الدار العربية
08-28-2013, 02:19 PM
غسيل الأموال وآثارها السيئة على الإقتصاد
غسيل الأموال Money Laundering من الصور الحديثة للجرائم الاقتصادية التي كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة ، وهو ظاهرة ترتبط بالجريمة المنظمة Organized Crime وعلى الأخص جرائم الاتجار بالمخدرات ، الإرهاب ، تهريب الأسلحة ، الرقيق الأبيض ، الغش و التزييف ، الفساد السياسي و المالي ، وغيرها ، كما تتصل بالبنوك و المؤسسات المالية الأخرى لما توفره عملياتها من قنوات تستخدم في غسيل الأموال غير النظيفة " 1 " .
وتشكل ظاهرة غسيل الأموال مشكلة عالمية ، إذ يقدر خبراء صندوق النقد الدولي حجم الأموال المغسولة سنوياً بمبلغ يتراوح بين 620 مليار دولار و 1.6 تريليون دولار ، بما نسبته 2 % إلى 5 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي لعام 1999 ،أي بما يعادل أكثر من ضعف قيمة الناتج العالمي من البترول " 2 " . وتشير بعض البيانات المتوافرة إلى أن عمليات غسيل الأموال في روسيا تتراوح ما بين 25 % و 50 % من الناتج المحلي الإجمالي لروسيا ، وحوالي 10 % لجمهورية التشيك و 7 % إلى 13 % لبريطانية ، وتأتي الولايات المتحدة في مقدمة الدول التي يتم فيها غسيل الأموال حيث تقدر حجم الأموال التي يتم غسلها سنوياً عن جرائم المخدرات وحدها بحوالي 300 مليار دولار " 3 " ، تليها سويسرا و المكسيك و روسيا وإسرائيل و الفلبين ودومنيك وباناما وإمارة ليختشتين .
وقد أدت ظاهرة غسيل الأموال إلى ظهور طائفة جديدة من المجرمين مستقلة ومختلفة عن طائفة المجرمين في الجرائم الأساسية ، من مرتكبي الجرائم الدولية أو المنظمة التي نتجت عنها الأموال غير النظيفة . وهذه الطائفة الجديدة من المجرمين تؤدي خدمات إلى المجرمين الآخرين ، وتضم أشخاصاً من المحامين و المصرفيين و المحاسبين ورجال الأعمال ، وذلك لما تدرّه عمليات غسيل الأموال من أرباح طائلة لهم تتراوح ما بين 2 % إلى 20 % من حجم الأموال التي يتم غسيلها " 4 " . إن الهدف الرئيسي من غسيل الأموال هو إضفاء الشرعية على أموال هي في الأصل ذات مصدر غير مشروع .
وفي هذه المقالة سنلقي الضوء على ماهية غسيل الأموال و على الآثار الاقتصادية و الاجتماعية لغسيل الأموال.
أولاً – ماهية غسيل الأموال :
غسيل الأموال مصطلح حديث نسبياً وكان يبدو لوقت قريب غريباً جداً على لغة الأجهزة الشرطية المعنية ، ومبهماً بالنسبة للكثير من الناس " 5 " . وبدأ استخدام هذا المصطلح في الولايات المتحدة نسبة إلى مؤسسات الغسل التي تمتلكها المافيا ، وهي مؤسسات نقدية كان يتاح فيها مزج الإيرادات المشروعة بالإيرادات غير المشروعة إلى حد تظهر عنده كافة الإيرادات كأنها متحصلة من مصدر مشروع . وكان أول استخدام لتعبير غسيل الأموال في سياق قانوني أو قضائي حصل في قضية ضبطت في الولايات المتحدة اشتملت على مصادرة أموال قيل أنها مغسولة ومتأتية من الاتجار غير المشروع بالكوكايين الكولومبي ، وقد تطورت عمليات غسل الأموال بعد ذلك وأصبحت أكثر تعقيداً واستخدمت أحدث التكنولوجيات لإخفاء طابع الأموال أو مصدرها أو استخدامها الحقيقي " 6 " .
وتوجد مسميات أخرى يطلقها الناطقون باللغة العربية على غسيل الأموال مثل تبيض الأموال وتطهير الأموال وتنظيف الأموال وكلها تؤدي إلى نفس المعنى ، وإن كانت الترجمة الدقيقة للمصطلح الإنكليزي Money Laundering هي غسل الأموال ، وهي الترجمة التي أخذت بها هيئة الأمم المتحدة في وثائقها .
هناك تعريفات عديدة لغسيل الأموال ، فخبراء التدريب ببرنامج الأمم المتحدة الدولي لمكافحة المخدرات يعرفون غسل الأموال بأنه عملية يلجأ إليها من يتعاطى الاتجار غير المشروع بالعقاقير المخدرة لإخفاء وجود دخل أو لإخفاء مصدره غير المشروع ، أو استخدام الداخل في وجه غير مشروع ، ثم يقوم بتمويه ذلك في الدخل ليجعله يبدو وكأنه دخل مشروع ، وهو بعبارة أبسط التصرف في النقود بطريقة تخفي مصدرها و أصلها الحقيقي " 7 " . ويعرفه محمد فتحي عيد بقوله : هو أي عملية من شأنها إخفاء المصدر غير المشروع الذي اكتسبت منه الأموال " 8 " . ونعرفه بأنه عملية يلجأ إليها من يعمل بتجارة المخدرات و الجريمة المنظمة وغير المنظمة لإخفاء المصدر الحقيقي للدخل غير المشروع و القيام بأعمال أخرى للتمويه كي يتم إضفاء الشرعية على الدخل الذي تحقق .
ثانياً – مراحل الغسل :
يمر هذا النشاط بثلاث مراحل أساسية ، في المرحلة الأولى يتم تجزئة الأموال القذرة إلى مبالغ صغيرة أقل لفتاً للانتباه ، ويتم إيداعها في حسابات مصرفية متعددة ، كما يمكن أن يتم من خلال شراء العقارات أو الذهب و المجوهرات الثمينة أو التحف النادرة أو السلع المعمرة أو في شراء الأسهم و السندات أو الدخول في مشاركات استثمارية داخل البلاد أو خارجها . وفي المرحلة الثانية يتم إجراء تصرفات جديدة لتغيير الاستخدامات التي تمت في المرحلة الأولى في محاولة لقطع الصلة بين المصدر و الحصيلة ، حيث يلجأ صاحب الدخل غير المشروع إلى بيع ما اشتراه أو من خلال تحويل الأرصدة إلى حسابات في مصارف دولية منتشرة حول العالم . وفي المرحلة الثالثة و الأخيرة من العملية يأتي دور إدماج المال المنظف مجدداً في دورة الاقتصاد الداخلي أو الدولي على شكل استثمارات مباشرة في العقارات ، أو في السلع الفخمة أو الاستثمار في البورصة أو شراء الحصص من الشركات " 9 " .
ثالثاً – الآثار الاقتصادية و الاجتماعية لغسيل الأموال :
أ – الآثار الاقتصادية :
1 – إن نجاح تسرب الأموال المغسولة إلى الاقتصاد القومي يؤدي إلى حدوث تشوه في نمط الإنفاق و الاستهلاك ، مما يؤدي إلى نقص المدخرات اللازمة للاستثمار وبالتالي حرمان النشاطات الاقتصادية المهمة من الاستثمار النافع للمجتمع .
2 – إن نجاح خروج الأموال المغسولة من الاقتصاد القومي للدول يؤدي إلى زيادة العجز في ميزان المدفوعات وحدوث أزمة سيولة في النقد الأجنبي مما يهدد احتياطيات الدولة لدى البنك المركزي من العملات المدخرة " 10 " .
3 – أثبتت إحدى الدراسات التي أعدت بالولايات المتحدة أن غسل الأموال يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية بنسبة 27 % في المتوسط ، حيث ينمو القطاع الاقتصادي غير الرسمي بمعدل أسرع من معدل نمو اقتصاديات القطاع الرسمي " 11 " .
4 – يرتبط غسيل الأموال بزيادة الإنفاق البذخي وغير الرشيد ، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار المحلية ، وحدوث ضغوط تضخمية في الاقتصاد القومي .
5 – يؤدي غسيل الأموال إلى حدوث خلل في توزيع الدخل القومي وزيادة الفجوة بين الأغنياء و الفقراء ( محدودي الدخل في المجتمع ) ، مما يؤدي بدوره إلى عدم وجود استقرار اجتماعي مع إمكانية حدوث صراع طبقي وأعمال عنف " 12 " .
6 – إن تسرب الأموال المغسولة إلى الاقتصاد القومي للدول يمكن أن يؤدي بالحكومة إلى فرض ضرائب جديدة ، أو زيادة معدلات الضرائب العالية من أجل تغطية الفجوة بين الموارد المتاحة واحتياجات الاستثمار القومي بعد تهريب الأموال إلى الخارج ، وهو ما يعني زيادة الأعباء على أصحاب الدخول المشروعة في المجتمع .
7 – يؤدي غسيل الأموال إلى تعطيل تنفيذ السياسات المالية العامة عن طريق التهرب من دفع الضرائب ، مما ينعكس سلباً على ميزان المالية العامة وبالتالي على موارد الحكومة المتاحة لمقابلة التزاماتها ، وعلى أدائها الاقتصادي و الاجتماعي " 13 "
8 – تؤدي عملية غسل الأموال إلى انهيار البورصات التي تستقبل الأموال الناتجة عن الجرائم الاقتصادية ، حيث يكون اللجوء إلى شراء الأوراق المالية من البورصة ليس بهدف الاستثمار ولكن من أجل إتمام مرحلة معينة من مراحل غسيل الأموال ، ثم يتم بيع الأوراق المالية بشكل مفاجئ مما يؤدي إلى حدوث انخفاض حاد في أسعار الأوراق المالية بشكل عام في البورصة ومن ثم انهيارها بشكل مأساوي .
9 – يهدد غسيل الأموال الشفافية الدولية و القطرية في أسواق المال ، كما يهدد السمعة الحسنة في أسواق المال ويعلم موظفيها الفساد ، مما يخلق مناخاً مناسباً لوجود أسواق سيئة السمعة وضعيفة المصداقية .
10 – يمكن لغسيل الأموال أن يؤدي إلى إعادة توزيع الدخل ، إذ يؤدي إلى بروز مستثمرين جدد لهم قدرات كبيرة في مجالي الادخار و الاستثمار ، والجرأة على ولوج مجالات الاستثمار المحفوفة بالمخاطر ، مما ينعكس سلباً على كبار رجال الأعمال و المستثمرين من جهة وعلى النمو الاقتصادي من جهة أخرى .
11 – يمكن للمعاملات غيرالقانونية الناتجة عن غسيل الأموال أن تضر بالمعاملات القانونية عن طريق العدوى ، فمثلاً تصبح بعض المعاملات التي تشمل مشاركين أجانب ، رغم أنها قانونية تماماً ، أقل جاذبية بسبب ارتباطها بغسيل الأموال . وبصفة عامة فإن الثقة تقل في الأسواق وكذلك تقل كفاءة دور الأرباح بسبب انتشار جرائم خبراء البورصة و الغش و الاختلاس ، بالإضافة إلى أن الاستهتار بالقانون ينتقل بالعدوى إذ أن خرق أحد القوانين يجعل من السهل خرق القوانين الأخرى " 14 " .
12 – تؤثر عمليات غسيل الأموال على حركة المبادلات المشروعة وتزج بأصحابها إلى التورط في العمليات الإجرامية .
13 – إن غسيل الأموال بشكل عيني يؤدي إلى زيادة حجم الواردات الأجنبية ومن ثم المساهمة في حدوث اختلال في الحساب الجاري لميزان المدفوعات وزيادة المعروض من عملة الدولة مقابل عملات الدول الأخرى ومن ثم اتجاه قيمة العملة الوطنية إلى الانخفاض خاصة في ظل الاتجاهات العالمية الراهنة إلى تطبيق سياسات اقتصادية أكثر انفتاحاً على الاقتصاد العالمي .
14 – أثبتت الدراسات على وجود علاقة بين تزايد حجم عمليات غسيل الأموال ولجوء الدول إلى الاقتراض من الخارج ، فتزايد عمليات غسيل الأموال يعمق العجز في ميزان المدفوعات من خلال ضعف الاستثمارات المحلية و الأجنبية وما يترتب على ذلك من انخفاض الإنتاجية وانخفاض حجم الصادرات وتزايد الواردات وضعف القدرة التنافسية والتلاعب في قيمة الصفقات التجارية " 15 " .
15 – يؤدي تنامي هذا النوع من الجرائم إلى زيادة نفقات الأمن و الدفاع على حساب بقية القطاعات و لا سيما الاجتماعية منها ، فعمليات تحقيق الأمن العام تنقسم إلى عدة مجالات أكثرها أهمية الأمن الاقتصادي و الأمن الاجتماعي حيث سلامة المرافق الاقتصادية ومكافحة التهرب الضريبي و الجمركي وحماية المال العام و المرافق الأخرى ، وتشير البيانات المتاحة إلى أن نفقات الأمن و الدفاع تستحوذ على ما نسبته 27.4 % من إجمالي الإنفاق الجاري في الدول العربية لعام 2000 " 16 " .
ب – الآثار الاجتماعية :
1 – يؤدي غسيل الأموال إلى حدوث اضطرابات اجتماعية وسياسية ، فقد أثبتت الدراسات والأبحاث التي أجريت وجود علاقة بين غسيل الأموال وحركات الإرهاب و التطرف و العنف الداخلي فضلاً عن نشاط المافيا العالمية ودورها في حدوث الانقلابات السياسية في بعض الدول النامية ، مما قد يزعزع أمن واستقرار المجتمعات النامية في دول العالم الثالث " 17 " .
2 – إن عملية غسل الأموال تؤدي إلى تشويه المناخ الديمقراطي في المجتمع ، حيث يصعد أصحاب الدخول غير المشروعة إلى مقاعد البرلمان و المجالس الشعبية و اتحادات التجارة و الصناعة ، وتعلو نجومهم إعلامياً في جميع وسائل الإعلام ، ولكنهم يعمدون إلى استثمار جميع ما سبق لدعم وجودهم في الاستمرار في عملية غسيل الأموال و الاستمرار في مزاولة الأنشطة الإجرامية و الاستفادة بما ينتج عنها من ثمار مالية " 18 " .
3 – إن تسرب الأموال غير المشروعة إلى المجتمع يقلب ميزان البناء الاجتماعي في البلاد بصعود المجرمين القائمين على عملية غسل الأموال إلى هرم المجتمع ، في الوقت الذي يتراجع فيه مركز المكافحين إلى أسفل القاعدة ، إن لم تتضافر جهود المجتمع عامة في المكافحة .
4 – إذا أصبح المال هو معيار القيمة للأفراد في المجتمع بصرف النظر عن مصدره ، قد يؤدي الأمر إلى اهتزاز القيم الاجتماعية المستقرة في المجتمع الذي ينعم بالسلام الاجتماعي " 19 " .
5 – تؤدي عمليات غسيل الأموال لانعدام القيم و الروابط بين أفراد المجتمع ، فاستمرار ممارسة الأنشطة غير المشروعة التي تقتضي مجهوداً وبقاء عائداتها الضخمة في مأمن عن المصادرة و استغلالها في أنشطة أخرى مشروعة يؤدي إلى العزوف عن القيام بالأنشطة المشروعة وبخاصة من جانب الشباب ، الأمر الذي يؤدي إلى تفشي ظاهرة الأنانية وتصبح مصلحة الوطن و الانتماء إليه في الدرجة الثانية " 20 " .
6 – تساهم عمليات غسيل الأموال في شيوع ظاهرة تحدي القانون وروح التمرد لدى الشباب و الاستهانة بالسلطة الشرعية وعدم الرغبة في التمسك بالأنظمة و القوانين المعمول بها نتيجة عدم التوازن الاقتصادي و الاجتماعي.
7 – تساهم الرشوة التي يدفعها غاسلو الأموال في تدمير النسيج القيمي و الأخلاقي في المجتمعات حيث تقدم الرشوة لرجال الأمن و السياسة لكي يغضوا أبصارهم عن أنشطة جماعات الإجرام غير المشروعة ، كما هو حاصل الآن في روسيا ودول أوروبا الشرقية و إيطاليا وعدد من الدول الأفريقية .
رابعاً – الخاتمة :
عرضنا في هذه الورقة جانباً من الآثار الاقتصادية و الاجتماعية المرتبطة بعمليات غسيل الأموال وبينا خطورة هذا النوع من الجرائم الاقتصادية على مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول النامية و منها العربية ، الأمر الذي يتطلب من حكومات هذه الدول بذل الجهود للحد من تنامي هذا النوع من الجرائم وسن القوانين الرادعة للحيلولة دون تعرض الاقتصاد المحلي لهزات وانتكاسات مفاجئة .
وقد خطت العديد من الدول العربية خطوات هامة في هذا المجال فقد سنت القوانين التي تنص صراحة على تجريم غاسلي الأموال ومعاقبتهم بالسجن ومصادرة أموالهم وتغريمهم مبالغ مالية كبيرة ، كدولة الإمارات العربية و مملكة البحرين وعمان و الكويت وقطر ولبنان ومصر و الأردن ، وفي ظل التحول الاقتصادي الذي تشهده الدول العربية من الاقتصاد المركزي المخطط إلى اقتصاد السوق وفي ظل سياسات الإصلاح الاقتصادي التي تنتهجها معظم الدول العربية فإن سن القوانين الرادعة يقي اقتصادات هذه الدول من حدوث أية انتكاسات يمكن أن تنشأ من لجوء غاسلي الأموال إلى استغلال التغير الحاصل في البيئة الاقتصادية و الاجتماعية في الدول العربية للقيام بعملياتهم ، مما يتطلب إحداث جهاز رقابي على مستوى عالي من الخبرة و المهارة في متابعة وكشف مثل هذه العمليات ، و التعاون مع المنظمات الدولية كهيئة الأمم المتحدة وفريق العمل المالي لمكافحة غسيل الأموال ( FATF ) للمشاركة في الجهود الدولية لمكافحة تنامي هذا النوع من الجرائم .
المصادر و الهوامش
1 – جلال وفاء محمدين ، دور البنوك في مكافحة غسيل الأموال ، سلسلة رسائل البنك الصناعي ، الكويت ، ديسمبر عام 2000 ، ص 7 .
2 –
- R.E. Bell, prosecuting the Money Loundering : Who Act for Organised Crime , Volume 3 No2. 2 Journal of Money Loundering Contrel , p.p.104 – 112 ( Autumn 1999 ) .
3 - هذا المبلغ يتم غسله عن طريق البنوك و المؤسسات المالية ، لذلك فإن حجم الأموال التي يتم غسيلها في الولايات المتحدة يفوق هذا المبلغ بكثير .
4 –
- Scott Sultzer , Money Loundering : The Scope of the problem and Attempts to combat It , Volume 63 Tennessee Law Review, pp.148 – 149 ( 1995 ) .
5 – ليجو جيرارد ، تنظيف رأس المال ، تقرير مقدم للمؤتمر العلمي لخبراء مكافحة المخدرات ، 3 – 8 أكتوبر 1992 ، أبو ظبي ، سلسلة مطبوعات معهد العلوم الجنائية ، 1992 ، ص 8 .
6 – محمد فتحي عيد ، الإجرام المعاصر ،أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية ، الرياض 1999 ، ص 279 .
7 – برنامج الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات ، دليل الأمم المتحدة للتدريب على إنفاذ قوانين العقاقير المخدرة ، وثيقة رقم IV – 91 – 30091 ، المبحث الرابع ، التحقيق المالي ، ص 1 .
8 – محمد فتحي عيد ، مصدر سبق ذكره ، ص 281 .
9 – مركز زايد للتنسيق و المتابعة – جامعة الدول العربية ، غسيل الأموال ، أبو ظبي ، آذار 2002 ، ص 11 – 12 .
10 - المصدر نفسه ، ص 13 .
11 – سيد شوربجي عبد المولى ، عمليات غسيل الأموال و انعكاساتها على المتغيرات الاقتصادية و الاجتماعية ، المجلة العربية للدراسات الأمنية و التدريب ، الرياض ، العدد 28 ، أكتوبر 1999 ، ص 327 .
12 – مركز زايد للتنسيق و المتابعة – جامعة الدول العربية ، غسيل الأموال ، أبو ظبي ، آذار 2002 ، ص 13 .
13 – المؤسسة العربية لضمان الاستثمار ، سلسلة الخلاصات المركزة ، غسيل الأموال – آثاره وضوابطه ومكافحته ، الكويت ، الإصدار 5 / عام 2000 ، ص 4 .
14 - المصدر نفسه ، ص 4 .
15 – السيد أحمد عبد الخالق ، الآثار الاقتصادية و الاجتماعية لغسيل الأموال ، مجلة كلية الحقوق جامعة المنصورة ، 1997 ، ص 42 .
16 - صندوق النقد العربي و آخرون ، التقرير الاقتصادي العربي الموحد ، أبو ظبي ، أيلول 2001 ، ملحق ( 7 / 6 ) ، ص 330 .
17 – المؤسسة العربية لضمان الاستثمار ، سلسلة الخلاصات المركزة ، غسيل الأموال – آثاره وضوابطه ومكافحته ، الكويت ، الإصدار 5 / عام 2000 ، ص 4 – 5 .
18 - مركز زايد للتنسيق و المتابعة – جامعة الدول العربية ، غسيل الأموال ، أبو ظبي ، آذار 2002 ، ص 14 .
19 – المصدر نفسه ، ص 14 .
20 - محمد محي الدين عوض ، عمليات غسيل الأموال وطرق مكافحتها ، الموسم الثقافي الثالث ، أكاديمية نايف للعلوم الأمنية ، الرياض ، 1997 ، ص 14 .
غسيل الأموال Money Laundering من الصور الحديثة للجرائم الاقتصادية التي كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة ، وهو ظاهرة ترتبط بالجريمة المنظمة Organized Crime وعلى الأخص جرائم الاتجار بالمخدرات ، الإرهاب ، تهريب الأسلحة ، الرقيق الأبيض ، الغش و التزييف ، الفساد السياسي و المالي ، وغيرها ، كما تتصل بالبنوك و المؤسسات المالية الأخرى لما توفره عملياتها من قنوات تستخدم في غسيل الأموال غير النظيفة " 1 " .
وتشكل ظاهرة غسيل الأموال مشكلة عالمية ، إذ يقدر خبراء صندوق النقد الدولي حجم الأموال المغسولة سنوياً بمبلغ يتراوح بين 620 مليار دولار و 1.6 تريليون دولار ، بما نسبته 2 % إلى 5 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي لعام 1999 ،أي بما يعادل أكثر من ضعف قيمة الناتج العالمي من البترول " 2 " . وتشير بعض البيانات المتوافرة إلى أن عمليات غسيل الأموال في روسيا تتراوح ما بين 25 % و 50 % من الناتج المحلي الإجمالي لروسيا ، وحوالي 10 % لجمهورية التشيك و 7 % إلى 13 % لبريطانية ، وتأتي الولايات المتحدة في مقدمة الدول التي يتم فيها غسيل الأموال حيث تقدر حجم الأموال التي يتم غسلها سنوياً عن جرائم المخدرات وحدها بحوالي 300 مليار دولار " 3 " ، تليها سويسرا و المكسيك و روسيا وإسرائيل و الفلبين ودومنيك وباناما وإمارة ليختشتين .
وقد أدت ظاهرة غسيل الأموال إلى ظهور طائفة جديدة من المجرمين مستقلة ومختلفة عن طائفة المجرمين في الجرائم الأساسية ، من مرتكبي الجرائم الدولية أو المنظمة التي نتجت عنها الأموال غير النظيفة . وهذه الطائفة الجديدة من المجرمين تؤدي خدمات إلى المجرمين الآخرين ، وتضم أشخاصاً من المحامين و المصرفيين و المحاسبين ورجال الأعمال ، وذلك لما تدرّه عمليات غسيل الأموال من أرباح طائلة لهم تتراوح ما بين 2 % إلى 20 % من حجم الأموال التي يتم غسيلها " 4 " . إن الهدف الرئيسي من غسيل الأموال هو إضفاء الشرعية على أموال هي في الأصل ذات مصدر غير مشروع .
وفي هذه المقالة سنلقي الضوء على ماهية غسيل الأموال و على الآثار الاقتصادية و الاجتماعية لغسيل الأموال.
أولاً – ماهية غسيل الأموال :
غسيل الأموال مصطلح حديث نسبياً وكان يبدو لوقت قريب غريباً جداً على لغة الأجهزة الشرطية المعنية ، ومبهماً بالنسبة للكثير من الناس " 5 " . وبدأ استخدام هذا المصطلح في الولايات المتحدة نسبة إلى مؤسسات الغسل التي تمتلكها المافيا ، وهي مؤسسات نقدية كان يتاح فيها مزج الإيرادات المشروعة بالإيرادات غير المشروعة إلى حد تظهر عنده كافة الإيرادات كأنها متحصلة من مصدر مشروع . وكان أول استخدام لتعبير غسيل الأموال في سياق قانوني أو قضائي حصل في قضية ضبطت في الولايات المتحدة اشتملت على مصادرة أموال قيل أنها مغسولة ومتأتية من الاتجار غير المشروع بالكوكايين الكولومبي ، وقد تطورت عمليات غسل الأموال بعد ذلك وأصبحت أكثر تعقيداً واستخدمت أحدث التكنولوجيات لإخفاء طابع الأموال أو مصدرها أو استخدامها الحقيقي " 6 " .
وتوجد مسميات أخرى يطلقها الناطقون باللغة العربية على غسيل الأموال مثل تبيض الأموال وتطهير الأموال وتنظيف الأموال وكلها تؤدي إلى نفس المعنى ، وإن كانت الترجمة الدقيقة للمصطلح الإنكليزي Money Laundering هي غسل الأموال ، وهي الترجمة التي أخذت بها هيئة الأمم المتحدة في وثائقها .
هناك تعريفات عديدة لغسيل الأموال ، فخبراء التدريب ببرنامج الأمم المتحدة الدولي لمكافحة المخدرات يعرفون غسل الأموال بأنه عملية يلجأ إليها من يتعاطى الاتجار غير المشروع بالعقاقير المخدرة لإخفاء وجود دخل أو لإخفاء مصدره غير المشروع ، أو استخدام الداخل في وجه غير مشروع ، ثم يقوم بتمويه ذلك في الدخل ليجعله يبدو وكأنه دخل مشروع ، وهو بعبارة أبسط التصرف في النقود بطريقة تخفي مصدرها و أصلها الحقيقي " 7 " . ويعرفه محمد فتحي عيد بقوله : هو أي عملية من شأنها إخفاء المصدر غير المشروع الذي اكتسبت منه الأموال " 8 " . ونعرفه بأنه عملية يلجأ إليها من يعمل بتجارة المخدرات و الجريمة المنظمة وغير المنظمة لإخفاء المصدر الحقيقي للدخل غير المشروع و القيام بأعمال أخرى للتمويه كي يتم إضفاء الشرعية على الدخل الذي تحقق .
ثانياً – مراحل الغسل :
يمر هذا النشاط بثلاث مراحل أساسية ، في المرحلة الأولى يتم تجزئة الأموال القذرة إلى مبالغ صغيرة أقل لفتاً للانتباه ، ويتم إيداعها في حسابات مصرفية متعددة ، كما يمكن أن يتم من خلال شراء العقارات أو الذهب و المجوهرات الثمينة أو التحف النادرة أو السلع المعمرة أو في شراء الأسهم و السندات أو الدخول في مشاركات استثمارية داخل البلاد أو خارجها . وفي المرحلة الثانية يتم إجراء تصرفات جديدة لتغيير الاستخدامات التي تمت في المرحلة الأولى في محاولة لقطع الصلة بين المصدر و الحصيلة ، حيث يلجأ صاحب الدخل غير المشروع إلى بيع ما اشتراه أو من خلال تحويل الأرصدة إلى حسابات في مصارف دولية منتشرة حول العالم . وفي المرحلة الثالثة و الأخيرة من العملية يأتي دور إدماج المال المنظف مجدداً في دورة الاقتصاد الداخلي أو الدولي على شكل استثمارات مباشرة في العقارات ، أو في السلع الفخمة أو الاستثمار في البورصة أو شراء الحصص من الشركات " 9 " .
ثالثاً – الآثار الاقتصادية و الاجتماعية لغسيل الأموال :
أ – الآثار الاقتصادية :
1 – إن نجاح تسرب الأموال المغسولة إلى الاقتصاد القومي يؤدي إلى حدوث تشوه في نمط الإنفاق و الاستهلاك ، مما يؤدي إلى نقص المدخرات اللازمة للاستثمار وبالتالي حرمان النشاطات الاقتصادية المهمة من الاستثمار النافع للمجتمع .
2 – إن نجاح خروج الأموال المغسولة من الاقتصاد القومي للدول يؤدي إلى زيادة العجز في ميزان المدفوعات وحدوث أزمة سيولة في النقد الأجنبي مما يهدد احتياطيات الدولة لدى البنك المركزي من العملات المدخرة " 10 " .
3 – أثبتت إحدى الدراسات التي أعدت بالولايات المتحدة أن غسل الأموال يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية بنسبة 27 % في المتوسط ، حيث ينمو القطاع الاقتصادي غير الرسمي بمعدل أسرع من معدل نمو اقتصاديات القطاع الرسمي " 11 " .
4 – يرتبط غسيل الأموال بزيادة الإنفاق البذخي وغير الرشيد ، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار المحلية ، وحدوث ضغوط تضخمية في الاقتصاد القومي .
5 – يؤدي غسيل الأموال إلى حدوث خلل في توزيع الدخل القومي وزيادة الفجوة بين الأغنياء و الفقراء ( محدودي الدخل في المجتمع ) ، مما يؤدي بدوره إلى عدم وجود استقرار اجتماعي مع إمكانية حدوث صراع طبقي وأعمال عنف " 12 " .
6 – إن تسرب الأموال المغسولة إلى الاقتصاد القومي للدول يمكن أن يؤدي بالحكومة إلى فرض ضرائب جديدة ، أو زيادة معدلات الضرائب العالية من أجل تغطية الفجوة بين الموارد المتاحة واحتياجات الاستثمار القومي بعد تهريب الأموال إلى الخارج ، وهو ما يعني زيادة الأعباء على أصحاب الدخول المشروعة في المجتمع .
7 – يؤدي غسيل الأموال إلى تعطيل تنفيذ السياسات المالية العامة عن طريق التهرب من دفع الضرائب ، مما ينعكس سلباً على ميزان المالية العامة وبالتالي على موارد الحكومة المتاحة لمقابلة التزاماتها ، وعلى أدائها الاقتصادي و الاجتماعي " 13 "
8 – تؤدي عملية غسل الأموال إلى انهيار البورصات التي تستقبل الأموال الناتجة عن الجرائم الاقتصادية ، حيث يكون اللجوء إلى شراء الأوراق المالية من البورصة ليس بهدف الاستثمار ولكن من أجل إتمام مرحلة معينة من مراحل غسيل الأموال ، ثم يتم بيع الأوراق المالية بشكل مفاجئ مما يؤدي إلى حدوث انخفاض حاد في أسعار الأوراق المالية بشكل عام في البورصة ومن ثم انهيارها بشكل مأساوي .
9 – يهدد غسيل الأموال الشفافية الدولية و القطرية في أسواق المال ، كما يهدد السمعة الحسنة في أسواق المال ويعلم موظفيها الفساد ، مما يخلق مناخاً مناسباً لوجود أسواق سيئة السمعة وضعيفة المصداقية .
10 – يمكن لغسيل الأموال أن يؤدي إلى إعادة توزيع الدخل ، إذ يؤدي إلى بروز مستثمرين جدد لهم قدرات كبيرة في مجالي الادخار و الاستثمار ، والجرأة على ولوج مجالات الاستثمار المحفوفة بالمخاطر ، مما ينعكس سلباً على كبار رجال الأعمال و المستثمرين من جهة وعلى النمو الاقتصادي من جهة أخرى .
11 – يمكن للمعاملات غيرالقانونية الناتجة عن غسيل الأموال أن تضر بالمعاملات القانونية عن طريق العدوى ، فمثلاً تصبح بعض المعاملات التي تشمل مشاركين أجانب ، رغم أنها قانونية تماماً ، أقل جاذبية بسبب ارتباطها بغسيل الأموال . وبصفة عامة فإن الثقة تقل في الأسواق وكذلك تقل كفاءة دور الأرباح بسبب انتشار جرائم خبراء البورصة و الغش و الاختلاس ، بالإضافة إلى أن الاستهتار بالقانون ينتقل بالعدوى إذ أن خرق أحد القوانين يجعل من السهل خرق القوانين الأخرى " 14 " .
12 – تؤثر عمليات غسيل الأموال على حركة المبادلات المشروعة وتزج بأصحابها إلى التورط في العمليات الإجرامية .
13 – إن غسيل الأموال بشكل عيني يؤدي إلى زيادة حجم الواردات الأجنبية ومن ثم المساهمة في حدوث اختلال في الحساب الجاري لميزان المدفوعات وزيادة المعروض من عملة الدولة مقابل عملات الدول الأخرى ومن ثم اتجاه قيمة العملة الوطنية إلى الانخفاض خاصة في ظل الاتجاهات العالمية الراهنة إلى تطبيق سياسات اقتصادية أكثر انفتاحاً على الاقتصاد العالمي .
14 – أثبتت الدراسات على وجود علاقة بين تزايد حجم عمليات غسيل الأموال ولجوء الدول إلى الاقتراض من الخارج ، فتزايد عمليات غسيل الأموال يعمق العجز في ميزان المدفوعات من خلال ضعف الاستثمارات المحلية و الأجنبية وما يترتب على ذلك من انخفاض الإنتاجية وانخفاض حجم الصادرات وتزايد الواردات وضعف القدرة التنافسية والتلاعب في قيمة الصفقات التجارية " 15 " .
15 – يؤدي تنامي هذا النوع من الجرائم إلى زيادة نفقات الأمن و الدفاع على حساب بقية القطاعات و لا سيما الاجتماعية منها ، فعمليات تحقيق الأمن العام تنقسم إلى عدة مجالات أكثرها أهمية الأمن الاقتصادي و الأمن الاجتماعي حيث سلامة المرافق الاقتصادية ومكافحة التهرب الضريبي و الجمركي وحماية المال العام و المرافق الأخرى ، وتشير البيانات المتاحة إلى أن نفقات الأمن و الدفاع تستحوذ على ما نسبته 27.4 % من إجمالي الإنفاق الجاري في الدول العربية لعام 2000 " 16 " .
ب – الآثار الاجتماعية :
1 – يؤدي غسيل الأموال إلى حدوث اضطرابات اجتماعية وسياسية ، فقد أثبتت الدراسات والأبحاث التي أجريت وجود علاقة بين غسيل الأموال وحركات الإرهاب و التطرف و العنف الداخلي فضلاً عن نشاط المافيا العالمية ودورها في حدوث الانقلابات السياسية في بعض الدول النامية ، مما قد يزعزع أمن واستقرار المجتمعات النامية في دول العالم الثالث " 17 " .
2 – إن عملية غسل الأموال تؤدي إلى تشويه المناخ الديمقراطي في المجتمع ، حيث يصعد أصحاب الدخول غير المشروعة إلى مقاعد البرلمان و المجالس الشعبية و اتحادات التجارة و الصناعة ، وتعلو نجومهم إعلامياً في جميع وسائل الإعلام ، ولكنهم يعمدون إلى استثمار جميع ما سبق لدعم وجودهم في الاستمرار في عملية غسيل الأموال و الاستمرار في مزاولة الأنشطة الإجرامية و الاستفادة بما ينتج عنها من ثمار مالية " 18 " .
3 – إن تسرب الأموال غير المشروعة إلى المجتمع يقلب ميزان البناء الاجتماعي في البلاد بصعود المجرمين القائمين على عملية غسل الأموال إلى هرم المجتمع ، في الوقت الذي يتراجع فيه مركز المكافحين إلى أسفل القاعدة ، إن لم تتضافر جهود المجتمع عامة في المكافحة .
4 – إذا أصبح المال هو معيار القيمة للأفراد في المجتمع بصرف النظر عن مصدره ، قد يؤدي الأمر إلى اهتزاز القيم الاجتماعية المستقرة في المجتمع الذي ينعم بالسلام الاجتماعي " 19 " .
5 – تؤدي عمليات غسيل الأموال لانعدام القيم و الروابط بين أفراد المجتمع ، فاستمرار ممارسة الأنشطة غير المشروعة التي تقتضي مجهوداً وبقاء عائداتها الضخمة في مأمن عن المصادرة و استغلالها في أنشطة أخرى مشروعة يؤدي إلى العزوف عن القيام بالأنشطة المشروعة وبخاصة من جانب الشباب ، الأمر الذي يؤدي إلى تفشي ظاهرة الأنانية وتصبح مصلحة الوطن و الانتماء إليه في الدرجة الثانية " 20 " .
6 – تساهم عمليات غسيل الأموال في شيوع ظاهرة تحدي القانون وروح التمرد لدى الشباب و الاستهانة بالسلطة الشرعية وعدم الرغبة في التمسك بالأنظمة و القوانين المعمول بها نتيجة عدم التوازن الاقتصادي و الاجتماعي.
7 – تساهم الرشوة التي يدفعها غاسلو الأموال في تدمير النسيج القيمي و الأخلاقي في المجتمعات حيث تقدم الرشوة لرجال الأمن و السياسة لكي يغضوا أبصارهم عن أنشطة جماعات الإجرام غير المشروعة ، كما هو حاصل الآن في روسيا ودول أوروبا الشرقية و إيطاليا وعدد من الدول الأفريقية .
رابعاً – الخاتمة :
عرضنا في هذه الورقة جانباً من الآثار الاقتصادية و الاجتماعية المرتبطة بعمليات غسيل الأموال وبينا خطورة هذا النوع من الجرائم الاقتصادية على مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول النامية و منها العربية ، الأمر الذي يتطلب من حكومات هذه الدول بذل الجهود للحد من تنامي هذا النوع من الجرائم وسن القوانين الرادعة للحيلولة دون تعرض الاقتصاد المحلي لهزات وانتكاسات مفاجئة .
وقد خطت العديد من الدول العربية خطوات هامة في هذا المجال فقد سنت القوانين التي تنص صراحة على تجريم غاسلي الأموال ومعاقبتهم بالسجن ومصادرة أموالهم وتغريمهم مبالغ مالية كبيرة ، كدولة الإمارات العربية و مملكة البحرين وعمان و الكويت وقطر ولبنان ومصر و الأردن ، وفي ظل التحول الاقتصادي الذي تشهده الدول العربية من الاقتصاد المركزي المخطط إلى اقتصاد السوق وفي ظل سياسات الإصلاح الاقتصادي التي تنتهجها معظم الدول العربية فإن سن القوانين الرادعة يقي اقتصادات هذه الدول من حدوث أية انتكاسات يمكن أن تنشأ من لجوء غاسلي الأموال إلى استغلال التغير الحاصل في البيئة الاقتصادية و الاجتماعية في الدول العربية للقيام بعملياتهم ، مما يتطلب إحداث جهاز رقابي على مستوى عالي من الخبرة و المهارة في متابعة وكشف مثل هذه العمليات ، و التعاون مع المنظمات الدولية كهيئة الأمم المتحدة وفريق العمل المالي لمكافحة غسيل الأموال ( FATF ) للمشاركة في الجهود الدولية لمكافحة تنامي هذا النوع من الجرائم .
المصادر و الهوامش
1 – جلال وفاء محمدين ، دور البنوك في مكافحة غسيل الأموال ، سلسلة رسائل البنك الصناعي ، الكويت ، ديسمبر عام 2000 ، ص 7 .
2 –
- R.E. Bell, prosecuting the Money Loundering : Who Act for Organised Crime , Volume 3 No2. 2 Journal of Money Loundering Contrel , p.p.104 – 112 ( Autumn 1999 ) .
3 - هذا المبلغ يتم غسله عن طريق البنوك و المؤسسات المالية ، لذلك فإن حجم الأموال التي يتم غسيلها في الولايات المتحدة يفوق هذا المبلغ بكثير .
4 –
- Scott Sultzer , Money Loundering : The Scope of the problem and Attempts to combat It , Volume 63 Tennessee Law Review, pp.148 – 149 ( 1995 ) .
5 – ليجو جيرارد ، تنظيف رأس المال ، تقرير مقدم للمؤتمر العلمي لخبراء مكافحة المخدرات ، 3 – 8 أكتوبر 1992 ، أبو ظبي ، سلسلة مطبوعات معهد العلوم الجنائية ، 1992 ، ص 8 .
6 – محمد فتحي عيد ، الإجرام المعاصر ،أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية ، الرياض 1999 ، ص 279 .
7 – برنامج الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات ، دليل الأمم المتحدة للتدريب على إنفاذ قوانين العقاقير المخدرة ، وثيقة رقم IV – 91 – 30091 ، المبحث الرابع ، التحقيق المالي ، ص 1 .
8 – محمد فتحي عيد ، مصدر سبق ذكره ، ص 281 .
9 – مركز زايد للتنسيق و المتابعة – جامعة الدول العربية ، غسيل الأموال ، أبو ظبي ، آذار 2002 ، ص 11 – 12 .
10 - المصدر نفسه ، ص 13 .
11 – سيد شوربجي عبد المولى ، عمليات غسيل الأموال و انعكاساتها على المتغيرات الاقتصادية و الاجتماعية ، المجلة العربية للدراسات الأمنية و التدريب ، الرياض ، العدد 28 ، أكتوبر 1999 ، ص 327 .
12 – مركز زايد للتنسيق و المتابعة – جامعة الدول العربية ، غسيل الأموال ، أبو ظبي ، آذار 2002 ، ص 13 .
13 – المؤسسة العربية لضمان الاستثمار ، سلسلة الخلاصات المركزة ، غسيل الأموال – آثاره وضوابطه ومكافحته ، الكويت ، الإصدار 5 / عام 2000 ، ص 4 .
14 - المصدر نفسه ، ص 4 .
15 – السيد أحمد عبد الخالق ، الآثار الاقتصادية و الاجتماعية لغسيل الأموال ، مجلة كلية الحقوق جامعة المنصورة ، 1997 ، ص 42 .
16 - صندوق النقد العربي و آخرون ، التقرير الاقتصادي العربي الموحد ، أبو ظبي ، أيلول 2001 ، ملحق ( 7 / 6 ) ، ص 330 .
17 – المؤسسة العربية لضمان الاستثمار ، سلسلة الخلاصات المركزة ، غسيل الأموال – آثاره وضوابطه ومكافحته ، الكويت ، الإصدار 5 / عام 2000 ، ص 4 – 5 .
18 - مركز زايد للتنسيق و المتابعة – جامعة الدول العربية ، غسيل الأموال ، أبو ظبي ، آذار 2002 ، ص 14 .
19 – المصدر نفسه ، ص 14 .
20 - محمد محي الدين عوض ، عمليات غسيل الأموال وطرق مكافحتها ، الموسم الثقافي الثالث ، أكاديمية نايف للعلوم الأمنية ، الرياض ، 1997 ، ص 14 .