jobs4arab
02-23-2013, 11:35 PM
بحث كامل حول نظام الشهر العقاري في القانون الجزائري
الـمـبـحُـث الأول:
المحافظة العقارية و تنظيمها الداخلي
و فيه سندرج كمطلب أول المحافظة العقارية أما المطلب الثاني فندرج فيه
قواعد تنظيم الشهر العقاري.
المطلب
الأول: المحافظة العقارية
إن إجراءات الشهر العقاري تتولاها هيئة إدارية نظمها الواضع و حدد
صلاحياتها و اختصاصها الإقليمي. و بناء على ما جاء به الواضع الجزائري في الأمر
75/74 المؤرخ في 12/11/1975 و أحكام المرسومين السابقين، يتضح أنه لم يحدد تعريفا
خاصا بالمحافظة العقارية و لم يبين كيفية تنظيمها الداخلي.
الفرع الأول: تعريفهـا و نشأتها
أولا:تعريفها
* لغــة: هي تسمية مكونة من كلمتين
1-المحافظـة: بمعنى حفظ ،
صيانة، بيت الأمين و القائم بعملية الحفظ فيها يسمى محافظ عقاري.
2-عقاريـة:أصلها كلمة عقار، و قد عرفه
الواضع الجزائري في المادة 683 من القانون المدني على أنه " كل شيء ثابت و
مستقر في مكانه و غير قابل للنقل من مكان إلى مكان بدون تلف، و كل ما عدا ذلك فهو
منقول(1).
*اصطلاحا: هي هيئة إدارية عمومية تزاول مهامها تحت وصاية وزير المالية، يسيرها محافظ
عقاري.
أحدثت بموجب المادة 20 من الأمر 75-74 سابق الذكر من أجل أداء الوظائف
الأساسية التالية(2):
-
تأسيس السجل العقاري.
-
مسك مجموعة البطاقات العقارية.
-
تسليم الدفاتر العقارية.
ــــــــــــــــــــــــــ
(1):أ.
عمار علوي – المرجع السابق – ص 118
(2):أ.مجيد
خلفوني – المرجع السابق- ص 70
*الصفحة: 22 *
ثانيا:نشأتهـا
بعد صدور مرسوم 31/12/1962، الذي يقضي بإبقاء العمل بالنصوص التشريعية
الصادرة في ظل العهد الاستعماري،باستثناء ما يتنافى مع مبادئ الثورة التحريرية،فإن
الواضع الجزائري لم يبين كيفية تطبيق أحكام الشهر العقاري الفرنسية،الخاصة بالرهون
العقارية لا سيما منها القانون رقم 59/41 المؤرخ في 03/01/1959 المعدل بالقانون
رقم 59/1986 المؤرخ في 28/12/1959 بحيث لم يستحدث أي هيئة إدارية متعلقة بالشهر
العقاري (1).
و بعدها صدر مرسوم 75/74 المؤرخ في 12/11/1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي و
تأسيس السجل العقاري،و أوكلت مهمة تنظيم المحافظة العقارية و قواعد سيرها، و شروط
تعيين المحافظين العقاريين إلى الجهة الوصية و المتمثلة في وزارة المالية في
المادتين 20 و21 منه (2).
ثم صدر مرسوم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 الذي كان يقضي أن المحافظة
العقارية عبارة عن مكتب تحت وصاية وزارة المالية كما جاء في المادة 01 منه، التي
تقضي:" تحدث لدى المديرية الفرعية للولاية لشؤون أملاك الدولة و الشؤون العقارية،محافظة
عقارية يسيرها محافظ عقاري"(3).
كما صدر في هذا الشأن مرسوم رقم 87/212 المؤرخ في 29/09/1987 الذي يحدد
كيفيات تنشيط أعمال الهياكل المحلية التابعة للإدارة المالية و تنسيقها و كذلك
جمعها على مستوى الولاية و المهام الموكلة للمحافظات العقارية و تحديد كيفية
مراقبة ذلك.
كما أن مهمة التفتيش و المراقبة أوكلت إلى مفتش منسق للمصالح الخارجية
لوزارة المالية الذي يعمل تحت وصاية الوالي.
أما في سنة 1991 ،صدر المرسوم التنفيذي رقم 91/65 المؤرخ في 02/03/1991
المتعلق بتنظيم المصالح الخارجية لأملاك الدولة و الحفظ العقاري و سيرها، و جاء
فيه أن المحافظة العقارية تعتبر هيئة إدارية تابعة للمديرية العامة للأملاك
الوطنية على مستوى وزارة المالية، حيث أوكل لمديرية الحفظ العقاري مهمة مراقبة
أعمال المحافظة العقارية الدائرة في اختصاصها الإقليمي (5).
ـــــــــــــــــــــــــ
(1):أ.
مجيد خلفوني – المرجع السابق – ص 72
(2):أ.
خالد رامول – المرجع السابق – ص 78
(3):أ.خالد
رامول – المرجع السابق –ص 77
(4):أ.
مجيد خلفوني – المرجع السابق- ص 74
*الصفحة: 23 *
الفرع الثاني: مهام المحافظة العقارية
لقد خول الواضع الجزائري للمحافظة العقارية مجموعة من المهام تهدف من
خلالها إلى حماية الملكية العقارية، و المعاملات الواردة عليها، فهي تقوم بحفظ
الوثائق العقارية مع قيدها في مجموعة البطاقات العقارية، كما تعمل على إعلام الغير
بمختلف المعاملات التي تم شهرها على مستواها.
من خلال ما سبق يتضح أن للمحافظة العقارية مهمة أساسية، تتمثل في إعداد و
ضبط السجل العقاري الذي يعكس الهوية الحقيقية للعقار.
و هذا ما نص عليه الواضع الجزائري من خلال بعض النصوص القانونية وأهمل
البعض الآخر(1).
بناء على الأمر رقم 75/74 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام و تأسيس السجل
العقاري لم يأتي الواضع إلا بمبادئ و قواعد عامة لتحديد مهام المحافظة العقارية، و
ترك تفاصيل المهام إلى تشريعات ستصدر لاحقا، و من خلال استقرائنا لأحكام هذا الأمر
نرى أنه خول للمحافظ العقاري ثلاث مهام أساسية هي:
-
مسك السجل العقاري.
-
مسك مجموعة البطاقات العقارية.
-
تسليم الدفتر العقاري.
أولا: مسك
السجل العقاري
بناء على المادة 03 من الأمر رقم 75/74 فإن السجل العقاري يعد بمثابة
الوضعية القانونية للعقارات، ويبين تداول الحقوق العينية، يمسك هذا السجل من قبل
المحافظ العقاري على أساس وثائق مسح الأراضي العام على مستوى إقليم كل بلدية، و
يعرف النطاق الطبيعي للعقارات، و مسك السجل العقاري يهدف إلى الشروع في نظام الشهر
الجديد المؤسس بموجب هذا الأمر المتمثل في نظام الشهر العيني و هو ما تشير إليه
المادة 22 من هذا المرسوم.
ثانيا: مسك مجموعة البطاقات العقارية
لقد ألزم الواضع مسك مجموعة البطاقات العقارية،طبقا للمادة 15 من الأمر
75/74 في جميع العقود المتعلقة بالملكية العقارية، و يقصد الواضع بالتسجيل في
مجموعة البطاقات العقارية،إجراء شهر المحرر الرسمي بالمحافظة العقارية حتى يكتسب
الشخص الحق العيني العقاري،لأن الشهر العقاري مصدر الحق العيني.
ــــــــــــــــــــــــ
(1):أ.
خالد رامول- المرجع السابق- ص 80
*الصفحة:24 *
ثالثا:تسليم الدفتر العقاري
لقد جاء في هذا الأمر و ما صاحبه من مراسيم تنفيذية أحكام تقضي أن الأراضي
الممسوحة، يسلم لصاحب العقارات دفتر عقاري، و ذلك بعد إنشاء بطاقة عقارية عن كل عقار،تم
مسحه تدون فيه كل البيانات و تأسس طبقا للمادة 19 من هذا المرسوم (1).
المطلب
الثاني: قواعد
تنظيم الشهر العقاري
لقد رتب الواضع الجزائري على عملية تنظيم الشهر العقاري قاعدتين أساسيتين
يمكن من خلالهما نقل الملكية العقارية، الأولى هي القاعدة الرسمية و الثانية هي
قاعدة الأثر النسبي.
الفرع الأول:القاعدة الرسمية
القاعدة العامة في التعاقد طبقا للقانون الجزائري، هي الرضائية ذلك أن
تطابق الإرادتين كاف لإنشاء العقد ما لم يقضي بغير ذلك نص خاص، حيث تنص المادة59
من القانون المدني الجزائري على أنه :
"يتم العقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن إرادتيهما المتطابقتين
دون الإخلال بالنصوص القانونية"(2)
مقابل ذلك أقر الواضع الجزائري مبدأ شكلية العقود في بعض التصرفات، مثالها
المعاملات الواردة على العقارات، حيث تفرغ هذه المعاملات في شكل رسمي(3).
و يقصد بالشكلية توثيق العقد، و ذلك بأن يتقدم أطراف العقد أمام مكتب
التوثيق لإفراغ عقدهما في قالب رسمي و هو ركن جوهري في التعاقد، يترتب على مخالفته
البطلان، و هو ما تشير إليه المادة 324/1 حيث أكد الواضع على ضرورة توافر القاعدة
الرسمية في شكل عقد من شأنه نقل أو تعديل أو إنشاء أو زوال حق من الحقوق العينية
العقارية، و على كل ما يرد على الملكية العقارية من تصرفات، وذلك عن طريق إثبات
هذه التصرفات في محرر ينجزه موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة، و تعتبر
العقود التي يحررها الموثق سندات رسمية تنفيذية و لها حجية على ما تضمنته، ما لم
يطعن فيها بالتزوير (4).
ـــــــــــــــــــــــــ
(1):أ.مجيد
خلفوني – المرجع السابق – ص 105
(2):القانون
المدني حسب آخر تعديل
(3):أ.خالد
رامول- المرجع السابق-ص 34
(4):أ.مجيد
خلفوني-المرجع السابق- 83
*الصفحة:25 *
إن إخضاع المحررات التابعة للشهر العقاري إلى قاعدة رسمية، يلعب دورا هاما
و ذلك باعتبار القاعدة الرسمية وسيلة لترقية المعاملات القانونية و ضمانة قوية
لاستقرارها، خاصة بالنظر لما تنطوي عليه من مزايا كثيرة و متنوعة،فالرسمية تقضي
تدخل موظف عام أو ضابط عمومي، أو شخص مكلف بخدمة عامة و هذا ما يزيد من قانونية
المحرر و حجيته و يجعل البيانات التي تتضمنها المحررات الرسمية قوية و قاطعة إلى
غاية إثبات العكس، كما أن الرسمية تضمن إشهار المحررات المودعة بالمحافظة العقارية
في الآجال القانونية المحددة لها.
إن إسناد عملية تحرير مختلف الوثائق الخاضعة للحفظ العقاري إلى موظف عام،
ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة، يعد بمثابة حماية تامة لأطراف العقد و الغير،
لاسيما مع علمهم بمدى خطورة التصرف المقدمين عليه و كذا الأحكام التشريعية و
التنظيمية التي تحكمه.
إن قاعدة الرسمية تمكن الدولة من بسط مراقبتها على السوق العقاري قصد التقليل
من المضاربة و تمكين الخزينة العمومية من تحصيل مداخيل مالية كبيرة (1).
من خلال استقرائنا لأحكام الشهر العقاري، نجد أن الأحكام المنظمة للشهر
العقاري كثيرة و متنوعة، لتنوع التصرفات المبرمة بين الأشخاص، سواء كانت صادرة من
جانب واحد كالهبة، الوقف، الوصية، أو تضمنت التزامات من جانبين مثل البيع، المقاصة
أو الإيجار الوارد على حق الملكية أو الحقوق العينية المتفرعة عنه، كحق
الانتفاع أو الارتفاق، فجعل هذه التصرفات
لا ترتب أثرا فيما بين المتعاقدين و في مواجهة الغير، إلا منذ تسجيلها في مجموعة
البطاقات العقارية، و هو ما يؤكده الواضع في المواد 14 ،15، 16، 17 من الأمر 75/74
المتضمن إعداد مسح الأراضي و تأسيس السجل العقاري، حيث تنص المادة 14 على أنه تلزم
الإشارة من أجل مسك مجموعة البطاقات العقارية إلى ما يلي:
-
جميع العقود الرسمية أو الناقلة أو المصرحة أو المعدلة، المتعلقة بالملكية
العقارية التي ستعد لتأسيس مجموعة البطاقات العقارية.
-
المحاضر المعدة من قبل مصلحة مسح الأراضي و التنبيه للتعديلات التي تخص
العقارات في مجموعة البطاقات العقارية.
-
و بصفة عامة كل التعديلات للوضعية القانونية للعقار محددة و مسجلة في
مجموعة البطاقات العقارية.
ــــــــــــــــــــــــ
(1):أ.خالد
رامول- المرجع السابق- ص 38
*الصفحة:26 *
كما تؤكد المادة 15 على أنه كل حق للملكية و كل حق عيني آخر يتعلق بعقار،
لا وجود له بالنسبة للغير إلا من تاريخ إشهارها في مجموعة البطاقات العقارية، و
تضيف المادة 16 على أن العقود الإدارية و الاتفاقات التي ترمي إلى إنشاء أو نقل أو
تصريح أو تعديل أو انقضاء حق عيني لا يكون لها أثر حتى بين الأطراف إلا من تاريخ
نشرها في مجموعة البطاقات العقارية.
إلى جانب الحقوق العينية العقارية الأصلية و التبعية الواجب إخضاعها إلى
عملية الإشهار العقاري يوجب الواضع إشهار بعض العقود التي ترتب حقوقا شخصية طبقا
للمادة 17 من نفس الأمر تقضي بأن الإيجار الذي تزيد مدته عن 12 سنة، لا يكون له
أثر بين الأطراف و لا يحتج به اتجاه الغير في حالة عدم إشهاره، كما أخضع الواضع
أيضا بعض التصرفات إلى عملية الإشهار العقاري، كما هو الحال بالنسبة إلى إشهار
العقود الإدارية و نصت عن قيام مديرة أملاك الدولة بتسيير محافظتها العقارية و
إشهار قرار نزع الملكية و إشهار شهادة الحيازة(1).
الفرع الثاني:قاعدة الأثر النسبي
حماية لضمان الملكية للمالك الجديد التي يعكسها السجل العقاري، حرص الواضع
الجزائري في عملية الحفظ العقاري على ضرورة توافر قاعدة الشهر المسبق لضمان فكرة
الائتمان العقاري، حيث نصت المادة 88 من المرسوم 16/63 على ما يلي:
" لا يمكن القيام بأي إجراء
للإشهار في المحافظة العقارية في حالة عدم وجود إشهار مسبق أو مقارن للعقد أو
للقرار القضائي أو لشهادة الانتقال عن طريق الوفاة يثبت حق المتصرف أو صاحب الحق
الأخير...."
يظهر جليا من نص المادة أنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال القيام بإجراء
إشهار محرر يتضمن تصرف وارد على عقار ما لم يكن هناك شهر مسبق للمحرر الذي حان
سببا في اكتساب العقار المتصرف فيه، من هنا تظهر جليا فكرة تسلسل الملكية
العقارية، بحيث تنتقل الملكية من المتصرف إلى المتصرف إليه بطريقة قانونية، عن
طريق معرفة جميع الملاك السابقين الذين تداولوا على ملكية هذا العقار، و من خلاله
يمكن التصدي لظاهرة التصرفات المزدوجة التي كثيرا ما تحدث في الحياة العملية.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1):أ.
مجيد خلفوني – المرجع السابق- ص 88
* الصفحة:27 *
و لمراقبة حسن تطبيق هذه القاعدة، منح الواضع الجزائري للمحافظ العقاري
سلطة كاملة لمراقبة كل وثيقة تكون محل إيداع على مستوى مصلحته قصد التأكد من
بياناتها و من احتوائها على إجراء الشهر المسبق و في حالة غياب هذه البيانات فإن
الإيداع يرفض طبقا لنص المادة 101/1 من مرسوم 76/63 .(1)
إن قاعدة الشهر المسبق تطبق في الحالات العادية، التي يمكن من خلالها
للمحافظ العقاري مقارنة الوثائق محل إجراء الشهر مع المحررات التي سبق شهرها، و
المحتفظ بنسخ منها لدى المحافظ العقاري،غير أنه في بعض الأحيان يتلقى المحافظ
العقاري حالات قانونية يستعصى عليه فيها مراقبة قاعدة الشهر المسبق و ذلك
باعتبارها أول إجراء، أو أنها حالات تطبقها عملية التحويل من نظام الشهر الشخصي
إلى نظام الشهر العيني.
و قصد إيجاد حل لهذه الحالات، أورد الواضع الجزائري جملة من الاستثناءات
على هذه القاعدة منها ما ورد عليها المرسوم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 ، و منها
ما ورد في المرسوم رقم 80/210 المؤرخ في 13/09/1980 المعدل بموجب المرسوم رقم
93/23 المؤرخ في 19/05/1993 ، الذي مدد الفترة من 01/03/1961 إلى 01/01/1971 و
يمكن استعراضها على النحو التالي:
أولا: العقود المحررة قبل تاريخ
01/01/1971
هذا الاستثناء وضع لكي يحدد الإطار القانوني، و يعطي الحجية اللازمة للعقود
و الشهادات التوثيقية المحررة من قبل القضاة سابقا ، التي لم تكن خاضعة لعملية الشهر العقاري، و يلحق بها العقود العرفية
المسجلة بغية إعطائها تاريخ ثابت قبل 01 جانفي 1971 .
يتم إعفاء مودعي هذه العقود من ذكر أصل الملكية الخاصة بها، و في مقابل ذلك
يتم إلزامهم بالتعيين الدقيق للعقار و كل الأشخاص المذكورين في العقد العرفي، بدون
استثناء المتعاقدين و الشهود لتسهيل عملية ضبط البطاقة العقارية.
أما بالنسبة للعقود العرفية التي ليس لها تاريخ ثابت فإنه لا يمكن إثبات
حجيتها إلا عن طريق القضاء، لهذا صدر الأمر رقم 1251 المؤرخ في 29/03/1994 الصادر
من المديرية العامة للأملاك الوطنية و كذا قرار المحكمة العليا تحت رقم 53931
المؤرخ في 08/05/1990 .(2)
ـــــــــــــــــــــــــ
(1):أ.
خالد رامول – المرجع السابق- ص 50
(2):أ.
خالد رامول – المرجع السابق- ص 51
*الصفحة:28 *
ثانيا: الإجراء الأول في
السجل العقاري
من النتائج الأولى لعملية مسح الأراضي المحدثة بموجب أمر رقم 75/74 المؤرخ
في 12/11/1975 يتبين أن هناك عدد هام من الوحدات العقارية غير المشغولة بصفة رسمية
من قبل الأفراد، مما جعلها مجهولة دون أي عنوان قانوني، هذا ما دفع المحافظين
العقاريين عند قيامهم بعمليات شهر التصرفات الواردة على هذه العقارات، إلى عدم
اشتراط توافر الشهر المسبق و نفس الشيء ينطبق على الأشخاص الذين لم يحضروا
المستندات الخاصة بتحديد هويتهم و طبيعة ملكيتهم عند إيداع و وثائق المسح لدى
المحافظة العقارية.
و هذا تم تأكيده من خلال المادة 89 من المرسوم 76/63 المعدل بموجب المرسوم
رقم 93 -123 المؤرخ في 19/05/1993 ،إن هذا الاستثناء يضر في بعض الحالات بأصحاب
الحقوق الغائبين أو الذين منعوا من التصرف أثناء إجراء عملية المسح، هذا ما دفع
بالواضع إلى تحديد مدة قانونية مقدرة بسنتين قيد من خلالها عملية الشهر.
*إشهار شهادة اكتساب الملكية بالتقادم المكسب(عقد الشهرة) :
بالرجوع إلى المرسوم رقم 83 -352 المؤرخ في 21/05/1983 الذي يسن إجراءات
التقادم المكسب و إعداد عقد الشهرة المتضمن الاعتراف بالملكية، هذا الإجراء وضع من
أجل معالجة الحالات التي يكون فيها الأشخاص الذين يمارسون الحيازة على عقار ما
بدون سند، و هذا ما أكدته القواعد العامة التي أقرها التقنين المدني في المادة 827
، و لابد من توافر شروط حتى يتم تحرير هذه العقود إذ يجب أن يثبت الشخص الحائز أن
الملك لا يتعلق بأي شكل من الأشكال بالأملاك التابعة للدولة، و أن تكون الحيازة
هادئة، مستمرة و علنية، و لابد من تقديم الطلب أمام الموثق المختص إقليميا بجملة
من الوثائق تبين عموما طبيعة العقار محل الحيازة و موقعه و مساحته، و لابد من
إلصاق طلب عقد الشهرة في مقر البلدية و نشره في إحدى الصحف الوطنية قصد إثارة
الاعتراضات المحتملة.
و في النهاية يتم تحرير العقد التوثيقي و يشهر بالمحافظة العقارية و يعتبر
التصرف القانوني الذي يقوم به المحافظ العقاري أول إجراء للإشهار العقاري (1).
*إشهار عقود الملكية للأراضي المتنازل عنها في إطار عملية استصلاح الأراضي:
طبقا لما مرد في نص المادة 01 من القانون رقم 83 -18 المؤرخ في 18/08/1983
المتعلق بحيازة الملكية العقارية الفلاحية،حيث يتم منح الأفراد عقود استفادة.
ــــــــــــــــــــــ
(1):أ
.خالد رامول- المرجع السابق- ص 52
* الصفحة:29 *
إن شهر هذه العقود يعتبر بمثابة إجراء أولي لا يتطلب توافر قاعدة للشهر
المسبق، و هكذا يتجلى الاستثناء الذي أقره الواضع على هذه القاعدة.
*شهر شهادة الحيازة:
لقد نص الواضع على شهادة الحيازة في المادتين 39 و 40 من القانون رقم 90-25
المؤرخ في 18/11/1990 المتضمن التوجيه العقاري، حيث أن كل شخص يمارس على عقار
حيازة مستقرة غير منقطعة، هادئة و علنية لا يشوبها شبهة(المادة 823 القانون
المدني)،يحصل على سند اسمي يعرف بشهادة حيازة يخضع لشكليات التسجيل و الشهر
العقاري.
الـمـبـحُـث الأول:
المحافظة العقارية و تنظيمها الداخلي
و فيه سندرج كمطلب أول المحافظة العقارية أما المطلب الثاني فندرج فيه
قواعد تنظيم الشهر العقاري.
المطلب
الأول: المحافظة العقارية
إن إجراءات الشهر العقاري تتولاها هيئة إدارية نظمها الواضع و حدد
صلاحياتها و اختصاصها الإقليمي. و بناء على ما جاء به الواضع الجزائري في الأمر
75/74 المؤرخ في 12/11/1975 و أحكام المرسومين السابقين، يتضح أنه لم يحدد تعريفا
خاصا بالمحافظة العقارية و لم يبين كيفية تنظيمها الداخلي.
الفرع الأول: تعريفهـا و نشأتها
أولا:تعريفها
* لغــة: هي تسمية مكونة من كلمتين
1-المحافظـة: بمعنى حفظ ،
صيانة، بيت الأمين و القائم بعملية الحفظ فيها يسمى محافظ عقاري.
2-عقاريـة:أصلها كلمة عقار، و قد عرفه
الواضع الجزائري في المادة 683 من القانون المدني على أنه " كل شيء ثابت و
مستقر في مكانه و غير قابل للنقل من مكان إلى مكان بدون تلف، و كل ما عدا ذلك فهو
منقول(1).
*اصطلاحا: هي هيئة إدارية عمومية تزاول مهامها تحت وصاية وزير المالية، يسيرها محافظ
عقاري.
أحدثت بموجب المادة 20 من الأمر 75-74 سابق الذكر من أجل أداء الوظائف
الأساسية التالية(2):
-
تأسيس السجل العقاري.
-
مسك مجموعة البطاقات العقارية.
-
تسليم الدفاتر العقارية.
ــــــــــــــــــــــــــ
(1):أ.
عمار علوي – المرجع السابق – ص 118
(2):أ.مجيد
خلفوني – المرجع السابق- ص 70
*الصفحة: 22 *
ثانيا:نشأتهـا
بعد صدور مرسوم 31/12/1962، الذي يقضي بإبقاء العمل بالنصوص التشريعية
الصادرة في ظل العهد الاستعماري،باستثناء ما يتنافى مع مبادئ الثورة التحريرية،فإن
الواضع الجزائري لم يبين كيفية تطبيق أحكام الشهر العقاري الفرنسية،الخاصة بالرهون
العقارية لا سيما منها القانون رقم 59/41 المؤرخ في 03/01/1959 المعدل بالقانون
رقم 59/1986 المؤرخ في 28/12/1959 بحيث لم يستحدث أي هيئة إدارية متعلقة بالشهر
العقاري (1).
و بعدها صدر مرسوم 75/74 المؤرخ في 12/11/1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي و
تأسيس السجل العقاري،و أوكلت مهمة تنظيم المحافظة العقارية و قواعد سيرها، و شروط
تعيين المحافظين العقاريين إلى الجهة الوصية و المتمثلة في وزارة المالية في
المادتين 20 و21 منه (2).
ثم صدر مرسوم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 الذي كان يقضي أن المحافظة
العقارية عبارة عن مكتب تحت وصاية وزارة المالية كما جاء في المادة 01 منه، التي
تقضي:" تحدث لدى المديرية الفرعية للولاية لشؤون أملاك الدولة و الشؤون العقارية،محافظة
عقارية يسيرها محافظ عقاري"(3).
كما صدر في هذا الشأن مرسوم رقم 87/212 المؤرخ في 29/09/1987 الذي يحدد
كيفيات تنشيط أعمال الهياكل المحلية التابعة للإدارة المالية و تنسيقها و كذلك
جمعها على مستوى الولاية و المهام الموكلة للمحافظات العقارية و تحديد كيفية
مراقبة ذلك.
كما أن مهمة التفتيش و المراقبة أوكلت إلى مفتش منسق للمصالح الخارجية
لوزارة المالية الذي يعمل تحت وصاية الوالي.
أما في سنة 1991 ،صدر المرسوم التنفيذي رقم 91/65 المؤرخ في 02/03/1991
المتعلق بتنظيم المصالح الخارجية لأملاك الدولة و الحفظ العقاري و سيرها، و جاء
فيه أن المحافظة العقارية تعتبر هيئة إدارية تابعة للمديرية العامة للأملاك
الوطنية على مستوى وزارة المالية، حيث أوكل لمديرية الحفظ العقاري مهمة مراقبة
أعمال المحافظة العقارية الدائرة في اختصاصها الإقليمي (5).
ـــــــــــــــــــــــــ
(1):أ.
مجيد خلفوني – المرجع السابق – ص 72
(2):أ.
خالد رامول – المرجع السابق – ص 78
(3):أ.خالد
رامول – المرجع السابق –ص 77
(4):أ.
مجيد خلفوني – المرجع السابق- ص 74
*الصفحة: 23 *
الفرع الثاني: مهام المحافظة العقارية
لقد خول الواضع الجزائري للمحافظة العقارية مجموعة من المهام تهدف من
خلالها إلى حماية الملكية العقارية، و المعاملات الواردة عليها، فهي تقوم بحفظ
الوثائق العقارية مع قيدها في مجموعة البطاقات العقارية، كما تعمل على إعلام الغير
بمختلف المعاملات التي تم شهرها على مستواها.
من خلال ما سبق يتضح أن للمحافظة العقارية مهمة أساسية، تتمثل في إعداد و
ضبط السجل العقاري الذي يعكس الهوية الحقيقية للعقار.
و هذا ما نص عليه الواضع الجزائري من خلال بعض النصوص القانونية وأهمل
البعض الآخر(1).
بناء على الأمر رقم 75/74 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام و تأسيس السجل
العقاري لم يأتي الواضع إلا بمبادئ و قواعد عامة لتحديد مهام المحافظة العقارية، و
ترك تفاصيل المهام إلى تشريعات ستصدر لاحقا، و من خلال استقرائنا لأحكام هذا الأمر
نرى أنه خول للمحافظ العقاري ثلاث مهام أساسية هي:
-
مسك السجل العقاري.
-
مسك مجموعة البطاقات العقارية.
-
تسليم الدفتر العقاري.
أولا: مسك
السجل العقاري
بناء على المادة 03 من الأمر رقم 75/74 فإن السجل العقاري يعد بمثابة
الوضعية القانونية للعقارات، ويبين تداول الحقوق العينية، يمسك هذا السجل من قبل
المحافظ العقاري على أساس وثائق مسح الأراضي العام على مستوى إقليم كل بلدية، و
يعرف النطاق الطبيعي للعقارات، و مسك السجل العقاري يهدف إلى الشروع في نظام الشهر
الجديد المؤسس بموجب هذا الأمر المتمثل في نظام الشهر العيني و هو ما تشير إليه
المادة 22 من هذا المرسوم.
ثانيا: مسك مجموعة البطاقات العقارية
لقد ألزم الواضع مسك مجموعة البطاقات العقارية،طبقا للمادة 15 من الأمر
75/74 في جميع العقود المتعلقة بالملكية العقارية، و يقصد الواضع بالتسجيل في
مجموعة البطاقات العقارية،إجراء شهر المحرر الرسمي بالمحافظة العقارية حتى يكتسب
الشخص الحق العيني العقاري،لأن الشهر العقاري مصدر الحق العيني.
ــــــــــــــــــــــــ
(1):أ.
خالد رامول- المرجع السابق- ص 80
*الصفحة:24 *
ثالثا:تسليم الدفتر العقاري
لقد جاء في هذا الأمر و ما صاحبه من مراسيم تنفيذية أحكام تقضي أن الأراضي
الممسوحة، يسلم لصاحب العقارات دفتر عقاري، و ذلك بعد إنشاء بطاقة عقارية عن كل عقار،تم
مسحه تدون فيه كل البيانات و تأسس طبقا للمادة 19 من هذا المرسوم (1).
المطلب
الثاني: قواعد
تنظيم الشهر العقاري
لقد رتب الواضع الجزائري على عملية تنظيم الشهر العقاري قاعدتين أساسيتين
يمكن من خلالهما نقل الملكية العقارية، الأولى هي القاعدة الرسمية و الثانية هي
قاعدة الأثر النسبي.
الفرع الأول:القاعدة الرسمية
القاعدة العامة في التعاقد طبقا للقانون الجزائري، هي الرضائية ذلك أن
تطابق الإرادتين كاف لإنشاء العقد ما لم يقضي بغير ذلك نص خاص، حيث تنص المادة59
من القانون المدني الجزائري على أنه :
"يتم العقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن إرادتيهما المتطابقتين
دون الإخلال بالنصوص القانونية"(2)
مقابل ذلك أقر الواضع الجزائري مبدأ شكلية العقود في بعض التصرفات، مثالها
المعاملات الواردة على العقارات، حيث تفرغ هذه المعاملات في شكل رسمي(3).
و يقصد بالشكلية توثيق العقد، و ذلك بأن يتقدم أطراف العقد أمام مكتب
التوثيق لإفراغ عقدهما في قالب رسمي و هو ركن جوهري في التعاقد، يترتب على مخالفته
البطلان، و هو ما تشير إليه المادة 324/1 حيث أكد الواضع على ضرورة توافر القاعدة
الرسمية في شكل عقد من شأنه نقل أو تعديل أو إنشاء أو زوال حق من الحقوق العينية
العقارية، و على كل ما يرد على الملكية العقارية من تصرفات، وذلك عن طريق إثبات
هذه التصرفات في محرر ينجزه موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة، و تعتبر
العقود التي يحررها الموثق سندات رسمية تنفيذية و لها حجية على ما تضمنته، ما لم
يطعن فيها بالتزوير (4).
ـــــــــــــــــــــــــ
(1):أ.مجيد
خلفوني – المرجع السابق – ص 105
(2):القانون
المدني حسب آخر تعديل
(3):أ.خالد
رامول- المرجع السابق-ص 34
(4):أ.مجيد
خلفوني-المرجع السابق- 83
*الصفحة:25 *
إن إخضاع المحررات التابعة للشهر العقاري إلى قاعدة رسمية، يلعب دورا هاما
و ذلك باعتبار القاعدة الرسمية وسيلة لترقية المعاملات القانونية و ضمانة قوية
لاستقرارها، خاصة بالنظر لما تنطوي عليه من مزايا كثيرة و متنوعة،فالرسمية تقضي
تدخل موظف عام أو ضابط عمومي، أو شخص مكلف بخدمة عامة و هذا ما يزيد من قانونية
المحرر و حجيته و يجعل البيانات التي تتضمنها المحررات الرسمية قوية و قاطعة إلى
غاية إثبات العكس، كما أن الرسمية تضمن إشهار المحررات المودعة بالمحافظة العقارية
في الآجال القانونية المحددة لها.
إن إسناد عملية تحرير مختلف الوثائق الخاضعة للحفظ العقاري إلى موظف عام،
ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة، يعد بمثابة حماية تامة لأطراف العقد و الغير،
لاسيما مع علمهم بمدى خطورة التصرف المقدمين عليه و كذا الأحكام التشريعية و
التنظيمية التي تحكمه.
إن قاعدة الرسمية تمكن الدولة من بسط مراقبتها على السوق العقاري قصد التقليل
من المضاربة و تمكين الخزينة العمومية من تحصيل مداخيل مالية كبيرة (1).
من خلال استقرائنا لأحكام الشهر العقاري، نجد أن الأحكام المنظمة للشهر
العقاري كثيرة و متنوعة، لتنوع التصرفات المبرمة بين الأشخاص، سواء كانت صادرة من
جانب واحد كالهبة، الوقف، الوصية، أو تضمنت التزامات من جانبين مثل البيع، المقاصة
أو الإيجار الوارد على حق الملكية أو الحقوق العينية المتفرعة عنه، كحق
الانتفاع أو الارتفاق، فجعل هذه التصرفات
لا ترتب أثرا فيما بين المتعاقدين و في مواجهة الغير، إلا منذ تسجيلها في مجموعة
البطاقات العقارية، و هو ما يؤكده الواضع في المواد 14 ،15، 16، 17 من الأمر 75/74
المتضمن إعداد مسح الأراضي و تأسيس السجل العقاري، حيث تنص المادة 14 على أنه تلزم
الإشارة من أجل مسك مجموعة البطاقات العقارية إلى ما يلي:
-
جميع العقود الرسمية أو الناقلة أو المصرحة أو المعدلة، المتعلقة بالملكية
العقارية التي ستعد لتأسيس مجموعة البطاقات العقارية.
-
المحاضر المعدة من قبل مصلحة مسح الأراضي و التنبيه للتعديلات التي تخص
العقارات في مجموعة البطاقات العقارية.
-
و بصفة عامة كل التعديلات للوضعية القانونية للعقار محددة و مسجلة في
مجموعة البطاقات العقارية.
ــــــــــــــــــــــــ
(1):أ.خالد
رامول- المرجع السابق- ص 38
*الصفحة:26 *
كما تؤكد المادة 15 على أنه كل حق للملكية و كل حق عيني آخر يتعلق بعقار،
لا وجود له بالنسبة للغير إلا من تاريخ إشهارها في مجموعة البطاقات العقارية، و
تضيف المادة 16 على أن العقود الإدارية و الاتفاقات التي ترمي إلى إنشاء أو نقل أو
تصريح أو تعديل أو انقضاء حق عيني لا يكون لها أثر حتى بين الأطراف إلا من تاريخ
نشرها في مجموعة البطاقات العقارية.
إلى جانب الحقوق العينية العقارية الأصلية و التبعية الواجب إخضاعها إلى
عملية الإشهار العقاري يوجب الواضع إشهار بعض العقود التي ترتب حقوقا شخصية طبقا
للمادة 17 من نفس الأمر تقضي بأن الإيجار الذي تزيد مدته عن 12 سنة، لا يكون له
أثر بين الأطراف و لا يحتج به اتجاه الغير في حالة عدم إشهاره، كما أخضع الواضع
أيضا بعض التصرفات إلى عملية الإشهار العقاري، كما هو الحال بالنسبة إلى إشهار
العقود الإدارية و نصت عن قيام مديرة أملاك الدولة بتسيير محافظتها العقارية و
إشهار قرار نزع الملكية و إشهار شهادة الحيازة(1).
الفرع الثاني:قاعدة الأثر النسبي
حماية لضمان الملكية للمالك الجديد التي يعكسها السجل العقاري، حرص الواضع
الجزائري في عملية الحفظ العقاري على ضرورة توافر قاعدة الشهر المسبق لضمان فكرة
الائتمان العقاري، حيث نصت المادة 88 من المرسوم 16/63 على ما يلي:
" لا يمكن القيام بأي إجراء
للإشهار في المحافظة العقارية في حالة عدم وجود إشهار مسبق أو مقارن للعقد أو
للقرار القضائي أو لشهادة الانتقال عن طريق الوفاة يثبت حق المتصرف أو صاحب الحق
الأخير...."
يظهر جليا من نص المادة أنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال القيام بإجراء
إشهار محرر يتضمن تصرف وارد على عقار ما لم يكن هناك شهر مسبق للمحرر الذي حان
سببا في اكتساب العقار المتصرف فيه، من هنا تظهر جليا فكرة تسلسل الملكية
العقارية، بحيث تنتقل الملكية من المتصرف إلى المتصرف إليه بطريقة قانونية، عن
طريق معرفة جميع الملاك السابقين الذين تداولوا على ملكية هذا العقار، و من خلاله
يمكن التصدي لظاهرة التصرفات المزدوجة التي كثيرا ما تحدث في الحياة العملية.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1):أ.
مجيد خلفوني – المرجع السابق- ص 88
* الصفحة:27 *
و لمراقبة حسن تطبيق هذه القاعدة، منح الواضع الجزائري للمحافظ العقاري
سلطة كاملة لمراقبة كل وثيقة تكون محل إيداع على مستوى مصلحته قصد التأكد من
بياناتها و من احتوائها على إجراء الشهر المسبق و في حالة غياب هذه البيانات فإن
الإيداع يرفض طبقا لنص المادة 101/1 من مرسوم 76/63 .(1)
إن قاعدة الشهر المسبق تطبق في الحالات العادية، التي يمكن من خلالها
للمحافظ العقاري مقارنة الوثائق محل إجراء الشهر مع المحررات التي سبق شهرها، و
المحتفظ بنسخ منها لدى المحافظ العقاري،غير أنه في بعض الأحيان يتلقى المحافظ
العقاري حالات قانونية يستعصى عليه فيها مراقبة قاعدة الشهر المسبق و ذلك
باعتبارها أول إجراء، أو أنها حالات تطبقها عملية التحويل من نظام الشهر الشخصي
إلى نظام الشهر العيني.
و قصد إيجاد حل لهذه الحالات، أورد الواضع الجزائري جملة من الاستثناءات
على هذه القاعدة منها ما ورد عليها المرسوم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 ، و منها
ما ورد في المرسوم رقم 80/210 المؤرخ في 13/09/1980 المعدل بموجب المرسوم رقم
93/23 المؤرخ في 19/05/1993 ، الذي مدد الفترة من 01/03/1961 إلى 01/01/1971 و
يمكن استعراضها على النحو التالي:
أولا: العقود المحررة قبل تاريخ
01/01/1971
هذا الاستثناء وضع لكي يحدد الإطار القانوني، و يعطي الحجية اللازمة للعقود
و الشهادات التوثيقية المحررة من قبل القضاة سابقا ، التي لم تكن خاضعة لعملية الشهر العقاري، و يلحق بها العقود العرفية
المسجلة بغية إعطائها تاريخ ثابت قبل 01 جانفي 1971 .
يتم إعفاء مودعي هذه العقود من ذكر أصل الملكية الخاصة بها، و في مقابل ذلك
يتم إلزامهم بالتعيين الدقيق للعقار و كل الأشخاص المذكورين في العقد العرفي، بدون
استثناء المتعاقدين و الشهود لتسهيل عملية ضبط البطاقة العقارية.
أما بالنسبة للعقود العرفية التي ليس لها تاريخ ثابت فإنه لا يمكن إثبات
حجيتها إلا عن طريق القضاء، لهذا صدر الأمر رقم 1251 المؤرخ في 29/03/1994 الصادر
من المديرية العامة للأملاك الوطنية و كذا قرار المحكمة العليا تحت رقم 53931
المؤرخ في 08/05/1990 .(2)
ـــــــــــــــــــــــــ
(1):أ.
خالد رامول – المرجع السابق- ص 50
(2):أ.
خالد رامول – المرجع السابق- ص 51
*الصفحة:28 *
ثانيا: الإجراء الأول في
السجل العقاري
من النتائج الأولى لعملية مسح الأراضي المحدثة بموجب أمر رقم 75/74 المؤرخ
في 12/11/1975 يتبين أن هناك عدد هام من الوحدات العقارية غير المشغولة بصفة رسمية
من قبل الأفراد، مما جعلها مجهولة دون أي عنوان قانوني، هذا ما دفع المحافظين
العقاريين عند قيامهم بعمليات شهر التصرفات الواردة على هذه العقارات، إلى عدم
اشتراط توافر الشهر المسبق و نفس الشيء ينطبق على الأشخاص الذين لم يحضروا
المستندات الخاصة بتحديد هويتهم و طبيعة ملكيتهم عند إيداع و وثائق المسح لدى
المحافظة العقارية.
و هذا تم تأكيده من خلال المادة 89 من المرسوم 76/63 المعدل بموجب المرسوم
رقم 93 -123 المؤرخ في 19/05/1993 ،إن هذا الاستثناء يضر في بعض الحالات بأصحاب
الحقوق الغائبين أو الذين منعوا من التصرف أثناء إجراء عملية المسح، هذا ما دفع
بالواضع إلى تحديد مدة قانونية مقدرة بسنتين قيد من خلالها عملية الشهر.
*إشهار شهادة اكتساب الملكية بالتقادم المكسب(عقد الشهرة) :
بالرجوع إلى المرسوم رقم 83 -352 المؤرخ في 21/05/1983 الذي يسن إجراءات
التقادم المكسب و إعداد عقد الشهرة المتضمن الاعتراف بالملكية، هذا الإجراء وضع من
أجل معالجة الحالات التي يكون فيها الأشخاص الذين يمارسون الحيازة على عقار ما
بدون سند، و هذا ما أكدته القواعد العامة التي أقرها التقنين المدني في المادة 827
، و لابد من توافر شروط حتى يتم تحرير هذه العقود إذ يجب أن يثبت الشخص الحائز أن
الملك لا يتعلق بأي شكل من الأشكال بالأملاك التابعة للدولة، و أن تكون الحيازة
هادئة، مستمرة و علنية، و لابد من تقديم الطلب أمام الموثق المختص إقليميا بجملة
من الوثائق تبين عموما طبيعة العقار محل الحيازة و موقعه و مساحته، و لابد من
إلصاق طلب عقد الشهرة في مقر البلدية و نشره في إحدى الصحف الوطنية قصد إثارة
الاعتراضات المحتملة.
و في النهاية يتم تحرير العقد التوثيقي و يشهر بالمحافظة العقارية و يعتبر
التصرف القانوني الذي يقوم به المحافظ العقاري أول إجراء للإشهار العقاري (1).
*إشهار عقود الملكية للأراضي المتنازل عنها في إطار عملية استصلاح الأراضي:
طبقا لما مرد في نص المادة 01 من القانون رقم 83 -18 المؤرخ في 18/08/1983
المتعلق بحيازة الملكية العقارية الفلاحية،حيث يتم منح الأفراد عقود استفادة.
ــــــــــــــــــــــ
(1):أ
.خالد رامول- المرجع السابق- ص 52
* الصفحة:29 *
إن شهر هذه العقود يعتبر بمثابة إجراء أولي لا يتطلب توافر قاعدة للشهر
المسبق، و هكذا يتجلى الاستثناء الذي أقره الواضع على هذه القاعدة.
*شهر شهادة الحيازة:
لقد نص الواضع على شهادة الحيازة في المادتين 39 و 40 من القانون رقم 90-25
المؤرخ في 18/11/1990 المتضمن التوجيه العقاري، حيث أن كل شخص يمارس على عقار
حيازة مستقرة غير منقطعة، هادئة و علنية لا يشوبها شبهة(المادة 823 القانون
المدني)،يحصل على سند اسمي يعرف بشهادة حيازة يخضع لشكليات التسجيل و الشهر
العقاري.