المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من أجل تنظم مجتمعي دون ديماغوجيا أو بروباغاندا



نتائج البكالوريا - bac
10-18-2014, 02:07 PM
من أجل تنظم مجتمعي دون ديماغوجيا أو بروباغاندا




منتدى الفلسفة والعلوم الانسانية منتدى الباكالوريا - منتدى الآداب و العلوم الإنسانيّـة - فلسفيات الباكالوريا آداب وشعب علمية بكالوريا علوم - باكالوريا آداب بكالوريا الجزائر بكالوريا المغرب - منتدى الفلسفة منتدى علم الاجتماع منتدى علم النفس (http://www.jobs4ar.com/jobs/forumdisplay.php?f=95)

منتدى الفلسفة من هنا (http://www.jobs4ar.com/jobs/forumdisplay.php?f=95)


يتعرض الناس في عصر العولمة إلى عملية دمغجة مستمرة للعقول وترويض للأجساد لم يسبق لهما مثيل وذلك نتيجة التوجيه القسري الذي يخضعون له ومن جراء توجيههم نحو الاندماج في الكلي المشترك وإجبارهم على الشراكة والدخول في عملية تواصل كوكبية شاملة بحيث لم ينجو من تداعياتها أي أحد ولم يقع استثناء أي بعد خاص من الاكتساح والاختراق، ونعني بالدمغجة تطبيق الديماغوجيا في الحقل الاجتماعي والسياسي من أجل تحقيق مجموعة من المصالح تخدم إمبراطوريات العولمة والأنظمة الشمولية والتي تتمثل في اندماج جميع شعوب العالم في نسق العولمة الشامل وخروجها عن أطرها الضيقة وابتعادها عن سياسات الانطواء على الذات والعزلة وفتح الحدود والأسواق أمام البضائع والمنتجات العالمية وتحول الدول القطرية إلى وكالات تجارية طيعة تنوب عن الشركات العابرة للقارات وتوفر فرص الاستثمار واليد العاملة الرخيصة. من هذا المنطلق يمكن أن نفترض في البدء أن زرع الأنظمة الشمولية لتقاليد الديماغوجيا والبروباغاندا كآليات متبعة في الحكم والتسيير والتنظيم للمحكومين يؤدي إلى حصد أشواك الاستبداد والتوريث والتفاوت والتمييز والإقصاء، فماذا نعني بالديماغوجيا؟ وما المقصود بالبروباغاندا؟ وماهي النتائج المترتبة عنهما؟ وكيف يمكن تفاديهما؟
ما ينبغي الانتباه إليه أن الديماغوجيا هي مفهوم سياسي وخصامي polémique يفيد معناها الايتيمولوجي الإغريقي قيادة agogos الشعب demos بالاستحواذ على وعي الناس والتلاعب بأفكارهم وأقوالهم وأفعالهم عن طريق مهارات خطابية فائقة والتفنن في الوعود الزائفة والقيام بالتفافات حاذقة قصد تحقيق أهداف معينة وأغراض أنانية في الغالب وقد استخدم ساركوزي قدراته اللغوية في حملته الانتخابية وحقق فوزا كاسحا ليس بالاعتماد على البرامج التي خطط لها بل بالانطلاق من قوة الإقناع والتأثير التي لديه على الناخبين ، كما يعمد كل من الرئيس الأمريكي بوش والإيراني نجاد الي استعمال هذا السلاح في جدلهما الصاخب هذه الأيام من أجل إيجاد المبرر لشن الحرب بالنسبة إلى الأول ومن أجل إقناع العالم بأن إيران بريئة من كل التهم التي توجه لها بالنسبة إلى الثاني والترويج إلى سياسته الدفاعية في المنطقة.
أما البروباغانداPropaganda فهي كلمة إعلامية لاتينية تعني فن الدعاية، وتقوم بالعمل على نشر أخبار زائفة والترويج لمعلومات كاذبة على نطاق واسع بهدف صنع رأي عام يخدم جهة سياسية معينة على حساب أخرى وتعمل هذه الآلية على شيطنة الآخر ووضعه ضمن محور الشر والنظر إلى الذات نظرة فردوسية وتبويبها ضمن محور الصفوة الخيرة وترتبط الدعاية بالانتقاء وتضخيم الأحداث وتهويل الانعكاسات والتبشير بالانجازات والفوائد الايجابية دون تقدير حقيقي للوقائع ووزن للإمكانيات.
على هذا النحو تحرص الأنظمة الشمولية Totalitaire على استخدام الآليتين معا من أجل الترويج لوجهة نظرها الرسمية والمحافظة على الحكم واستمراريته وبقاء الأوضاع السياسية على حالها وتحرم الناس من أن يكونوا مواطنين أو على الأقل أن يكونوا أفرادا أحرارا وتحولهم إلى قطيع من الرعايا القانعة والمسبحة الحامدة أو مجموعة من الحشود المتماثلة في تقدير الأمور والراضية بماهو موجود والتي تخشى التغيير والتطوير وتتجنب النقاش في السياسة وتبتعد عن نقد الأمور الدينية والفكرية وعن الاعتناء بالشأن العام.
وعلى سبيل الذكر لا الحصر استخدم هتلر البروباغاندا من أجل نشر أفكاره النازية بين الشباب وصنع رأي عام ألماني مؤيد له ولذلك نجده يقول في كتابه كفاحي:\" مما استرعى انتباهي وأنا أتتبع الأحداث السياسية أهمية الدعاية كأداة لتنوير الأذهان أو لتضليل من يراد تضليلهم...وقد أبرزت الحرب أهمية الدعاية وتأثيرها...الدعاية وسيلة ما في ذلك ريب أما شكلها فيجب أن تراعى فيه المصلحة أو الغاية المنشودة وقد كانت الغاية التي من أجلها حملت ألمانيا السلاح أنبل غاية يمكن أن يضعها إنسان نصب عينيه: الدفاع عن حرية شعبنا واستقلاله وتوفير خبزه وضمان مستقبله. أجل حارب شعبنا في سبيل أهداف نبيلة وقد كان مفروضا في الدعاية أن تذكي روح الكفاح في هذا الشعب\" .
أنظروا إذن كيف قدم ديماغوجي كبير نفسه كزعيم مخلص لبلده من نير الظلم والاستغلال الذي تعرضت له من قبل الدول الغربية الحليفة وكيف تساهم الدعاية في الأنظمة الشمولية في إشعال نار الحرب والكراهية في المعمورة وتقلب الحقائق وتجعلها من أجل أغراض سامية ولتحقيق الحرية والغذاء لشعب معين.
على هذا النحو تلجأ الأنظمة الشمولية العربية وكذلك الأحزاب التي تقدم نفسها للناس على أنها معارضة إلى هذه الأنظمة إلى هاتين الآليتين:الديماغوجيا والبروباغاندا لكي تستمد الشرعية المفقودة وتستعمل نظم التربية والتعليم والدين والأخلاق والعادات والتقاليد بطريقة نفعية انتهازية من أجل تحقيق هذه الغاية إذ نراها تبني المدارس والكليات والمساجد وتبث الآذان في وسائل الإعلام الرسمية وتمول الفضائيات من أجل الترويج للثقافة الإيمانية التنويمية حتى تكون جيلا تابعا لها سهل الانقياد لمشاريعها وحتى يغيب الاعتقاديون في حضرة ملكوت السماء وتهتم هي باحتكار نعم ملكوت الأرض لنفسها وللفئات والشرائح التي تبايعها وتناصرها.
إن الجديد في هذا المجال هو كثرة الخبراء والأكاديميين في هذا الحقل الاستراتيجي الحساس حتى يبلغ منطق السيطرة أوجه ويزداد العلم السياسي انغلاقا وتقفل العقلانية التكنولوجية أبواب رقابتها الجديدة على العباد الطامعين في الظفر بالحرية ولهذا السبب فان نسبة النمو الديموغرافي لفئة الديماغوجيين وصناع البروباغاندا مرتفعة عند العرب خاصة في ظل تكاثر مواسم زواج المتعة بين المثقف والسلطان.
لقد ارتبطت الدمغجة والبروباغندا المستعملة لوسائل الإعلام الرسمية بتنميط الوعي وتكييف الحاجات الإنسانية وشطب الصراع بين المنشود والموجود وبين الممكن والمعطى وتحويل الدولة الشمولية إلى دولة رفاه توفر للناس كل ما لذ وطاب من متع الحياة وتحرمهم من الأموال اللازمة لذلك وتنتهك الأبعاد غير المادية من شخصيتهم وقد تساءل فيلسوف مدرسة فرانكفورت هربارت ماركوز عن قيمة الدعاية قائلا: \"هل نستطيع فعلا أن نفصل بين وظائف الاتصال الجماهيري الذي يستهدف الإعلام والإلهاء بقدر ما يستهدف في الوقت نفسه التكييف والقولبة المذهبية؟\" ألم يجب بقوله:\"إننا لنواجه هنا واحدا من أكثر مظاهر المجتمع الصناعي المتقدم مدعاة للأسف: الطابع العقلاني للاعقلانية\" .
إذا طبقنا هذه النتيجة على المشهد الاجتماعي الراهن نستخلص أن الديماغوجيا والبروباغاندا سلاحان تستخدمهما الأنظمة الشمولية من أجل يقبلها الأفراد ويؤيدوها على الرغم من ممارساتها غير مقبولة والمتعدية على أبسط الحقوق الآدمية، وقد تحولتا ويا للمفارقة من وسيلتين لامعقولتين إلى واقعتين عقلانيتين تجلبان الرفاه والوفرة والسعادة والاستقرار،فهل هذا يعني أن الديماغوجيا والبروباغاندا هما قدران لا يستطيع المواطن العربي أن يتحرر منهما؟ كيف يستطيع المواطن في فرديته أن يتجنب الوقوع في شراك البروباغاندا والديماغوجيا؟
انه لا يمكن أن ينتظم المجتمع دون دعائم شرعية ووازع ولا تستمر الحياة فيه دون أفكار موجهة ونظريات مؤطرة ولكن لا ينبغي أن يتحول هذا الوازع إلى سلطة مستبدة وهذه الدعائم إلى أسوار مرتفعة تمنع الهوية من لقاء الأغيار والتفاعل معها ولا يجب أن تصير هذه الأفكار والنظريات إلى إيديولوجيا مغلقة تمارس التزييف والتدجيل والضحك على الذقون وتعطل مسيرة الإصلاح والتطوير. كما أنه ليس هناك من حل سوى فك الارتباط بين المعرفة والسلطة وتحطيم الغشاوة الايديولجية التي تحجب الرؤية عن الناس وتمنعهم من التفكير الحاذق والسعي في الأرض وليس ثمة من نصيحة سوى التوجه نحو الديناميكية الانسانية الخلاقة والاعتراف بأن الحقيقة المطلقة والمعنى الواحد والقيمة الثابتة هي من الأمور الممتنعة وأن ماهو موجود هي وقائع وتأويلات لهذه الوقائع بإضفاء عدة معان عليها وأن الإنسان يتميز بكونه الوحيد القادر على خلق قيمه بنفسه.
من هذا المنطلق يلزم علينا أن نتوجه على التو نحو مواكبة العصر وامتلاك الوعي التاريخي والانخراط في مشروع النقد ومراجعة الذات قصد تجاوز الصدمة وتحقيق اليقظة النهائية بالتبصر وحسن الحكم على الأشياء والأشخاص وبامتلاك دربة التمييز بين الجيد والرديء وجعل الحكم الجمالي هو أساس الحكم الأخلاقي والسياسي لأن هذا الحكم هو الأكثر قدرة على توفير شروط التواصل بين الذوات في الفضاء العمومي تجنبا لكل استخدام مفرط للسلطة واحتراما للشخص في إنسانيته وتقيدا بالحكم التفكري الذي يروق للجميع دون مفهوم وتجاوزا للحكم المحدد الذي يجعل الأفعال مجرد محمولات ثانوية تابعة لجوهر ثابت.
إن الإفلات من قبضة الديماغوجيا والبروباغاندا أمر ممكن بالنسبة للفرد الحر شرط تفكيك عقلية مسايرة القطيع والعزوف عن الانتماء إلى الحشد والتغريد خارج السرب بإحداث ثورة ثقافية في الفضاء العمومي الذي ينتمي إليه والتسلح بالفكر الملتزم والحذر الفلسفي الذي أقيم على أرضية التفلسف طالما أن نتفلسف هو أن نتعلم ألا ننخدع، وشرط أن يدرك أننا نعيش في العصر ليبرالي ما بعد صناعي وأن خيمة الحرية ينبغي أن تتسع للجميع دون استثناء وأن الذين يتشدقون بالليبرالية يجب حتما أن يتناقضوا مع الشمولية ويتوقفوا عن مساندتها وتحرص على زرع نبتة الديمقراطية التوافقية التشاركية على مسطح المحايثة الذي جهزه العرب للسكن في المعمورة وبالتالي ألا يجب أن نستنجد بالعقلانية النقدية كحقنة مضادة للديماغوجيا والبروباغاندا حتى يسترجع معاني الإنسانية التي تخصه ويؤسس الترشد والحرية والتعدد وحق الاختلاف والصفح والمصالحة والعيش سويا Vivre ensemble؟


http://i60.tinypic.com/9u0tad.jpg

بالتوفيق للجميع


موقع وظائف للعرب في تونس والجزائر والمغرب العربي والخليج والشرق الاوسط واوروبا
من هنا (http://www.jobs4ar.com/jobs/index.php)

http://i61.tinypic.com/fem9w0.jpg (http://www.facebook.com/jobs4ar)