كسب الملكية بالحيازة الاكتساب والإسقاط بحسن نية وبسوء نية وشروط الحيازة
الحيازة بالإنابة :
وننتقل فيما يلي للفقرة (3) من المادة 4 الذي تقرأ :
( إذا تبين من العلاقة بين الطرفين أو من أي سبب آخر أن حائز الأرض يحوزها أو كان يحوزها نيابة عن آخر فتبر حيازته تلك نيابة عن ذلك الشخص الآخر ) هذا نص لا يوجد له مطابق ولا مماثل في قانون 1984م إلا لفقرة (2) من المادة 631 التي تقرأ ( لا تقوم الحيازة بعمل يأتيه الشخص على أنه من المباحات أو بعمل يتحمله الغير على سبيل التسامح ) . وسيأتي هذا المعنى فيما بعد .
والفقرة تنص على وجود علاقة بين الطرفين أو أي سبب آخر يفترض معه أن الحائز يحوز نيابة عن المالك . أي علاقة بين المالك والحائز يفهم منها أن المالك سمح لحائز أن يحوز الأرض ويستغلها لمصلحته وبدون أن يدفع إيجاراً أن بعض منافعها للمالك وأن الحائز بسبب هذه العلاقة لا ينوي أن يحوز معارضاًَ ... ... لحق المالك أو منكراً له وبصفة أخرى لا يقصد أن يزول الملك ويصبح مالكاً . لم يضع القانون تفسيراً للعلاقة وذلك لأنه كان معروفاً أن العلاقة بين الآباء والأبناء والأخوان والأخوات وأبناء الأعمام والعمات والأزواج والرفيق السابق والشركاء في الأرض على الشيوع كما سبق أن ذكرنا أن قوانين الأراضي وقانون اكتساب الملكية بالتقادم واحد منهما . كلها مستمدة من الأعراف السودانية . تعارف الناس حسب تقاليد التكافل التعاون الاجتماعي أن يشتركوا في حيازة أراضيهم واستغلالها .إن مالك الأرض يتركها في حيازة ابنه أو أخيه أو ابن عمه أو غير هؤلاء فيزرعوها ويعيش عليها بدون أجرة أو مشاركة في محصول ، وقد تطول المدة على هذا الحال وتزيد عن مدة التقادم القانونية ولا يجوز عرفياً وأخلاقياً أن يفكر الحائز في كسب الملكية أو يدعيها ب عليه أن يعيد الأرض للمالك في أي وقت مهما طالت المدة . واعتراف الحائز في هذه الظروف بملكية المالك هو نابع من اعترافه بتفضل المالك وإحسانه عليه .
يوجد هنا افتراض قانوني وهو يتلخص في أن الحائز بناءً على علاقة القرابة، كما ذكرنا أعلاه فإنه يحوز نيابة عن المالك ، أي لا يحوز لنفسه ولا يكتسب حق الملكية ولكن هذا لافتراض قابل للدحض . ويدحض بالظروف التي تجعل الحائز يظهر بمظهر ويقصد المالك . وقد بينت السوابق القضائية الظروف والأفعال التي تؤخذ في الاعتبار لدحض الافتراض المذكور أعلاه ، وتشمل تلك الظروف والأفعال التي تؤخذ في الاعتبار لدحض الافتراض المذكور أعلاه وتشمل تلك الظروف والأفعال الآتي :
أ - الحيازة بناء على اتفاق من شأنه نقل الملكية .
ب- الحيازة بناء على حق الإرث .
ج- الحيازة للمدة الطويلة مع افتراض تنازل المالك .
د - الحيازة للمدة الطويلة مع الأفعال التي تظهر الملكية .
ونتناول هذه بتوضيحات مختصرة، فنقول أن الاتفاق الذي من شأنه نقل الملكية قد يكون بيعاً أو هبة أو صداقاً أو غيرها، ول تخذ الإجراءات الرسمية لإتمامها أو تسجيلها وأن الحائز الذي يدخل في الحيازة بمقتضى مثل هذا الاتفاق يعتبر حائزاً بناءً على حق الحيازة الذي يتطور بمرور الزمن إلى حق الملكية . والحيازة بناءً على حق الإرث تحصل عندما تسجل الأرض للمورث باسم واحد من الورثة دون الآخرين ويضع الوارث الذي لم يسجل له نصيبه من الأرض يده أو يحوز جزءاً من تلك الأرض أي الجزء الذي كان يستحقه بالإرث . هذا الحائز يعتبر حائزاً بناءً على حق وهو حق الإرث . ويصبح بالتقادم مالكاً له . كان العرف في بعض الأماكن وخاصة في عهد تسويات الأراضي الأولى أن الأرض المورثة من الأب أو الجد تسجل باسم الابن الأكبر باعتباره زعيم العائلة أو تسجل بأسماء الأبناء دون البنات وهكذا . وفي هذه الحالة فإن الورثة لم تسجل لهم أنصبتهم بأسمائهم سواءً كانوا إخواناً أو أخوات أو أبناءهم يعترف لهم بحق الحيازة، واستمرارهم في الحيازة يكسبهم حق الملكية . لأنهم لا يحوزون بالنيابة عن المالك المسجلة باسمه الأرض ولكنهم يحوزون لأنفسهم باعتبارهم مالكين . والحيازة الطويلة للأراضي المملوكة للأقارب الذين غالباً ما يكونوا إخواناً حسب ما سجلته السوابق القضائية، بناءً على الافتراض أن المالك قد تنازل عن ملكه للحائز أو تركه أو تركه أو استغنى عنه أو وهبه للحائز مثال أن المالك ترك أرضه في ..... حيازة أخيه وانتقل إلى مدينة أخرى وعاش فيها عيشة مستمرة لمدة ثلاثين سنة . وفي كل هذه المدة لم يسال عن ملكه ولم يتفقده أي أنه قد استغنى عنه استغناءً كاملاً ومن الجانب الآخر فإن الأخ الحائز قد صار استغلاله تلك الأرض جزءاً من حياته الاقتصادية ولاجتماعية في هذه الظروف كان الحكم أن المالك قد تنازل عن ملكه لأخيه الحائز . وتصبح الحيازة هنا مكسبه للملكية والحيازة للمدة الطويلة مع الأفعال التي تظهر حق الملكية مثال المرأة التي تزوجت في منزل والدها وسكنت فيه ونمت العائلة وتفرعت في نفس المنزل وأدى هذا إلى زيادة مباني المنزل وبمرور الزمن تغيرت المباني كلها أزيلت المباني القديمة وقامت مباني جديدة في مكانها واستمرت هذه الحيازة لمدة أربعين سنة . طول هذه المدة مع تغيير المباني هو أقوى مظهر من مظاهر الملكية كان الحكم أن هذه الظروف تكسب الملكية مع وجود القرابة .
الأرقاء السابقون في القوت الذي كانوا فيه أرقاء كانوا يعاملون معاملة الأقارب فيما يختص بالحيازة في السكنى والزراعة . وطبقت السوابق القضائية عليهم نفس المبادئ التي طبقت على الأقرباء .
والشركاء على الشيوع في الأرضي جرت معاملتهم مثل معاملة الأقرباء في العائلة وهم أصحاب مصلحة مشتركة ولذلك قال بعض القانونيين إن الشركاء على الشيوع تنطبق عليهم عبارة ( أو من أي سبب آخر ) التي جاء في المادة الرابعة بعد ذكر العلاقة بين الطرفين .
السبب الصحيح :
ننتقل هنا إلى المادة 649 لمقارنة ما جاء فيها مع ما ذكر أعلاه . سبق أن تعرضنا لهذه المادة فيما يختص بالفقرة الأولى فيها عن حسن النية وسوء النية بالنسبة للحائز . ونأتي هنا إلى ما ذكره بعبارة ( بسب صحيح ) وجعله ركناً من أركان الحيازة المكسبه أو المسقطة لحق ، وقال السبب الصحيح يعني :
أ- الاستيلاء على الأرض الموات .
ب- انتقال الملك بالإرث أو الوصية .
ج- الهبة بين الأحياء بعرض أو بغير عرض .
د - البيع الرسمي أو العرفي .
نعلق على هذه الأسباب فنقول : أولا عن الاستيلاء على الأرض الموات . إن الأرض الموات لا يملكها أحد، وهي تدخل في ملكية الدولة العامة . وإحياؤها وليس الاستيلاء عليها هو واحد من أسباب الملكية . كما سبق أن ذكرنا في بحثنا السابق عن الملكية وأنوعها . أن الحيازة سواء كانت حيازة عقار أو منقول التي تمنع من سماع الدعوى كما جاء في المادة موضوع النقاش، هي عبارة عن عقار أو منقول مملوك للغير إن المدعي الذي يرفع الدعوى الممنوعة هو المالك . وماذا يكون معنى السبب، مع العلم أن الأرض الموات ليس لها مالك . لعل هذا الكاتب أو المشرع يقصد ن من أحيا مواتاً باعتباره مالكاً له، فقد اكتسبه بمرور الزمن.. بالرغم من أن الأرض من الأموال العامة ويؤيد هذا الفهم ما جاء في المادة 651 التي تقرأ :
( مع مراعاة الأحكام المتعلقة بإحياء الأراضي الموات المنصوص عليها في هذا القانون لا يجوز تملك الأموال العامة أو كسب أي حق عيني عليها بمرور الزمن ) .
يبدو أنه يقصد أن يقو أن ملكية إحياء الموات تكتسب بالتقادم أي بمرور الزمن والمعروف أن مرور الزمن له مدة محددة بالقانون لا يكسب الحق أو يسقط حق المدعي إلا بانتهائها . ولكن شروط إحياء الموات نذكر في الإحياء ذاته بصرف النظر عن مدة الحيازة واستمرارها، إن كانت بلغت عشر سنوات أو لم تبلغها .السبب الثاني من أسبابه الصحيحة هو قوله ( انتقال الملك بالإرث أو الوصية ) ليس في استطاعتنا أن نفهم ماذا يقصد هذا الكاتب أو المشرع من هذه العبارة ولو قال انتقال الحيازة أو الدخول في الحيازة بالإرث أو الوصية لأمكننا أن نفهم أن من كان له حق إرث أو وصية وكانت الأرض مسجلة باسم غيره فإن حيازته تعتبر حيازة بسبب صحيح إن كان يقصد هذا يكون قد اقترب من التفسير الذي ذكرناه أعلاه في الفقرة (3) من المادة 4 من قانون 1928 .والسبب الثالث من أسبابه الصحيحة هو قوله الهبة بين الأحياء بعرض أو بغير عرض الهبة عقد ناقل للملكية والموهوب له هو مالك سواء كان حائزاً أو ليس حائزاً .
والسبب الرابع من أسبابه الصحيحة هو البيع الرسمي أو العرفي .. والبيع هو عقد ناقل للملكية والمشتري هو مالك سواء كان حائزاً أو غير حائز إن مجال هذه النصوص موضع البحث هو الحيازة تلك الحيازة التي يكون فيها الحائز حاز عقاراً أو منقولاً ( باعتباره مالكاً له ) على حد تعبيره . ومن حاز بهذه الصفة فلا تسمع دعوى ضده أما إحياء الموات أو الإرث أو الوصية أو الهبة أو حق الإرث فيما سبق كان القصد أنها عوامل لتأييد الحيازة باعتبارها حيازة قامت على وجود حق للحائز وأنه كن يحوز الأرض بصفته مالكاً وليس بالإنابة عن المالك وجاء هذا لدحض الافتراض القائل بأن وجود صلة القرابة العائلية بين الحائز والمالك تجعل الحائز حائزاً بالإنابة عن المالك وليس حائزاً باعتباره مالكاً . وفي هذه الظروف فإذا ثبت أن الحائز كان قد دخل في الحيازة أو استمر فيها بناء على هبة أو بيع كان في الماضي حصل بينه وبين المالك أو كان حق إرث في الماضي أيضاً فإنه يصبح له الحق بأن يدعي أنه كان يحوز بصفته مالكاً وليس حائزاً بالنيابة عن المالك . والفرق واضح في الفهم والأذهان بين نظرية الأسباب الصحيحة وبين نظرية دحض الافتراض في حال العلاقة العائلية . الأولى ما هي على عبارة خلط وارتباك على غير علم أو أساس سليم . والثانية نظرية سليمة وواضحة طبقتها السوابق القضائية بعلم وتفكير .
والنقطة المهمة الأخرى عن 649 هي أنها نصت على أن الحيازة بحن نية مع السبب الصحيح يمنعان من سماع الدعوى وعرف حسن النية بالجهل بأن الحائز يحوز أرض غيره بينما السبب الصحيح ..... يجعل من المحتم معرفة المالك لأنه في حالة البيع أو الهبة أو الأرض أو الإرث أو الوصية فغن الحائز حتماً يعرف المالك الذي باع له أو وهبه له أو ورثه أو وصى له . وهي كلها عبارة عن عقود والعقود لا تتم بين طرفين في هذه الظروف فإن طرفي العقد هما المالك والحائز وجاء في هذا القانون الحائز يصبح سيئ النية متى ما علم أنه يحوز أرض غيره والمشتري أو الموهوب له يعلم أنه يحوز أرض غيره فهو سيئ النية، على حسب مفهوم هذا القانون، وسيئ النية لا يكتسب أي حق .إن في هذه لتناقضاً واضحاً ولا يوجد سبيل للخلاص منه . ونكرر القول بأن هذا القانون ليس فيه إلا خلط وارتباك، إهدار للقوانين السليمة التي سادت في هذه البلاد لسنين طويلة واجتمعت حولها سوابق قضائية كثيرة حررت بفهم وفكر وخبرة واجتهاد .
الحيازة المقيدة بشروط :
تنص الفقرة (4) من المادة 4 على الآتي :
( إذا كانت حيازة الشخص للأرض مقيدة بشروط فرضها مالك الأرض أو من ينوب عنه واستمر الشخص الحائز للأرض بعد انقضاء سريان تلك الشروط دون أن ينفذها أو يراعيها ودون أن يمارس المالك حقوق ملكيته فتعتبر تلك الحيازة اللاحقة هادئة ومستمرة بالمعنى الوارد في المادة 3 طبقت هذه المادة على ما أذكر في قضيتين . أن المالك باع منزله على مالك آخر وسجل المنزل باسم المالك الجديد واتفقا على أن يؤجر المنزل للمالك القديم بأجر محدد . سكن المالك القديم في المنزل باعتباره مستأجراً وأخلاه وأجره لآخر ولم يدفع هذا المالك القديم للمالك الجديد أي أجرة ولم يطالبه الأخير بدفع أجره واستمر هذا الحال لما يزيد عن الثلاثين سنة وعندما طالب المالك الجديد بإخلاء المستأجر ادعى المالك القديم اكتساب الملكية بالحيازة الهادئة العلنية بدون انقطاع وصدر الحكم له تطبيقاً لهذه المادة . على أساس أن الشرط هو الإجارة ودفع الأجرة وأنه لم ينفذ هذا الشرط وأن المالك لم يمارس حق الملكية لمدة تزيد عن ثلاثة سنة والقضية الثانية كانت عن رهن حيازي . تم الاتفاق بين المالك الراهن وبين الحائز المرتهن على الرهن ودخل الحائز في الحيازة بمقتضاه واستمرت حيازته لمدة لعلها ثلاثين سنة وفي أثنائها لم يسدد مبلغ الرهن ولم يمارس الراهن حقه في الملكية وصدر الحكم لمصلحة الحائز باكتسابه للملكية بالتقادم تطبيقاً لهذه الفقرة .
ذكرت هذه إتماماً للفائدة ويه ليس لها مثيل في قانون 1984م وإذا طبقنا مبدأ حسن النية وهو مرفوض من جانبنا نجد أن الحائز في كل واحد من هذين القضيتين ليس له أن يكتسب شيئاً لأنه يعلم من هو المالك .
زوال الحيازة وانقطاعها :
اشتملت المادة 640 على أربع فقرات ونستعرضها فيما يلي :
1- نزول الحيازة فتقطع مدة التقادم عن سماع الدعوى إذا تخلى الحائز عن سيطرته الفعلية على الحق أو ...... فقد هذه السيطرة بأي طريقة أخرى .
2- لا تنقطع مدة التقادم المانع من سماع الدعوى بفقد الحيازة فلا تعتبر الحيازة قد زالت إذا وردت على عقار واستردها الحائز خلال سنة أو رفع دعوى باستردادها في هذا الميعاد .
نعلق على هاتين الفقرتين بالقول بأن الصياغة فيهما رديئة . وذلك لأن زوال الحيازة المانعة من سماع الدعوى يحصل بسبب انقطاع مدة التقادم، والانقطاع يحصل بتخلي الحائز عن السيطرة أو بفقدها . إن الانقطاع سبب لزوال الحيازة بمعنى زوال أثرها والعبارة الصحيحة هي زوال أثر الحيازة، ذلك لأن الأثر الذي ينتج عنه كسب أو فقد الحق لأنه لا يجوز أن تكون الحيازة قائمة مع ذلك يزول أثرها وذلك حينما يرفع المالك دعوى لاسترداد الحيازة كما سيأتي فيما بعد . بينما بدأ الفقرة الأولى بالقول بزوال الحيازة وبعده انقطاعها ،وبدأ الفقرة الثانية بالقول ( ولا تنقطع مدة التقادم المانعة من سماع الدعوى بفقد الحيازة ... ) يوجد تناقض وتعارض واضح بين العبارتين وبالنظر في باقي الفقرة نجد أنه يقصد أن يقول إذا فقد الحائز الحيازة لمدة سنة واستردها أو رفع دعوى في خلال السنة فلا يعتبر انقطاعاً لمدة التقادم وخلاصة الفقرتين هي أن انقطاع مدة التقادم يحصل إذا تخلى الحائز عن الحيازة أو فقدها إلا إذا استردها أو رفع دعوى للاسترداد في ظرف سنة الفقرة (3) تقرأ :
( لا تزول الحيازة إذا حال دون مباشرة السيطرة الكاملة الفعلية مانع وقتي ) .
كان عليه أن يقول ( لا يزول أثر الحيازة ) أو ( لا تنقطع الحيازة ) هل هذه حالة غير الحالة التي يمكن استرداد الحيازة فيها في ظرف سنة؟ وإن لم تكن هل هي الحيازة بين فترتين المذكورة في المادة 636؟ لا أجد جواباً لهذه التساؤلات وهي اقرب أن يكون المقصود بها حيازة المنقولات .
والفقرة (4) تقرأ كالآتي :
تزول الحيازة إذا كانت واردة على عقار وسلبت بحيث نشأت حيازة جديدة وقعت رغم إرادة الحائز أو لغير علمه واستمرت سنة كاملة دون أن يسترد حيازته وتحسب السنة من الوقت الذي بدأت فيه الحيازة الجديدة إذا بدأت علناً أو من وقت علم الحائز بها إذا بدت خفية .
لا يوجد أي فرق في المعني بين هذه الفقرة والفقرتين الأولى والثانية ، في الأولى قال تزول الحيازة إذا تخلى عنها أو فقدها، وفي الثانية قال لا تزول إذا استردها في ظرف سنة . وهنا قال تزول إذا سلبت ونشأت حيازة جديدة واستمرت سنة كاملة ولم يستردها . وأما العبارات الزائدة في هذه الفقرة فهي حشو ليس له معنى : فقوله ( وسلبت بحيث نشأت حيازة جديدة وقعت رغم إرادة الحائز و بغير علمه .. ) كل هذه العبارة يمكن أن تستبدل بكلمة واحدة وهي ( فقدت ) لأن فيها معنى السلب رغم الإرادة وتنتج عنها الحيازة الجديدة . وخلاصة هذه الفقرة هي انقطاع مد التقادم إذا فقد الحائز الحيازة وحازها شخص آخر لمدة سنة ولم يستردها بعد علمه بفقدها إن كانت خفية، يعتبر زوالا لأثر الحيازة .تحت عنوان ( آثار الحيازة وفي المادة 641 جاءت ثلاث فقرات الأولى تقرأ ( من كان حائزاً للحق اعتبر صاحبه حتى يقوم الدليل على عكس ذلك ) هذا النص يشتمل على افتراض من الافتراضات ..... البديهية المستقرة فالأذهان ولا تحتاج إلى نص يدل عليها والفقرة الثانية تقرأ : ( الحائز العقار إذا فقد الحيازة أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه فإذا كان فقد الحيازة خفية بدأ سريان السنة من وقت انكشافها ) هل يوجد جدي في هذه الفقرة بالمقارنة بما سبق في الفقرة (2) المادة 640 قال ما معناه لا تنقطع مدة التقادم ذا فقدت الحيازة واستردها في ظرف سنة وفي الفقرة (4) قال ما معناه تزول الحيازة إذا فقددت لمدة سنة دون أن تسترد وإن فقدت خفية تبدأ السنة بعد العلم . إذا لا يوجد في الفقرة موضوع المقارن جديد . ربما يكون هناك جديد في قوله ( خلال السنة التالية لفقدها ) والسنة التالية يعني بعد انقضاء السنة الأولى لفقد الحيازة هنا يوجد تناقض وتعارض واضح لما سبق لأنه فيما سبق ذكر عدم الانقطاع إذا استرد الحيازة في ظرف سنة من فنقدها وذكر أيضاً انقطاعها إذا استمر الانقطاع سنة كاملة من فقدها . لا يوجد مجال للتوفيق بين هذه النصوص ولا حول ولا قوة إلا بالله .
الفقرة الثالثة من هذه المادة تنص على من كان حائزاً لحساب غيره ويجوز له أن يطلب استرداد الحيازة . في المواد السابقة يذك الحائز بالوساطة وهنا يذكر الحائز لحساب غيره التعبير الصحيح هو الحائز بالإنابة عن غيره وهو عندما يطالب باسترداد الحيازة يكون وكيلاً .تحت العنوان ( استرداد الحيازة ) وفي المادة 642(1) يوجد النص الآتي :
إذا لم يكن من فقد الحيازة قد انقضت على حيازته سنة وقت فقدها فلا يجوز أن يسترد الحيازة إلا من شخص لا يستند إلى حيازة أحد بالتفصيل والحيازة الأحق بالتفصيل هي الحيازة التي تقوم على سند قانوني فإذا لم يكن لدى أي من الحائزين سنداً أو تعادلت سنداتهم كانت الحيازة الأحق هي الأسبق في التاريخ .
هذه صياغة ركيكة جداً .إنه يأتي بالنص في قوله ( إذا لم يكن من .. ) ويترتب عليه نص آخر بقوله ( فلا يجوز أن يسترد ... ) ويصبح بهذا فهم المعنى صعباً جداً . وربما يكون المعنى الذي قصده هذا الكاتب أو المشرع والله أعلم أن من فقد الحيازة يجوز له أن يستردها من شخص هو أحق بالتفضيل وبعبارة أخرى أن من فقد يجوز له أن يستردها في ظرف سنة من شخص ليس أحق منه بالتفضيل . وأضاف أن الحائز الأحق بالتفضيل هون الذي له يند قانوني . ليس لدي تعليق على معاني هذه العبارات ولكن غاية علمي بالنسبة للأرض أنها يدور فيها النزاع بيم الحائز والمالك وأيهما يستحق الحكم له .
الفقرة الثانية من المادة تنص على الآتي :
( إذا كان فقد الحيازة بالقوة فللحائز في جميع الأحوال أن يسترد خلال السنة التالية حيازته من المعتدي ) .
بمقارنة هذه الفقرة بما سبقها نجد أنه هنا جاء بفقد الحيازة ( بالقوة ) واستردادها في السنة التالية. ما الفرق بين الفقد سواء كان بالقوة أو بدونها أو بين سلب الحيازة إذا كان الاسترداد إما أن يكون بالطريقة الودية أو بالطريقة القضائية وثانياً ذكر السنة التالية مثل ما ذكر في المادة 641 فإنه يتعارض مع ما جاء في المادة 640 . ..لبيان سوء صياغة هذا القانون ولبيان الخلط والاضطراب في مقاصده أذكر أن كلمة ( سنة ) بالنسبة لزوال الحيازة أو انقطاعها أو عدم ذلك وردت خمسة مرات في الثلاث مواد السابق ذكرها، ووردت مرة سادسة في المادة 644 الذي تنص على أن للحائز خلال السنة التالية أن يرفع دعوى عدم التعرض . وكان يكفي وجود نص واحد بسيط مثلاً : ( يزول أثر الحيازة بانقطاعها وتنقطع الحيازة بتخلي الحائز أو بفقدها بأي طريقة واستمر هذا لمدة سنة، دون استردادها و رفع دعوى بشأنها ) .
يلاحظ من هذه النصوص أنها أعطت كل الاهتمام للحيازة لمدة سنة وفقدها أو استردادها في تلك السنة أو السنة التي تليها . هذا بينما النص في المادة 640 يقول بالحيازة دون انقطاع لمدة عشر سنوات لعدم سماع الدعوى وعبارة ( دون انقطاع تشمل كل مدة العشر سنوات ) فإذا حصل الانقطاع للحيازة في أي جزء منها فإنه يزيل أثر الحيازة ولا معنى لذكر السنة والواحدة إلا إذا قصد به الانقطاع في أي أجزاء السنين العشرة .
انقطاع الحيازة في قانون 1928م :
جاء في هذا القانون فقرتان تحت المادة 4 وهما (5) و (6) ونصهما كالآتي :
(5) إذا انقطعت الحيازة أثناء المدة المقررة المكسبه للملكية سواء كان ذلك الانقطاع بسبب صادر من المالك أو من شخص آخر زال أثر التقادم المكسب للملكية المترتب عليه تلك الحيازة في المدة السابقة للانقطاع .(6) يجوز أن تنقطع تلك الحيازة من دخول شخص الأرض دخولاً مادياً مدعياً ملكيتها في مواجهة الشخص الحائز بقصد تلك الحيازة وإذا ترتب على ذلك فقدان الشخص الحائز الحيازة . وتنقطع الحيازة أيضاَ إذا اتخذ مالك الأرض الإجراءات القانونية لإثبات حق ملكيته ، وإذا صدر من الشخص الحائز إقرار مكتوب أو اعتراف ثابت بحق الملكية للشخص الذي يدعيها .
في الفقرة الأولى قرر زوال اثر التقادم المكسب لملكية إذا انقطعت الحيازة في أي جزء من الأجزاء المقررة . وأثر التقادم هو اكتساب الملكية بالاستمرار في الحيازة الهادئة العلنية بدون انقطاع لمدة عشر سنوات . والانقطاع يكون بسبب المالك أو من شخص آخر . وفي الفقرة الثانية ذكر الأفعال التي يحصل بها انقطاع الحيازة وهي كالآتيأ ) دخول من يدعي ملكية الأرض دخولاً مادياً بقصد إثبات حقه في ملكيتها وإخراج الحائز مما يعني فقدانه للحيازة .
ب) إقامة قضية من جانب من يدعي الملكية ليثبت ملكيته ضد الحائز .
ج ) صدور إقرار مكتوب من الحائز باعترافه بملكية المالك .
د ) صدور اعتراف من الحائز بأي طريقة من الطرق مما يفهم منه اعتراف بحق المالك .
صدرت سوابق قضائية كثيرة مفسرة لهذه النصوص وبيان مواقع تطبيقها، ولا يتسع المجال هنا لذكرها . ولكني أريد أن أشير إلى ملخص قضيتين طبق فيهما البند ( د ) أعلاه على ما يفهم بأنه اعتراف بحق المالك . أحدهما ن المدعي كان حائزاً للأرض وصدر حكم قضائي بمبلغ من المال ضد مالك الأرض . وحجز الدائن على الأرض التي في حوزة المدين . قام المدعي بسداد الدين ووضع حجزاً بسجل الأرض لمصلحته . اعتبرت هذه الأفعال اعتراف من المدعي بحق المالك وإن لم يكن حائزاً باعتباره مالكاً ومكراً ومضاء الملكية المالك . والقضية الثانية أن المدعي في أثناء حيازته للأرض اتصل به شخص وأظهر له نفسه بأنه وكيل للمالك بينما هو لم يكن كذلك واتفق المدعي مع هذا الشخص على عقد إجارة عن تلك الأرض . ولما اتضح فيما بعد للمدعي بأن هذا الشخص لم يكن وكيلاً ولم تكن له أي صلاحية للدخول معه في عقد بالنيابة عن المالك وكان قد قضى المدة القانونية رفع دعوى بالتملك بالتقادم وقررت المحكمة أن دخوله في عقد الإجارة هذا كان اعترافاً منه بحق المالك، ولم تكن حيازته باعتباره مالكاً ولا كانت تكراراً لحق المالك .
إن دفع أي أجرة عن الأرض أو الوعد بدفع من قبل الحائز يعتبر من أقوى أفعال الاعتراف بحق المالك هذه نصوص واضحة سليمة أولاً تنص على زوال الحيازة بالانقطاع وثانياًُ تبين الأفعال التي يحصل بها لانقطاع ولا توجد نصوص في قانون 1984م مطابقة ولا ماثلة بالدرجة التي تصبح بديلاً عن قانون 1928م .
دعوى استرداد الحيازة :
تحت هذا العنوان وفي المادة 643 تنص على أن يرفع دعوى في الميعاد القانوني لاسترداد الحيازة على من انتقلت إليه حيازة العقار المغتصب منه، ولو كان هذا الأخير حسن النية ربما يقصد أن يقول من اغتصب منه عقار فله أن يسترده من أي شخص ولو كان حسن النية . لا يؤدي هذا النص وأمثاله معنى مقيداً . لما سبق أن ذكر أن حسن النية أو سوئها لا دخل له في الحيازة وثانياً أن للمالك الحق في استرداد الحيازة في أي وقت من أي شخص إذا لم يكن حقه في ملكيتها سقط بالتقادم .
دعوى منع الضرر ووقف الأعمال :
جاء في المادة 644 أن الحائز إذا استمرت حيازته سنة كاملة ووقع له تعرض في حيازته له أن يرفع دعوى لمنع التعرض .
وجاء في المادة 645 أن الحائز للعقار إذا استمرت حيازته سنة كاملة وخشي التعرض له من أعمال تهدد الحيازة فله أن يرفع دعوى بوقف تلك الأعمال وللمحكمة قبل أن تحكم بوقفها أو استمرارها أن تأمر بدفع تأمين كاف يكون ضماناً لمن يقع عليه الضرر بعد الفصل النهائي في الدعوى . نكرر القول ..
.. بأننا لا ندري ما هو الرأي الذي يستند إليه هذا القانون في كل هذه الأهمية للحيازة لمدة سنة . فإن فهمنا أن السنة هي جزء من عشر سنوات وباكتمالها ينشأ حق أو يسقط حق ولا يستطيع الحائز أن يرفع دعوى لمنع التعرض أو لمنع الأعمال . إن التعرض أو الأعمال قام بها مالك العقار حتى ولو كان حيازته أكملت السنة وبلغت عشر سنين إلا يوماً وإذا كان التعرض أو الأعمال جاء من غير المالك فللحائز والمفترض أن يتنازعا حتى يصدر الحكم لأحدهما .
الحق في قبض الثمار ورد المصروفات :
تنص المادة 646 أن للحائز حسن النية الحق في الثمار وما يحصل عليه من منفعة، أما سيئ النية فليس له حق وعليه أن يرد ما حصل عليه . وله أن يسترد ما أنفقه في الإنتاج .
وتنص المادة 647 على أن على المالك الذي يرد إليه ملكه أن يؤدي للحائز جميع ما أنفقه من مصروفات ضرورية وليس للحائز أن يطالب بالمصروفات الكمالية وللمالك أن يستبقي ما أنشأه الحائز مقابل دفع قيمته مستحق الإزالة أو يطلب من الحائز الإزالة . وعلى المالك أن يرد للحائز ما دفعه لسلفه من مصروفات .لا أجد ما يقنعني بأن مثل هذه النصوص لها دخل أو صلة أو تعلق بالتقادم الذي يكسب حقاً أو يسقط حقاً . خاصة وأن هذه الحقوق نشأت بعد انتهاء الحيازة واسترداد المالك ملكه . يجب أن يكون لها مكان غير هذا في القانون .المسئولية عن الهلاك والقلق :
في المادة 648 ذكر لا يكون الحائز حسن النية مسئولاً عن التلف ويكون مسئولاً إذا كان سيئ النية . إنه نص يخص المنقولات وليس له دخل أو صلى بالتقادم المكسب أو المسقط للحق .دعوى الإرث :في المادة 650 جاء النص :
( لا تسمع دعوى الإرث مع التمكن وعدم العذر الشرعي على من وضع يده على عقار متصرفاً في تصرف بلا منازعة أو انقطاع لمدة ثلاثة وثلاثين سنة .) إنه يتحدث عن دعوى الإرث وعن شخص وضع يده على عقار . إن دعوى الإرث تقام من وراث ضد الورثة الآخرين المجتمعين معاً في مورث واحد فيما يختص بالعقار التي تملكه الورثة . فإن الورثة قد طلبوا من المحكمة إصدار إعلام بالإرث والتركة واستبعدوا المدعى لأي سبب من الأسباب ، فإن هذا المدعى لا تسمع دعواه بعد مضي ثلاثة وثلاثين سنة .هذا ما جاء في قانون الإجراءات المدنية وفي هذه الحالة فإن وضع اليد ليس له دخل ولا صلة . لأن الورثة المدعى عليهم بعد تقيم العقار المورث يجوز ..
.. أن لا يكونوا واضعي اليد عليه ويجوز أن يكون واضع اليد عليه شخص آخر أجنبي عنهم . إن دعوى وضع اليد أو التقادم تقام ضد المالك لإسقاط حقه أ, لاكتساب الملكية .
الأموال والعقارات المملوكة للدولة :
وفي المادة 651 نص على :
( مع مراعاة الأحكام المتعلقة بإحياء الأرض الموات والمنصوص عليها في هذا لا يجوز تملك الأموال العامة أو كسب أي حق عليها عيني بمرور الزمن ) .
سبق أن تعرضا لهذه المادة فيما يختص بإحياء الأرض الموات ولا يوجد شيء آخر يستحق الذكر.
سريان قواعد التقادم المانع :تحت هذا العنوان وفي المادة 652جاء نص عائم ليس فيه قاعدة يمكن الإشارة إليها وكل ما يفهم منها أن على المحاكم أن تلتزم بالقواعد التي جاء بها القانون .
حيازة حق على منقول أو سند :
تحت هذا العنوان وفي المادة 653 قال ما معناه من حاز بسبب صحيح وكان حسن النية حقاً منقولاً لا تسمع عليه دعوى الملكية .
وفي المادة 654 قال إذا سرق المتقول أو فقد فللمالك أن يسترده في خلال ثلاث سنوات وإذا كان ا لحائز حين النية على المالك أن يعجل له بالثمن .
لعل هذه المادة أتى بها لتحل محل قانون استرداد الأموال الضائعة أو المسروقة لسنة 1924 الذي ألغاه .
سقوط الحق بالتقادم بالنسبة للمنقولات :
بمناسبة هذه المادة التي جعلت استرداد المنقول الضائع أو المسروق يمكن أن يحصل في خلال ثلاث سنوات فإننا نعيد إلى الأذهان أنه جعل عدم سماع الدعوى عن المنقولات يحصل بعد إتمام الحيازة له عشر سنوات، وذلك في المادة 640 التي يقول فيها ( من حاز ... منقولاً أو عقاراً أو حقاً عينياًُ على منقول .. باعتباره مالكاً له دون انقطاع لمدة عشر سنوات فلا تسمع عليه عند الإنكار دعوى ) . كيف السبيل إلى التوفيق بين هذين النصين؟ والاسترداد خلال ثلاث سنوات معناه سقوط الحق في الدعوى إذا انقضت هذه السنوات . إنه الخلط والارتباك وسوء الفهم الذي امتاز به هذا القانون . ..
ومن ناحية أخرى فإن هذا القانون لم يكمل شروط وقواعد سقوط الحق بالتقادم بالنسبة للمنقولات من تلك التي جاءت في قانون 1928 . منها بدء سريان المدة وانقضاءها وحسابها وتحديدها بالإقرار أو الوفاء الجزئي أو من بعض المدينين أو الغش ومن يتمسك به وشروط فقدان الأهلية وغير ذلك . وفوق هذا فإنه لم يحدد عدد أي مدد سقوط الحق بالنسبة لأي واحد من أنواع الحقوق المختلفة التي منها الحقوق المترتبة على الإخلال بالعقود وحقوق التعويض عن الضرر للجسيم أو المال أو غيرها .
وأختتم هذا الفصل بأن قانون 1984م خاصة فيما ذكر كله عيوب ونواقص ووضع بدون فكر ولا علم ولا ثقافة ويجب أن لا يبقى .