المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال فلسفي : نحو تجديد الفكر التربوي في العالم الإسلامي



نتائج البكالوريا - bac
06-21-2014, 12:10 AM
مقال فلسفي : نحو تجديد الفكر التربوي في العالم الإسلامي
| منتدى مراجعة وتلخيص للفلسفة



منتدى الفلسفة والعلوم الانسانية منتدى الباكالوريا - منتدى الآداب و العلوم الإنسانيّـة - فلسفيات الباكالوريا آداب وشعب علمية بكالوريا علوم - باكالوريا آداب بكالوريا الجزائر بكالوريا المغرب - منتدى الفلسفة منتدى علم الاجتماع منتدى علم النفس (http://www.jobs4ar.com/jobs/forumdisplay.php?f=95)


كل ما في الخليقة يتجدد ويتغير باستمرار. تلك سنة الله في خلقة . والكائنات الحية تتجدد وتتغير وفق تغير الظروف الطبيعية من الخارج ووفق فعالية الجسم والفكر من الداخل. ولما كان الفكر التربوي في العالم الإسلامي نتاجا لحيوية الإنسان المسلم فانه يخضع بدوره للناموس العام،

ناموس التطور والتجدد.والمجتمعات الإسلامية تتطور وتتجدد كلما دأبت علي تجديد فكرها التربوي وترقد وتتخلف كلما توقف وتخلف فكرها التربوي.
وتجديد الفكر التربوي لا يعني هدم أو مسخ ما هو قائم بل يعني إدامته مع إصلاح ما انتابه من خلل وإضافة ما تتطلبه الأحوال والحاجات الجديدة من إضافات وحذف ما أصبح غير لازم للظروف المستجدة. وان الدعوة إلي التجديد ليست بدعة بل هي جزء من تعاليم الإسلام الخالدة التي وردت في الحديث الشريف (( إن الله تعالي يبعث لهذه الأمة علي رأس كل مائة سنة ما يحدّ د لها أمر دينها ))

وتجديد الفكر التربوي الإسلامي ويتطلب إعادة النظر في شئون التربية الإسلامية كما تمارس اليوم في البيت وفي المدرسة وفي البيئة الثالثة وما تحويه من مؤسسات دينية واجتماعية واقتصادية وسياسية . فقد تقدم المسلمون يوم كان الفكر التربوي الإسلامي حياً نامياً و متجدداً وتأخر المسلمون يوم ركد الفكر التربوي الإسلامي وساد العالم الإسلامي الجمود الفكري والتعصب التشرذم فإذا شاء المسلمون اليوم تحقيق النهضة الشاملة والارتقاء لابدّ لهم إن يفكروا وفي تجديد التربية ويتساءلوا ما هو التجنيد الذي نريده للفكر التربوي وما هو مصدره؟

إن التجديد الذي نريده للفكر التربوي الإسلامي ينبع من درسنا :

(1) دراسة جديدة متعمقة وشاملة للقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وتراثنا التربوي الإسلامي .

(2) مشاكلنا الإسلامية المعاصرة وآمالنا وطموحاتنا المستقبلية.

(3) درسنا للتطورات العلمية والتقنيات وما يرافقها من تنظيمات تربوية واقتصادية واجتماعية في البلاد المتقدمة.

وعلي ضوء هذه الدراسات نعيد النظر في أهدافنا التربوية ومحتويات برامجنا التربوية والتعليمية، والوسائل والأساليب المتبعة لتحقيق الأهداف فنصوغها من جديد وها نحن فيما يلي نبدي بإيجاز كلّي اجتهادنا الشخصي في كل من هذه النواحي .

التجديد في تحديد الأهداف:

إن التربية السائدة في العالم الإسلامي اليوم قد يعوزها وحدة الأهداف التربوية ووضوحها أحياناً. فهناك تربية إسلامية تعد الفرد للحياة الإسلامية لحاضرة وإبقاء ما فيها من ضعف في العلاقات الإنسانية وتخلف في الحياة العلمية والعملية. وهناك تربية إسلامية تحاول اقتباس نظم غربية وفلسفة تربوية غربية مع إضافة شيء من علوم الدين والحضارة الإسلامية ولكنها لم تفلح في تحقيق وحدة الهدف ووحدة الثقافة بعد. فما هو الهدف الجديد الذي نريده لتربيتنا؟ الجواب يقودنا إلي استعرض بعض الأهداف الجديدة الشائعة أولاً ثم اقتراح الأهداف الموحّدة التي ندعو إليها.

من الأقوال المعرفة قديماً وحديثاً عند العديد من كبار المربين: أن هدف التربية الأول هو (( تحقيق إنسانية الإنسان)) وهو هدف عام شامل ليس لأحدنا أن يعترض عليه بسهولة ولكن المشكل يظهر حين نتساءل (وما هي إنسنية الإنسان) وما هو الإنسان؟ هل هو ما عبر عنه أبو العلاء حين قال: ((والذي حارت البرّية فيه حيوان مستحدث من جماد)) أم هو ما عبر عنه الإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنه حين قال :

أتزعم انك جرم صغير & وفيك انطوي العالم الأكبر

وأنت الكتاب المبين الذي & بأحرفه يظهر المضمر

الكل يتفق علي أن الإنسان حيوان يشارك الحيوانات العليا :في الحركة والنمو والتكاثر إنه يسمي للبقاء عن طريق الغذاء والتناسل ولكنه يمتاز بانتصاب قامته وكبر دماغه بالنسبة لحجم جسده . له إبهام يمكّنه من مقاصد وأفكار في حياته الاجتماعية. فهو اجتماعي ثم إنه يفكر،ويبدع، ويحب الجمال ،وذا ضمير أخلاقي. وفوق كل ما مّر إنه صانع حضارة. واعتقد أن ما قاله أبو العلاء يقف عند هذا الحدّ. أما الإمام علي فإنه يضيف علي كل ما مّر المسمي صفة يمتاز بها الإنسان ألا وهي الصفة الروحية الدينيّة التي تولد الإيمان في الإنسان. وهنا يختلف الفلاسفة الماديون مع المؤمنين فالماديون لا يؤمنون بالله، والمؤمنون يعتقدون بان الإنسان هو الحيوان الوحيد علي وجه الكرة الأرضية. الذي في وسعه أن يرتقي بفكره إلي ما فوق ذاته فيري الوحدة والترابط بين عناصر الوجود فيرتقي إلي الإيمان بالله خالق الوجود . فالإيمان يصبح أسمى ميزة يمتاز بتا الإنسان.إنّه القمة في إنسانية الإنسان. فإذا اتفقنا علي إن الهدف التربوي الإسلامي هو تحقيق إنسانية الإنسان فلابد من تنشئة وتنمية هذه الإنسانية من كل جوانبها فلا يقتصر العمل التربوي علي حشو الأدمغة بالمعلومات لغرض اجتياز الامتحانات والحصول علي الشهادات.فكم من حامل شهادة عليا (وقد يكون عالما حقا ) في موضوع اختصاصه ولكنه لم يستكمل خصائصه الإنسانية بعد.

هناك تعبير جديد معاصر عن هدف التربية ألا وهو اعتبار أبناء الشعب عموماً ثروة بشرية تملكها الأمة ومهمة التربية تتخلص في تنمية هذه الثروة إلى أقصي حدّ واستثمارها أحسن استثمار. إنه تعبير عن الهدف بلغة الاقتصاد وهو مقبول ولا شك بشرط أن تكون التنمية للثروة البشرية شاملة لإنسانية الإنسان من كل جوانبها وليس من جوانبها المادية فحسب.فإذا تحقق ذلك فيكون هذا التعبير عن الهدف مكّملاً للتعبير عن أن هدف التربية الأسمى هو تحقيق إنسانية الإنسان. إن هذا التعريف فيه تحدّ للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها فكم من ملايين المسلمين لم تستثمر مواهبهم وطاقاتهم كلها للخير بل بقيت مهملة أو أنّها وجهت للنشر وكم من مئات ألوف المسلمين أتلفت أرواحهم بالحروب والفتن دون إن تستثمر. وكم منا من لديه إمكانات وقبليات ثمينة لم تُعبا للخدمة في حياة الأمة ونهضتها بعد. فمهمة التربية حسب هذا الهداف تبدأ باكتشاف مواهب أبناء الأمة بأعتابها رأس المال البشري واستثمار رأس المال هذا أفضل استثمار.

وهناك من يجعل هدف التربية ((إعداد الإنسان للحياة )) ويعلق علي هذا التعريف آخر فيقول التربية (ينبغي إن تكون)هي الحياة فواجب التربية إذن إن تعد الفرد ليعيش عيشه هنيئة في الحاضر وتعده لمستقبل زاهر هذا التعريف الهدف فيه جاذبية وفيه حيوية وواقعية ولكنه يضعنا أمام مشكلتين: الأولي ما هي الحياة التي نريدها ونعتبرها جيدة والثانية من يضمن صحة تنبؤنا عن طريق المستقبل الذي نقوم بل لإعداد له ؟وفي هذا الهدف مزّية كبري تستحق أخدها بعين الاعتبار ألا وهي التخلص من مواد كثيرة في برامجنا التعليمية لا تقيد الطالب لا في حياته الحاضرة ولا في مستقبلة، يمكن استبدالها بمواد أكثر ارتباطاً بالحياة.

نحن كمسلمين في وسعنا إن نستفيد من هذه التعاريف لأهداف التربية وللعديد من أمثالها وفي الوقت نفسه نقترح للتربية في العالم الإسلامي هدفاً جديداً ألا وهو(( تنشئة المسلم الجديد)) ففي العالم الإسلامي اليوم يقظة شاملة وصحو جديد. فعلي التربية الإسلامية إن تستهدف(( تكوين المسلم الجديد)) والمهمّ الآن أن نحدد ما الذي نعنيه بالمسلم الجديد في نظرنا هو من:

(1) ينشأ مؤ مناً بالله صادقا العقيدة محبّاً للحق والحقيقة، يؤدي فرائضه الدينية وواجباته المدنيّة علي وجه الأتم، يتحلي بالأخلاق الإسلامية الفاضلة، ويمارس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

(2) يسعي جهده للتخلص من كل نواحي الضعف التي ورثها المسلمون من جهود التخلف والاستعمار كالفقر والجهل والمرض والغصب والفوضى والاستبداد والتحلل الأخلاقي والخرافات والتقاليد البالية.

(3) إن يعيش صحيح الجسم وسليم العقل ناشطاً ومتعاوناً ومنتجاً في حياته العائلية والاجتماعية.

)4) إن ينشأ صادقاً في ولائه لأمته ووطنه مطيعاً لله وللرسول وأولي الأمر مستعداً للتضحية بالنفس والنفيس دفاعاً عن الدين والأمة والوطن.

(5) أن يأخذ بتلابيب العالم والتقنيات الحديثة ويبرع فيها فيصبح منتجاً أكثر منه مستهلكاً.

(6) أن يكون متفتحاً علي العالم في كل حقول الحياة مدركاً ضرورة الترابط والتعاون بين مختلف الأمم والشعوب علي أساس الحق والكرامة. يلتقط المعرفة والحكمة أنّي وجدها للعالم مما عندنا من زاد مادَي ومعنوي.

اعتقد أن المزايا للمسلم الجديد الذي نريده هي الحد الأدنى للأهداف التربوية التي نقترحها للعالم الإسلامي. أنها تحتفظ بكل ما هو غالي وثمين في حياتنا الإسلامية. كما أنها تتخلص من كل ما هو سقيم وعقيم في حياتنا الحاضرة . مع السير قدماً إلي الأمام وإلي الأعلى!

التجديد في المحتوي التربوي:

إن المفروض في المحتوي التربوي(البرنامج) أن يتكون من معرفة(علم) يزود به الطالب وغرس أوضاع نفسية صحيحة في الطالب وتعويده عادات نافعة وتدريبه علي مهارات عملية وتشبعه بالعقيدة الإسلامية. كل هذا إلي جانب وافر العناية ببناء شخصية الموحدة باعتباره عضواً مؤثراً في المجتمع يتمتع بالحرية والفعالية المسئولة. إن البرامج التربوية التي نعرفها في العالم الإسلامي تعني بتقديم المعرفة للطالب علي الأكثر وذلك علي شكل أقراص يبتلعها بحفظها وخزنها في الحافظة.ولا ندري إن كان مستعداً لهضمها أم لا. ثم أن بعض البلاد الإسلامية لاسيما الثرية منها أخذت تعني بالمسابقات ولألعاب الرياضية ولا نعتقد بأن العناية بأوضاع الطالب النفسية وتعويده علي التفكير الممعن وإتقانه المهارات العلمية أو تعويده علي الضبط الذاتي والأخلاق النبيلة تحظي بما تستحق من العناية.

نظرة سريعة علي نتاجنا التربوي في العالم الإسلامي ترينا بأن برامجنا الدراسية هي من الفرع النظري الأكاديمي علي الأكثر.وأنها تخرج عدداً من الطلاب الوظائف الحكومية أكثر مما تحتاج البلاد إليهم أو تستطيع تشغيلهم كل ذلك علي حساب الأيدي العاملة المطلوبة في الزراعة والصناعة والتجارة والعمران. فتخطيط البرامج لتكوين المسلم الجديد تحتاج إلي إعادة نظر جذرية وها نحن فيما يلي نقترح المواد التالية التي يتكون منها البرنامج الأساسي العام للتربية الإسلامية الجديدة والتي تشكل الحدّ الأدنى للمحتوي التربوي الذي نريده لكل مسلم بدون تفريق:

(1) تدريس الطالب مبادئ العقائد الإسلامية وغرس الإيمان الصادق في نفسه عن طريق توجيه أفكاره إلي عجائب الخليقة والترابط فيما بين عناصرها وارتباط حياة الإنسان بها وعن طريق الانتباه إلي النعم التي لا تحصى والتي أنعم الله بها علي الإنسان . تعليم الفرائض وتعويد الطالب علي أدائها مع التأكيد علي ما فيها من فوائد جمًة لخير الإنسان كفرد وكمجموع. ويستحسن أن يقوم الطلاب بأداء الفرائض مجتمعين في صيام في الصلاة ولاسيما صلاة الجمعة وفي صيام شهر رمضان.

تحفيظ الطلاب ما تيسر من القرآن الكريم ولاسيما ما يمس الأخلاق والوجبات التي يؤديها الفرد نحو أسرته وأمته الإنسانية جمعاء : ولا بد من التأكد علي أنّ درس الدّين يجب أن ينال أعظم قسط من الاهتمام في تكوين المسلم الجديد.

(2) تزويد الطالب بالوسائل التي بها يستطيع الحصول علي المعرفة المستمرة وبها يستطيع الحصول علي المعرفة المستمرة وبها يستطيع الاتصال بالمجتمع الاتصال بالمجتمع الإنساني قديمه وحديثه. وهذه الوسائل هي القراءة و الكتابة والحساب. فالمطلوب من كل طالب أن يتقن القدر الكافي من لغته ويمارسها كلاماً وقراءة وكتابة. ومن المنتظر أن يزود بالكتب النافعة والمجالات المثقفة والصحافة الراقية لينشأ علي حب المطالعة.

(3) العناية الأكيدة بالتكوين الأخلاقي للطالب: فالأخلاق أهم أساس للنجاح في كل نواحي الحياة إن كانت صالحة.كما أنها من أهم أسباب الإخفاق إن كانت سيئة .ونحن من المعتقدين بأن التخلف الأخلاقي هو وراء كل تخلف مني به العالم الإسلامي فالصدق في القول والإخلاص في العمل والمحافظة علي المواعيد والوفاء بالوعود والعهود هي بعض الأخلاق والفضائل الأساسية التي يدعو إليها الدين الإسلامي الحنيف.

والأخلاق تغرس بالقدوة وبالموعظة الحسنة وبتزويد الطالب بالمثل العليا عن طريق درس سير الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة وكرام الأمة وسماع قصص عن حياتهم ثم حفظ بعض الأشعار التي تمجد الفضائل كالوفاء والكرم والشجاعة والنجدة.

والأخلاق تغرس في ساحات اللعب وفي المعاملات اليومية في السوق وفي الحافلة وفي البريد وفي المصارف وفي لقاءات الأصدقاء وفي خدمات في الحارة وفي القرية وفي مساعدة اليتامى والمسنين والموقعين والمحتاجين الخ.

وفي التربية الأخلاقية مهمتّان أولاهما غرس الأخلاق الفاصلة. والثانية قلع ما تأصل في الطالب من أخلاق أو عادات رديئة. وكلاهما يتطلب من المرّبي أن يبدأ بتربية نفسه أولاً.

(4) التربية للإنتاج : لابد للمسلم الجديد من أن ينشأ علي حبّ العمل اليدوي وتقديره وممارسة الإنتاج في الزراعة أو الصناعة أو التجارة أو الخدمات الصحية والاجتماعية أو أن يتقن حرفة كالخياطة أو الحلاقة أو التجارة أو الحدادة أو البناء أو التصوير أو المحاسبة إلي غير ذلك ومن المهم جداً أن ينشأ المسلم الجديد علي استعمال الآلات الحاسبة، والقدرة علي تقبل تشغيل الماكينات أو الأجهزة الكهربائية ويحسن إصلاحها.

نحن نحبذ الجمع بين الدراسة والعمل المنتج كأن تكون الدراسة مسائية والعمل المنتج كأن في النهار أو أن تخصص أيام في الأسبوع للدراسة وأخري للعمل المنتج أو بعض أشهر السنة لهذا والأخرى لذاك.

ولابد لمجتمعنا الإسلامي من أن يعيد النظر في تقديره للقيمة الثقافية للعمل اليدوي المنتج فإنه قد يثقف الإنسان (وبعض الفئات العملية من البشر خاصة )أفضل ممّا تفعله الكتب. وهذا هو حجر الزاوية في نظرنا في تجديد الفكر التربوي في العالم الإسلامي.

(5) التوعية بالانتماء وغرس الولاء للانتماء : لما كان الإنسان اجتماعياً ويعيش في بيئة اجتماعيّة وطبيعية فإنه ينتمي إلي جماعات عديدة وجهات مختلفة فهو ينتمي لعائلة ولمدرسته ولبلدته ولقطره (وطنه) ولأمته ولقارته وللإسلام وفوق كل الانتماءات هو ينتمي إلي الله تعالي فهو عبد من عباده. والانتماءات هذه هي مصدر قوة للفرد وللجماعة فيما لو جري تنظيمها في سلّم متصاعد وهي اصطدمت الانتماءات ببعضها وقوي الولاء الجهة علي حساب الجهة الأخرى. فالبعض من المسلمون اليوم يكرسون أكبر قسط من ولائهم لقطرهم ويضعون القومية والإسلام علي الهامش والبعض الآخر يؤكد في ولائه علي القومية (عربية كانت أم تركية أم أفغانية مثلاً ) والدين في نظره يوضع علي الرف والبعض الآخر ينتمي إلي الإسلام ويشجب من ينادي بالقومية فبرامج الدراسة لتكوين المسلم الجديد ينبغي إلا تؤسس علي توضيح سلّم الانتماءات وما يرافقها من ولاءات .فالانتماء يبدأ بالذات ثم يصعد إلي العائلة السعيدة ثم إلي القبيلة (أو الحارة أو القرية ) ثم القطر ثم القومية ثم الإسلام ثم الانتماءات هذه مترابطة دوائر متحدة المركز وكل ولاء أصغر يخضع للولاء الذي يليه والولاء لله تعالي يعلو علي كل ولاء أخر. فلا تضارب ولا إشكال في كون الفرد ينتمي مثلاً إلي تدني فالعروبة فالإفريقية فالإسلام في نفس الوقت.

(6) لابد للبرنامج التربوي للمسلم الجديد أن يتعهد بتقديم المعلومات العلمية ويؤسس الأوضاع النفسية ويغرس العادات المطلوب لحفظ الصحة الشخصية والعامة المطلوبة لحفظ الصحة الشخصية والعامة وتعريف الشاب المسلم بأهمية الغذاء الصحي والنظافة والنوم الكافي وممارسة الرياضة البدينة في الهواء النقي مع إبداء أن فريضتي الصلاة بأوقاتها والصيام هما من أهم وأفضل أنواع الرياضية الجسدية إلي جانب فوائدهما الروحية والخلقية والاجتماعية .ولا بد للمسلم الجديد أن يتعرف علي مضار وأخطار الدخان والكحول والمخدرات والإباحية الجنسية فيعمل علي تخلص المجتمع الإسلامي من هذه الشرور بممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

(7) درس البيئة الطبيعية والعلم المضبوطة : إن درس البيئة الطبيعية من نبات وحيوان وجبال وأنهار وبحار والتأمل في السماء وما فيها من نحوم، كل هذه تحبب الطبيعة للإنسان وتجعله يتأمل في عظمة الخالق فعليه أن يتعلم أن يكون صديقاً للطبيعة فينعم بخيرتها ويعمل علي تنميتها ويقاوم أتلافها ثم يتعرف المسلم الجديد علي الدقة في القياس وعلي القوانين الطبيعية في الفيزياء والكيمياء كيف أن هذه العلوم مهدت لنمو التقنيات الحديثة من الآن وماكينات ومخترعات. وكيف أن الإنسان استطاع بفضل العلوم أن ينشئ الحضارات وينمي الثروات. ويمكن ربط ذلك بالجغرافية الطبيعية والاقتصادية والسياسية وبالتاريخ.

المهم تنمية حبّ الاستطلاع وحبّ الاكتشاف في نفس المسلم الحديث عن طريق المشاهدات والأسفار والتجارب العلمية في المختبر باستعمال أجهزة الميكروسكوب (المجهر) والتلسكوب والرجوع إلي الكتب المسّرة الجذابة في كل هذه العلوم .

(8) ممارسة الفنون الجميلة والهوايات: من المهم جداً أن تشمل التربية وسائل التسلية والمتعة النافعة للطالب. فيتمتع المسلم الجديد بالفنون الجميلة أدب (شعر وقصة ورواية ) ومن موسيقي صوتية وآلية ورسم وتمثيل وتصوير وغير ذلك من الهويات الصناعية كالتجارة أو الميكانيكا أو الزراعة كغرس الأزهار والأشجار أو جمع الطوابع إلي غير ذلك. كل هذه الوسائل للتسلية يتعاطاها المسلم الجديد في أوقات الفراغ بعد أن يكون قد أتم واجباته اليومية وأدي فرائضه الدينية. ومن أحسن ما يثقف الإنسان المسلم في عطلة وأوقات فراغه الحياة الكشافية والعيش في الطبيعة وفي المخيمات .ثم العوم في البحر وركوب البحر الخيل وتسلق الجبال أو القيام بمسيرات علي الأقدام.

(9) التفتح علي العالم: نعيش في عصر ارتبطت فيه أجزاء الكرة الأرضية ببعضها بالمواصلات اللاسلكية والأقمار الاصطناعية والطائرات النفاثة. ولذلك وجب تنشئة المسلم الجديد علي الاهتمام بشئون العالم والتعرف علي أحوال الإنسان المعاصر وما توفره المعرفة من إمكانات تعاون أو مصادر خطر! ويحسن بالمسلم الجديد أن يتعلم لغة أجنبية واحدة علي الأقل تفيده في أسفاره وفي مطالعاته للشئون العالمية..

(10) خدمة العلم وخدمة العمل : يجدر بالعالم الإسلامي أن يكون لديه جيش دفاعي يحمي حدوده من الاعتدال الخارجي . ولذلك فيحسن تدريب الشباب المسلم علي الحياة العسكرية واستعمال السلاح الحديث كما تفعل سويسرة . وذلك لغرض الاستعداد الدائم للدفاع الشرعي وليس للاعتداء . والجيش مدرسة فعالة في تنمية الروح الوطنية مع ما تتطلبه من شجاعة وتضحية ونظام دقيق في الحياة.

وإلي جانب خدمة العلم تقوم خدمة العمل حيث يقوم الشباب بالخدمة المدنية في القرى وفي أعمار الأرض ومقاومة التصحّر أو حفر القنوات إلي ما هنالك من أعمال تتطلب السواعد المفتولة والعزائم الصادقة. ومن مزايا خدمتي العلم والعمل إنهما يوحدان أبناء الشعب ويحققان المساواة فلا تفريق بين الغني والفقير وابن هذه الديرة أو تلك. فالمنهج التربوي الإسلامي الجديد يبغي أن يعني بخدمتي العلم والعمل.

هذه في نظرنا هي أهم الأسس التي نقترح أن يوضع علي ضوءها المحتوي التربوي الجديد لتكوين المسلم الجديد. والتعليم الإسلامي ينبغي أن يشتمل علي ثقافة إسلامية أساسية ضرورية لكل مسلم تستمر مدي الحياة وتتجدد مع الأيام علي الأسس التي بسطناها أعلاه. تليها ثقافة (دراسية) منوعة وعلي درجات مختلفة لذوي الاختصاصات المهنية.

وفوق كل ما مّر تؤسس المعاهد الاختصاصات العليا لإعداد القادة وتكوين العلماء المجتهدين والأساتذة المتخصصين في الحقول العلمية والتقنيات المنوعة وتربية الجميع علي التحلي بالتقوى والعلم والحكمة والشجاعة.

تجديد الطريق والوسائل لتكوين المسلم الجديد :

(1) إن التربية التي نريدها لتكوين المسلم الجديد هي تربية حياة وأفعال أكثر منها تربية تحفيظ وأقوال. والتربية هذه تتطلب غرف دراسة ومكتبة واسعة وغنية ومختبرات للعلوم ومسجد وقاعة اجتماع (للمحاضرات العامة واللقاءات والتمثيل والحفلات الموسيقية). وساحة ألعاب ومزرعة وحانوت و ورشات صناعية .ويمكن تنظيم جدول الأعمال والدراسة بحيث تكون كل المرافق هذه مشغولة طوال الوقت تقريباً.

(2)الفرق الفردية وضرورة مراعاتها : تقوم المدرسة بالتعرف علي كل طالب واكتشاف مواهبه الخاصة وقابلياته للسير في كل فرع من فروع المعرفة وإقرار البرنامج المناسب لكل فرد فيسير بالسرعة التي تناسبه بدون تراخ في السّير ولا استعجال فيه فلا تفرض مادة علي طالب لا يستطيع هضمها كما لا يجوز أن يرهق الطالب بالدروس أو يصيبه الملل.

(3) افرادية التدريس: نقترح تشجيع التدريس الأفرادي ولاسيما دروس الرياضيات واللغات بحيث يسير كل طالب في كل درس من الدروس مع الزمرة التي هي من مسواه. فقد يكون الطالب متقدما في الرياضيات فهو يدرس مع زمرة متقدمة وهو مبتدئ في اللغة الأجنبية فهو يدرسها مع زمرة مبتدئة. ولذلك وجب النظر في تعديل نظام الأقسام (الصفوف) ثم أننا ننصح بإلغاء الامتحانات الموحدة في مواعيد مقررة والسماح لكل طالب أن يدرس الدرس حتى يتمّه. فلا رسوب ولا إعادة السنّة . مع إبداء أن في هذا رجوع إلي تقاليدنا الإسلامية في التربية.

(4) الإكثار من الإراءة والمشاهدة والزيارات والجولات والقيام بالقياسات والتجارب العلمية ثم الدخول في النقاش والبحث في الكتب فهذا الأسلوب الفعال الحّي يطبق في كل دروس العلوم الحياتية والطبيعية والاجتماعية. فطلاب تونس مثلا ً يزورون القيروان وفي زيارتهم هذه يشاهدون المعالم التاريخية والحضاريّة والتطورات العمرانية فيبدأ ون بالبحث في كتب التاريخ والجغرافية ويطلعون علي ما يتوفر من خرائط وتقارير فيكلفون بإعداد بحث عن القيروان ترافقه رسوم وصور.

(5) يشجع الطلاب علي البحث المستقل في المكتبة وفي المختبر وورشة العمل وعلي استعمال الوسائل الميكانيكية مع ممارسة فكها وإعادة تركيبها وإصلاحها عند الاقتضاء تنظم فرص للعمل التعاوني في البحث العلمي وفي المعمل والحقل.

(6) يشجع الطلاب علي الابتكار والإبداع في الفنون الجميلة وفي الهوايات الميكانيكية. كما يشجعون علي العمل الدؤوب لتحقيق السمّو والاتقار ويكافأ الطالب الممتاز.

(7) تشجيع التنظيمات الطلابية والعمل في لجان أدبية أو فنية أو علمية أو اجتماعية .

(8) تشجيع الحياة الديمقراطية المقترنة بالمسؤولية والنظام المحكم فلا يسمح بالتراخي أو التهاون .

(9) يسود جّو من الأدب والاحترام المتبادل بين الطلاب والهيأة التدريسية ويؤكد علي تقوية روح الولاء للمدرسة .

(10) تؤسس علاقات تعاونية صميمة بين المدرسة والبيئة ولاسيما مع أولياء الطلاب .

وأخيراً نقول هذه آراء تمثل اجتهادنا في تجديد الفكر التربوي في العالم الإسلامي هي معروضة للنقاش مع الترحيب بكل نقد أو اقتراح أو تصحيح والله الهادي للصواب.



http://i61.tinypic.com/2lid2bp.jpg

بالتوفيق للجميع

موقع وظائف للعرب في تونس والجزائر والمغرب العربي والخليج والشرق الاوسط واوروبا
من هنا (http://www.jobs4ar.com/jobs/index.php)

http://i61.tinypic.com/fem9w0.jpg (http://www.facebook.com/jobs4ar)

وظائف اليوم
06-01-2015, 02:37 PM
مقال فلسفي : نحو تجديد الفكر التربوي في العالم الإسلامي