المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال فلسفي : مستقبل ما بعد الانسان



نتائج البكالوريا - bac
06-23-2014, 02:22 PM
مقال فلسفي : مستقبل ما بعد الانسان
| منتدى مراجعة وتلخيص للفلسفة



منتدى الفلسفة والعلوم الانسانية منتدى الباكالوريا - منتدى الآداب و العلوم الإنسانيّـة - فلسفيات الباكالوريا آداب وشعب علمية بكالوريا علوم - باكالوريا آداب بكالوريا الجزائر بكالوريا المغرب - منتدى الفلسفة منتدى علم الاجتماع منتدى علم النفس (http://www.jobs4ar.com/jobs/forumdisplay.php?f=95)



مقدمة
لاشك ان التكنلوجيا وفرت لنا الادوات والوسائل اللازمة للتأثير والسيطرة على العالم من حولنا. التلسكوب والمايكروسكوب مثلاً، عززا قدراتنا الادراكية وفتحا الكون امام عيوننا نحو مجالات جديدة. تكنلوجيا، مثل الكتابة والكومبيوتر وسّعت ايضا عقولنا وذاكرتنا. حينما نتعلم التعامل مع الادوات والمكائن، فانما نحن نغير مساراتنا العصبية بطريقة يُنظر اليها كنوع من الاتحاد البايوميكانيكي cyborgisation.
مع ذلك، الكثير بقي كما هو، القدرات الاساسية للناس الحاليين لا تختلف كثيرا عن قدرات الانسان القديم. من حيث المبدأ، التكنلوجيا يمكنها ان تفعل الكثير لتغييرنا.
نحن بلغنا نقطة في التاريخ حيث تتوفر آفاق واقعية لتعزيز قدراتنا الادراكية والعاطفية والفيزيقية من خلال تدخل تكنلوجي مباشر ومقصود وبشكل مستمر.هذه قد تكون على سبيل المثال، تدخلات وراثية(تعديل سلسلة الـ DNA الانسانية)، او اصطناعية (دمج الادوات او المكائن داخل اجسامنا)، او دوائية(ضبط اجسامنا بالادوية لنكون أجمل واقوى وأسعد او اطول عمراً). وحتى لو كنا متأخرين في توظيف هذه التكنلوجيات لنغير حياتنا، فنحن ربما غير متأخرين بالنسبة لاطفالنا او احفادنا. التكنلوجيا الجديدة سوف تُضاف بالطبع للتكنلوجيات المألوفة التي ادركناها سلفا كوسيلة تعزيز للقدرات الانسانية بدلاً من ان تكون مجرد وسائل علاجية.انظر على سبيل المثال الى اللقاحات لتعزيز الاستجابات المناعية، واقراص منع الحمل للسيطرة على تخصيب المراة، الجراحة التجميلية لتحسين المظهر الفيزيقي، والمنشطات المساعدة لبناء العضلات.
غير ان فكرة التعزيز التكنلوجي لقدرات الانسان حتى لو اصبحت اكثر قبولاً فهي تسبب المزيد من القلق والارباك. هذه الفكرة عادة، تخلق معارضة اجتماعية وسياسية عنيفة الى درجة تقود الى تشريع قوانين تمنع التلاعب الوراثي في اجنة الانسان. هذه التشريعات سُنت في العقود الاخيرة لدى عدة دول في مراحل مختلفة من التطور الصناعي.
ان المبالغة في القلق ربما هي غير عقلانية ، هو قلق مرتكز على الحدس غير الصائب لعمل الخالق، او انتهاك الطبيعة،او عدم احترام كرامة الانسان او التبشير بمستقبل مخيف من الترتيبات الاجتماعية الشاذة. وفي حالات اخرى، اكتسبت النقاشات اعتبارات عقلانية كبيرة. بعض التكنلوجيا المعنية ربما يصعب انجازها، وقد تكون محاولة لصرف انتباهنا عن المشاكل الاكثر اهمية. تكنلوجيا اخرى ربما يمكن تحقيقها بسهولة، لكنها خطرة وتميل للاساءة. النقاد عادة يعرضون شبح المجتمع الطبقي المنقسم الى طبقة حاكمة مرتكزة اساسا على ثروة العائلة، ومجموعة كبيرة من الناس الطبيعيين المرؤوسين الذين لديهم القليل من الفرص للوصول الى التكنلوجيا الجديدة. امكانية الاضطهاد والمعاناة هي واضحة تماما. وسواء حصلت هذه النتيجة ام لم تحصل على صعيد الممارسة فانها يصعب انكارها.
هناك الكثير ما يقال، بين مؤيد ومعارض حول وجوب ان نرحب بمستقبل التكنلوجيا المعززة للقدرات الانسانية. العديد من السياسيين والاكاديميين وقادة الكنائس وجماعات الضغط هم مقاومون بحماس لفكرة تعزيز الانسان، ولكن هناك حركة فكرية وثقافية واحدة تحتضن الفكرة بذراعيها الاثنين، وهي ، حركة ما بعد الانسانية transhumanism.
تعريفات
ما بعد الانسانية transhumanism هي فلسفة تشير الى ان الانسان يستطيع ويجب ان يكافح لبلوغ مستويات أعلى فيزيقيا وفكريا واجتماعيا. هذه الفلسفة تشترك بعدة عناصر مع الانسانية بما فيها احترام العقل والعلم وتبنّي التقدم وتقييم وجود الانسان في هذه الحياة. ما بعد الانسانية هي طريقة في التفكير حول المستقبل ترى ان الانسان بشكله الحالي لا يمثل نهاية تطورنا وانما هو مجرد مرحلة مبكرة فيه.
الرواد الاوائل للحركة
افكار ما بعد الانسانيين لها تاريخ طويل رغم ان حركة ما بعد الانسانية هي نتاج التقدم في المعرفة العلمية والتكنلوجية للقرن العشرين. هناك سوابق يمكن العثور عليها مثلا، في التكهنات المستقبلية لـ J B S Haldane and J D Bernal في العشرينات. فمثلاً كتاب هالدن(العلم والمستقبل عام 1924)، و كتاب برنالس(العالم، الجسد والشيطان عام 1929) يتخيلان مستقبل المجتمعات التي تستخدم العلوم المتقدمة لتغير خصائص الانسان وتوجه مستقبلنا التطوري كجنس بشري. في العقود اللاحقة، اصبحت هذه الكتابات مؤثرة جدا في مؤلفي قصص الخيال العلمي- وبالذات Olaf Stapledon and Arthur C . Clarke- لكنها انتجت ايضا رد فعل عنيف ، كما في كتاب الديوس هكسلي العالم الجديد الشجاع عام 1932، ومعظم اعمال ليوس.
افكار مثل بيرنالس و هالدين مثلت نزعة فكرية مختلفة ومستمرة في فكر القرن العشرين. غير ان ما بعد الانسانية كحركة منظمة بوعي تشكلت فقط في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي،بالتزامن مع معظم القفزات المبكرة التي حدثت في التكنلوجيا المتقدمة في مقاطعات الساحل الغربي لامريكا.
من المفكرين الاوائل لما بعد الانسانية F M Esfandiary الذي نشر كتابه UpWingers:A futurist Manifesto)) عام 1973. وبعد ذلك بوقت قصير، غيّر اسمه القانوني الى (اف ام 2030) متوقعا ميلاده المئة في عام 2030 (توفي عام 2000 ووُضع جسده في احد مراكز التجميد). حاضر اف ام في جامعة كاليفورنيا وفي لوس انجلس، وفي عام 1989 نشر كتابه المهم (هل انت ما بعد انسان؟) ، وخلال الثمانينات طور اف ام واخرون ما بعد الانسانية كحركة طليعية متجاوزة الى حقول الفلسفة والعلوم والفنون.
ومؤخراً نشر المناصران لما بعد الانسانية (ماكس مور) و (ناتاشا فيتا) كتابهما (القارئ الما بعد انساني) وهو يضم عدد كبير من المقالات القديمة والجديدة التي تستطلع افكاراً ومُثلاً لما بعد الانسانية. انه يتضمن مساهمات لعدة فلاسفة وعلماء وفنانين وكتاب مبدعين وغيرهم ممن ارتبطوا بما بعد الانسانية خلال العقود الثلاثة الماضية.
فلسفة ما بعد الانسانية
اذاً ما هي ما بعد الانسانية في صيغتها الحالية؟ هي حركة واسعة- وهي بدرجة ما شكل من الادعاءات الفلسفية والممارسات الثقافية. وكما جاء في "قارئ ما بعد الانسان "ما بعد الانسانية غنية بالنقاشات الداخلية و لاتزال تنطوي على افكار اساسية بارزة. احدى هذه الافكار هي ان الكائن البشري في طور التحول. ما بعد الانسان احيانا يعني الانتقال او التحول، لكن فكرة التحول هي جوهرية. التحول من ماذا ولمنْ؟
يتكهن ما بعد الانسانيين بالزمن حينما تقود التدخلات التكنلوجية في قدرات الجسم والعقل الانساني الى تغيرات كبيرة في طاقاتنا. مفكرو ما بعد الانسانية يعتبرون هذه التغيرات دراماتيكية جدا الى درجة تجعل هناك احساساً بديهياً للاعتقاد بالناس المتغيرين بعمق في المستقبل باعتبارهم ما بعد انسانيين(صفة). ما بعد الانسان، كما عرضته النظرية سيكون مستمراً معنا لكنه يختلف عنا بعدة طرق. هذا الانسان سيعيش فترة اطول من حياة الناس العاديين، وسيكون اكثر سعادة وذكاءاً. وفي اشد حالات التطرف في هذه الفكرة هي اننا ربما نضع شخصياتنا في كومبيوتر دائم و شديد التحمل يتفاعل مع العالم بطرق معقدة.
ومن باب التفاؤل، ربما نصبح جميعنا في يوم ما ما بعد انسانيين، لو عشنا فترة اطول، ولكن من المرجح ان يكون ما بعد الانسانيين هم اطفالنا او احفادنا. في ضوء هذه الصورة، نحن لازلنا لسنا ما بعد الانسان، وربما من غير الصحيح ان نطلق على انفسنا ما بعد الانسان. لكن، كما يستمر النقاش، ان الانسان القديم وصل نقطة في التطور التكنلوجي فيه تشكل الاجيال الحالية للكائن البشري جسراً بين الانسان التاريخي وانسان المستقبل بقدرات عملاقة جداً. بالنسبة لما بعد الانسان، هذا ربما ليس حتميا لكنه تقدم منطقي لاتجاهات الماضي والاتجاهات الحالية.
ما بعد الانسانية تضيف فكرة جوهرية اخرى: فكرة ان التحول من الانسان الى ما بعد الانسان هي مرغوبة بحكم الضرورة. وبعمومية اكبر، انه من المرغوب ان نزيد قابلياتنا، بما فيها نطاق حياة الانسان مهما كانت الوسائل المتوفرة، بضمنها تدخلات تكنلوجية مباشرة في وظيفة اجسامنا. ما بعد الانسانية تتابع اهدافها من خلال الابتكارات التكنلوجية والممارسات الشخصية والتعبيرات الفنية والتحريض في الساحات العامة. مفكرو ما بعد الانسان يعرضون عدة تحليلات واولويات وافكار، وهم باستمرار لا يتفقون مع بعضهم حول اهداف معينة وحول الطرق الاكثر فعالية لتحقيقها.
النقد والنقد المضاد
قلنا ان ما بعد الانسانية هي حركة فلسفية وثقافية، لكنها هل هي في الواقع اكثر من ذلك شأنها شأن الدين؟ ام اننا يجب النظر اليها مجرد بدعة غريبة انبثقت من قصص الخيال العلمي وجماعات التكنلوجيا في كاليفورنيا؟
اولاً، تجدر ملاحظة انه، مهما كان موقف الاخر، فان ما بعد الانسانية ليست نظاماً عقيدياً منفصلاً عن العالم. لاشيء فوق طبيعي مشارك في العملية، واي حدوث لعمليات التحول سيتم فقط عبر وخلال وسائل هذا العالم. فاذا كان هناك اي شيء يريد ما بعد الانسان تحويله، فهو الحدود الحالية للقدرات الانسانية وليس العالم الطبيعي ذاته.
ما بعد الانسانية لن تحرض اي كائن او وجود او قوة على تحويل العالم الطبيعي، ولا تفترض تطوير اية ابعاد اخرى للانسان. واذا كانت ما بعد الانسانية تتصورنا نتغير بطرق مختلفة، فان هذا يقع ضمن الرغبات الارضية العادية، مثل الرغبة بطول الحياة في هذا العالم. معظم ما بعد الانسانيين ينكرون ان ما بعد الانسانية نوع من الدين، وهم لديهم الدفاع القوي عن هذا الموقف.
في نفس الوقت، هناك في الحقيقة نوع من الرعب بشأن بعض الفعاليات الانتقالية والكتابات خاصة عندما نكون على موعد بالتحول السريع في المدى الزمني للحياة وباقتصاد ما بعد الندرة. احدى الاقتراحات التي تبرز باستمرار في ادب ما بعد الانسانية هي ان هذا التحول سيحدث عبر ما يسمى بالتفرد (singularity)، أحداث المستقبل الوشيك تستلزم تقدماً تكنلوجياً مفاجئاً وغير مسبوق. الفكرة هي ان المنحنى السريع للتقدم التكنلوجي عبر الزمن سيصل نقطة يقترب فيها من ان يكون عموديا ، تاركا ما يقع على الجانب الاخر وبشكل راديكالي وراء تنبؤ الانسان.
هذا الاقلاع التكنلوجي القريب من الخط العمودي عادة مرتبط بمستقبل التحسن السريع والذاتي في الذكاء الاصطناعي. الامر الذي سيقود نظريا الى ظهور الكائنات السبرينتكية المتفوقة علينا ادراكيا كثيرا لدرجة تتحدى فهم الانسان ان لم نقل محاولات الانسان للسيطرة عليها. انها تمتلك قدرات استثنائية لتصنع تقدماً مفاهيمياً وتطبيقياً آخراً باتجاه تحسين الانسان. فاذا كانت هذه الكائنات ستأتي فعلاً للوجود، ذلك يدعونا للامل بان كومبيوترنا الجديد العملاق سيصبح صديقاً للانسان.
في الحقيقة، معظم نشاط ما بعد الانسانيين العاملين في مجال العلوم الادراكية يستلزم جهوداً لضمان ان اي ذكاء عملاق للماكنة في المستقبل، سيكون منسجماً وطيعاً في مواقفه تجاه الكائن البشري. بعض الباحثين يبذلون المزيد من الوقت والتفكير في السعي لفهم طبيعة هذه الخيرية ، ومسألة تعاطف الانسان وماشابه، وكيف يمكن برمجة كل ذلك في اعمق مستويات التصميم لماكنة الذكاء العملاق. وسواء قاد برنامج البحث هذا ام لم يقد الى ثمار، فهو يولّد نقاشات ممتعة جداً في مجالات عديدة (تستلزم فلاسفة اخلاقيين وعلماء ادراك واخرين).
ما بعد الانسانيين يؤكدون على القدرة على تصور التغيير الواسع النطاق ضمن فترة قصيرة جداً. ليس جميع ما بعد الانسانيين يعتقدون بمثل هذه الطريقة الموغلة في التكهن، في الحقيقة، جرى رفض افكار التفرد من جانب العديد من انصار ما بعد الانسانية الذين ليست لديهم طموحات ضخمة بمستقبل الانسان.
باي مقدار من الجدية يجب ان نتعامل مع كل هذا؟ هل ما بعد الانسانية مجرد بدعة يمكننا تجاهلها؟ من المتوقع اننا سوف نكتشف طرقاً جديدة لتعزيز قدراتنا الانسانية، سواء كانت ام لم تكن اي منها بنفس طريقة عمل الدماغ او التفرد التكنلوجي. اذا استمر تعزيز العلم لفترة طويلة بما يكفي،لماذا لا ينتج في النهاية اناس مختلفين عنا او عن اسلافنا؟ كذلك، يمكن الاعتراف عموماً ان تعزيز القدرات الانسانية هي مرغوبة بذاتها مهما كانت لدينا من شكوك حول التفاصيل وحول القضايا السياسية الهامة مثل العدالة الفردية. فاذا جرى التعبير عن اطروحة ما بعد الانسانية بمستوى يكفي من العمومية، فانها ستكون معقولة وجذابة.
مهما يكن، لو افترضنا لأجل النقاش ان الرؤى الاكثر راديكالية وربما الاكثر رعبا لمستقبل ما بعد الانسان هي مبالغ فيها. يبقى هناك شيء ما غير مفاجئ وطبيعي ، يحدث عندما تحوّل التكنلوجيا الجديدة عبر التراكم ما يمكن ان يقوم به عقل الانسان وجسمه، مع ما يرافق ذلك من تأثيرات اجتماعية هائلة. قارن، على سبيل المثال،النتائج الضخمة للكهربة وللسيارات والادوية والنقل الجوي والكومبيوترات والانترنيت.
غير ان هذا يثير مشاكل ايضا، ليس للفلاسفة فقط. البعض قد يرفض فكرة "التحسين" او "التعزيز" في القدرات الانسانية. ربما لا يختلف ما بعد الانسان عما قبله وقد لا يكون افضل وفق اي اختبار موضوعي. هل ان حياة ما بعد الانسان المتميزة هي جيدة للكائنات التي بدأت كأنسان؟وحتى لو صح هذا، هل الكائنات كما نحن يمكننا الحصول على تلك الحياة بأمان؟ لو تجاوزنا قيود معينة، هل سنكون كما نحن لو باشرنا تغييرات استثنائية كبيرة؟هذه الاسئلة تشجع الفلاسفة ذوي الاهتمام بما بعد الانسانية على الكفاح الفكري في القضايا المتصلة بقيمة النظرية وبالهوية الشخصية وبالبقاء على مر الزمن.
مفكرو ما بعد الانسانية عادة يبدون ميّالين للقيم الموضوعية. فمثلا، هم يعتقدون ان من الافضل لنا موضوعيا ان نعيش اطول ونشعر بسعادة اكبر ونزيد مقدرتنا في التأثير على العالم من حولنا، ونؤدي وظائفنا بطريقة اكثر تعقيداً. فاذا كانوا على صواب في هذا، فهم سيكونو صائبين ايضا بالقول انه من الافضل ان نكون ما بعد انسانيين بدلا من انسان و ان نكون كائنات انسانية حائزة على تعزيزات تكنلوجية معينة بدلا من ان لا نمتلك تلك.
لو نظرنا الى امثلة مثل الصحة العامة او مقاومة الامراض او الذكاء، فمن الممكن دائما تصور امثلة شاذة تتجسد فيها حالات مؤذية. مع ذلك، انها ستكون نافعة في عدد كبير من المواقف التي نواجهها في ظل العديد من الظروف الاجتماعية الاخرى. يبدو من المعقول تماما تفضيل هذه الاشياء على مضاداتها والحديث عن تحسينها.
لا زال هناك سؤال حول ما اذا كان هناك الكثير من الشيء الجيد: ربما نحن نفضل الحياة بمدى زمني اطول ولكن ليس ضمن نطاق بعيد جدا، هناك سؤال عن الشروط المطلوبة لنا كي نحافظ على هويتنا بشكل دائم. فلو اننا عشنا آلاف السنين فهل سيأتي زمن لم نعد فيه نفس الاشخاص الذين نحن عليهم الآن ؟ او هل يمكن النظر الى العملية كما نحن حاليا ننظر الى النمو؟ ربما انا اختلف جدا عن الطفل الذي كنت عليه في عمر الاربع سنين، وانا احتفظ ببعض الذكريات عن ذلك العمر. مع ذلك، نحن لا ننكر ان الطفل عاش كما عشت انا كفرد مسن حالياً.
نحن ربما ايضا نتسائل ما اذا كان ما بعد الانسان ساذجاً بشأن التكنلوجيا وطبيعة الانسان وفكرة التقدم. التكنلوجيا يمكن استعمالها لأهداف تدميرية مقصودة، وقد تكون لها تأثيرات غير مقصودة لا يمكن التنبؤ بها، طبيعة الانسان لها جانبها المظلم ونحن لا نستطيع التفكير بنفس اسلوب مؤرخي اليمين الذين ينظرون الى الاشياء وهي تسير دائما نحو الافضل. في الواقع، نتائج التغيير المناخي ، التضخم السكاني، استنزاف الموارد الطبيعية ربما تتظافر الى بعضها لتقدم لنا مستقبلا اكثر قتامةً للانسانية.
غير ان ما بعد الانسانيين ليسو بحاجة ليكونو سذجاً هنا. الفكرة المركزية لما بعد الانسان لا تلغي ان تلك الاشياء قد تسير بالاتجاه الخاطئ وان المسائل الخلافية يمكن مناقشتها من جانب كل من حركة ما بعد الانسانية و نقادها ايضا. في الحقيقة، المزيد من فكر ما بعد الانسان الحديث اتخذ طابعاً بائسا، لأن المؤلفين ذوي العلاقة يعتقدون ان الاخطاء المحتملة قد تمنع حدوث اي تحول ما بعد انساني ، وربما تهدد الحضارة الانسانية او حياة الانسان ذاتها. وهكذا، احدى تأكيدات فكر ما بعد الانسان الحالي تتصل بالمخاطر الوجودية – وهي مخاطر تتعلق بما يمكن ان يحدث على نطاق عالمي وذو طابع خطير جداً وكذلك بالمحاولات التي ينبغي اتخاذها لدرء تلك المخاطر.
القلق من حركة ما بعد الانسانية هو ليس ما ذُكر اعلاه. العديد من افكار ما بعد الانسانية هي بلا شك ستثبت انها غير عملية، ولكن الى جانبها افكار اخرى ربما ستتحقق. النقاشات مثيرة وتحمل الكثير من التحدي. ما بعد الانسانية هي اكثر من بدعة او موضة او عبادة، ولكن دائما يبقى هناك خطر ان تكون جامدة.
وبالنظر لرؤية ما بعد الانسانية الى مستقبل مرغوب جدا للانسانية، فان حركة ما بعد الانسانية يُحتمل ان تتطور الى تعصبية، وربما حتى الى ايديولوجية مرعبة. واذا كنا لم نر اي شخص سُجن او جاع او احرق تحت اسم ما بعد الانسانية، مع ذلك، يبقى هناك خوف من ان تتحول ما بعد الانسانية الى شكل من الدوغمائية غير الليبرالية وربما الى صراحة مقرفة. الخطر الاعظم هو عندما تتحول رؤية معينة للمستقبل الى ارثودكسية جديدة. هذا يمكن تجنبه ولكن فقط عبر الوعي والفحص الذاتيين، ذلك هو التحدي الدائم لمفكري ما بعد الانسانية.



http://i61.tinypic.com/2lid2bp.jpg

بالتوفيق للجميع

موقع وظائف للعرب في تونس والجزائر والمغرب العربي والخليج والشرق الاوسط واوروبا
من هنا (http://www.jobs4ar.com/jobs/index.php)

http://i61.tinypic.com/fem9w0.jpg (http://www.facebook.com/jobs4ar)

وظائف اليوم
06-01-2015, 02:39 PM
مقال فلسفي : مستقبل ما بعد الانسان