وبتاريخ 25/03/1986 أصدر المجلس الأعلى قرارا غريبا جاء فيه :

"لئن كان قانون المسطرة الجنائية قد حدد في الفصلين 68 و 69 منه مدة الحراسة النظرية وعبر عن ذلك بصيغة الوجوب فإنه يرتب جزاء البطلان على عدم احترام ذلك، كما فعل بالنسبة للمقتضيات المنصوص عليها في الفصول 61-62 -64-65 منه إذ يتعذر تقديم الشخص في الوقت المحدد لأسباب تتعلق بالبحث كما هو الحال في النازلة التي تطلبت القيام بعديد من المعاينات وليس فيها ما يمكن اعتباره خرقا لحقوق الدفاع أو مسا بحريات الأشخاص".

والحقيقة أن هذا الاجتهاد قد مس بالحريات والضمانات التي يخولها الدستور وقانون المسطرة الجنائية للأشخاص ولعل أن التجربة الفتية لقانون المسطرة الجنائية الجديد بالمغرب رقم 03-03 تجعلنا لا زلنا لم نراكم بعد زخما تجريبيا عن هذه المرحلة تفيدنا أكثر في التعمق في تطبيق النص الجديد.

غير أنه ولتجاوز مخلفات المرحلة السابقة فإنه يتحتم علينا تفعيل النص الجديد وذلك بتعبئة جميع الفاعلين وخاصة أمام الضابطة القضائية وذلك بتدعيم المراقبة القضائية لعملها مع إشاعة ثقافة الضمير المهني الذي ينتقي لدى البعض من عناصرها، فالمستوى الثقافي البسيط وضعف التكوين المهني كل هذه العوامل تجعل ضباط الشرطة القضائية يضمنون المحاضر اعترافات الأظناء حيث يكفيهم ذلك عن جمع الأدلة وتقييم ملاحظات رؤسائهم وذلك كله من أجل إعطاء قرينة البراءة هي الأصل في الإنسان حتى تثبت إدانة الشخص بعدها الإنساني.

2 - القضاء و قرينة البـــراءة :

ان أية ترسانة من القوانين وضعت لحماية حقوق الإنسان لن تكون ولا يمكنها ان تكون واقية من الاعتداء على هذه الحقوق، فالظلم والكبرياء والتعسف صفات أساسية لصيقة بالبشر.

يقول الشاعر :

والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا غفلة فلعلة لا يظلم

غير أن هذه القوانين موضوعية كانت أو مسطرية هي في الحقيقة بمثابة الدرع الواقي، فان طبقت التطبيق السليم كانت حماية للحق ووجاء من الظلم، وقديما قيل " ان الله ليزرع بالسلطان مالا يزرع بالقرآن"

إذا كان منطلق افتراض البراءة هو بداية الاشتباه أو توجيه التهمة فإن هذه القرينة تظل ملازمة للشخص خلال مراحل محاكمته ومنذ اللحظة الأولى للبحث التمهيدي مرورا بمرحلة النيابة العامة والمحاكمة بدرجاتها إلى أن يصبح الحكم بالإدانة حائزا لقوة الشيء المقضي به.

- النيابة العامة وقرينة البراءة :

تتولى النيابة العامة إقامة و ممارسة الدعوى العمومية و مراقبتها و تطالب بتطبيق القانون، و لها الحق كذلك في تلقي الشكايات و الوشايات و التي من حقها اتخاذ ما تراه ملائما اعتبارا لسلطة الملائمة.

و حيث أن المشرع المغربي قد نص في الفصل 40 من ق م ج على مجموعة من المهام المسندة إلى وكلاء الملك لدى المحكمة الابتدائية، و التي تقريبا نفسها المسندة إلى الوكلاء العامين لدى المحاكم الاستئنافية ، إلا أن أهم مستجد وقع التنصيص عليه فـــي الفصل 41 على إجراء الصلح بين طرفي النزاع و ذلك تكحل وسط بين قراري الحفظ و المتابعة الذين تملكهما النيابة العامة و الذي يمكن أن تجنب متابعة المتهم وفي نفس الوقت يقدم حلا للضحية بالحفاظ على حقوقه و يصون حقوق المجتمع، ذلك أن من أسباب العدالة الجنائية تمكين الضحايا من الوصول إلى حقوقهم عبر تسوية حبية دون اللجوء إلى القضاء.

هذا بالإضافة إلى تنصيص المشرع في الفصل 372 ق م ج على إيقاف سير الدعوى في الحالة التي يتنازل فيها المتضرر أثناء سريان الدعوى و ذلك بناء على ملتمس تقدمه النيابة العامة مع إمكانية مواصلة النظر في الدعوى بطلب من النيابة العامة كلما طرأت عناصر جديدة تمس الدعوى العمومية ما لم تكن قد سقطت بالتقادم.

أما بخصوص الإثبات الذي عرفه الدكتور عبد الرزاق السنهوري في كتابه الوسيط في شرح القانون المدني على انه " إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون على وجود واقعة قانونية ترتب أثارها "

وكما جاء في إحدى اجتهادات المجلس الأعلى على انه " يمكن اتباث الجرائم بأية وسيلة من وسائل الإثبات ما عدا الأحوال التي يقضي فيها القانون بخلاف ذلك"

تعد تصريحات الطرفين التي نوقشت أمام المحكمة حججا، و أن قبول المحكمة لتصريحات الضحية و رفضها لتصريحات المتهم يدخل في عداد سلطتها التقديرية للحجة و لا تخضع في ذلك لرقابة المجلس الأعلى قرار 890 صادر بتاريخ 29/11/1982.

و تطبيقا كذلك للقاعدة العامة فان عبء الاتباث يقع على عاتق النيابة العامة يساعدها في ذلك الضحية، و تبعا لذلك فان الشخص يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته و قد كرس هذه القاعدة الفصل 286 ق م ج. غير أن عبء الاتباث قد يقع أحيانا على عاتق المتهم كما هو الشأن مثلا في إثبات الوسائل المبررة المنصوص عليها في الفصل 124 ق.ج.

غير أن هذه القاعدة تعرف تطبيقات معكوسة، فالشخص المتهم يخضع قبل صدور الحكم ضده لإجراءات قاسية كالوضع تحت الحراسة النظرية و الاعتقال الاحتياطي رغم الضمانات القانونية الكافية التي يتوفر عليها، ناهيك عن تلك العبارة التي ألف لسان النيابة العامة النطق بها في ملتكساتها تجاه الأظناء وهي : "الإذانة"، دون أن ننسى ما دأب عليه الإجتهاد القضائي فيما يتعلق بتقديم شهود الإثبات على شهود النفي وهو ما يعتبر بحق تجسيدا لطغيان منطق الإذانة وتطاوله على قرينة البراءة.

فكيف يتعامل قضاة التحقيق مع المتهم الخاضع لإجراءاتهم ؟

قضاء التحقيق و قرينة البراءة :

تعتبر مهمة قاضي التحقيق خطيرة لما يمكنه ان يتخذه من أوامر و قرارات من شانها المس بحريات الأفراد و الزج بهم في السجن و هي تعتبر شاقة لما تتطلبه من إجراءات دقيقة للوصول إلى الحقيقة، و أمام هذين الأمرين بات واجبا على قاضي التحقيق التروي و اخذ الحيطة عند اتخاذه للأوامر القضائية حتى لا تمس بالحريات و حقوق الدفاع و يستعمل الأوامر في غير محلها تطبيقا لمبدأ " كل متهم

بريء الى أن تثبت إدانته "

هذا و ان أهم ما استجد في هدا الميدان هو أوامر قاضي التحقيق المتعلقة بانتهاء التحقيق كالأمر بعدم الاختصاص الذي يماثل الأمر بعدم المتابعة في القانون القديم في الحالة التي تكون فيها الوقائع المنسوبة للمتهم رغم ثبوتها لا يمكن المتابعة بها لأنها ذات طابع أو صبغة مدنية مثلا أو فاقدة لأحد الأركان أو حدث سبب من أسباب سقوط الدعوى العمومية بشأنها، ومع بدء العمل بثنائية التحقيق فقد أصبح قاضي التحقيق لدى المحكمة الابتدائية له صلاحية التصريح بعدم الاختصاص.

و من أهم الضمانات كذلك التي كرسها قانون المسطرة الجنائية بطلان إجراءات التحقيق، و ذلك ضمانا لتطبيق المسطرة و عدم المساس بحقوق الدفاع، فقد نصت المادة 210 من ق. م. ج. على انه يجب مراعاة مقتضيات المادتين 134 و 135 من القانون و المنظمين للحضور الأول للاستنطاق و المادة 139 المتعلقة بحضور المحامي أثناء الاستنطاقات و المواجهات المواد 59-60-62-101 المنظمة للتفتيشيات و ذلك تحت طائلة بطلان الإجراء المعيب و الإجراءات الموالية له.

كما أن قانون المسطرة الجنائية لم يجز متابعة المتهم من اجل نفس الأفعال إلا اذا ظهرت بعد صدور الأمر أدلة جديدة و هو ما اعتبر بحق ضمانة من ضمانات المحاكمة العادلة و من جهة أخرى فان المشرع الجنائي و نظرا لما تمثله مرحلة التحقيق في أطوار المحاكمة فانه اخضع عمل قاضي التحقيق للمراقبة القضائية و هي المراقبة التي كانت موكولة لغرفة الاتهام بمحكمة الاستئناف في ظل قانون المسطرة الجنائية لسنة 1959 ، و هذا المبدأ كرسته مدونة المسطرة الجديدة التي أسندت مهمة مراقبة التحقيق الإعدادي قضاء و تأطيرا إلى الغرفة الجنحية باعتبارها أكثر ضمانة من غرفة الاتهام .

و حيث كذلك فان المشرع المغربي قد رتب على خرق القواعد و الضمانات المقررة لفائدة كل من المتهم و المطالب بالحق المدني خلال مرحة التحقيق الإعدادي بطلان إجراءات التحقيق، و قد خول المشرع لكل من النيابة العامة و المتهم و المطالب بالحق المدني الحق في إثارة البطلان إذا ظهر لأي منهم بان إجراءا ما مشوب بالبطلان، و يتقدم بطلبه الرامي إلى البطلان أمام الغرفة الجنحية.

و إذا كانت شروط المحاكمة العادلة و صيانة براءة الإنسان تستلزم ضمان الحق في الدفاع، فان المقتضيات القانونية التي حددها المشرع و خص بها المحامي في علاقة مع المسطرة الجنائية أمام قاضي التحقيق و ردت في الفصول 134 إلى 140 ق. م. ج. بالإضافة إلى الفصول الأخرى المتفرقة كالفصل 179 في شان تقديم طلب الإفراج المؤقت أمام قاضي التحقيق و الفصل 470 المتعلق بالتحقيق مع الأحداث.

غير أن البحث في ما جاء به الفصل 139 يؤكد على أن مؤازرة المتهم بواسطة محام أمام قاضي التحقيق غير إجبارية و غير إلزامية مادام أن هذه المؤازرة تكون بناء على اختيار أو بناء على طلب التعيين أو في حالة انتفاء الاختيار أو طلب التعيين و في حالة التنازل عن مؤازرة الدفاع الذي يجري الاستنطاق الأولي حول الهوية و كذا الاستنطاق التفصيلي و المواجهة في غيبة المحامي هذا باستثناء الجرائم التي يصل الحد الأقصى فيها للعقوبة إلى خمس سنوات فأكثر.

إلا انه ما يمكن ان نسجله كذلك بشكل سلبي و يمس بحقوق المتهم خلال هذه المرحلة هو شكلية حضور المحامي أثناء التحقيق دون أن تتوفر لاتصاله بموكله شروط ضرورية و ذات فعالية في تحقيق شروط محاكمة عادلة ، و الدفاع عن براءة موكله .

إذ انه لا يمكن لمحام المتهم و الطرف المدني أن يتناول الكلمة إلا لتوجيه الأسئلة أثناء المواجهة و الاستنطاق أو الاستماع للطرف المدني، و بالتالي يبقى دور المحام لا يتجاوز شكلية مسطرية تبقى دون جدوى و في نفس الوقت تعبر عن تضييق لمجال عمل الدفاع في مساعدة قضاء التحقيق للوصول الى الحقيقة بما يكفل للمتهم ضمانات حقيقية تساعده أكثر في إثبات براءته ، الأمر الذي يستوجب على المشرع الجنائي صراحة نصية في هذا الإطار ذات فعالية بالتنصيص على دور اكبر للدفاع أثناء مؤازرة موكليهم أمام قاضي التحقيق كما هو الشأن في العديد من الدول العريقة في الديموقراطية كفرنسا مثلا.

- قضاء الحكم وقرينة البراءة :

أن المنطق الذي يتعامل به بعض رجال القضاء فيما يخص التعامل مع الظنين الذي قد يمثل أمام المحكمة على أساس ان الشخص متهم و عليه أن يثبت براءته أمام استحالة إثبات ما يخالف محاضر الضابطة القضائية.

و قد أثبتت المحاكمات التي تلت أحداث 16 ماي 2003 الإرهابية، بان كافة المحاضر التي أنجزت في حق المشتبه فيهم قد تم اعتماد ما ضمن فيها، و هو ما دفع بالعديد من الجمعيات الحقوقية إلى التنديد بذلك حتى لا تستغل الظرفية للإجهاز على مكتسبات المحاكمة العادلة.

و لعل أن الاتجاه السائد بالخصوص لدى المحاكم الابتدائية ما زالت تعلل إحكامها كلما أرادت إصدار حكم بالإدانة اعتمادا على التصريحات الواردة بالمحاضر، و بكون هذه الأخيرة يوثق بمضمونها إلى أن يثبت العكس، الشيء الذي لا يتماشى و المقتضيات القانونية المتعلقة بالقوة الثبوتية لعمل الضابطة القضائية.

و إذا فقد المحضر قوته فلا يمكن الاعتماد عليه في الاثبات، و يبقى اثباث الجريمة بأية وسيلة من و سائل الاثبات الأخرى بما في ذلك الاقتناع الصحيح للقاضي و إذا لم تتوفر هذه الوسائل و لو لم تقتنع المحكمة بثبوت الجريمة يتعين التصريح ببراءة المتهم، و على القاضي إذا اثبت ما يخالف المحضر عليه أن يعلل الحكم الذي سيصدره.

و لقد كشفت الأحكام الصادرة عقب أحداث 16 ماي الإرهابية عن العديد من مظاهر الخلل، جعلت منها محاكمات غير عادلة تفتقد للشروط الضرورية، حيث صدرت الأحكام بطريقة متسرعة، و جاءت كنتيجة لخرق العديد من الحقوق منها رفض الاستماع إلى الشهود، و اعتماد الاعترافات و التصريحات التي تم الحصول عليها عن طريق الإكراه، و ممارسة العنف و إلزام أصحابها بتوقيعها دون الإطلاع عليها ، و النطق بأقصى الأحكام دون توفر قرائن كافية، و هو ما اعتبر بحق مساسا خطيرا بقرينة البراءة ، رغم أن الدفاع قد وقف خلال هذه المحاكمات دورا شجاعا.

لذا يبقى أكبر بعد لقرينة البراءة هو بعدها المتعلق بإثبات الجريمة حيث يعتبر كل متهم بريئا إلى أن تتم إدانته ولا تأتي الإدانة إلا عن طريق تقديم وسائل إثبات مقنعة تتم مناقشتها علنيا وشفهيا من طرف المحكمة، لذا فإن هذا البعد من قرينة البراءة ما يزال هو المميز لها إذ أن العبرة بالخواتم وأحسن الأحوال هي التي يتم فيها الاعتراف للمتهم ببراءته في نهاية المحاكمة.

وناقلة القول، فان تحقيق شروط محاكمة عادلة وصيانة قرينة البراءة مما قد يطالها، يحتاج إلى الفعل الفعال وليس الفعل الجامد والمستكين، وأداء الدور بشكل فعال كما وكيفا، وهو ما يحتاج إلى القدرة هذه الأخيرة التي تجمع بين مقومات الكفاءة والاستقلال والأخلاق والإيمان برسالة العدل، فلكي تتوفر في القاضي صفة مقومات الحاكم العادل لابد له من كفاءة مهنية عالية، ولا بد أيضا من أن تتوفر له شروط الاستقلال في إصدار أحكامه، وما يصدق عن سمات القاضي الجيد يصدق على خصال المحامي المقتدر مع احترام اختلاف الأدوار. اذ العدالة بعد رمزي عميق في نفوس البشر وارتباط لازال حيا ومرتبطا باقدس مقدسات الإنسان.

3- هيئة الدفاع و قرينة البراءة :

يعرف المشرع المغربي المحاماة بأنها مهنة حرة و مستقلة تساعد القضاء في تحقيق العدالة و المحامون بهذا الاعتبار جزء من أسرة القضاء.

من خلال هذا التعريف أكد المشرع و كما أكدت التجربة الميدانية على ان المحاماة رسالة تلعب دورا أساسيا في حماية و في الدفاع عن حقوق الإنسان في مواجهة الطغيان و في الجهر بالحق و العمل الدائب من اجل سيادة القانون و الاستقرار داخل المجتمعات، و لقد كان دور المحامي المغربي بارزا خلال مختلف المحطات النضالية للمغرب الحديث في الدفاع عن المقهورين و مناصرة ضحايا حقوق الإنسان و الحريات الأساسية و مواجهة الظلم و المساهمة الفعالة في تطوير التشريع.

غير أن تأدية هذه الرسالة الانسانية لا يمكنها أن تؤدي على أحسن وجه، إلا إذا كان المحامي ذلك المدافع عن الحقوق و الحريات بدون هوادة و دون أن ينتظر جزاءا و لا شكورا، و أن يكون أيضا ذلك الساهر على تطبيق القانون و سيادته بجرأة و شجاعة تدفعه إلى الجهر بالحق و مواجهة الظلم و الدفاع عن براءة الإنسان إلى أن ثتبث إذانته بمقتضى محاكمة عادلة امن المحامي بعدالتها بعدما واكب جميع أطوارها و تأكد له ذلك.

و قد اتبثت لنا تجارب محاكمات سابقة على أن المحامي كان مناصرا للحق و مدافعا عن القيم الإنسانية العالمية كما آمن بها و أصر في نفس الوقت على تطبيقها رغم تعنت بعض رجالات القضاء، و قد سجل لنا التاريخ القريب و لا زال يسجل الانسحاب المسؤول لرجال الدفاع من جلسات المحكمة إذا تبين لهم خرق للحقوق المكفولة لموكليهم.

و في الضفة الأخرى من هيئة الدفاع نجد محاميا لا يهمه إلا مقدار ما يكسبه منها، و لا يهمه أن يسود العدل أو يترسخ الظلم و الفساد، و يفضل التفسخ و الانحلال و يندمج في التلاعب بحقوق المواطنين أو في إهمالها، و يؤمن بان الغاية تبرر الوسيلة، فلا يدافع عن براءة موكله بقوة القانون بل بطغيان الفساد.

إلا أن الزمرة التي ذهبت في هذا الاتجاه تبقى قليلة، و لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تنال من عظمة الرسالة النبيلة لمهنة المحاماة و التي تجعل من المحامي ذلك المدافع عن قيم العدل و المدافع الجريء عن قرينة البراءة.

خاتمـــــــة :

لقد طغى على العدالة الجنائية خلال العقود الأخيرة الاهتمام بحقوق الإنسان كمتهم و اتجه التفكير إلى ضرورة حماية حقوق المتهمين المتابعين و توفير الضمانات الكافية لهم أثناء محاكمتهم، و في نفس الوقت كان الاهتمام بضحية الجريمة و المتضرر منها.