المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من هو ادونيس



فارس كمال محمد
06-27-2014, 07:38 PM
من هو ادونيس

فارس كمال محمد



كثيرا ما ورد على ذهني سؤال عن حقيقة ادونيس وعن الموقع الذي يحتله في خارطة الفكر والادب العربي الحديث ..وهل هو صاحب ادب مبدع وفكر اصيل ورؤيا صادقة يمكن الاستناد اليها في دراسة واقعنا العربي وتلمس اساليب النهوض به ..؟
كأي مفكر يبزغ نجمه ويسطع نوره لينظم الى قائمة الاعلام المشهورين فان لهذا الرجل صنفين من الناقدين . صنف رأى فيه حداثة مسايرة لخط التقدم وعقلانية متنورة بأنوار العلم واصالة تبغي استيعاب المستجدات وصهرها في بوتقة تجمعها مع الموروث الثقافي والفكري للامة فتتفاعل تفاعلا ايجابيا خلاقا يستحيل معها واقعنا الاليم الى صورة جديدة تليق بالانسان العربي المعاصر، وصنف اخر يرى فيه نكرانا للاصل وتمردا على الأعراف و الدين ، ودعوة الى التحلل الخلقى والالحاد، والارتماء المهين في احضان اعداء الاسلام والدين بدعوى تبنى مناهجه العلمية المتقدمة واقتفاء اثار سيره على طريق التقدم العلمي والتطور الحضاري وابداعه المدهش في معالجة مشكلاته المستعصية وانطلاقته الموفقة في مجالات الرقي والتقدم .
فالى اي من الصنفين هو . ؟ وهل يجوز لنا القول انه كان كل الذي قيل .. رجل يحمل المتناقضات في اعماقه .. يحمل الكره للواقع الاليم مع الحب للمنبع الأصيل .. ويحمل الرفض للخطأ في فهم النصوص والانحراف في تطبيقها مع القبول ( الاستحسان) بمضامينها الاصيلة التي جاءت عليها .
ويحمل الكفر بالنظم الاجتماعية والمذاهب الدينية المبنية على اجتهاد اناس حركتهم الاهواء والمصالح الشخصية والاهداف السياسية مع الايمان بالعرف والتقليد النابعين من روح الدين ونصوصه وفقا لما اراده الله سبحانه ….؟
ارى ان البت في هذا الامر انما يقع على عاتق من له استيعاب واسع وفهم عميق وقدرة على التقصي والمتابعة والنقد والحوار .

ان في كثير من المقالات المنشورة ( على الانترنيت فقط ،عندي) شيء من الذي قلته ، وان للبعض ممن كتبها نظرات ثاقبة وقدرات فائقة في نقد رجلنا الذي اتخذناه موضوعا للدراسة - ان جاز تسميتها دراسة - هذه .. وسنمر عليها مرورا سريعا ، نلقي عليها نظرة خاطفة ونلتقط منها عبارات تعطينا فكرة موجزة وصورة عامة يمكن ان نجعل منها اطارا مناسبا لصورة(ادونيس)المرسومة بريشة ناقديه .
قيل عنه ( اسمه الحقيقي علي احمد سعيد ) انه لم يكن شاعرا وحسب بل مفكرا ذا نظرة فلسفية وصاحب دراسة عميقة تناولت ماضي الامة وتاريخها وخرج منها بتصور يقضي بتقسيم تركيبة المجتمع على مسطح يقف على احد طرفيه ( الثابت ) اما الطرف الاخر فيقف عليه (المتحول ) وديدن الذي في كفة (الثابت ) هو الاتباع والانغلاق (منهم المنتمون الى معسكر الخلافة والسياسة منذ اجتماع المسلمين في سقيفة بني ساعدة الذين ارتضوا قيام الخلافة على اسس القرشية واتباع سيرتي ابي بكر وعمر - رضي الله عنهما - واتباع سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) اما دأب من يقف في الجانب الاخر( المتحول ) ففي الابداع والانفلات والتحرر . منهم الثائرون على خلافة عثمان - رضي الله عنه - والخوارج والمتصوفة وكل الثائرين على الخلافة الاموية الذين وضعوااصولا تختلف عن تلك التي تمسك بها من انتمى الى الطرف الاخر .
ومن الصحيح قولنا ان شهرة ادونيس هي في اعتباره شاعرا يكتب الشعر ، لكن شهرته في ذات الوقت انه صاحب نظرة خاصة تروج لاشكال جديدة في الادب فتفضل اساليب منها وترفض اخرى.وتريد ان تنسف قواعد التراث الشعري شكلا ومضمونا وتقيم بدلها قواعد اخرى روج لها في حينه .
هذا وان مما أُرخ له انه لم يأخذ دروسا نظامية في المدارس المختصة لغاية الثالثة عشر من عمره - هو من المولودين في اللاذقية (في سوريا ) عام 1930- لكنه حفظ القران على يد ابيه وحفظ عددا كبيرا من قصائد القدامى .. مما هيأ له ثروة كبيرة من المفردات اللغوية و اساسا راسخا في القدرة على النظم والنقد ، كان يكتب الشعر وتلك شهرته لكنه يجيد النثر أيضا وما ابداه في حواراته من قدرة على افراغ افكاره في قوالب لفظية وعبارات فنية يدعم الفكرة التي ذهب اليها البعض في انه اكثر تفوقا في مجال النثر منه في الشعر . وقد مكنته قدراته اللغوية وتطلعاته الفكرية من اصدار مجلة ( مواقف) بين عامي 1969 - 1994وكذلك اشتراكه مع الشاعر يوسف الخال ، الذي التقاه في لبنان ، في اصدار مجلة ( شعر) سنة 1975 .
في عام 1973 نال دكتوراه الدولة في الادب عن اطروحته (الثابت والمتحول) التي اثارت سجالا طويلا لما فيها من جرأة في النقد قيل انها اخرجته عن جادة الصواب والتعقل بل انها لم تكن من ابداعات ادونيس وليس له فيها جرة قلم .. ولقد زاول بعدها التدريس في جامعات ومراكز للبحث في فرنسا وسويسرا والولايات المتحدة والمانيا باعتباره استاذا زائرا بعد تلقيه الدعوة الى ذلك . ومن الجوائز التي حصل عليها ، الجائزة الكبرى ببروكسل في 1986 ثم جائزة التاج الذهبي للشعر في مقدونيا عام 1997. وقد أشاد أنصاره ومؤيدوه بما قدمه للفكر الادبي من اثراء متميز في مجالات الشعر والنقد العربي وانه صاحب مدرسة خاصة سميت باسمه تخرج منها شعراء كبار ونقاد مشهورون .
وقيل انه ممن رشح لنيل جائزة نوبل للاداب عدة مرات ولم يسعفه حظه في ذلك .
وهو رسام بارع لدرجة وصفه فيها احد المفكرين العالميين بالضوء المشرقي ، وقد صدر كتاب فيه (في ادونيس) بالعنوان نفسه قال فيه ادوارد سعيد انه ( الشاعر العربي العالمي الاول ) .
يبدو ان مفكرنا قد نال الكثير من الشهرة التي يحلم بها كل اديب او مفكر جعل من مخاطبة الناس والتواصل معهم الهم الاول في مشروعه ، وان مشروع ادونيس كان اكثر من التواصل مع الاخرين واكثر من مشاركتهم المشاعر والافكار والتفاعل معهم بل تعدت الى الدعوة الى الثورة والتمرد على الموروث والى العمل المبدع الخلاق في بناء صرح حضاري جديد على منوال كان يراه صحيحا . ولعل دعوته هذه كانت سببا رئيسيا في رفض كل الرافضين لمشروعه والى حمله على المحمل السيئ فرأوه ثائرا متمردا رفع لواء الاباحية والفوضى والغموض واطلق عنان الغرائز الحيوانية والاندفاعات الغير منضبطة بضابط اخلاقي تقره اعراف المجتمع الموروثة المستمدة من تعاليم الدين .
لقد راى الاديب البارز رجاء النقاش ان ما كتبه ادونيس كان مركوزا على فكرة الطعن في الفكر العربي والفكر الإسلامي والعروبة بشكل عام ، ولم يكن هذا عن تمعن في الاطلاع اودراسة معمقة لتاريخ العرب وثقافة اعلامه وشخصية ابناءه . فقد كان بعيدا عن الموضوعية وخال من الامانة العلمية ومفتقرا الى سلامة الفهم .. والغرض واضح والنية مكشوفة فالهدف هو ( تشويه الفكر الاسلامي ) ...
وقيل عنه انه كان يجالس اليهود في مقاهي باريس توددا لهم وتقربا منهم .. يشكو اليهم سوء معاملة العرب له ويطعن في جدارة الامة العربية والاسلامية بالنهوض من كبوتها لما جبل عليه اهلها من ضعف في البنى الاساسية ونزوع الى الطغيان والاستبداد والاعتداد الفارغ بالنفس والرفض الاعمى للغير ..وان ما ورثوه كان قوالب جامدة لا امل في ان تتحرك وتتغير وتتطور نحو افاق التقدم الحضاري والفكر الحداثي بمفهومه الغربي الحديث .
واكثر من ذلك حينما راى اخرون في كتابات ادونيس (همز ولمز) يتناول فيه الانتقاص من شخصية الرسول الكريم في شيء من التمويه والتضليل الذي يسهل معه التواري خلف عبارات الاحاديث العامة التي يصرح بها للاعلام .
وهذا ما يبدو في خيبة امل ادونيس بمستقبل امة الإسلام والعرب لما تمتاز به من جمود وتخلف لا يرتجى له تطور ولا تلوح في افقه حداثة مسايرة للذي الذي يعيشه الغرب في عصرنا الجديد.
وقد رد مؤيدو ادونيس على الاقوال هذه بانها وليدة سوء فهم ناقديه ولو اعدنا قراءة كتابات ادونيس لوجدنا انه قد وضع تفرقة بين (الدين كوحي) و(الدين كسياسة ) بين الدين (كنص) والدين (كتأويل) وانه لم يكن يبغي فيما كان يبغيه الدعوة الى الالحاد والخروج على الفكر الديني الاصيل كما انزله الله ( وحيا ) ولا الى نبذ ما جاءت به الشريعة الاسلامية وقت نزول القران وانما كان يدعو الى العودة بـ ( قراءة جيدة وجديدة) للتراث في صورته الصادقة وبالتالي دعوته الى نبذ (الدين السياسي ) الذي يتخذه اصحاب السلطة الطامعون رأسمالا في تحقيق مآرب دنيوية مغرضة . اما عن معارضته ورفضه للحركات الداعية الى قيام دولة دينية وكل الاحزاب ذات التوجهات الدينية فان القصد من ذلك هو عدم اعطاء اسرائيل الرخصة والمبرر في اقامة دولة عبرية دينية على ارض فلسطين .
لقد اكد ادونيس في احاديث له انه لم يكن ضد الدين كتجربة روحية تخص الفرد وحده ، توائم بين شؤونه الفردية وبين عالم الغيب الذي امن به لكنه ضد الدين حينما يشرع بمحاولة فرض نفسه على الجميع سياسيا واجتماعيا ، يريد بذلك فصل الدين عن الدولة ، والعبادة عن القانون ، ( وعلى القانون حماية حرية الانسان في تعبده واختياره الديني ).
رأى المتشككون في نوايا ادونيس ومشروعه انه لم يكن ملاكا بل شيطانا ، وانه دخل مدرسة الشيطان يأخذ دروسا على يد ابليس فصار استاذا لابليس نفسه واذا كان هناك من قارب بينه وبين سلمان رشدي صاحب ( آيات شيطانية ) فان ادونيس اشد خبثا وجرأة على تجاوز الخطوط الحمراء واقوى اثرا ..
وان من وراء رفعه راية التجديد الشعري غرضا خبيثا يقضي به على جذور الشعر العربي كله . ولم يكن هذا راي من انتمى الى التيار الديني المسلم بل تعدى الى من انتمى الى التيار الحداثي حتى اننا لنجد الاديب الشاعر (البياتي) يشهد بخبث طويته معللا رفض ادونيس لتراث الشعر العربي القديم والحديث بدعوة شعوبية امن بها وروج لها سرا وعلنا (تقر بافضلية الشعوب الاخرى على العرب) .
ولقد ابدى رجاء النقاش المه العميق على ما بدى من ادونيس من سوء طوية وقلة معرفة ونوايا مبيته في الاحاديث التي جال بها في مجالات التاريخ العربي والإسلامي بشكل عام .
قيل انه كان بجالس الكتاب اليهود في باريس ليخطب ودهم ويحط من شان الفكر العربي الإسلامي ويسخر منهم
ولقد نادى ادونيس الى الثورة على الاجداد وبين صراحة ان النهضة التي ننادي لها كمسلمين لن تتحقق الا باحداث قطيعة تامة مع تراثنا الديني نفسه. بل ان عودتنا الى الاسلام انما تعني انقراضنا حضاريا في نهاية الامر.
لقد راى ادونيس ان في نقد الرازي للنبوة والوحي وانكاره لهما -بحسب فهه - كان سبقا سجله على حركة نقد النصوص في اوربا خلال القرن السابع عشر وهو نقد (للتدين الايماني ) ودعوة الى الالحاد الذي يعتمد (الطبيعة والمحسوس مقام الغيب) وانه بهذا هو وابن الراوندي قد مهدا للتحرر من الانغلاق الديني في مجتمع قد تاسس على الدين ..
ويبدو ان مشاعر الشك والتحفظ من الافكار التي نادى بها ولها شاعرنا المفكر قد تعدت دائرة الاعتقاد والافكار الى مجال المخططات السياسية والجهود المبذولة من قبل الدوائر المختصة ذات الاهداف السياسية التي تشهد نشاطا فاعلا على الساحة الفكرية العالمية لدرجة انها اصبحت من المعلومات البديهية لدى مثقفي العالم ، والى حقيقة ما اذا كانت الافكار التي خرج بها ادونيس وضمنها كتبه ومؤلفاته ذات الطابع النقدي هي افكاره الخاصة ام انها مسروقة ومنحولة .
ان من النظريات المطروحة على الساحة تلك الفكرة التي تذهب الى ان الحركات الفكرية الحداثية و العقلانية التي يروج لها مفكرونا اليوم قد سيست من قبل دوائر مختصة همها الاول اثارة الشك في سلامة الفكرة العربية والاسلامية واشاعة مشاعر العجز والخذلان في نفوس ابناء منطقتنا وقتل احساسيس الاصالة الحضارية العربية والاسلامية والتفرد . وزرع مشاعر الاستسلام والتبعية للغرب. وان ما جاء به ادونيس لم يتعد المرسوم في هذا المخطط .. انه ينادي بنبذ الموروث الحضاري العربي واعتماد مضامين الحداثة (بمفهومها الغربي) المبنية على نزوع الفرد والمجتمع الى الانطلاقة الحرة المنفلتة من قيود العادات البالية والافكار الجامدة والحدود الموضوعة بتوجيه رجال السلطة والدين ... وهناك روايات مستفيضة عن النشاط المشبوه الذي مارسته دوائر استخبارية خارجية ( في تمويل الانشطة الثقافية وتحريكها في انحاء العالم ) وان مجلة الشعر التي كان ادونيس احد كتابها ومرافقيها ثمرة من ثمار هذا النشاط الاستخباري الموجه ...
لقد صدق من قال ان من يطلع (على النشاط الاستشراقي والاكاديمي) سيرى دون شك ان معظم ما يردد عن العالم العربي وعن تخلفه قد قيل ويقال في المحافل الصهيونية وفي ما بقي من (الاستشراق الكلاسيكي).
ولقد اجاد البعض ( الاستاذ اسعد ابو خليل ) في رسم صورة كاريكاتيرية لمفكرنا ادونيس وهو واقف امام جمع في جامعة كولمبيا يلقي خطبة عن (الفن والادب في الغرب ) محاولا اظهار معرفته الواسعة بالموضوع استفاض فيها بالحديث عن عازفة مشهورة باسم (يو- يو ما) دون ان يدري ان من يتحدث عنها لم تكن امرأة بل رجل . ثم امضى حديثه وانهى خطبتة دون ان يتنبه الى ان الاولى به (وهو الذي اشتهر بكتابة الكلمات الانشائية المرة المذاق عن الحرية ) ان يتطرق الى موضوع معركة الحرية الدائرة في قلب الجامعة ذلك الحين .
اما عن الاصالة في فن المقالة الادبية وكتابة الشعر لدى ادونيس فقد اصابها عدد غير قليل من سهام منتقديه والمنتقصين منه ولبعض السهام نصال جارحة قد غارت عميقا في حنايا جسده وعملت بنجاح على تشويه صورته وبعث القلق ليموج في صدره وفجرت الالم ينابيعا في قلبه وروحه وعقله . لعل اشدها تاثيرا ذاك الذي ذهب اليه الدكتور صالح عضيمة في كتابه - شرائع ابليس في شعر ادونيس - من دعوة وجهها الى ادونيس لاجراء مناظرة متلفزة بينهما ليبين له وللعالم اجمع ان ادونيس محتال ماكر وان كثيرا من شعره مسروق اما كتابه الذي اشتهر به - الثابت والمتحول - فقد كان من صنع معلمه بولص نويا .. بعد ان اشارالى حديث له - صالح عضيمة – مع (المعلم) راى فيه دليلا على السرقة ، ويؤكده التشابه الكبير في اسلوب الكتابة والمعالجة المعتمدين في المقدمة التي كتبها بولص وفي باقي الكتاب .
اما مؤلف كتاب ( ادونيس منتحلا ) الاستاذ كاظم جهاد فقد جاء بمقالة منشورة في مجلة فرنسية لمؤلف فرنسي قام ادونيس بنشر ترجمتها على انها من تاليفه .. مؤكدا ان الوثيقة هذه ليست الوحيدة .. فحياة ادونيس كلها سرقة كئيبة فظة
اما عن تبني ادونيس للمفاهيم الحداثية ودعواته الالحادية الناكرة للموروث والسائرة على الدرب الذي ترتضيه الدوائر الغربية ذات التوجهات السياسية الاستعمارية فقد قيل عن الهدف منهاهواستجداء مرضات اسياده و الفوز بالجائزة ( نوبل) التي طالما حلم بها دون نيلها لحد الان . اذ ليس من شك في ان ادونيس على علم ودراية في ان الجوائزهذه ومنها نوبل لم تكن تدار وفقا لمعايير نزيهة بل استحوذ على اليات صرفها وتزكية مرشحيها اناس مؤثرون يتحركون وفق منهج محدد يصب في مجرى تحقيق الاهداف الاستعمارية والاستخبارية تلك وكم من جائزة قد منحت لاعلام كان غيرهم اجدر بها منهم بكثير .
مع ان الكلمة الاخيرة في الاجابة عن حقيقة ادونيس ، عن شعره وفنه وعن افكاره ورؤاه انما هي من اختصاص الذين لهم دراية وعلم كافيين ولهم كثرة اطلاع وسعة في التفكير ودقة في النظر ..اجيز لنفسي باعتباري كاتب للمقال قول الذي اراه دون وجل او خوف من رد يكشف لي جهلي وقصر بصري ومحدودية علمي ، وعلى العكس من ذلك فان اي اضافة او اشارة واردة ستغني البحث وتدفع به نحو الكمال.
لو نظرنا الى مفكرنا الفيلسوف من الناحية التاريخية الاجتماعية لوجدنا انه قد ظهر في فترة حرجة من تاريخ هذه الامة . الفترة الواقعة في المنتصف او بعد المنتصف من مسيرة حركةالاستشراق تلك الفترة التي احتك فيها ابناؤنا بالعالم الغربي واطلع على مدى التقدم الذي يعيشه الغرب وبعد ان احس بهول الموقف وبالبون الشاسع ما بين عالمنا الشرقي والعالم الغربي .
وان من التاثيرات النفسية والاجتماعية على من هو في دائرة الدول الفقيرة والمعدومة ( حضاريا) هو الاحساس بالغربة وان من تطورات مشاعر الغربة (( ونعني به الاغتراب )) اتخاذ ابناء الامة ممن المت بهم نائبة الاحساس به .. مواقف عديدة متفرقة منها الشعور بالخذلان والهوان والضعف يتبعها الاستسلام والانقياد الكاملين لارادة القوي ومن ثم تبني مشاريعه وافكاره .
ومن المواقف الاخرى اعلان الرفض والمقاومة واللجوء الى كل الاساليب المتاحة ،عسكرية كانت ام فكرية .. ومن المواقف الاخرى الانكفاء على الذات والتقوقع داخل غلاف سميك يقي من التاثير والاحتكاك ... ومنها محاولة التحاور الايجابي والتفاعل البناء التي تسير بالامة او البلد نحو صورة اعلى لائقة دون ان يفقد المهزوم هويته ولا ينفي تاريخه او شخصيته.
وان شاعرنا ينتمي الى المجموعة التي احست بهول المصيبة وفضاعتها وببعد البون بين عالمي ( الغرب والشرق ) فآثر اخذ ما عند الغرب ونبذ الذي عنده …. ولا يمنعنا هذا من الاعتقاد في ان ايثاره الحل هذا كان لتحقيق حاجات ورغبات اخرى ، وان الثوب الذي حاكه لنفسه مصنوع من خيوط مختلفة منها الحلم بجائزة نوبل ، والتحرر من قيود الدين الذي لم يعد مؤمنا به – بالرغم من كل الذي ابداه من ايمان بصدق رسالة الاسلام وصلاحية مبادئه في صورتها النقية الخالصة ... ومن حب للوطن ونصرة لطائفته التي ينتمي لها ، ورغبة في بناء الوطن وتطور المجتمع وازدهاره .