مقال فلسفي : في النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية

مقال فلسفي : في النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية
| منتدى مراجعة وتلخيص للفلسفة



منتدى الفلسفة والعلوم الانسانية منتدى الباكالوريا - منتدى الآداب و العلوم الإنسانيّـة - فلسفيات الباكالوريا آداب وشعب علمية بكالوريا علوم - باكالوريا آداب بكالوريا الجزائر بكالوريا المغرب - منتدى الفلسفة منتدى علم الاجتماع منتدى علم النفس


في مناهج تدريس الاقتصاد عادة يُستعمل مصطلح النمو والتنمية للاشارة الى شيء واحد، هذا الاستخدام ينال قبولاً واسعاً. لكن عدد من الاقتصاديين يميزون بين المصطلحين.
التنمية الاقتصادية
هي مفهوم معياري يكتسب معنى اخلاقياً في الحكم على الاشياء بـ (الجيد، السيء او الصحيح، الخطأ). وطبقاً لتعريف مايكل تودارو: "التنمية الاقتصادية هي الزيادة في مستويات المعيشة، وتحسين احترام الذات والتحرر من الاضطهاد وتوفر خيارات عظيمة للناس". التنمية الاقتصادية هي مفهوم أوسع من مفهوم النمو الاقتصادي، فهي اكثر من مجرد "النمو في الدخل"، لأن توزيع الدخل اذا كان حاداً(حتى بوجود النمو) فسوف لن يحصل اي تقدم نحو الاهداف المرتبطة بالتنمية الاقتصادية. تُقاس التنمية الاقتصادية بمؤشر التنمية الانسانية الذي يأخذ في الاعتبار نسبة الأبجدية وتوقعات الحياة (عمر الفرد). الخصائص الملازمة للتنمية الاقتصادية تتمثل بقلة مستوى الفقر والجوع والامراض، وهبوط الجريمة والفساد وتوفر السكن الضروري للافراد.كذلك هناك مستويات عالية للدخل والاستهلاك والتوفير والاستثمار والتوظيف.هذا بالاضافة الى توفر الدعم الاجتماعي للعاطلين عن العمل وتوفر التعليم والخدمات الصحية وشبكات النقل والاتصالات والخدمات العامة. بالطبع ليس كل الدول المتطورة تتوفر فيها جميع هذه السمات، فالبعض تشهد نسبة عالية من الجريمة لكن هذه السمات تبقى هامة للتمييز بين الدول المتطورة اقتصاديا وغيرها.
النمو الاقتصادي
ان الخصائص اعلاه تتحدث كثيراً عن الأهداف وليس عن العمليات او الآليات المطلوبة لتحقيق تلك الاهداف. اذاً ما الذي يقود البلد نحو تحقيق تلك الاهداف؟ الجواب يكمن في النمو الاقتصادي. ان النمو الاقتصادي الطويل الاجل هو المحرك الرئيسي لرفع مستوى المعيشة، حيث ان العائلة التي تستلم 25 ألف دولار اليوم تتوقع ان تحصل على 30 ألف وخمسمائة دولار خلال عشر سنوات اذا كانت نسبة النمو 2%، وتحصل على37 ألف دولار عندما تصبح نسبة النمو 4%(مع ثبات سعر الصرف). النمو الاقتصادي يمكن ان يسلك مسارات مختلفة والبعض يجادل بان اي شكل من النمو الاقتصادي هو بالنهاية غير ثابت بسبب محدودية الموارد على الكوكب.
الاقتصاديون عادة يقيسون النمو الاقتصادي بمقدار الزيادة في الناتج المحلي الاجمالي (GDP). هناك ثلاثة اتجاهات لقياس الدخل القومي 1- اتجاه الدخل 2- اتجاه الانتاج او المخرجات 3- اتجاه الانفاق. نظريا اي من هذه الاتجاهات تقود الى نتيجة واحدة ،حيث ان اي زيادة في المخرجات تؤدي الى زيادة في الدخل والانفاق بنفس المقدار.
العلاقة بين النمو والتنمية
هل ان المستوى العالي للناتج المحلي الاجمالي يتطابق بالضرورة مع مستوى عالي للتنمية؟الجواب كلا. ان المهم ليس التراكم في الناتج الاجمالي القومي وانما في الناتج الاجمالي لكل فرد. دول مثل الصين والهند لديها مستويات عالية من الناتج الاجمالي تفوق الناتج الاجمالي لسنغافورة ونيوزيلاند وبلجيكا، لكن الدول الاخيرة اكثر تطورا من الاولى. لكي تُترجم الزيادة في الناتج الاجمالي الى زيادة في الناتج الفردي(الدخل الفردي) لابد ان تكون نسبة الزيادة تلك اكبر من نسبة الزيادة في السكان.ان الدول الاعلى تطورا هي الاعلى ناتج اجمالي لكل فرد وذلك بقسمة مجموع الناتج الاجمالي على عدد السكان. لكن هذا المؤشر لا يتحدث عن كامل القصة. النمو في الناتج الاجمالي قد ينتج عن النمو في دخل الاثرياء في المجتمع مع بقاء دخول الفقراء على حالها. هو لا يذكر شيئا عن كيفية الانفاق او توزيع الدخل.
آراء بعض الاقتصاديين
1- يرى بعض الاقتصاديين، ان التنمية الاقتصادية تشير الى عملية التوسع في الاقتصاديات المتخلفة، بينما النمو الاقتصادي يشير الى التوسع في الاقتصاديات المتقدمة.
2- اوضح prof. Kindleberger الفروقات بين النمو والتنمية بالقول "النمو لا يعني فقط الزيادة في المخرجات وانما ايضا الزيادة في المدخلات ومزيد من الفاعلية، بمعنى آخر زيادة المخرجات لكل وحدة من المدخلات. اما التنمية تتجاوز تلك لتشمل التغيرات في هيكل المخرجات وتخصيص المدخلات بين القطاعات. وبالمقارنة مع الانسان يستلزم النمو التركيز على الطول والوزن، بينما التنمية تؤكد على التغيرات في المقدرة الوظيفية على التكامل والتنسيق المادي. فمثلا، لو لم يحصل تطوير للمزيد من الستيل في الاتحاد السوفيتي او بدون المزيد من القهوة في البرازيل ما كان بالامكان تحقيق اي نمو. عمليا من المستحيل تصوّر التنمية بدون نمو لأن التغير في الوظيفة يتطلب تغيراً في الحجم. وبدون ان يتمكن الاقتصاد من انتاج هامش يفوق حاجته للطعام ، عبر النمو، سيكون غير قادر على تخصيص جزء من موارده الى انواع اخرى من الفعاليات".
3- البعض الآخر يرى ان التنمية الاقتصادية هي حصيلة الجهود الواعية والموجهة المنخرطة في التخطيط. النمو الاقتصادي، من جهة اخرى، يشير الى التقدم في الاقتصاد في ظل محفزات ايجابية لظروف معينة، مثل،التقدم الذي حققته بريطانيا اثناء الثورة الصناعية.
4- يذكر ماديسون A. Maddison "ان زيادة الدخل القومي في الدول الغنية عادة يُطلق عليها بالنمو الاقتصادي ولكن في الدول الفقيرة يطلق عليها بالتنمية الاقتصادية. السيدة هكس اشارت الى نفس الفكرة وهي ان التنمية الاقتصادية تشير الى مشاكل الدول تحت التطور اما النمو الاقتصادي فهو يتعلق بالدول المتقدمة. وتضيف ان الدول النامية تهتم بتطوير مواردها غير المستعملة، اما الدول المتقدمة تهتم بالنمو، حيث ان معظم مواردها معروفة سلفا وتم تطويرها الى مديات هامة.
5- طبقا لـ prof. Mehta ان مصطلح "النمو" له اهمية كمية. النمو يقترح زيادة في كمية شيء ما مثل سكان البلد، الدخل القومي، الدخل لكل فرد، الاستهلاك، التوفير،الاستثمار، التجارة الاجنبية. عبر فترة زمنية. في الاقتصاد، النمو يعني زيادة في الدخل الحقيقي، الدخل الاجمالي والفردي. اما التنمية هي عملية توسّع، وتحقيق للرغبة بامتلاك زيادة في الدخل القومي.
العوامل التي تؤثر على النمو الاقتصادي
عملية النمو الاقتصادي هي ظاهرة شديدة التعقيد تتأثر بعدد كبير من العوامل السياسية والاجتماعية والثقافية. التحليل الاقتصادي يوفر فقط توضيحاً جزئياً لهذه العملية.
اولا: العوامل الاقتصادية
1- الموارد الطبيعية
ان العامل الرئيسي الذي يؤثر على تنمية الاقتصاد هو الموارد الطبيعية. هذه الموارد تشمل مساحة الارض المتوفرة ونوعية التربة والغابات والانهار والبترول والثروة المعدنية والمناخ الجيد. بالنسبة للنمو الاقتصادي، تعتبر وفرة الموارد الطبيعية ضرورية. البلد الذي تنقصه الموارد الطبيعية هو في وضع لا يسمح له في التطور السريع. الموارد الطبيعية هي ضرورية للنمو ولكنها ليست كافية. اليابان والهند مثالان على ذلك. في الدول الاقل تطورا تكون الموارد الطبيعية غير مستعملة او يساء استخدامها، وهو سبب بقائها متخلفة.
2- تكوين رأس المال
وهو من العوامل الهامة في التنمية. ويقصد به المخزون المتوفر من رأس المال. تكوين رأس المال هو ذو طبيعة تراكمية يتغذى ذاتيا ويضم ثلاث مراحل مترابطة: ا- وجود توفير او ادخار حقيقي وزيادة فيه ب- وجود ائتمان ومؤسسات مالية لتعبئة التوفير وتحويله نحو القنوات المرغوبة، و ج- استخدام هذه التوفيرات للاستثمار في السلع الرأسمالية.
قلة الادخار في الدول غير المتطورة ناتج عن ضعف الدخل الفردي للناس. تكوين رأس المال يعتبر العامل الرئيسي للنمو خاصة في الدول المتخلفة. انه يزيد انتاجية القطاعات الاقتصادية ويعزز في النهاية المخرجات القومية من خلال رفع الطلب الفعال.
3- التقدم التكنلوجي
التغيرات التكنلوجية تعتبر جوهرية لعملية النمو الاقتصادي. آدم سمث، اشار الى الاهمية الكبيرة للتقدم التكنلوجي في التنمية الاقتصادية. في الحقيقة، حتى تكوين راس المال غير ممكن بدون التقدم التكنلوجي. تستطيع الدولة اضافة وسائل جديدة للنقل والاتصالات ولمصادر الطاقة والمصانع.التقدم التكنلوجي مرتبط بالبحث عن استعمال طرق جديدة ومتطورة للانتاج او تحسين الطرق القديمة.ولكن بشكل عام يؤدي التقدم التكنلوجي الى زيادة في الانتاجية،مثل الثورة الخضراء .
4- الموارد البشرية
النوعية العالية للموارد البشرية تعتبر هامة للتقدم الاقتصادي. لذا فان الاستثمار في العنصر البشري عبر التعليم والخدمات الصحية هو المفتاح للنمو الاقتصادي.رأس المال بدون الناس يعتبر عقيماً، لذا فان التنمية تتطلب نموا سريعا في المهارات الانسانية وفي فرص توظيفهم.
5- النمو السكاني
عرض العمل يأتي من نمو السكان. ولكن نمو السكان يجب ان يكون عاديا. النمو السكاني يكون مرغوبا فقط في الدول قليلة السكان. في الحقيقة ان النمو السكاني بنسبة 2.5% سنويا سيكون ضارا جدا للنمو الاقتصادي للبلاد.
6- الخدمات الاجتماعية
يتوقف النمو الاقتصادي على الخدمات الاجتماعية مثل المدارس والكليات والمؤسسات التقنية والمعاهد الصحية والمستشفيات والخدمات الصحية العامة. هذه التسهيلات تحافظ على صحة الطبقة العاملة وتجعلها مسؤولة وفاعلة، وهو ما يساعد في السير في البلاد نحو التقدم الاقتصادي.
7- التنظيم: في عملية النمو يبرز دور التنظيم في مضاعفة استخدام وسائل الانتاج. التنظيم هو مكمل لرأس المال والعمل ويساعد في بلوغ الانتاج الى اعلى مستوى. في النظام الاقتصادي الحديث، رجال الاعمال المضاربون يقومون بواجب المنظم ويتحملون المخاطر.لذا فان المبادرات entrepreneurship هي جزء لا غنى عنه في عملية النمو الاقتصادي. فمثلا، الثورة الصناعية في بريطانيا نجحت بسبب هذه المبادرات.معظم الدول تحت التطور فقيرة ليس بسبب النقص في رأس المال او ضعف البنية التحتية او قلة الموارد الطبيعية، وانما بسبب العجز في روح المبادرة. النمو الاقتصادي السريع في اليابان يقف وراءه عامل واحد فقط هو امتلاكها لوفرة في المبادرات. لذا من الضروري لعملية النمو خلق مناخ للمبادرة والتأكيد على التعليم والبحوث الجديدة والتطور العلمي والتكنلوجي.
8- تحويل المجتمع الزراعي التقليدي
ان تحويل المجتمع الزراعي التقليدي الى مجتمع صناعي حديث عبر اجراء تغيرات هيكلية، يقود الى تعزيز فرص العمالة، وخلق انتاجية عالية لقوة العمل ورأس المال،واستغلال الموارد الجديدة المتطورة والتكنلوجيا المحسنة.
العوامل غير الاقتصادية
العوامل غير الاقتصادية ايضا تلعب دوراً هاما في عملية النمو الاقتصادي.هذه العوامل تتمثل بالتالي:
1- العوامل السياسية: الاستقرار السياسي والادارة القوية والفعالة هي ضرورية ومفيدة للنمو الاقتصادي. ذلك لأن الاستقرار السياسي والادارة القوية في دول مثل امريكا وبريطانيا والمانيا وفرنسا واليابان هو الذي جعل هذه الدول تصل أعلى مستويات النمو الاقتصادي. بينما في معظم الدول الفقيرة نجد عدم الاستقرار السياسي وضعف الادارة اثّر بشكل كبير على برامجها الاقتصادية. يقول ليوس "لم تحقق اي دولة تقدما دون وجود محفزات ايجابية من حكومة ذكية".
2- العوامل الاجتماعية والسايكولوجية: و تضم المواقف الاجتماعية والقيم والمؤسسات الاجتماعية التي تتغير مع التوسع في التعليم وتحول الثقافة من مجتمع الى اخر. الثورة الصناعية في بريطانيا واوربا في القرن الثامن عشر تأثرت بشكل كبير بروح المغامرة والتوسع في التعليم الذي قاد الى اكتشافات واختراعات جديدة ومن ثم الى بروز مغامرين جدد. كذلك بالنسبة للقيم الاجتماعية، نظام العائلة المشتركة جرى استبداله بنظام العائلة المنفردة الذي قاد الى نمو سريع.المجتمعات الاقل تطورا تخضع لعادات تقليدية وايديولوجيات قديمة لا يمكنها المساهمة في إحداث او تسريع النمو. لذا لابد من تعديل او تغيير هذه العوامل السايكولوجية لتسريع النمو. غير ان هذه المهمة ليست بسيطة لأن اي تغيير سريع قد يخلق حالة من الاستياء والمقاومة بما يؤثر سلبا على النمو الاقتصادي . فقط التغيير الاجتماعي الاختياري هو الذي يقود الى النمو. وطبقا لتقرير الامم المتحدة عن الدول النامية، انه يستحيل الاسراع بالنمو في هذه الدول دون تسويات مؤذية. وهي لهذا تنصح بتبنّي عمليات تغيير تطورية وليست ثورية في العوامل الثقافية والاجتماعية.
3- التعليم: وهو بلا شك المحرك الاساسي لعجلة النمو.
4- التمدين: في الاقتصاديات الزراعية الفقيرة يجب للتغيير الهيكلي ان يبدأ في تغيير حجم السكان في القطاعات الريفية البعيدة عن المدن.
5- العوامل الدينية: وتلعب دوراً في عملية النمو الاقتصادي. فمثلا الديانة الهندية تدعو للايمان بالقدر وتمنع الناس من العمل الشاق. الناس يتم تلقينهم كي يبقوا مقتنعين بنصيبهم كارهين ركوب المخاطرة او تبنّي المبادرة.
معوقات التنمية الاقتصادية:
من الخطأ الاعتقاد ان العوامل الاقتصادية وحدها مسؤولة عن الفقر في بلد ما. هناك عوامل غير اقتصادية مسؤولة بنفس القدر عن تخلف تلك الدول. هذه العوامل الاقتصادية وغير الاقتصادية يمكن ايجازها بالتالي:
1- عدم كفاية المصادر الطبيعية وسوء استغلالها
2- عدم فاعلية الزراعة
3- النمو السكاني المتزايد
4- قلة الادخارات المحلية
5- عدم كفاءة البنية التحتية
6- الديون الدولية
7- نقص المهارات، عدم الاستقرار السياسي، قيود سوسيوثقافية ودينية.
8- حلقة الفقر المخيفة vicious circles of poverty : وهي من اهم سمات الدول تحت التطور، وتتمثل برزوح تلك الدول تحت دورة مخيفة للفقر (الشخص او البلد فقير لأنه فقير). الفقر ليس فقط مؤذيا بل ومذلا ايضا. حيث ان الفقير ربما ليس لديه الطعام الكافي والمأوى وهو ما يسبب له الاذلال. هو لا يستطيع مساعدة نفسه ولا هو قادر على مساعدة الآخرين، فتراه دائماً حذراً تجاه المجتمع، حيث يجد نفسه يدور في حلقة من الفقر. وما يصح على الفرد يصح ايضا على البلد ككل. بما ان البلد تحت التطور يفتقر الى الوسائل الحديثة للتنمية الاقتصادية، ذلك يجعل التنمية عملية شاقة لأن نسبة الاستثمار والنمو المطلوبين قليلين جداً، ذلك يحتم على البلد البقاء في حلقة الفقر. ان حلقة الفقر تعمل في كل من جانبي العرض والطلب.
كيف تعمل الدورة المخيفة للفقر في جانب العرض؟ الفقر يعني ان مستوى الدخل قليل وهذا بدوره يقود الى قلة التوفير. نقص التوفير هذا يؤدي الى نقص في رأس المال وقلة الانتاجية. ان قلة الانتاجية هي السبب في قلة الانتاج القومي او الدخل القومي. ومن هنا فان الدورة تبدأ بالفقر وتنتهي بقلة مستوى الدخل وبهذه الطريقة ستكتمل الحلقة المخيفة.
وكما في جانب العرض تعمل الدورة المخيفة في جانب الطلب، حيث ان الفقر او قلة الدخل هو نقطة البداية. اذ ان قلة الدخل تؤدي الى قلة القوة الشرائية وانكماش الطلب، مما يقلل بالتالي من حركة ونطاق السوق، الذي بدوره يؤدي الى قلة الاستثمار ومن ثم قلة تكوين رأس المال وانخفاض الانتاجية والتي هي سبب الفقر وقلة الدخل. وبهذا تستمر دورة الفقر في مسارها الثابت.
المعارضون للنمو الاقتصادي
مع ان النمو رفع مستوى المعيشة للكثير من الناس وهيأ لهم فرص التعلم والسفر والموسيقى والطعام الجيد، لكن المعارضين للنمو لديهم الكثير من الانتقادات. هم يقولون اننا نعيش في عالم يُنهب من خلال البحث المجنون عن أعلى مستويات الاستهلاك المادي على حساب كل القيم الاخرى. في الماضي كان الناس يعرفون كيف يتمتعون بالعمل الخلاق والحصول على القناعة من فعاليات بسيطة. اما اليوم نجد العامل العادي اصبح كالآلة الغبية في خط التجميع لإنتاج المزيد من السلع والخدمات.هذه السلع يُجهد خبراء الإعلان انفسهم من اجل اقناع المستهلكين والعمال لاستهلاكها.انت تنهض من سريرك، ثم تستقل سيارتك لتجد نفسك وسط الاختناقات المرورية في طرق ملوثة بالسموم. التلفزيونات التجارية تخبرك انك كلما تستهلك اكثر تصبح سعيدا اكثر، غير انهم نسوا ان السعادة ليست بزيادة الاستهلاك وانما بزيادة نسبة القناعة في الحاجات. كلما استهلك الانسان اكثر كلما تمكّن ذوي الدعاية من اقناعه بانه بحاجة للاستهلاك، فأنت بالتأكيد اقل سعادة من المواطن العادي الذي كان يعيش في مدينة او قرية صغيرة عام 1950. ذلك المواطن الذي كنا نراه يقف في الدرجة الامامية لبيته يتحدث مع الجيران مراقباً الاطفال وهم يقفزون باستعمال حبل الغسيل القديم. اليوم وقد تشوّه المشهد بعدد لا متناه من المصانع التي تنتج البلاستيك التافه للمجتمع الصناعي الحديث. هذه المصانع أغرقتنا بلجة من الضوضاء والماء والهواء الملوثين. الريف اصبح نهبا للمناجم وصناعة البتروكيمياويات ومحطات الطاقة النووية الخطيرة. ويضيف المعارضون للنمو بانه لابد من وقف هذا الجنون. يجب العمل للمحافظة على استقرار الانتاج وتقليل التلوث والحفاظ على المصادر الطبيعية، والبحث عن العدالة في توزيع الدخل الكلي الحالي. في السابق علّمنا (مالتوس) اننا اذا لم نضع حداً للسكان بشكل طوعي، فان الطبيعة ستقوم بذلك بطريقة مروعة. واليوم اذا لم نضع حدا للنمو فان وقف النمو سيُفرض علينا بفعل التلوث والاندثار السريع للموارد الطبيعية.



http://i61.tinypic.com/2lid2bp.jpg

بالتوفيق للجميع

موقع وظائف للعرب في تونس والجزائر والمغرب العربي والخليج والشرق الاوسط واوروبا
من هنا

http://i61.tinypic.com/fem9w0.jpg

مقال فلسفي : في النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية