها من الشرائط العامة المعتبرة في كل عقدٍ، وقد بحث الفقهاءرحمهم الله عن هذه الشرائط في مبحث شرائط المتعاقدين من كتاب البيع.(31) وقد قال النبيصلى الله عليه وآله: «رفع عن أمتي تسعة: الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه...»(32) وعن عليّعليه الام: «إنّ القلم رفع عن ثلاثة، عن الصبي حتّى يحتلم وعن المجنون حتّى يفيق...»(33)
(2) - هذا شرط في المالك ؛ لأنّه هو المحجور عن التصرّف في أمواله دون العامل لصحّة العمل منه في حال كونه محجوراً.
(3) - المراد منه السفه ؛ وذلك بملاحظة اشتراط العقل قُبيل ذلك، والسفيه لاينبغي أن يكون مضارباً ولا عاملاً ويدل عليه قوله تعالى: «ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل اللّه لكم قياماً»(34) فلا وجه للتفصيل الذي ذكره المحقّق الخوئيرحمه الله(35) من عدم جوازكون السفيه مالكاً وأمّا العامل، فلا إشكال فيه.
الأوّل: أن يكون رأس المال عيناً؛ فلا تصحّ بالمنفعة ولا بالدين،(1) فلو كان له دين على أحد، لم يجز أن يجعله مضاربة إلّا بعد قبضه، ولو أذن للعامل في قبضه، ما لم يجدد العقد بعد القبض . نعم، لو وكّله على القبض والإيجاب من طرف المالك والقبول منه؛ بأن يكون موجباً قابلاً، صحّ. وكذا لو كان له على العامل دين، لم يصحّ جعله قراضاً إلّا أن يوكله في تعيينه ثمّ إيقاع العقد عليه بالإيجاب والقبول بتولّي الطرفين .