بحث جاهز حول محور المدرسة بحث عن المدرسة للسنة السابعة 7 اساسي

ج- وظيفة التطبيع الاجتماعي أو/و الوظيفة السياسية:
تجب الإشارة إلى أن التداخل الكبير بين الوظيفة الاجتماعية و الوظيفة السياسية للمدرسة جعلنا نميل إلى الحديث عنها كوحدة حتى لا نسقط في التكرار، غير أن هذا لا يمنع من إبراز كل وظيفة على حدة كلما سمح التمايز بذلك.
و من المعروف أن التربية المدرسية هي قبل كل شيء تنشئة اجتماعية أو تطببيع اجتماعي-سياسي، لأنها تمرر الأعراف و القيم الاجتماعية الموضوعة (وظيفة اجتماعية)، و لأن المعرفة التي تقدمها تكون موجهة و مسكونة بإيديولوجية الفئات الاجتماعية المسيطرة من أجل تشكيل مواطن وفق نموذج اجتماعي-سياسي معين (الوظيفة السياسية). و لتحقيق وظيفتها الاجتماعية-السياسية، تلجأ المدرسة إلى استعمال مفاهيم عدة حسب الظروف و المواقف كمفهوم التربية و التعليم و التدريس و التكوين و تكوين المكونين و التكوين المستمر و التوجيه و الاختيار أو الاصطفاء …الخ، في الواقع، مفاهيم تحيلنا إلى هدف واحد هو التأثير بعمق في حياة الفرد قصد تحقيق توافقه-10- أو تطبيعه الاجتماعي، و هي في ذلك تسلك مسلكين:
-المسلك الأول: يقوم على وقاية و حماية مجالها من شوائب المجتمع و عيوبه، و ذلك بحذف كل ما هو غير ملائم من البيئة الخارجية، و توفير بيئة اجتماعية مدرسية أكثر اتزانا من البيئة الخارجية، مما يؤثر في التطبيع الاجتماعي للتلميذ بصورة إيجابية، و يساعده على تكوين شخصيته تكوينا ينسجم و مستجدات التربية الحديثة حتى يتسنى له التفاعل و التوافق مع مجتمعه بشكل سليم.
غير أن هذا المسلك، في الواقع، يبدو أنه يجعل من التلاميذ أو من المتعلمين أفرادا غرباء عن مجتمعهم، كما يجعل من المدرسة نفسها بيئة منغلقة و بعيدة عن الحياة الاجتماعية الواقعية بكل تناقضاتها.
- المسلك الثاني: إن المدرسة لا تقوم بوظيفتها هذه داخل الفصول فحسب و إنما داخل المدرسة كلها، كنظام اجتماعي تربط أفراده علاقات اجتماعية تراتبية رسمية و غير رسمية (التلاميذ فيما بينهم، التلاميذ و الموظفون بالمدرسة كالأعوان، التلاميذ و المدرسون، التلاميذ و الإدارة المدرسية …الخ). و بهذا تكون المدرسة مجتمعا صغيرا يستمد تنظيماته الاجتماعية و أنشطته و علاقاته من المجتمع الكبير، و على التلاميذ الانصياع و احترام قوانين المدرسة و إجراءاتها و أحكامها حتى تحافظ على الأمن و النظام و السلم داخل نطاقها.
إن المسلك الأول يركز على الفردي هادفا إلى التوافق، أما المسلك الثاني فيهتم بالاجتماعي من أجل تحقيق عملية التطبيع الاجتماعي.
إن أصحاب المسلك الأول يعتبرون المدرسة أداة تطوير و تحرر، و بالتالي فإن وظيفتها الكبرى هي التغيير أو التجديد و مسايرة التقدم العلمي، مما يجعلها قادرة على التأثير في المجتمع و الدفع به نحو التقدم و انتشاله من التخلف و أمراضه. و حجتهم في ذلك ما بينته الدراسات التاريخية لأثر المدرسة عبر العصور كنظام اجتماعي و كذلك الدراسات النفسية للآثار التي تخلفها المدرسة لدى المتعلمين.
أما أصحاب المسلك الثاني، فيرون أن المدرسة هي مجرد مسرح لما يجري داخل المجتمع الكبير، و لذلك فهي تحاول فقط إعادة إنتاج نفس البنيات الاجتماعية التي أنتجتها. و من ثمة، فوظيفتها الأساسية المنوطة بها هي المحافظة أو الجمود. و على هذا الأساس فهي تلعب دورا سلبيا يتجلى في تبعيتها و تأثرها بالنظام الاجتماعي-السياسي و تمرير إيديولوجيته المسيطرة. أما بالنسبة للتغيرات الطفيفة التي لحقت المدرسة، فهي ناتجة عن التغيرات الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و ليس العكس، كما أن الأفراد ليسوا هم المعيار الذي من خلاله نحكم به على المدرسة بل يجب الانطلاق من المجتمع.
و على العموم، يظهر عبر هذا الزوج-الوحدة (الوظيفة الاجتماعية السياسية) أن الطاقة الكامنة و الدينامية للمدرسة تتجسد في جدلية الفردي و الاجتماعي.
رابعا:خلاصة
إذا كانت هذه هي وظائف المدرسة بصورة عامة، فإن المواقف المتخذة إزاءها مختلفة، و يمكن إجمالها كما يلي:
· موقف إلغاء المدرسة: و هو موقف عدمي ينطلق من "الضرر التابث" للمدرسة، و إن إزالته لا تتم إلا بإلغاء المدرسة و القضاء عليها (إيفان إيليتش)-11-
· موقف إعادة الإنتاج: و هو موقف تيئيسي يرى أن المدرسة هي مجرد خادمة للنظام الاجتماعي-السياسي، و بالتالي تغيير المدرسة لا يتم إلا بتغيير المجتمع و ليس العكس.
· موقف التربية المؤسسية-12-: و هو موقف يبعث الأمل، إذ يرى أنه بالإمكان تغيير المؤسسة من الداخل، و عبرها يمكن التأثير في المجتمع. إن تغيير المدرسة من الداخل تربويا و علاجيا هو ما يسمح باتساع هذا التأثير ليطال المجتمع. و لكن إلى أي حد تستيع العلاقات داخل المؤسسة أن تنفلت مما هو مؤسس؟
· موقف يرى أن فهم المدرسة يقتضي عدم التقوقع داخل النظرة الأحادية البعد، سواء تلك المتحمسة للدور الفعال و الطلائعي و التجديدي للمدرسة أو تلك التي تعتبر المدرسة مجرد أداة للتواطؤ مع النظام الاجتماعي-السياسي بتوليدها لنفس عدم تكافؤ الفرص الموجودة داخل المجتمع. إن المدرسة كما يلاحظ ذلك أفانزيني -13- Avanzini لها دور مزدوج: "إن دورها هو دور خلق عدم الاستقرار بمقدار ما هو دور التوليد".
و يوضح سنيدرس Snyders كذلك أن دور المدرسة تميل إلى المحافظة، و لكنها تتوفر على هامش من الحرية يجب استثماره في اتجاه التجديد لأنها "أرض تتجابه عليها قوى التقدم و قوى المحافظة، و ما يجري فيها يعكس في آن واحد الاستغلال و مكافحة الاستغلال"-14-.



تم النقل لتعم الفائدة