البنية الزمرية موقع الفلسفة



العفاء والاندثارتتزامن مع ( الاثافي والقباب تتزامن مع حركة واندفاع الناقة )
= ( العفاء والاندثار تتزامن مع الاثافي والقباب) تتزامن مع حركة واندفاع الناقة
= ( حياة مفعمة في الماضي ) تتزامن مع حركة واندفاع الناقة
= ( الاسى ومغالبة الاسى )
واذا ما عكسنا الصورة فسنحصل على النتيجة ذاتها التي تضبط دلاليا . وهكذا مع أي ثلاثة عناصر .
فالعلاقة التزامنية هنا تجميعية . ونصل مع الباحث وباستخدام تحليله الرائع الى ان البنية هنا هي زمرة ومن السهولة اثبات وعلى المستوى الدلالي ايضا وطبقا لمنطق الحركات الثلاثة بصورتها التي قدمها البحث او بضم عناصرها مجتمعة في دعامة واحدة بان هذه الزمرة إبدالية .
ذكرنا بان الباحث بَشّرَّ ببنية توليدية اولية ، وقد ارجأ الصفة التوليدية الى مستوى ثان من البحث ، ويهمنا الان الصفة الاولية لهذه البنية . وقد علقنا على ذلك في بداية مناقشتنا للتحليل ولكن بشئ من التعديل على المستوى المفاهيمي سنجد ان الصفة الاولية التي تتوافر عليها الزمر الاولية متوفرة بالتحليل . حيث ان الباحث افرد عناصر التحليل وهي ذات صفة نهائية finite يمكن الالمام برتبتها واظن هذا ما يفصح عنه مقترحه الرمزي للبنية بذكر العدد 3 بمعنى ان للبنية رتبة ورتبتها هي الثالثة بدلالة عدد عناصرها ( = عدد الحركات في تحليله ) ، كما نجد ان هذه الرتبة وهي توازي الحركة الثالثة في تسلسلها وفي كونها ناتج عن تزامن الحركتين المتناظرتين الاولى والثانية ما يسفر عنه شئ اولي . أي ان الناقة ليس بذاتها بل بحركتها التي انقضّت على الاسى بمغالبته في وجدان الشاعر . فالزمرة اذن اولية لا بالمعنى التراتبي ، او عند مستوى معين قابل للاستمرار بل بالمعنى المفاهيمي الدقيق . زمرة اولية ليس بمعنى زمرة غير معقدة ،بل هذه صفتها ولها ذات الاهمية التي لصفة الزمرة الابدالية على مستوى حزمة المفاهيم .
ينتقل بنا الباحث الى مستوى آخر من التحليل اسماه ( بُعد آخر لنص المرقش وهو البنية التوليدية Gs3 ) مرة الاخرى الرمز غير موفق وان اختلف مع السابق له برفع الشارحة وليس من دلالة في ذلك . وصف الباحث المكان والزمان كظاهرتين مطلقتين ( هي علاقة بين القبل والبعد ، أي اكتناه لعملية التغيير في صيغة مطلقة لها ) اذ ( تتنامى جزئيات صورة الناقة لتشكل رمزا طاغيا للخروج على الزمنية ) اما المكان ــ الديار الدارسة ــ ( مطلقة ، أي غير محدودة بزمان ومكان او مكان معين ) . ويبرهن في اثناء ذلك ان الزمان لازمني والمكان ليس بمكان جغرافي بعينه . ولكن عند المستوى الاخر من التحليل يقرر لعنصري الزمان والمكان فاعليتهما وحضورهما القوي ، اذ ( بدأ النص تجسيدا حادا لفاعلية الزمن : فاعلية عبور المواسم وانقلابها بحيث تنتج اللحظة الحاضرة التي يفصح عنها الفعل عفا الذي تتزاوج فيه عملية التغير باللحظة الراهنة ، لكن النص استمر يتحرك في الزمن ليكثف عملية التغير في الفعل أمست والظرف بعد ... يد ان فاعلية الزمن تكتسب تجسدها الاساسي لا في صورة زمنية فقط ، بل في لغة المكان ، ومن الشائق ان المقدم في النص هو المكان لا الزمان .. وتتنامى التفاصيل المكانية لتطغى على النص : الدار.. رسمها ، الاثافي ومبنى الخيم ، دارا خلاءا ، مقفرة ، بها ، بها ، لهم قباب ، لكنها تظل وجودا غارقا في سياق الزمان ،ولاتنفصل عنه اطلاقا ، بيد ان الدال في النص هو المكان ، كما كنت اشرت ، عائم نسبيا ، لاجغرافي على مستوى الواقع .. وهكذا يمكن القول هو ايضا حركة في الزمان فقط ، قابل للانتماء الى أي لحظة زمنية ) ص(17ــ19).
هنا الباحث يعيد ترتيب بحثه باظهار عنصري المكان والزمان اللذين كان حظهما الاقصاء في تحليله الاول ، ليس بداعي الاهمال أو الغفلة عنهما ، بل أن قراءة جديدة تسمح بالكشف عن بنية أخرى داخل القصيدة . القراءة الجديدة الممهدة لتحليل بنيوي آخر لايشي بوجود تناقض. ويكون الامر مقبولا لو وضع العنصرين المذكورين في الحركات الثلاثة المتقدمة حيث ان بنيوية بنية القصيدة اعني شروطها متلازمة مع عناصرها ، وبالتالي يكون من الثابت في الاعتبار العناصر ذاتها ، في كل مراحل التحليل وان لم يحظ جزء منها بخصوصية تتمتع بها ففي مرحلة لاحقة يكون من الضروري الكشف عنها كما هو الحال مع عنصري الزمان والمكان . هذان العنصران ومن سياق التحليل يمكن عدهما مجموعة جزئية من عناصر القصيدة الا انهما عنصران يكثفان عناصر اخرى في داخلهما ما يعني ان التحليل يسمح بتعيين عناصر هي بدورها مجاميع جزئية لو نظر اليها منفردة . فالزمان والمكان يشكلان مجموعة جزئية مزودة بالعملية التزامنية ، وهكذا يستقيم وعي البنية . وحقا انهما يولدان العناصر الاخرى ولكن بمعنى دون معنى اوضحه الباحث فيما اخترت لك من نصه التحليلي . اذن اعادة التصور التحليلي هنا يتطلب فرز زمرة جزئية تكون مولدة وحسب لغة الباحث بنية توليدية . وان الامر فيما يتعلق بهذه الجزئية لايكتفى بتعيين بضعة عناصر لتشكل زمرة انما ينبغي الاستمرار في التدقيق فيما اذا كانت ان العلاقة التزامنية بين المكان والزمان مغلقة؟ واذا كانت كذلك : ما هو نظير المكان ؟ وما هو نظير الزمان ؟ وأي عنصر منهما يمثل محايد الزمرة ، وهل العلاقة التزامنية في هذا النظام الثنائي ، الخاص ، علاقة تجميعية ؟
واضح ان الاجابة على هذه الاسئلة يتوجب ان يكون ايجابيا ومبرهنا عليه، هذا من جهة . ومن الجهة الثانية كيف يمكن استيفاء الشروط التي حملتها التساؤلات المتقدمة بوجود عنصري الزمان والمكان فقط . يستقيم هذا الامر فقط اذا اعتبرنا احدهما عنصرا محايدا( = مراوحا ) الا ان ذلك يوقعنا في اشكال لايمكن الخروج منه بنتيجة صحيحة ، لان في هذه الحالة ستكون النظائر محايدة هي الاخرى وبالتالي سنعود خالي الوفاض من رحلة التحليل لما اسماه الباحث بالبعد الاخر للنص . ونعود مجددا الى ما أقر في التحليل الاول الذي اثبت ومن وجهة نظر دلالية أطلاقية الزمان والمكان معا . والخروج من هذا التناقض يكمن في مركز الزمرة ( الناقة في حركتها الفتية الحرة ...) حيث يتكاثف الزمان والمكان معا في جدلية ( الاسى ومغالبة الاسى ) . والبنية التوليدية قد تكون مولدة بوساطة عنصر واحد فليكن الناقة ذاتها . وبهذا الخيار نحصل على بغيتنا .
المكان : دارس ، متهدم . والزمان : ماض افل على ما فيه من حياة نابضة . اما الناقة فانها تعيد جذوة الزمان وتستبدل صورة المكان الواقعي بحركة فتية نابضة بالحياة لتستقطب ما كان من حياة الى وجدان الشاعر . ومن جانب اخر لاتتضمن (الناقة ) كرمز هنا الغاء لحقيقتي الزمان الراهن ــ وقت القصيد ــ والمكان حيث لابد من مرور عربة الزمن على مكان كان سكنا وجغرافية حياة . ففي التحليل النهائي تكون البنية دائرية وهذا يتضمن معنى توليديتها .
ان الكشف عن بنية توليدية للشعر الجاهلي له مكانته المرموقة نظرا للمشتركات في قصائد ذلك العصر. ما يسمح بوضع اطار منهجي عام لايتقيد بآنية قصيدة ما . فالمكان يتصدر شعر ذلك الزمان ، والزمان فيه ذكرى تستجلب اللوعة والحسرة المشوبتين بلذة عيش او عشق قد مضى . على أي حال الباحث في تناوله لقصائد اخرى من الشعر الجاهلي يوظف فيها البنية التي استقرت رؤيته عليها في تحليله المتقدم لقصيدة المرقش الاكبرعادّا تلك الاخرى تمثل المحور السنكروني ( اللاتزامني ) لبحث بنى القصائدالاخرى .
جملة من المفاهيم التي ظهرت في بحث الدكتور كمال ابو ديب لابد من التعقيب عليها .. من بينها ما اسماها بـ "البنية الحلزونية " كأسم ثان للبنية الدائرية لقصيدة عبدة بن الطيب (ص 31 ) معززا اقتراحه بمخطط حلزوني على هيئة منحينات دائرية متداخلة تبدأ بالراوي فالحكاية الاولى فالثانية فالثالثة . والمقترح ليس له رصيد كما الرسم ايضا فيما يتعلق بالمفاهيم التي اشتغل عليها اللّهم الا اذا كانت الصفة الدائرية للبنية قد اوحت له رسم منحنيات دائرية لتشكل حلزونا هو الاقرب لحلزون هيلكس المعروف في الرياضيات . ان دائرية البنية ليس لها صلة بالدائرة لا شكلا ولا مفهوما . وسنناقش المفاهيم الاخرى في اثناء ما يلي من البنود .

( 6 ) التشاكل والتماثل
التماثل والتشاكل صفتان للتطبيق Mappingبين زمرتين تحت شروط معينة ، وهما من قوانين التشكيل الخارجي ( = العلاقة بين بنيتين وكذلك بين زمرتين ). وينطوي المفهومان على امكانات تحليلة جيدة وواسعة ومنتجة بالنسبة للبُنى . ان ما يميز زمرة عن اخرى، المعنى الخاص لكل دعامة من دعامتيهما والعلاقة الثنائية في كليهما . وبشكل معكوس اذا كانت زمرتان لهما العناصر ذاتها على سبيل الحصر والعملية ذاتها في كليهما فانهما في الحقيقة زمرة واحدة لازمرتان . ولكن اذا اختلفتا في دعامتيهما ( اي عناصرهما ) او في علاقتيهما الداخليتين فانهما من المؤكد زمرتان مختلفتان . وان الاختلاف بهذه الحدود لايلغي امكانية وجود علاقة تطبيق بين الزمرتين . ان كلا من التماثل والتشاكل يدرس علاقة التطبيق من زمرة الى اخرى ، فهما نوعان من العلاقة الخارجية لبنية مع اخرى ومن هنا تكمن الاهمية التحليلية التي اشرنا اليها . في حين كان بحثنا فيما سبق مقصورا على علاقات داخلية للبنى . لنقدم المفهومان بعرض تجريدي نعززه بما هو ملائم من الامثلة ... بفرض ان تحليلا بنيويا افضى الى إقرار وجود زمرتين ( ز1 ،  ) و ( ز2 ،  ) حيث ان كلا من ز1 ، ز2 مجموعتا عناصر الزمرة الاولى والثانية على الترتيب ، وان كلا من  و يرمزان إعتباطيا الى العلاقتين الداخليتين لهما على الترتيب ايضا . فان التطبيق من المجموعة ز الى المجموعة ز ، تكتب رمزيا بالصيغة التالية :
التطبيق : ز1 ز 2
والتطبيق يكون تماثلا Homomorphism من المجموعة ز الى المجموعة ز اذا وفقط اذا كانت صورة العنصر الناتج جراء ارتباط عنصرين من الزمرة الاولى وعبر علاقتها الثنائية يساوي مجموع صورتيهما عبر العلاقة الثنائية الثانية للزمرة الثانية . وتجريديا نعبرعن ذلك بدأ بافتراض عنصرين في المجموعة ( ز ) هما ف ، ق فان :
صورة ( ف  ق ) = صورة ( ف)  صورة ( ق )
وان الصور المذكورة هي قيم كأن تكون دلالية ،او عددية ، او شيئا اخر، لايهم ، انما المهم هو ان هذه الصور عناصر في مجموعة الزمرة الثانية ( ز ) . والتعبير القائل ( اذا وفقط اذا ) يعني على وجه الدقة اذا ما تحقق الطرف الايسر من مفهوم التماثل فان الطرف الايمن محقق ، وبالمثل اذا ما تحقق الطرف الايمن تحقق الطرف الايسر . ويعد كلام معاد اذا ما قلنا ان صورة عنصر من المنطلق هي عنصر من المستقر ، وبكلمات مكافئة ، صورة عنصر من المجال هي عنصر في المجال المقابل .
ويمكن كتابة العلاقة السابقة باكثر دقة لتكون صيغة عامة قادرة على استيعاب الاشياء والعلاقات المختلفة :
ت ( ف  ق ) = ت( ف)  ت ( ق ) ، حيث ت ترمز الى علاقة التطبيق .
وان ف ، ق عنصران افتراضيان موجودان في المجموعة ذاتها ، يمكن ابدالهما باشياء تسفر عن التحليل ، كما يمكن استبدال  ،  بأي علاقتين يسفر عنهما التحليل ايضا .
ان التماثل بين زمرتين هو التماثل الاكثر تعقيدا إلا إن تماثلا بين بنيتين لايشترط ان تشكل كل منهما زمرة ،أي يمكن ان يكون كل منهما مجرد نظام يتألف من مجموعة معرفة بعناصرها ومزودة كل منهما بعملية ثنائية ،هو تماثل اقل تعقيدا لانه لايشترط قطع مراحل تحليل تتضمن حضورا لشروط الزمرة . ولتقريب المفهوم نضرب المثل الاتي : لتكن ط مجموعة الاعداد الطبيعية ، وهي تحتوي على الاعداد الموجبة بدأ من الصفر والى ما لانهاية له من الاعداد وبرموز المجموعة ان ط = { 0 ،1 ، 2 ، 3 ، ... } . وليكن ايضا الزوجان المرتبان :
ــ ( ط ، + ) بنية عناصرها مجموعة الاعداد الطبيعية وان العلاقة الثنائية هي عملية الجمع الاعتيادي " + " .
ــ ( ط ، • ) بنية عناصرها مجموعة الاعداد الطبيعية وان العلاقة الثنائية هي عملية الضرب الاعتيادية " • " .
نجد ثمة علاقة تطبيق من البنية الاولى الى البنية الثانية عبر قاعدة التطبيق ( الخاصة هنا في المثال ) تتمثل بالقاعدة ت ( س ) = 2 س ، ت ترمز الى ( تطبيق ) والقاعدة تخبرنا ان تطبيق أي عنصر( س ) يمثل عددا من الاعداد الطبيعية يساوي العدد 2 مرفوع الى القوة (س ) وبكلمات اخرى ان صورة العنصر س هي 2 س . ان قاعدة لها ذات السياق يمكن الكشف عنها في بنى السنية ودلالية كثيرة . ولنتابع كيف هو شكل التطبيق المقيد الى القاعدة المذكورة عبر علاقتي الجمع والضرب وباختيار العناصر من ط :
ت(1) = 12 = 2 ، ت (2 ) = 2 2 = 4 ، ت (3 ) = 2 3 = 8 ، ت( 4 ) = 2 4 = 16 ... الى آخره (14) ...
وباستخدام تعريف التماثل : ت ( س1 + س 2 ) = ت (س1 ) • ت ( س 2 )
حيث ان س1 ، س 2 اعداد طبيعية من المجموعة ذاتها . أي ان :
ت ( 1 +1 ) = ت (1) • ت (1 )
 ت (2) = 2 • 2
 4 = 4
او مباشرة ت (2) = 2 • 2 =4
وايضا : ت ( 1+2 ) = ت ( 1 ) • ت ( 2 )
 ت ( 3 ) = 2 • 4
 8 = 8
يمكننا ان ان نحصل على تطبيق أي عنصرين بينهما علاقة جمع وهذه العمليات ليست لها نهاية لان عناصر المجموعة المختارة ـــ الاعداد الطبيعية ــ ليست منتهية . والشكل التوضيحي يوضح ان التطبيق متماثل :
التطبيق المتماثل : ط ط


يثير التماثل في الدراسات البنيوية مشاكل منهاجية عدة ، كتلك التماثلات المفتعلة بين علم اللسان وعلم القرابة وعلم الدلالة . ولقد اشرنا الى هذه المعضلة في اكثر من موضع ومن زوايا عدة . خاصة ذلك التماثل بين علم اللسان من جهة وعلم القرابة وعلم الدلالة من جهة اخرى باتخاذ البنية اللسانية انموذجا منهجيا قابلا للتكرار في العلوم الاخرى ، أي بافتعال ألْسَنَة انظمة دلالية مختلفة . ويمكن ان نفلت حالات من قبضة هذه الاشارة تجسدت في استخدام لفظة تماثل بمعنى المشابهة بمعناها العام او المطابقة بمعنى غيرمعناها الاصطلاحي.
لنفرض ان المجموعة:
ع = { الأُسرة (1) ، الأُسرة (2) ، الأُسرة (3) ، الأُسرة (4 ) }
تمثل أُسرا تقطن في حي سكني واحد وترتبط مع بعضها بعلاقة الصداقة .
أي لدينا البنية ( ع ، الصداقة ) .
والمجموعة ذاتها ترتبط بعلاقة القرابة فنحصل على زوج مرتب اخر يشكل بنية اخرى :
( ع ، القرابة ) .
وبسياق عام ، ان اي اسرتين من هذه الاسر ترتبط بعلاقة الصداقة وهو ما يماثل العلاقة القرابة الاخرى :
ت ( الاسرة (1) الصداقة الاسرة (2) ) = ت ( الاسرة (1) ) القرابة ت (الاسرة (2) )
وواضح ان ناتج الطرفين واحد لايتغيرلانه يتضمن العلاقتين في وقت واحد . وهذا ابسط تصور لعلاقة التماثل بين بنيتين .
وعلى مستوى الزمرة عندما يكون التطبيق:
ت : ( ز ، ) ( س ،  )
تماثلا فان العناصر في الزمرة ( ز ، ) التي صورة كل منها هي العنصر المحايد تسمى نواة Kernal التطبيق ت . وبالعودة الى بنية ابو ديب فنجد ان الحركة الثالثة ( الاسى ومغالبة الاسى بالتوحد بالناقة النشيطة والاندفاع في خشونة الصحراء ) عنصرا محايدا متضمنا في المفارقات والاستثناءات في الحركتين الاخريتين . وفي الوقت ذاته ان الزمرة المؤلفة من النواة والزودة بعلاقة ثنائية معرفة تشكل هي الاخرى زمرة ، الا انها مجموعة جزئية من الزمرة الاصلية الاولى وهو ما اطلقنا عليه في موضع سابق بالزمرة التافهة .
وعندما يكون التماثل متباينا فانه يسمى تشاكل Isomorphism . وقد يحصل ان تكون البنية متماثلة في نفسها ، أي تطبيقا يعبر عنه بالعلاقات الثنائية بين عناصر البنية ذاتها دون ان تتعدى الى بنية اخرى هذا النوع من التطبيق يسمى تماثل داخلي Indomorphism . والبنية المتشاكلة في نفسها هيAutomorphism في فقرة (البنية التوليدية الاولية ) وفي تحليله لنص دويد بن زيد الحميري الشاعر الجاهلي يقررابو ديب(15) امكانية ( اعتبار نص دويد البنية التوليدية الاولية (Gs1) هو النواة المولدة التي تضم في صورة جنينية ، مكونات الاستجابة الاساسية ) فارزا حركتين للنص : حركة القرار ، متمثلة في جملة دويد (( اليوم يبنى لدويد بيته )) يعني قبره في صيغتها المستكينة الهادئة .. ثم ترتد باحثة في الماضي عن انبعاث زمن الحيوية ... والحركة المضادة ،التي أُولى خصائصها انها ذات لهجة انفعالية مناقضة لتقريرية الجملة الاولى ، أي حركة القرار ، ثم انها تمثل زخما من التجربة الحسية التي تتنامى على ثلاثة محاور .. البطولة ــ القوة ، الامتلاء ــ الحيوية ، والطاقة الجنسية ، وذلك ما يتجسد بايجاز باهر في الحركة "المضادة ؟ " التالية :
يارب نهب صالح حويته
ورب قرن بطل ارديته
ومعصم مُخضَّب ثنيته )
ويذهب الباحث في تحليله البنيوي الى وصف البنية التوليدية المذكورة(بانها تشكل جملة لغوية M من النمط :
ــ انا في لحظة الذبول وجزر الحيوية (x)
ــ لكن كان لي زمن يتفجر بالحيوية هو الزمن A) )
ثم يحتاط بافتراض ان الجملة ممكن ان توسع وتمدد في بالعبارتين الاساسيتين ويغلّب ذلك في العبارة A في الاغلب ، ثم يضع كل ذلك التحليل في صيغة اسماها نهائية :
M = ( x A + L ) ) (ص40 ـ 41 ) . وبكلمات اقل من تعقيبنا السابق على مساهمة ابو ديب فاننا نقول هنا كان بامكانه ان يوسع من تحليله ليشمل التحايد الذي يفرض ما اسماه تضاد الحركتين اللتان باجتماعهما في النص وفي ثناياه يولد حالة من التعادل ذات قيمة دلالية ما . ويبدو ان تقليص التحليل على هذا النحو الضيق يغلق ابوابا غنية في التحليل ، وبطبيعة الحال لن نستطيع ان ننوب عنه الان في ذلك ، وفي هذا الموضع . والصيغة النهائية على حد تعبيره للجملة ذات العبارتين الاساسيتين هي في حقيقتها علاقة تطبيق ولكن دون سمات محددة لها ، بل ودون اثبات كونها علاقة تطبيق اصلا . واضافة L للدلالة على توسع او تمدد تحتويه العبارة الثانية أمر غير مبرر تحليليا وفق مفهوم التمدد كما ذكرناه . واذا ما تجاوزنا كل ذلك فان مراجعة لنص القصيدة يمكن ان تسفر عنها علاقة تطبيق متماثل من جهة ومتشاكل من جهة اخرى ، شريطة ان نوسع من التحليل بإقرار عناصر اكثر تفصيلا وليست اجمالية . ان اجمال التحليل للنص بحركتين لن يغني شيئا وعكس ذلك فان عناصر متعددة لكل منها صورة في مجموعة تحليل اخرى يحيلنا فعلا الى تشكل زمرتين متماثلتين ومن ثم متشاكلتين .
ملاحظة اخيرة نسوقها هنا حول الترميز لقصيدة اخرى ( للمرقش ص 46 ) بان الجملة الاساسية M ( x / A) مفسرا ذلك بقوله ( استخدم الرمز للدلالة على علاقة توليد بين الحركة الاولى وحركة ثانية مضادة لها ، مع انها نابعة منها في نفس الوقت ) ( ص 122) وهذا خلط كبير بين التوليد كمفهوم وبين العنصر النظير والذي يسمى احيانا المعكوس . فالتوليد صفة لزمرة لها مجموعة مولدة ينبغي ان تحدد .اما النظير فهو عنصر ينبغي وجوده ازاء كل عنصر معين في مجموعة التحليل ، وهو متلازم مع العنصر المراوح ( = المحايد ).
يرى دي سوسور في محاضراته ( ان جميع القيم ــ حتى اذا كانت خارج اللغة ــ تخضع ، على ما يبدو لمبدأ واحد ، يظهر وكأنه ينطوي على تناقض ، حسب قوله. فهذه القيم تتكون دائما من :
(1) شئ مختلف يمكن استبداله بالشئ الذي نريد تحديد قيمته .
(2) شئ مشابه يمكن مقارنته بالشئ الذي نريد تحديد قيمته .
إن كلا العاملين ضروري لوجود القيمة . فإذا أردنا تحديد قيمة ذات خمسة فرنكات فعلينا ان نعرف :
(1) ان باستطاعتنا استبدالها بكمية ثابتة من شئ مختلف عنها كالخبز مثلا ، (2 ) ان باستطاعتنا مقارنتها بقيمة مشابهة في النظام نفسه كقطعة ذات الفرنك الواحد أو بقطعة نقود من نظام آخر ، كالولار مثلا ) (16) .
هل ان الوصف المتقدم يفصح عن علاقة هومومورفزية (= تماثل ) ، ومن ثم ايزو مورفزية
(= تشاكل) ؟
إن قطعا نقدية محدودة ومعلومة تشكل بنية مزودة بـ "علاقة تثمين " ، في اطار البيع مقابل فئة نقدية . وذات القطع ايضا تشكل بنية مزودة بـ "علاقة المقايضة " بفئات نقدية اخرى لاتخرج عن النظام النقدي العالمي الذي يحدد اسعارالعملات مقومة بعملات اخرى . وعلى نحو تجريدي نعبر عن البنيتين بالاشكال التالية: ( ن ، تثمين )،( ن ، مقايضة ) . وتوجد بين البنيتين علاقة تطبيق شكله العام كل فئة نقدية في البنية الاولى صورتها شئ عيني ( الخبز مثلا ) في البنية الثانية . على ان علاقة التطبيق متماثلة ومتشاكلة بذات الوقت : متماثلة لان كل فئة نقدية يمكن التعبير عنها بحاصل جمع عدة فئات نقدية اصغر وصورتها تساوي صورتي ثمن كل فئة نقدية صغرى المقابلة للخبز .. مثلا :
ت ( ربع دينار يقايض خمسة دراهم ) = ت ( ربع دينار) ثمن ت ( خمسة قطع خبز)
ربع دينار = خمسة دراهم = خمسة قطع خبز . وهكذا بالنسبة لبيقية عناصر ن . وحيث ان كل فئة نقدية يمكن استبداله بفئات اكبر او اصغر وبذات الوقت كل فئة نقدية يمكن استبدالها بعدد من ارغفة الخبز فالتطبيق هنا ايضا متشاكل .
ان هذا المثال من حيث السياق يمكن ان يحاكي علاقة التطبيق المتماثل من الكلمة الى الدلالة او القيمة ، وعندما تكون الكلمات مجموعة معجمية فانها لابد ان تكوّن مع قيمها او دلالاتها تطبيقا متشاكلا بسبب ان التطبيق متباين حيث لكل كلمة قيمة وحيدة مقابلة لها ، وان كل قيمة لابد ان ترتبط بكلمة من الكلمات . يكون ذلك صائبا اذا ما أقصينا صفة الترادف ، فأننا نعتقد أن كل كلمة في لغة وضعت لمعنى محدد ، تعنيه دون غيره ولربما قرب المسافات المعنوية بين دلالة وأخرى وضعف القدرة على تحسس الفوريقات بينها هو الذي برر في الاقل وجود ظاهلرة الترادف في اللغة . إن المفردة تولد لمعنى منفرد وهذا ما نعتقده ، وإلا فقدت مبرر ولادتها أصلا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الرمزالاعتباطي  يشير الى عملية ثنائية معينة ويمكن استبداله باي شكل اخر . وقد درجت مصادر الرياضيات على اعتماد رموز مختلفة للعملية الثنائية اكثرها شهرة الرمز  الذي لانميل الى استخدامه لاسباب لا تغيب عن وعي القارئ العربي .
(2)القناة الفضائية الفلسطسينية في تشرين الثاني 2006
(3 ) ابوحيان التوحيدي " المقابسات " : المقابسة 43
(4) ،(5) ،(6) ابوحيان التوحيدي " المقابسات " المقابسات :71 ،91، 97 على الترتيب
(7 ) ، (8) د. مريم سليم " الاختلافات البنيوية للذكاء في مراحل نموه المتدرجة من الحسي ــ الحركي الى المجرد " في مجلة الفكر العربي المعاصرالعددان 6 و 7 ـ 1980م ـ ص 62
( 9 ) د . داود سلوم " دراسات في الادب المقارن التطبيقي " دار الحرية للطباعة ـ بغداد 1984 ، الطبعة الاولى ، ص 183 ــ 184
(10) الجرجاني " التعريفات " : 112
(11) فردينان دي سوسور" علم اللغة العام " ترجمة الدكتور يوئيل يوسف عزيز ، دار آفاق عربية ، بغداد ، 1985 م ، الطبعة الاولى ص 127
( 12 ) في بعض المصادر الرياضياتية تسمى بالزمر الدوّارة وليس ثمة اختلاف جوهري مع لفظة دائرية . الا ان مصادر اخرى تطلق عليها اسم الزمر الدورية ونحن لانتفق مع هذه التسمية لانه يتضمن احالة الى موضوع اخر في الرياضيات هو الدوال الدورية وهو امر مختلف عن ما يعنيه هنا في نظرية الزمرة .
(13) د. كمال ابو ديب : البنى المولدة في الشعر الجاهلي ــ دار الشؤون الثقافية العامة بوزارة الثقافة والاعلام العراقية ــ ط 1 سنة 1988 م . وسنشير الى الاقتباسات منه برقم الصفحة بين قوسين فور انتهاء الاقتباس.
(14) 12 يحسب بانه العدد 2 أي يذكر مرة واحدة ، 2 2 حاصله العدد 2 يضرب في نفسه ، 2 3 حاصله العدد 2 يضرب في نفسه بتكراره ثلاث مرات أي 2  2  2 =8 وهكذا مع ملاحظة ان رمز الضرب المستخدم في هذا التوضيح لايعني الضرب الاخر ، اعني التقابلي كما مر معنا في الفصل الثاني بل استخدمناه للايضاح فقط انما الرمز الضربي لمثل هذا النوع من الضرب العددي هوالرمز • ومنعا للخلط بين الضرب التقابلي ــ الديكارتي ـــ نكتب عملية الضرب المأخوذة هنا كما يلي 2• 2•2= 8 .
(15) د. كمال ابو ديب (م.س.ذ) ص 38
(16) فردينان دي سوسور ( م.س.ذ ) ص 134