المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال فلسفي : أسئلة الراهن التاريخي في الفكر العربي المعاصر



نتائج البكالوريا - bac
06-25-2014, 10:03 PM
مقال فلسفي : أسئلة الراهن التاريخي في الفكر العربي المعاصر
| منتدى مراجعة وتلخيص للفلسفة



منتدى الفلسفة والعلوم الانسانية منتدى الباكالوريا - منتدى الآداب و العلوم الإنسانيّـة - فلسفيات الباكالوريا آداب وشعب علمية بكالوريا علوم - باكالوريا آداب بكالوريا الجزائر بكالوريا المغرب - منتدى الفلسفة منتدى علم الاجتماع منتدى علم النفس (http://www.jobs4ar.com/jobs/forumdisplay.php?f=95)


هناك اعتقاد فلسفي سكن أذهاننا واستقر فيها كنتيجة طبيعية لكثرة معاشرتنا للنص الفلسفي بمختلف توجهاته المدرسية وتشكلاته المعرفية، مفاده أن السؤال الفلسفي هو الذي يمنح للفلسفة كل هذه الحيوية الحياتية كي تستمر في الوجود وتستطيع بالتالي منافسة ومقارعة باقي الأنساق التحليلية ، كالنسق الديني ، العلمي أو العلموي، ومنه تنسج الفلسفة خيوط لباسها بصورة أنطولوجية ناصعة تزداد تألقا كلما كان السؤال الفلسفي جذريا في طرحه وطريفا في تقديم مساءلات إختراقية غير مألوفة نخالف بها ومن خلالها اللغات غير الفاكرة و الكليشيهات اللفظية الجاهزة.
غير أن السؤال الفلسفي لا ينشئ هكذا في فراغ وإنما يتشكل في محاضن عديدة ومواقع معرفية كثيرة وينبع أولا وأساسا من حقل النص الفلسفي الذي يسعى دوما ودونما اكتراث بالأنساق المعرفية الأخرى وبأجوبتها الدوغماتيكية المنغلقة على ذاتها، إلى التعامل مع أسئلة يطرحها العقل البشري وكأنها أسئلة مفروضة عليه من عل، فحيث “: للعقل البشري ، في نوع من معارفه، هذا القدر الخاص، أن يكون مرهقا بأسئلة لا يمكن ردها، لأنها مفروضة عليه بطبيعة العقل نفسه “
وأتجاوز هنا قدر المتاح ما يعنيه الفيلسوف كانط بالأسئلة الميتافيزيقية إلى هواجس معرفية هيمنت على العقل العربي في مرحلة ما بعد الاستعمار الغربي لأوطانه، فقد اجتهد في تشكيل وبناء إشكالات ارتبطت مباشرة، في النسق العام لتحليلاته، بهموم النهضة، الوحدة، الاستبداد، الديمقراطية، الهوية، التحديث، التغريب، الأصالة، المعاصرة، التراث، الدين ، العلمانية، الأصولية، الانغلاق، الانفتاح، ومسائل أخرى انشغل بها هذا الفكر تحليلا وبناءً، في مستوى هذا الأفق المعرفي طرح المفكرون العرب العديد من الاجتهادات الفكرية بغية خلخلة المفاهيم الراكدة والتصورات الهشة، لأنها من حيث المنطلق، ودونما تعميم سطحي، تصنف ضمن العوائق التي انتصبت في وجه الحداثة العربية.
فمشروع محمد عابد الجابري يرتكز على إعادة قراءة التراث العربي وفق رؤية بنيوية استخرج بفضلها و منها ثلاث بنيات معرفية تتمحور حول البيان، البرهان،والعرفان والتي كبلت العقل العربي في تمشيه الابستيمولوجي، وثلاثية الغنيمة، القبيلة، العقيدة والتي بدورها تحكمت أيضاً في مصائر الممارسة السياسية العربية منذ عهد الخلافة إلى زمننا الحالي. وفي ذات الوقت رادأرأراد أن يمنح هذا العقل بنية جديدة ترمي إلى تبني هواجس حداثية كمسائل الديمقراطية، العلمانية، العالمية، الوحدة، وبذلك تحدث قطيعة معرفية على الطريقة الباشلارية مع تراثنا الهش وتدفع بعقلنا العربي نحو الانشغال بما هو حداثي راهن حتى يتمكن على الأقل من مسايرة العصر بمقتضياته السياسية ومتطلباته الحضارية .
أما مشروع محمد أركون فقد أخذ وجهةً مغايرة تمثلت في سعيه إلى الاستفادة من منجزات اللسانيات المعاصرة وتطبيقها على النص التراثي والديني كي نتمكن من إنجاز حداثة عربية متماشية مع حركية العصر، وترك لنا أركون أسئلة محرجة تتعلق رأسا بارتباط الذات العربية بدينها وتراثها وعصرها، وما زالت هذه الأسئلة لحد الساعة مثار جدل بين أهل الفكر والفلسفة بين مؤيد ومعارض ورافض، وتوالت النصوص الفلسفية العربية في اجتراح تساؤلات مستحدثة لعلها تخرجنا من دائرة الركود والهمود الثقافيين إلى أفق الحراك المعرفي، حيث يدعونا الدكتور حسن حنفي بمنهجه الفينومينولوجي “الظاهراتي” إلى جعل الغرب بفلسفته وتاريخه الفكري موضوعا للدراسة بعدما كان هو في حد ذاته دارس للآخر غير الغربي، دعوة حملت عنوان “علم الاستغراب”، مستعينا بصيحة البطل سعيد في رواية الطيب صالح “موسم الهجرة إلى الشمال” – جئتكم غازيا – وبغض النظر عن هذه النصوص التي احتضنت الأسئلة وبلورتها في سياقات تاريخية مختلفة في حيثياتها وشائكة في تضميناتها، فإن تناسل النصوص من بعضها البعض وتوالدها منح الفكر العربي مقدرة داخلية على تحصين ذاته من الانغلاق وفي ذات الوقت سمح له ذلك بالتواجد والتكاثر .
هذه، في معتقدنا المعرفي، عينة بسيطة من أطاريح فلسفية نتكئ عليها لإظهار مدى قدرة النص على إنتاج الأسئلة الفلسفية وبلورتها في مشاريع فكرية يراد من خلالها مساعدة الأمة العربية على إنجاز حداثتها.
ومن جهة أخرى ينبع السؤال الفلسفي من الواقع البشري المتحرك تاريخيا في شكل ممارسات سياسية، اجتماعية، دينية، اقتصادية، وهي في مجملها مفاعيل متعددة تنصهر في الكثير من الأحيان داخليا وفي غفلة عن أعيننا ومراصدنا الفكرية كي تحدث تغيرات تكون في الغالب مفاجئة وصادمة تنبثق في صورة ثورات ضد الاستبداد، الطغيان، وتفتح دروبا للوعي العربي لكي ينفتح على خطاب الإنسانية الحقيقي .
هكذا انفجرت فجأة الثورة الشعبية في تونس وكأنها انبثاق من عدم صدمت الوعي العربي وجرحت كبريائه الفكري حيث كان سادرا في معتقداته السياسية ومطمئنا لمقولاته التحليلية الهشة التي ورثها من نصوص أصابها الوهن الحركي وأقعدها عن مسايرة حركية الواقع، وبعدها حدثت الثورة المصرية بفضل مجموعة هلامية من الشباب المثقف توحدت على كلمة صادقة .
واللافت في هذه المتغيرات الاجتماعية، بكل أبعادها، أنها أعادت إلى الواجهة الفكرية أسئلة معقدة، أهملت في فترة معينة من تاريخنا الفكري، وطواها النسيان بقصد أو بغيره وتراكمت عليها أردية لغوية وأحكام اديولوجية ورؤى مشبعة بالازدراء فدفنتها بعيدا حتى لا يراها الفكر ولا يلتفت إليها الوعي الناقد، مثلما حدث مع مفاهيم الثورة، الثوار، التقدمية، الرجعية، التضحية، النضال السياسي، الشارع العربي، الضغط الجماهيري، الطابور الخامس، التجمعات العامة، وحتى الأغنية السياسية، وأسلمت لسانها الفكري والسياسي إلى مقولات مادية مرتبطة أشد الارتباط بالفضاء الطبيعي كمفاهيم السلعة، الثمن، الجسد، الدعاية، الصحة، معدل الدخل الفردي، الاستهلاك، الإنتاج، الوفرة، اللذة، التسلية، وهي كلها تنتمي إلى خطاب مادي أراد أن يستوعب الذات العربية في شراكه الاقتصادي الخالص .
لكن طرافة الحدث التاريخي تكمن في أنها بعثت الحياة في أسئلة ومفاهيم غير مادية، وأعادتها بالتالي إلى سطح الحضور، وسحبتها من الهامش الفكري إلى المركز، فغدت من الإشكالات المفصلية في الدراسات العربية المعاصرة، وهكذا تأثث فضائنا مجددا وتعزز بمقولات قديمة/ معاصرة مثل الاستعمار، الامبريالية، الاستشراق، الاستبداد، التبعية، علاقتنا مع الغرب، القيم الديمقراطية الغربية، النظم الشمولية، الإمبراطورية، الأخر ، الأصلاني، الإسلام السياسي، المقاومة، الثقافة، الهوية، الهجنة، المثقف الكولونيالي وما بعده، وخاصة طبيعة العلاقة بين النص الفكري في تشكلاته المتعددة والمثقف الخارج لتوه من مرحلة الاستعمار.
وبناءً على هذا المنعطف التاريخي، الذي سمي إعلامياً بالربيع العربي كدلالة رامزة على دخولنا مرحلة العبور إلى الجهة الأخرى من التاريخ وانتظار نتائجه وثماره، تتنزل أطروحة المفكر العربي إدوارد وديع سعيد بكل ما تحمله من جهاز مفاهيمي ثري بمفرداته وبرؤيته النقدية العالية ، وخاصة فيما يتعلق بفاعليته في تفكيك الرؤى الفلسفية وتحكمه في محتويات النص الغربي، لأنها في نظرنا الأقرب فكريا ومعرفيا وحتى إشكاليا من روح الثورات العربية وتعلة ذلك تكمن في حدوث تماهي بين الهواجس التي أفرزها الحراك السياسي العربي والمسائل التي خمن فيها ادوارد سعيد من جهات عدة تتصدرها مسألة علاقاتنا بالغرب، وظاهرة الامبريالية، ونهاية الاستعمار، والاستشراق، ودور المثقف في عصر الثورة وزمن العولمة .
والملاحظ أن مفهوم المثقف مفهوما مكثفا يرتبط عضويا بجل مفاهيم ادوارد سعيد، حتى أضحى تفكيكه هو في حد ذاته تعرية لكل جهازه المفاهيمي، والكشف عن التضمينات الايديولوجية والرؤى المتعالية الكامنة في الخطاب الاستشراقي فـ :” مقولات ادوارد سعيد في ” الاستشراق ” تعري جوهر النظرة الاستعلائية الغربية بقدر ما تعري مقولات النظرة الانغلاقية الشرقية التي تقوم مشوهة عند الذات بصفتها متصلة بثقافة ماضوية أو تراثية وحيدة الجانب وغير قادرة على مواجهة الثقافات العصرية “.
ومن وحي هذه القولة ، التي تتحدث صراحة عن ذلك التعالق القائم بين الاستشراق والذات العربية في بعدها التراثي / الماضوي، نسعى إلى نحو وضع مفهوم المثقف في منزلة التحليل المعرفي والتفكيك الفلسفي، كي نستخرج رؤية ادوارد سعيد الفلسفية للمثقف باعتباره مفهوما مركبا من صور عديدة تتصل بالاستعمار وما بعده، والامبريالية وعقابيلها المخيفة على المجتمع العربي .
وهي كلها مسائل خطيرة لأنها تتحدث على الراهن العربي بصورة جذرية متعالية




http://i61.tinypic.com/2lid2bp.jpg

بالتوفيق للجميع

موقع وظائف للعرب في تونس والجزائر والمغرب العربي والخليج والشرق الاوسط واوروبا
من هنا (http://www.jobs4ar.com/jobs/index.php)

http://i61.tinypic.com/fem9w0.jpg (http://www.facebook.com/jobs4ar)