كلّ ما تريد معرفته حول اللغة الأمازيغية ومشكلاتها في الجزائر
كلّ ما تريد معرفته حول اللغة الأمازيغية ومشكلاتها في الجزائر
كلّ ما تريد معرفته حول اللغة الأمازيغية ومشكلاتها في الجزائر
المسألة الثقافية والأيديولوجية، ومشروع التعريب في دولة الجزائر:!!
يقول الدكتور التونسي المنصف وناس في كتابه الثقافة والمسألة الثقافية التونسية، أن العلاقة بين الثقافة والأيديولوجيا هي علاقة قارة “المسألة الثقافية هي السيطرة على المسائل الكبرى والمراجع الحضارية، وصياغة الوعي الجماعي الصياغة المتوازنة، فالمسألة الثقافية تمثل التعبير الأرقى عن معادلة ثلاثية الأطراف تجمع الماضي والحاضر والمستقبل”.
ومنه يناضل نشطاء الثقافة والهوية الأمازيغية بشكل عام، من أجل إعادة الاعتبار لهذه الهوية المفقودة – حسبهم – بإرادة سياسية، حيث راحت اللغة الأمازيغية ضحية الخيار الاشتراكي الذي تبنته الجزائر كأيديولوجيا سياسية واقتصادية بعد الاستقلال مباشرة، فالخيار الاشتراكي ألزم الرئيس أحمد بن بلة وبعده مباشرة هواري بومدين إلى الاتجاه نحو المشرق العربي لصياغة اشتراكية إسلامية، وأصبح المنادون باللغة الأمازيغية ضمن صف “الحركي” وضد “النهج الثوري” للأمة الجزائرية كما روج له آنذاك بوسائل الإعلام الحكومية.
كما تمكنت اللغة الفرنسية بعد الاستقلال مباشرة في الكثير من القطاعات الحيوية، حيث أن أغلب المؤسسات الإعلامية كمثال كانت مفرنسة، وبالتالي أصدرت الدولة الجزائرية قرارات لصالح مشروع التعريب سنة 1968 عبر فرض اللغة العربية بكل الإدارات والوزارات والهيئات الرسمية في البلاد، كل هذه القرارات جاءت نتيجةً لاعتبار أن العربية مرجع قوي للهوية، والعربية هي الوجه الثقافي للاستقلال والمكمل له، نظرًا للإقصاء الذي تعرضت له طيلة عقود الاستعمار الفرنسي.
فالرئيس الراحل هواري بومدين كان يعتقد بأن اللغة العربية هي أحد ملامح الثورة الثقافية، ووجب أن تستمر الثورة في بقية القطاعات، يقول في أحد خطاباته “إن التعريب هدف إستراتيجي مثل الأهداف التنموية الأخرى، وإن سياسة الدولة الجزائرية تسعى للقضاء على التبعية في الميدان الثقافي، مثلما قضت على التبعية في الميدان الاقتصادي، حتى يكتمل الاستقلال الوطني وتبرز الشخصية الوطنية”.
ويعرف عن الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، تحدّيه للغة الأمازيغية ورفضه المطلق لتعميمها على المستوى الوطني أو ترسيمها، حيث قال في خطاب شهير له بمدينة تيزي وزو (معقل سكان القبائل) في بداية ترؤسه للجزائر “إنه لن يجعل من الأمازيغية لغة وطنية إلا بعد استفتاء شعبي، ولن يتم ترسيمها ما دام هو رئيسًا للبلاد”، وأضاف بأن هؤلاء السكان – أي سكان المنطقة – يحاولون إفساد رئاسته للبلاد من خلال الفوضى، مرددا “لا أقبل الفوضى منكم، ويمكنني إقامة الفوضى بشكل أفضل، وأنتم المتضرر الوحيد منها”.
إلا أن الدستور الحالي عرف تغيرًا عميقًا في هذا الشأن، جعل من الأمازيغية لغة وطنية ورسمية دون المرور على الاستفتاء الشعبي كما وعد بذلك رئيس البلاد عبد العزيز بوتفليقة، ما الذي تغير إذن في معادلة السلطة والهوية الأمازيغية؟ يبقى هذا السؤال مطروحًا وخاضعًا لمكونات صناع القرار، وستجيب عليه القراءة العميقة للتغييرات الحاصلة في هرم السلطة بالجزائر خلال السنوات الأخيرة... ...
الخاتمة : الأمازيغية ضحية صراع أيديولوجي.
في النهاية وبعد متابعة وتحقيق وتدقيق لمسار الأمازيغية كلغة وثقافة وأيديولوجية، يمكن القول أن هناك ثلاثة أصناف من الذين يناقشون اليوم هوية الأمازيغ؛ صنف متشبع بالشخصية الجزائرية يسعى إلى تقريب الأمازيغية من العربية والتمكين لها كلغة لا أيديولوجية، في حين يوجد صنفان متطرفان يسعى كل واحد منهما إلى إقصاء الآخر، فالأول يرفض العربية لأنها لغة الإسلام استعمرت أرضه منذ قرون، والثاني يرفض تمازيغت لأنها مرتبطة حسبه بالزواف الحركي .. وهم جيش من سكان القبائل تحالف مع الاستعمار الفرنسي لاحتلال الجزائر في السنوات الأولى من الاحتلال ((1830-1870)).
ولعل الأخطر من هذا وذاك، هو أن المسافر من مدينة بجاية تجاه العاصمة الجزائر على طول 250 كلم يلحظ لافتات المرور كيف صنع منها بعض المتطرفين علاقة حميمية بين الفرنسية والأمازيغية، في حين تحذف العربية وتبقى لغة الاستعمار إلى جانب لغة التاريخ القديم بالحرف الفرنسي، وبالتالي نحن أمام خطرين؛ إما اللغة الفرنسية أو أمازيغية بحروف فرنسية في هذه المنطقة! ففي النهاية هناك تمكين للفرنسية شكلًا ومضمونًا!!
ونختم كل هذا بدعوة الدكتور عبد الجليل التميمي إلى ضرورة استجلاء الخلفيات والعمل بخطة استشرافية لهذا الملف المعقّد حيث يقول ، ومن هذا المنطق نقر بأن الملف الأمازيغي قد حظي باهتمام بالغ من قبل النخبة الأمازيغية المحلية بالمغرب والجزائر وبأوروبا، وحديثا بليبيا وتونس، حيث حظي انطلاقا من منتصف القرن التاسع عشر باهتمام نوعي من قبل السلطات العسكرية الفرنسية بالجزائر والتي عدته أحد الأولويات الثقافية في أجندة السياسة الاحتوائية للشعبين الجزائري والمغربي. وقد تقاطعت التحاليل والمواقف المحلية والفرنسية تجاه هذا الملف الذي يصفه البعض بأنه قنبلة موقوتة وقابلة للانفجار في أي وقت وحين.
كما يضيف دائما التميمي “والواقع يفرض على جميع الباحثين المستقلين فكريا العمل على استجلاء الخلفيات التي انبنت عليها مواقف كل طرف، واقتراح خطة طريق استشرافية لهذا الملف الذي يحتل مكانة جديدة في حياتنا السياسية والأدبية والثقافية في هاته الفترة الزمنية الحرجة.