[*]بحث كامل حول الإفلاس والتسوية القضائية

بحث الإفلاس والتسوية القضائية


المقدمة :

تقوم المعاملات التجارية على الثقة والائتمان اللذان يميزانها عن المعاملات المدنية لذلك عمد القانون

التجاري إلى دعم الائتمان عن طريق الزيادة في ضمانات الدائن التجاري ، و توقيع جزاءات صارمة على من

يخل به و ذلك بإقرار الإفلاس كنظام يقوم على تصفية أموال التاجر المتوقف عن الدفع تصفية جماعية و توزيع

ناتج هذه التصفية على الدائنين كل بنسبة ماله من حق قبل المدين . و الإفلاس في اللغة هو الانتقال من حالة

اليسر إلى العسر ومعناه شرعا استغراق الدين مال المدين أما عن معناه في القانون فأخص و أدق ، فالإفلاس

قانونا طريق للتنفيذ على مال المدين التاجر الذي يتوقف عن دفع ديونه يهدف إلى تنشيط الائتمان و دعم الثقة

في المعاملات بسلسلة من الإجراءات و القواعد الرامية إلى حماية مصالح الدائنين وصون حقوقهم ، بتمكينهم

من الحجز على ما تبقى من أموال المدين ووضعها تحت يد القضاء لكي لا تترك له فرصة ريب أمواله إضرارا

م . كما دف قواعده إلى تحقيق المساواة بين الدائنين دون محاباة بعضهم على حساب البعض الآخر و تنظيم

توزيع أموال المدين على الدائنين توزيعا عادلا لا أفضلية فيه لدائن على آخر ما دام دينه غير مقترن بسبب

قانوني يوجب هذا التفضيل .

و يقترن نظام الإفلاس بنظام التسوية القضائية الذي هو نتاج التطورات التي مر ا نظام الإفلاس و التي

وصلت إلى إفادة المدين من تدابير التسوية القضائية و ذلك بوجوب رعاية المدين و الأخذ بيده و مساعدته

للنهوض من كبوته و محاولة إنقاذه من الحكم بشهر الإفلاس، و تمكينه من استعادة نشاطه عندما يكون إفلاسه

غير قائم على تدليسه وكان ذلك ممكنا . فنظاما الإفلاس و التسوية القضائية هما نظامان متكاملان الأول فيهما

علة وجود الثاني يقوم كل منهما مقام الآخر بشروط، على أما لا يجتمعان .

و تعود أصول نظام الإفلاس إلى القانون الروماني أين كان الإكراه البدني وسيلة للتنفيذ على المدين متى عجز

عن أداء ديونه فيجوز للدائن امتلاك شخص مدينه العاجز عن الدفع، وكذا بيعه وقتله . ونظمه قانون الألواح

الإثنى عشر في عقد القرض فأجاز القبض على المدين بعد مرور ثلاثين يوما من تاريخ المطالبة بمبلغ القرض دون

دفع، واسترقاقه وحبسه لحين استفاء الدين و كذا تأجيره للحصول على أجرته كما يحق له بيعه أو قتله إذا لم

يتيسر تأجيره، و في حالة تعدد الدائنين يقتسمون الثمن عند بيعه أو يقتسمون أشلاءه عند قتله، و ذلك

لإكراهه على إظهار ماله، ثم تطور الحال بعد ذلك عن طريق القضاء البريتوري الذي قصر ضمان الدائنين على

أموال المدين دون شخصه ،ونظم القواعد التي أعطى الدائنين بموجبها حق وضع يدهم على أمواله و بيعها و

تقسيم ثمنها كما أوجد حق الدائن بطلب إبطال الإجراءات التي قام ا المدين بقصد الإضرار بحقوق دائنيه .

و تطورت أنظمة القانون الروماني في عهد الجمهوريات الإيطالية أين أضيفت أنظمة جديدة أوجدها العمل

و استقر عليها العرف لازالت قائمة في التشريعات الحديثة، كغل يد المدين عن إدارة أمواله و التصرف فيها و

بطلان التصرفات الواقعة خلال فترة الريبة و تعيين وكيل للتفليسة و تحقيق الديون و تأييدها و إخراج نفقة

للمفلس و الصلح بموافقة جميع الدائنين ، كما استقرت التفرقة بين الإفلاس الذي يشهر نتيجة سوء الحظ أو

الظروف غير المتوقعة و الإفلاس المصحوب بالإهمال أو التدليس، لتنتقل أحكام الإفلاس إلى فرنسا فصدر

التقنين التجاري سنة 1677 متضمنا نظام الإفلاس، و نظرا للنقائص التي كانت تشوبه صدر قانون 1807

الذي اتسم بالصرامة و قسوة أحكامه إذ نصت على حبس المفلس أيا كانت أسباب إفلاسه ، إلى أن تدخل

المشرع و بسط في إجراءاته وخفف من تدابيره في قانون 1838 و دعم ذلك بالتعديلات التي أوردها في

قانون 1899 المنشئ لنظام التصفية القضائية رعاية للمدين الحسن النية، فلا ترفع يد المدين عن إدارة أمواله و

ليصدر بعد ذلك fallite Anttenue لا يستتبع بسقوط الحقوق المدنية و السياسية فهو إفلاس مخفف

liquidation قانون 1955 بشأن التسوية القضائية و إعادة الاعتبار و قام مقام التصفية القضائية

لتطبق على التجار الذين تكون مشروعام قابلة للاستمرار عن طريق الصلح مع الدائنين ، أما judicaire

في إصلاحات 1967 فقد تكرست فكرة التمييز بين المؤسسات التجارية و بين من يديرها، و تشجيع الصلح

لتمكين المؤسسات من الاستمرار بنشاطها التجاري و الاهتمام بتوقيع العقوبات على المسؤولين عن إدارا .

وقد طبق في الجزائر ما كان يطبق في فرنسا من قوانين بما فيها القانون التجاري بنظامي الإفلاس و التسوية

59 بتاريخ 26 سبتمبر 1975 المتضمن القانون / القضائية و ذلك حتى بعد استقلالها و لغاية صدور الأمر 75

التجاري و التعديلات اللاحقة له حيث نظم في الكتاب الثالث منه أحكام الإفلاس و التسوية القضائية ورد

الاعتبار و الجرائم المتعلقة به .

و تجدر الإشارة إلى أنه رغم تنظيم المشرع لنظامي الإفلاس و التسوية القضائية فإما لم يطبقا ميدانيا إلا

مؤخرا و قد يعود ذلك إلى قيام نظام الاشتراكية في تلك الحقبة كون الاشتراكية و الإفلاس على طرفي نقيض

فبينما تم الدول الاشتراكية بالخطة الاقتصادية التي يأخذ فيها كل مشروع دوره في تنفيذ هذه الخطة بحيث

تضمن الدولة بقاءه و استمراره مادام يحقق مصلحة اموع حتى و لو تعرض المشروع للخسارة و تعثر ائتمانه

في حين أن نظام الإفلاس لا يهمه دور المشروع في تنفيذ الخطة الاقتصادية ولا يحمي إلا المشروع القادر على

البقاء دون غيره . فالنشاط التجاري في مجموعه مرتبط في الدول الاشتراكية بتحقيق مصلحة اموع، على أن

التغييرات الجذرية التي مست السياسة الاقتصادية و إقرار الخوصصة

و اقتصاد السوق و الدخول في الشراكة الأجنبية فرضت تطبيق نظام الإفلاس لما فيه من دعم الائتمان و دفع

لوتيرة النشاط التجاري .

و لما كانت طرق التنفيذ على أموال المدين تظهر في نظامين نظام الإعسار من جهة و نظام الإفلاس من

جهة أخرى وجب التمييز بينهما فنظام الإعسار خاص بالمدنيين غير التجار و ينظمه القانون التجاري و

يفترض الإعسار لعدم كفاية أموال المدين للوفاء بديونه المستحقة الأداء ولا يحول إعلان الإعسار دون اتخاذ

الدائنين لإجراءات فردية ضد المدين و هو بذلك بعيد عن تحقيق المساواة بين الدائنين أما الإفلاس فنظام تجاري

يفترض توقف المدين التاجر أصلا و غير التاجر استثناءا عن دفع ديونه في مواعيدها بغض النظر عما إذا كان

موسرا أو معسرا كثرت أمواله أو قلت ، قوامه حرمان الدائنين من اتخاذ الإجراءات الفردية ضد المدين و

حلول إجراءات جماعية هدفها تصفية أموال المدين و توزيعها قسمة غرماء حتى لا يتزاحم الدائنون على

مقاضاته و التنفيذ على أمواله .

ولما كانت أحكام الإفلاس والتسوية القضائية في القانون الجزائري يكتنفها الغموض وتنتاا الصعوبة فإن

البحث في الأمر جعلنا نطرح الإشكال التالي :

ماهي أحكام تنظيم الإفلاس والتسوية القضائية وما هي إجراءات تنفيذ نظامي الإفلاس والتسوية القضائية ؟

ولهذا فقد سلكنا في دراستنا هذه المنهج الوصفي التحليلي حتى نتمكن من إعطاء مفهوم الإفلاس و التسوية

القضائية في صورة مبسطة نستبين فيها بالتحليل عند الغموض و بالاستقراء المتوازي عند التباين في الأحكام .

و ستكون دراستنا لنظامي الإفلاس و التسوية القضائية على ضوء الأحكام و القواعد التي تضمنها القانون

التجاري في ترتيب زمني منذ الوقت الذي يشعر فيه المدين باضطراب أحواله المالية و إشرافه على الإفلاس إلى

افتتاح التفليسة و تتابع إجراءاا حتى الوقت الذي تنتهي فيه إلى مصيرها لذلك عمدنا إلى عرض الموضوع في

محورين إثنين :

المحور الأول : ويتضمن تقديما بالشروط اللازمة لإمكانية تطبيق النظامين من وجوب تحقق صفة التاجر و

توافر حالة التوقف عن الدفع و كذا وجوب صدور حكم قضائي بذلك تترتب عليه آثار تنعكس على المدين

في شخصه و ذمته من جهة و على الدائنين من جهة أخرى .

أما المحور الثاني: فيتضمن تنفيذ الحكم بإعلان الإفلاس أو التسوية القضائية و كافة إجراءاته من بداية

التفليسة إلى انقضائها مرورا بإجراءات و هيئات إداراا .وذلك وفق الخطة التالية:

الخطة :

الفصل الأول : التنظيم القانوني للإفلاس و التسوية القضائية .

المبحث الأول : شروط الإفلاس والتسوية القضائية.

المطلب الأول : الشروط الموضوعية لشهر الإفلاس أو التسوية القضائية .

المطلب الثاني : صدور حكم بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية .

المبحث الثاني : آثار الحكم بشهر الإفلاس و التسوية القضائية .

المطلب الأول : الآثار المتعلقة بالمدين.

المطلب الثاني : الآثار المتعلقة بالدائنين.

الفصل الثاني : تنفيذ الحكم بشهر الإفلاس و التسوية القضائية.

المبحث الأول : إجراءات تنفيذ الحكم بشهرالإفلاس و التسوية القضائية .

المطلب الأول : الأشخاص المسيرون للتفليسة.

المطلب الثاني : تحديد ذمة المدين.

المطلب الثالث : تسيير التفليسة.

المبحث الثاني : انقضاء التفليسة.

المطلب الأول : اتحاد الدائنين.

المطلب الثاني : الصلح القضائي.

الخاتمة .

المبحث الأول :

شروط شهر الإفلاس والتسوية القضائية .

يشترط لشهر الإفلاس والتسوية القضائية شرطان موضوعيان هما صفة التاجر والتوقف عن الدفع ، وشرط

شكلي هو صدور حكم بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية .

المطلب الأول : الشروط الموضوعية لشهر الإفلاس والتسوية القضائية.

نصت المادة 215 ق. ت على أنه يلزم لشهر الإفلاس أو التسوية القضائية أن يكون المدين تاجرا أو شخصا

معنويا خاضعا للقانون الخاص ولو لم يكن تاجرا من جهة، وأن يتوقف عن الدفع من جهة أخرى .

الفرع الأول : صفة التاجر.

الإفلاس و التسوية القضائية هما نظامان تجاريان و بالتالي يستلزم لقيامها توافر صفة التاجر في الفرد المتوقف

عن الدفع . إلا أنه بالرجوع لنص المادة 215 ق ت فإن النظامان في القانون الجزائري يمكن أن يطبقا على غير

التجار و هذا ما سيأتي بيانه من خلال التمييز بين حالة ما إذا كان المتوقف عن الدفع شخصا طبيعيا أو شخصا

معنويا .

أولا الشخص الطبيعي : إذا كان المدين شخصا طبيعيا فيجب أن يتمتع بصفة التاجر أي أن يمارس

الأعمال التجارية و يجعل منها مهنة معتادة له .

و بالنسبة للحرفي و إن كان غير تاجر إلا أنه يخضع للإفلاس والتسوية القضائية إذا مارس بجانب نشاطه

الحرفي نشاطا تجاريا بصورة معتادة ذلك أن المادة 37 من القانون الأساسي للحرفي 1 أدرجت الإفلاس و

التسوية القضائية ضمن حالات الشطب من سجل الصناعة التقليدية و الحرف، و يؤكد ذلك ما جاء في المادة

32 من نفس الأمر بأن للحرفيين القدرة على ممارسة نشاط تجاري ثانوي مرتبط بنشاطهم الرئيسي دون أن

يكونوا ملزمين بالتسجيل في السجل التجاري . 2

أما القاصر: فنميز بين القاصر الذي يمارس التجارة بإذن من القاضي، أي أنه مرشد لممارسة التجارة و يمكن

شهر إفلاسه ما دام يعامل كمن بلغ سن الرشد في إدارة تجارته، و القاصر الذي يمارس التجارة دون إذن من

القاضي فلا يمكن شهر إفلاسه لنقص أهليته أو انعدامها . ولا يمكن هنا الاعتماد على الظاهر لاعتباره تاجرا

يمكن شهر إفلاسه أو افتتاح إجراءات التسوية القضائية له .

شهر الإفلاس أو التسوية القضائية بالنسبة للممنوعين من ممارسة التجارة : والممنوعون من ممارسة التجارة

كالمحامين والموظفين والقضاة يمكن شهر إفلاسهم أو إعلان إجراءات التسوية القضائية في حقهم، لأن الخطر

. المفروض عليهم لا يمنعهم من اكتساب صفة التاجر و إن كان يعرضهم لعقوبات تأديبية 2

شهر الإفلاس أو التسوية القضائية للممارسين للتجارة باسم مستعار: كما لو أن الشخص يعمل لحساب

غيره و يظهر أمام الغير أنه التاجر الحقيقي،فيمكن شهر إفلاسه، كونه يتمتع بصفة التاجر لظهوره بمظهر التاجر

و تعامله مع الغير و كذلك الحال بالنسبة للشخص المستتر فيعتبر تاجرا و يشهر إفلاسه. 3 و بثبوت الاتفاق

القائم بين التاجر المستتر و التاجر الظاهر فإن المحكمة تطبق على كليهما الإفلاس و التسوية القضائية.

شهر الإفلاس أو التسوية القضائية للتاجر المعتزل للتجارة: فالتاجر الذي اعتزل التجارة يمكن شهر إفلاسه

شريطة التحقق من توافر شروط الإفلاس أو التسوية القضائية في الوقت الذي كان يتمتع فيه بصفة التاجر، و

بالرجوع للمادة 220 ق ت فإن شهر الإفلاس أو التسوية القضائية يمكن أن يطلب خلال السنة الموالية

لشطب المدين من سجل التجارة في حالة ما إذا كان التوقف عن الدفع سابقا لهذا القيد.

و نفس الحكم بالنسبة للشريك المتضامن المتمتع بصفة التاجر والذي يفقدها بانسحابه من الشركة فيمكن

طلب الإفلاس أو التسوية القضائية خلال عام من قيد انسحابه من السجل التجاري ،طالما كانت حالة

2 ق. ت. / التوقف عن الدفع سابقة للقيد وهذا طبقا للمادة 220

شهر الإفلاس أو التسوية القضائية بعد موت التاجر: يمكن شهر إفلاس التاجر بعد وفاته شريطة أن تكون

الوفاة خلال فترة التوقف عن الدفع، و أن يكون طلب شهر الإفلاس أو شهر المحكمة له تلقائيا خلال العام

الموالي لتاريخ الوفاة و بمرور مدة السنة فإنه يسقط الحق في إشهار إفلاسه .و يقدم طلب شهر الإفلاس أو

افتتاح التسوية القضائية من أحد ورثته أو يطلب من أحد الدائنين و قد تبت فيه المحكمة تلقائيا.

و نذهب مع هذا القول إلى أن ممارسة الورثة مباشرة لتجارة والدهم قبل مرور مدة السنة تلزمهم بتسديد

الديون تحت طائلة شهر إفلاسهم الشخصي.

.

شهر الإفلاس أو التسوية القضائية لمديري الشركات: نصت المادة 224 ق.ت على أنه في حالة شهر

الإفلاس أو التسوية القضائية لشخص معنوي فيستتبع ذلك بشهر إفلاس أو افتتاح التسوية القضائية للمدير

القانوني أو الواقعي ، الظاهري أو الباطني للشركة سواء كان مأجورا أم لا و ذلك في الحالات التالية:

1 إذا قام المدير بتصرفات لمصلحته و بأعمال تجارية أو تصرف في أموال الشركة كما لو كانت أمواله

الخاصة.

إذا قام المدير باستغلال خاسر لمصلحته الخاصة بشكل يؤدي حتما إلى توقف الشخص المعنوي عن

الدفع.

وفي هذه الحالة فإن شهر الإفلاس أو التسوية القضائية يشمل إضافة للديون الشخصية للمدير ديون الشخص

المعنوي،و ذلك بصفة مطلقة بغض النظر عن نوع الشركة.

ثانيا – الشخص المعنوي: إذا كانت صفة التاجر شرطا لزومه مطلق بالنسبة للشخص الطبيعي فإن الأمر

يختلف بالنسبة للشخص المعنوي ، حيث نصت المادة 215 ق.ت على أن نظامي الإفلاس و التسوية القضائية

يطبقان على الشخص المعنوي الخاضع للقانون الخاص و لو لم يكن تاجرا، الأمر الذي يستلزم بيان المقصود من

الشخص المعنوي الخاضع للقانون الخاص بشكل عام تاجرا كان أو غير تاجر.

1– الأشخاص المعنوية العامة : طبقا لنص المادتين 215 و 217 ق.ت فإن الأشخاص المعنوية العامة

كالدولة و الولاية و البلدية لا تخضع لأحكام الإفلاس أو التسوية القضائية إذا مارست الأعمال التجارية فهي

لا تكتسب صفة التاجر و لا تلتزم بمسك الدفاتر التجارية و لا بالتسجيل في السجل التجاري، و إن كانت

أعمالها تخضع لأحكام القانون التجاري. 1

فالأشخاص المعنوية العامة ميسورة دائما و لا تخضع لطرق التنفيذ التي يخضع لها الأفراد إلا أن التساؤل

يطرح بالنسبة للحالة التي تلجأ فيها الدولة لخلق أداة قانونية تقوم بنشاط صناعي أو تجاري لحساا.

فيرى جانب من الفقه وجوب التمييز بين نوعين من الشركات العمومية، الأول يخص الشركات التي لها

استقلالية في التسيير فإا تخضع للإفلاس التجاري سواء كانت شركات وطنية أو محلية.

و النوع الثاني يخص الشركات العمومية غير المستقلة سواء كانت وطنية أو محلية، و التي لا تخضع للإفلاس

. التجاري لارتباط نشاطها بتنفيذ خطة اقتصادية للدولة، ثم أن رأسمالها و ذمتها المالية من أموال الدولة 2

و بالرجوع للقانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية 3 في المادة 03 منه ، نجد أن هذه المؤسسات

تتمتع بالشخصية المعنوية التي تسري عليها قواعد القانون التجاري إلا إذا وجد نص خاص، كما نصت المادة

7 منه على تمتعها بالأهلية القانونية الكاملة طبقا لقواعد التجارة و الأحكام التشريعية المعمول ا في مجال

الالتزامات المدنية و التجارية.

كما أكدت المادة 20 منه على قابلية أموال المؤسسات الاقتصادية للتنازل و التصرف فيها و حجزها حسب

القواعد المعمول ا في القانون التجاري باستثناء الأصول الصافية التي تساوي مقابل قيمة الرأسمال التأسيسي

للمؤسسة.الأمر الذي يجعلنا نقول بخضوع هذه المؤسسات للإفلاس و التسوية القضائية و البيع في المزاد العلني

. 1 الدكتور صبحي عرب محاضرات في القانون التجاري الإفلاس والتسوية القضائية ، مطبعة الكاهنة، ، 2000 ص 47

. 2 الأستاذ علي بداوي محاضرات ملقاة في إطار دورة تكوينية للقضاة حول الإفلاس و التسوية القضائية، 2002 ، ص 8

1988 المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية. /01/ 01 المؤرخ في 12 / 3 القانون

و لو كان المشروع ملكا للدولة 1. إلا أن حل هذه الشركات أو تصفيتها يخضع للمرسوم التنفيذي رقم

294/94 المتضمن كيفيات حل وتصفية المؤسسات العمومية غير المستقلة و المؤسسات العمومية ذات الطابع

الصناعي و التجاري .

08 المؤرخ / إلا أنه بعد تعديل المادة 2 217 ق.ت بموجب المادة الأولى من المرسوم التشريعي رقم 93

1993/04/25 ، فإن الشركات ذات رؤوس الأموال العمومية كليا أو جزئيا أصبحت خاضعة بصراحة

القانون لأحكام الباب المتعلق بالإفلاس و التسوية القضائية لكن دون أن تطبق عليها أحكام المادة 352 ق.ت

المتعلقة بالبيع لأموال المؤسسة، أين تتدخل السلطة العمومية المؤهلة عن طريق التنظيم بتدابير لتسديد مستحقات

الدائنين.

2 الأشخاص المعنوية الخاصة: نصت المادة 215 ق.ت على تطبيق نظامي الإفلاس و التسوية القضائية

على الأشخاص المعنوية الخاصة و لو لم تكن تاجرة.

أ – الشركات المدنية: هي الشركات التي يكون موضوعها مدنيا و لا تكتسب صفة التاجر و مع ذلك

يجوز شهر إفلاسها و إن كان هنالك من يذهب إلى أن المشرع يخص بالأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون

الخاص الشركات المدنية التي تتخذ شكل شركات المساهمة أو التوصية أو التضامن أو ذات المسؤولية المحدودة

إلا أننا نرى أن المفهوم الذي قصده المشرع أوسع من ذلك كون الشركات المدنية التي تتخذ الأشكال السابقة

تعتبر شركات تجارية طبقا لنص المادة 544 ق.ت، و بالتالي فالأشخاص المعنوية الخاصة الغير تاجرة تدخل

تحت طيها الشركات المدنية التي لا تأخذ أحد الأشكال السابقة.

2 – الجمعيات 1 : و بالنسبة للجمعيات كشخص معنوي خاص غير تاجر فإا تخضع لنظامي الإفلاس

و التسوية القضائية، وإن كان هنالك من استثناها من الأشخاص الخاضعين للنظامين كوا لا تكتسب صفة

التاجر مهما باشرت من أعمال تجارية فنشاطها مدني. و الهدف منه تحقيق غرض اجتماعي أو مهني أو عملي

دون غرض تحقيق الربح. 2

3 – الشركات التجارية: و يجوز شهر إفلاسها متى توقفت عن الدفع باعتبارها أشخاص معنوية خاصة

تاجرة.

شركة التضامن : يشهر إفلاسها عند توقفها عن الدفع و يستتبع بإفلاس جميع الشركاء فيها لاكتسام

صفة التاجر و التزامهم شخصيا و بالتضامن عن ديون الشركة،فالذمة المالية لكل شريك ضامنة لديون الشركة

و توقفها عن دفع ديوا معناه توقف تلقائي من جميع الشركاء و بالرجوع للمادة 223 ق.ت نجد أن المشرع

نص على أن إشهار إفلاس شركة مشتملة على شركاء مسؤولين بالتضامن عن ديون الشركة ينتج آثاره

بالنسبة للشركاء أيضا.

و تجدر الإشارة إلى أن إفلاس الشريك المتضامن و إن كان لا يؤدي إلى إفلاس الشركة فإنه يؤدي إلى انحلالها

إلا في الحالة التي ينص قانوا الأساسي على استمرارها في حالة إفلاس أحد الشركاء أو فقدان أهليته أو منعه

من ممارسة التجارة أو إذا قرر باقي الشركاء ذلك بإجماع الآراء طبقا للمادة 563 ق ت.

إلا أن إفلاس الشركة مستقل عن إفلاس كل شريك متضامن و ذلك لاختلاف أصول و خصوم كل منهم،

فتفليسة الشركة تضم أموال الشركة و الأموال الخاصة للشركاء أما تفليسة الشريك فتضم أموال الشريك

الخاصة فقط ، و باعتبار أن أموال الشركة هي ضمان خاص لدائنيها فإن إفلاسها لا يدخل فيه الدائنون

الشخصيون للشركاء غير أنه لدائني الشركة التقدم إلى تفليسة الشركاء على أساس ما لهم من ضمان إضافي

على أموال الشركاء الخاصة. ولا يكون لهم فيها مركز ممتاز بل يتزاحمون فيه مع الدائنين الشخصيين للشركاء

حتى يستوفوا حقوقهم. 3

شركة التوصية: من شركات الأشخاص التي تقوم على الاعتبار الشخصي ولا تختلف عن شركة التضامن

إلا من ناحية واحدة وهي أن الأولى تضم فرعين من الشركاء،شركاء متضامنون يسألون عن ديون الشركة في

أموالهم الخاصة وشركاء موصون لا يكتسبون صفة التاجر ولا يسألون إلا في حدود

حصصهم 1 وطبقا للمادة 563 مكرر ق ت فإن الأحكام الخاصة بشركات التضامن تطبق على شركات

التوصية البسيطة ماعدا الأحكام الخاصة و بذلك فإن مركز الشريك المتضامن في شركة التوصية البسيطة يتفق

معه في شركة التضامن خلاف المركز القانوني للشريك الموصي الذي تقوم مسؤوليته في حدود قيمة الحصة التي

قدمها من رأسماله ، و يترتب على هذه المسؤولية المحدودة للشريك الموصي أن إفلاس الشركة لا يؤدي إلى

إفلاسه 2 وهذا ما تؤكده المادة 223 ق.ت.

لكن التساؤل يطرح بالنسبة للشريك الموصي الذي يتألف عنوان الشركة من اسمه حيث نصت المادة

563 مكرر 2 ق.ت على أن يلتزم هذا الأخير من غير تحديد و بالتضامن بديون الشركة أي أنه يعتبر في مركز

الشريك المتضامن الذي يسأل عن ديون الشركة بصفة شخصية و على وجه التضامن، ويكتسب صفة التاجر ،

لذلك نرى أن يشهر إفلاسه بإشهار إفلاس الشركة.

شركة المحاصة 3: وهي من شركات الأشخاص تكون في شكل مستتر حيث تنعقد بين شخص يتعامل

باسمه مع الغير و شخص آخر أو أكثر، إلا أا لا تتمتع بالشخصية المعنوية و لا تفرغ في الشكل الكتابي و لا

تخضع للقيد في السجل التجاري و لا للنشر و بذلك لا يمكن شهر إفلاسها و إنما يقتصر الإفلاس على الشريك

. الذي تعاقد مع الغير إذا كانت له صفة التاجر 4

الشركة ذات المسؤولية المحدودة و شركة المساهمة: من الشركات التجارية بحسب الشكل، لا يكتسب

فيهما الشريك صفة التاجر و تكون مسؤوليته محدودة بحدود الحصة التي قدمها في رأسمال الشركة أو بحدود

الأسهم التي اكتتب فيها، و بذلك إذا أفلست الشركة فهذا لا يؤدي لإفلاس الشريك.

وحتى بالنسبة للشركة ذات المسؤولية المحدودة إذا ظهرت في شكل الشخص الواحد فإن استقلال ذمة

الشريك الوحيد عن ذمة الشخص المعنوي الممثل له وفقا لمبدأ تخصيص الذمة الذي تبناه المشرع وعدم اكتسابه

. صفة التاجر يؤدي إلى عدم إفلاسه عند إفلاس الشر