المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال فلسفي : التسامح بين دريدا وإدغار موران



نتائج البكالوريا - bac
06-23-2014, 02:42 PM
مقال فلسفي : التسامح بين دريدا وإدغار موران
| منتدى مراجعة وتلخيص للفلسفة



منتدى الفلسفة والعلوم الانسانية منتدى الباكالوريا - منتدى الآداب و العلوم الإنسانيّـة - فلسفيات الباكالوريا آداب وشعب علمية بكالوريا علوم - باكالوريا آداب بكالوريا الجزائر بكالوريا المغرب - منتدى الفلسفة منتدى علم الاجتماع منتدى علم النفس (http://www.jobs4ar.com/jobs/forumdisplay.php?f=95)


قد يكون موضوع التسامح موضوعاً جديداً قديماً في التداول الإعلامي والثقافي والديني، من هنا تطرح بحدة أسئلة حوله، لماذا التسامح والصفح الآن؟ هل العودة إلى المفهوم ومفاهيم أخرى مجاورة جاء نتيجة للعنف والعنف المضاد الذي أصبحت تباشيره واضحة في العالم؟ هل العنف المصاحب هو ما نسميه الآن بالإرهاب؟

هل يعني الحديث والتداول في التسامح وليد الإرهاب المتناسل في بقاع العالم دون اختيار مكان دون آخر، من واشنطن إلى مدريد مروراً بالبيضاء والرياض والقاهرة..

ثم لماذا التسامح الآن؟ هل العالم بتقنياته الحالية وصوره المتناسلة هنا وهناك، مولدات للعنف وأشكال الحرمان والتهميش في البلدان الفقيرة، والترف والعنف في أخرى، ألا يعني أن الهيمنة السياسية والاقتصادية للغرب نوع من خلق نقيض مفتعل كي تؤسس عليه سيادتها بغطرسة أكثر، وتوليد اليأس والعدوان، بدل التسامح والصفح، ثم لماذا كلما تحدثتنا عن التسامح، عدنا للجانب الديني، ألا يعتبر الدين إطاراً روحياً بالنسبة إلينا كمسلمين يؤسس على التسامح، ألسنا نحن الذين نظرنا إليه منذ بداية تاريخنا الإسلامي... لم الآن العودة إلى الديني للبرهنة على تسامحنا؟ هل في ذلك نوع من إعادة تنقية المجال الديني من الأشكال المتطرفة التي لحقته مؤخراً، ولأسباب موضوعية يجب النظر إليها دون إزالتها..

نتوقف عند هذه الأسئلة ونحن نقرأ كتاب «جاك ديريدا» حول «المصالحة والتسامح، وسياسات الذاكرة» ترجمة حسن عمرني/ منشورات دار توبقال ط1 2005م وهو عبارة عن ندوة نشرت في باريس 2004م.

إن قراءة أولية للأسماء المشاركة تشي بتحويل الموضوعة من عنصرها اليومي والعادي في التداول السياسي والإعلامي إلى موضعة الموضوعة تلك في سؤال فلسفي وفكري تتقاطع فيها اتجاهات متعددة دينية انتربولوجية أديولوجية.. سوسيولوجية... إلخ.

وهذا ما يعطي للموضوعة في راهنها جدة وثراء، ولأننا معنيون بالموضوعة أكثر من غيرنا، وبحكم الاتهام الغربي المتزايد علينا، سواء بشكل ضمني أو صريح فإننا مدعوون لطرح الأسئلة المتعلقة حول الغرب والذات، في سبيل نقد مزدوج للميتافيزيقيات التي تحيطه، وتحيط بنا. مدعوون كذلك لمقاومة هذا الانجراف بالعلم والمعرفة، مدعوون أكثر من أي وقت مضى للانخراط في سكة التاريخ بدل العيش في الهامش.

لنقف إذن عند أسئلة الندوة/ الكتاب.. يطرح الكتاب كما قلنا موضوعة «التسامح والمصالحة» كسؤال وموضوع الراهن. راهن يشي بالعنف والإرهاب والتعصب/ التطرف.. يقول إدغار موران E. Morin في الصفحة 42: «إن من يفهم يجد نفسه في حالة لا تناظر كلي مع التعصب الذي لا يفهم شيئاً، والأدهى أنه لا يفهم بأننا لا نفهمه.. إن سؤال الفهم كما سيطرحه «إدغار موران» شديد البلاغة هنا، ويمكن أن يكون هو الناظم الضمني لأعمال الندوة/ الكتاب ككل، ذلك أنه طرح موضوع التسامح يعني بالأساس طرح نقيضه، وهو ما تدل عليه تداعيات العالم الذي شاء البعض تأريخها أمريكياً ب11 أيلول 2001م.. ولأن المسألة كذلك فجاك ديريدا كمفكر وفيلسوف تداعب مع الموضوع، من كل الزوايا انطلاقاً مما يحمله من أسئلة مفلسفة ليس فقط من حيث دلالته ولكن كذلك من حيث الفوارق التي تتركها الدلالات تلك.. يحدد جاك ديريدا مفهوم الصفح من خلال تحذيرات منهجية من قبيل أن المفهوم زاد غموضاً في الخطاب السياسي، ونحن نعرف مقصدية هذا التحذير، وثانياً كأن غموضه يأتي كذلك من مفاهيم مجاورة له تتخذ نفس الدلالة. كالعفو الاعتذار والعفو العام، والتقادم.. وعليه فيجب الانتباه إلى هذا التداخل والانتباه إلى الشكل القانوني الذي يدخل فيه مفهوم الصفح، وثالثاً أن المفهوم ذو طابع ديني في أصوله الأولى، إن المفاهيم المجاورة تلك أضحت: «تظهر وتتناسل في المسرح الجيوسياسي، منذ الحرب الأخيرة، وبشكل متسارع منذ بضعة سنوات، لا نلبث أن نرى إقبالاً متزايداً على طلب «الصفح» ليس من طرف الأفراد فحسب، بل من طرف الطوائف والجماعات والدول.. ص8.

إن الدعوى للصفح إذن دعوى جماعية، ولكن كيف تتم خصوصاً وأن المفهوم يحدد وفق ثنائية قاسية، تتمثل في حدودها بين الذاكرة والنسيان: وبينهما يتوقف جاك ديريدا عند المفهوم القانوني الذي أصدرته الأمم المتحدة حول «الجرائم ضد الإنسانية» للبحث في حدود النسيان أمام حصول التذكر - والكيفيات التي مكنت - مثلاً - فرنسا من الانفلات من جرائمها ضد الإنسانية حيث كانت قطباً استعمارياً.. إن مسألة التذكر إذن تعني نوعاً من إعادة الاتهام.. والنسيان وهو نوع من مصالحة ممكنة.. لكن في المقابل يطرح ديريدا في نوع من السجال مع جان كلييتش الذي يرى أن هناك جرماً ما لا يقبل الصفح، ليرد دريدا «أليس هذا الذي لا يقبل الصفح هو القابل للصفح فعلاً» إن المسألة إذن تميل إلى عودة الديني في رسم حدود الخطيئة «ولكن ديريدا يعود بنا إلى حقله الفلسفي مع تيار الفلاسفة الذي وضع الموضوعة موضوعة فكر.. وهو هيجل الذي يرى أن كل شيء قابل للصفح عدا الاعتداء على الفكر» أقصد ضد القدرة على المصالحة التي يتمتع بها الصفح.. ص145.

في سياق آخر يطرح ديريدا ثنائية الصفح والفهم، كمفتاح لضبط الحدود بين ما يمكن أن نصفح عنه وما لا يمكن، عبر عرضه لمثال بسيط وعادي وهو ما تحمله لنا وسائل الإعلام جزئياً أو كلياً من أخبار القتل والتدمير لعائلة بأكملها.. يبدو لنا أن الباقي من العائلة، هل سيصفح عن من ارتكب هذه الجرائم الوحشية أم لا؟ قد تكون وضعية عامة تشير إلى امكانية الصفح.. كما يعبر عن ذلك من أحرقت أسرته أو أطفاله في محرقة أو.... إلخ. لكن هذا الصفح يثير سراً يستحيل فهمه. يضع الأستاذ ديريدا سؤال التريث والتشكيك، مثلما يضعه حول موقف الرئيس الجزائري بوتفليقة. حيث إصدار العفو عن الجماعات الإرهابية بشروط طلب العفو وإزالة السلاح... معتبراً أن هذا الموقف لا يمكن ضبطه إلا بنقيضه (موقف المعارضين والضحايا).. ولكن إذا لم يكن هناك صفح ومصالحة وسلم متعاقد حوله سنعيش حرباً متوارثة..

في المداخلة الثانية الصفح مقاومة لبشاعة العلم: يعلن «إدغار موران» «Edgard Morin» اختلافه مع أطروحة جاك ديريدا، أي أن «ما يقوم به ديريدا، في اعتقادي، عزل الصفح عن سياقاته، أما أنا فأحاول اعتماد منظور يقدم مشكلة الصفح في سياقاتها السيكولوجية والثقافية التاريخية، وبالطبع في سياق هذا القرن المطبوع بتنظيم مجازر جماعية..» ص40.

واضح من خلال هذا الموقف، رؤية المفكر / الفيلسوف إدغار موران مع صديقه ديريدا، في المنطلق، فإذا كان الأول كما أوضحنا يرى في الصفح كما هو، رغبة في تأسيس النسيان، فإن الثاني يرى في الصفح حدود علاقاته المتداخلة، بمعنى أنه لا يمكن التفكير في الصفح إلا في تقابلاته ومفاهيمه المجاورة له، كالعدالة والقانون والعقاب والشر، والسجن، فإذا نظرنا إلى المأسسة التي دأبت عليها المؤسسات الأوروبية منذ عصر الأنوار، فإننا نجدها تبحث في العمق كما في المجتمعات الأخرى.. إلى تنظيم العلاقات الاجتماعية، وفق ضوابط قانونية، وهكذا نجد أن السجن كمجال عقابي، اعتبر في الأول أنه حماية للناس والمجتمع والسكان وليس تصريفاً للعقاب أو نوعاً من الانتقام.. إن هذه الحراسة هي نوع من التنظيم الاجتماعي الذي يقف سوراً وحائطاً ضد الانتقام العائلي، أو ما نسميه نحن «بالثأر». إن المؤسسة الهجينة والعدالة تقوم بنوع من إعادة تعريف الشر بالشر، والقتل بالقتل (عند الدول التي تطبق عقوبة الإعدام).

لا يتعلق هذا الصفح بالمعنى الذي قدمه جاك ديريدا، بل يتجاوزه في سياقاته الأخرى، للمفاهيم المجاورة له. «كالرحمة والشفقة» التي تدل عليه ولا تطابقه، ورحمة السجين والمهزوم، هي نوع من أنواع الصفح التي تسير عليها الدول المتحضرة «حسب إدغار موران».




http://i61.tinypic.com/2lid2bp.jpg

بالتوفيق للجميع

موقع وظائف للعرب في تونس والجزائر والمغرب العربي والخليج والشرق الاوسط واوروبا
من هنا (http://www.jobs4ar.com/jobs/index.php)

http://i61.tinypic.com/fem9w0.jpg (http://www.facebook.com/jobs4ar)

sisko
03-14-2016, 04:27 PM
مقال فلسفي : التسامح بين دريدا وإدغار موران