المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال فلسفي : إشراقات حضارية لمـــالك بن نبي.



نتائج البكالوريا - bac
06-23-2014, 02:55 PM
مقال فلسفي : إشراقات حضارية لمـــالك بن نبي.
| منتدى مراجعة وتلخيص للفلسفة



منتدى الفلسفة والعلوم الانسانية منتدى الباكالوريا - منتدى الآداب و العلوم الإنسانيّـة - فلسفيات الباكالوريا آداب وشعب علمية بكالوريا علوم - باكالوريا آداب بكالوريا الجزائر بكالوريا المغرب - منتدى الفلسفة منتدى علم الاجتماع منتدى علم النفس (http://www.jobs4ar.com/jobs/forumdisplay.php?f=95)


مازال الفكر العربي والإسلامي توافقيا بين التراث والحداثة يلوك ثنائية الأصالة والمعاصرة منذ عصر النهضة العربية ،إلى أن ظهر وريث ابن خلدون مختطا بنفسه منهجا ونسقا فكريا أصيلا ومستقلا ، جاعلا من روح الإسلام ومقاصد شريعته الغراء أداة للنهضة الاسلامة ، ومثلما جعل ماكس فيبر الأخلاق البروتستانتية أساسا للرأسمالية والقيم الفردية والعقلانية الغربية (الأخلاق البروتستانتية والروح الرأسمالية ) ، اتخذ مالك بن نبي الأخلاق والقيم الإسلامية رديفا أصيلا للنهضة العربية والإسلامية فإن لكل امة شرعة ومنهاجا خاصا يلائم قيمها وأخلاقها الاجتماعية ، منتقدا بشدة عملية التحديث الارتجالي التي تتم في العالم العربي والإسلامي والتي أدت إلى عملية شواش فكري بين قيم المسلم الأصيلة والأفكار المستوردة ، معتبرا أن "المجتمع الإسلامي يدفع اليوم ضريبة خيانته لنماذجه الأساسية فالأفكار حتى تلك التي نستوردها ترد على من يخونها وتنتقم منه "، بتعبير أدق إن المجتمعات الإسلامية بالأمس واليوم تدفع ثمن الانبطاح الفكري والرضوخ للنماذج الغربية والشرقية ، فهي عن كره أو طوع يشبه الكره وجدت نفسها في حالة ضياع فكري وروحي ، انعكس على جميع نواحي الحياة ، فقد أصبح جليا ذلك الانفصام الواضح داخل المجتمعات الإسلامية ،فلا هي تمسكت بقيمها ولا هي اتبعت القيم الغربية فهي خذلت الأفكار الأصيلة والأفكار المستوردة فكان التردي المستمر نتاجا لانتقام الأفكار المخذولة من الجهتين.
الاستعمار في نفوسنا : في سنة 1956 كتب الروائي المصري إحسان عبد القدوس مقالا في جريدة روز اليوسف المصرية معجبا اشد الإعجاب بمالك بن نبي لما زاره في مكتبه بالقاهرة، قائلا زارني كاتب جزائري حدثني كلاما لم أعهده من قبل حدثني عن "الاستعمار في نفوسنا " ومسالة القابلية للاستعمار تترائى اليوم أمامنا كالأمس في خمسينيات القرن الماضي وهي كما نفهما اليوم أكثر وضوحا ونضجا، مجموعة الشروط الموضوعية الفكرية والنفسية التي تجعل المجتمع في حالة من الضعف والهوان والتخلف الحضاري عندها يصبح لديه استعداد لا إرادي لفقدان سيادته واستقلاله ، فالجسم المعتل تتكاثر عليه الأمراض وتتسابق عليه الجراثيم ،والمجتمع المتخلف تتسابق عليه قوى الاستعمار الفكري والسياسي (الرجل المريض في أوروبا )، هذه الأمراض توفرت في إنسان ما بعد الموحدين بامتياز لما كان رمزا للتخلف الفكري والاجتماعي مكبلا بالاستبداد السياسي والركود الاقتصادي مهملا للوقت فاقدا للفعالية و الثقة بالنفس متملقا للسلاطين مازجا بين الدين والخرافة معرضا عن الفكر الحر ، وكلها عوامل ممتازة وعالية القيمة للمناخ الاستعماري ،انه ببساطة التردي المزمن في شتى المجالات الذي جعل العالم الإسلامي في مؤخرة الركب الحضاري ، فكلما توفرت هذه الأمراض عاد الاستعمار من أبواب شتى ، والأكيد أن الرؤيا الاستشرافية عند بن نبي تبدو اليوم أكثر وضوحا من خلال أحداث الربيع العربي وكيف عجل الاستبداد السياسي و

الركود الاقتصادي والتخلف الاجتماعي بعودة التدخل الأجنبي من جديد لما توافرت البيئة الحاضنة ،فالمجتمع المتحضر يوفر البنية التحتية للاستثمار ،أما المجتمعات المتخلفة فتوفر البنية التحتية للاستعمار، عاش بن نبي الفترة الاستعمارية (1905- 1973) بكل ماسيها وخيباتها وتاثيرتها على الهوية الوطنية للمجتمع الجزائري الذي كان غارقا في تخلفه بفعل الاستعمار الاستبطاني وبفعل التخلف الفكري الذي غزى العقول والنفوس ،فكان نصيرا أصيلا لتيار الإصلاح الذي قاده الإمام ابن باديس معتبرا بناء المساجد والمدارس التعليمة ،والجرائد التي كان يصدرها الوطنيين أمثال لمين العمودي(الدفاع) ،أحمد بن العابد العقبي (صدى الصحراء)، الطيب العقبي (الإصلاح ) وبن باديس (المنتقد والشهاب ..) ونوادي الجمعية الإصلاحية خير دليل على روح الأمة المتقدة وخير سبيل لانغشاء ليل الاستعمار الطويل ،معرضا اشد الإعراض عن التيار الإدماجي منكرا عليه أطروحاته ،وأثناء تواجده بفرنسا لاحظ بوضوح ذلك التناقض الصارخ بين سلوك الإنسان الأوربي بصورة عامة في بلاده وسلوكه عندما يتجاوز البحر إلى الضفة الجنوبية من المتوسط (البلاد المستعمرة) وكيف يترك بزته الحضارية ويرتدي بزته البربرية ويتخلى عن جميع السلوكات والأخلاق الحضارية التي تطبعه ، فهو بهذا يفند كل الأفكار التي تروج لطابع الحضاري الاستعماري ، لم يستجب صاحب الرشاد والتيه للإغراءات البراقة للحضارة الغربية وطابعها الاستهلاكي ولكن راح يفكك العقل الأوربي المنتج للحضارة ويدرس أسباب تخلف العقل الإسلامي الناكص عنها رغم التساوي بين جميع الأجناس في صنع الحضارة الإنسانية فكلما توفر الإنسان والوقت والتراب كان الإنتاج الحضاري ، فانتقل بذلك بن نبي من مهندس كهربائي إلى مهندس لكيمياء الإنسان يبحث عن المعادلات الفكرية وتفاعلاتها لإيجاد الحلول المناسبة لحالة التخلف الفكري والحضاري للمسلم في جميع نواحي الحياة ،متجاوزا أفكار سيد قطب القائلة بان المسلم متحضر وباقي الأجناس متخلفة مهما ارتقت في النواحي المادية ، مؤكدا أن الشروط الموضوعية متى توافرت لدى جنس بشري أنتج الفعل الحضاري ،ونواميس الكون متروكة للعقل الإنساني إذا اكتشفها أبدع حضارة راقية وإذا تخلى عن التفكير العقلي واستكان إلى غفوته تجاوزته سفينة الحضارة التي لا ترسوا إلا عند العقل المفكر المستنير.
نسق معرفي أصيل وفكر تنوري: التنوير عند مالك بن نبي ليست عملية تحديث ارتجالية جوفاء ، ولا أفكار مستوردة شرقية كانت أو غربية ، ولكن التنوير عملية استجابة وتفاعل بين الإنسان والدين والتاريخ ومشاركة فعالة في الإنتاج الحضاري العالمي ،وفعل اجتماعي مستمر يساهم فيه الجميع ،ومحاربة دائمة للظاهرة الاستعمارية لا تنتهى بطرد المستعمر من الأرض فحسب ولكن بالقضاء على جميع مظاهر القابلية الاستعمار منعا من الركون إليه وأخذا بأسباب النهضة ، فالمسلم في عالم الاقتصاد ليس متطفلا على المنتوج الفكري لغيره ولا باحثا عن التوافقية بين المناهج المستوردة والقيم الإسلامية ، ولكنه مستلهما روح الإسلام وقيمه الفكرية مؤصلا لمنهجه و لمبادئه الاقتصادية ،ولقد رفض بن نبي عملية تطويع البنوك الربوية بحذف سعر الفائدة لتصبح بنوكا إسلامية ورآها غير مجدية


،فإذا كان سعر الفائدة المحرك الاساسى لدواليب المصارف والاقتصاد الراسمالى فان هذا التطويع يفقد البنوك دورها ،و تكيفها مع قيم الإسلام بهذه الطريقة تكون غير فعالة ،ولكن وجب على المسلم البحث في بدائل للصرافة وفق المبادئ الإسلامية بعيدا عن التوافقية مع النموذج الغربي ، الذي أهمل القيم الروحية وأوغل في المادية النفعية ، وفي محاضرتين ألقاهما في دمشق تحت عنوان "دور المسلم ورسالته في الثلث الأخير من القرن العشرين " رأى أن روح الإسلام وقيمه السمحة قادرة على قيادة العالم إلى بر الأمان وإخراجه من طغيان الروح الاستهلاكية المادية التي حولت المناطق الفقيرة في العالم إلى عواصف و توترات وحروب أهلية دائمة مشبها العالم بسفينة يقودها ربان مجنون وربانها الحقيقي نائم ومغيب فإما يستقظ وينقذ نفسه والعالم معه وإما يستمر في نومه وغفوته ويترك العالم يسير إلى الهلاك المحتوم ،لقد عاش مالك بن نبي للأفكار العظيمة وقارع الأفكار القاتلة وحطم الأصنام المهترئة وأحال التراب على الأفكار الميتة من طنجة إلى جاكرتا باحثا عن وجهة أصيلة للعالم الإسلامي وعوامل نهضته، ولا يمكن لدارس للفكر الإسلامي إلا ويتوقف مليا عند نسقه الفكري الأصيل ولا نظن دارسا للحضارة الإنسانية إلا وترسخ في ذهنه معادلاته الحضارية ،ولا يمكن تفكيك الظاهرة الاستعمارية وخلفياتها الفكرية دون المرور على إنتاجه المعرفي، فعلا يموت العظماء فلا يندثر منهم إلا الجزء الترابي الذي يرجع إلى أصله وتبقي معانيهم الخالدة الحية في الأرض قوة تحرك ورابطة تجمع ونور يهتدي على رأي الأمام الإبراهيمي وصاحب الظاهرة القرآنية واحد من هؤلاء .



http://i61.tinypic.com/2lid2bp.jpg

بالتوفيق للجميع

موقع وظائف للعرب في تونس والجزائر والمغرب العربي والخليج والشرق الاوسط واوروبا
من هنا (http://www.jobs4ar.com/jobs/index.php)

http://i61.tinypic.com/fem9w0.jpg (http://www.facebook.com/jobs4ar)

sisko
05-22-2016, 01:25 PM
مقال فلسفي : إشراقات حضارية لمـــالك بن نبي.