حجج وأفكار حول محور تفاعل الثقافات و الحضارات


تؤكد دراسات علمية أن التفاعل بين الحضارات عموماً، وبين الفكر الإسلامي والفكر الغربي خاصة، لا يعني ذوبان حضارة في حضارة أخرى، كما لا يعني إحداث قطيعة معرفية مع الموروث الحضاري لكل حضارة، بل إن هذا التفاعل مشروط بأن يتم في جو من الاحترام المتبادل بين الحضارات، كي يكون ذلك باعثاً على التكامل الإيجابي الذي يُغني التجربة الإنسانية.



حوار الحضارات هو كل تفاعل حضارتين أو أكثر يتمّ فيها تبادل الخبرات في مختلف المجالات من أجل تمتين العلاقات بين الشعوب سياسيا وثقافيا واقتصاديا.
واليوم أصبح التلاقح الثقافي والحضاري ظاهرة موضوعية مثل الظواهر الطبيعية من العبث مقاومتها إنه قانون عام لا يصدّ ولا يردّ.
دواعي حوار الحضارات
إن دخول الإنسانية مرحلة تاريخية جدية تسمى بالكونية الشاملة والعولمة جعلت كل الأفراد في العالم يشعر بالحاجة إلى ثقافة الآخر المختلف عنه وضورة التعرف إليه فالإنسان لو لجأ إلى قدر قوّته لما أمكنه العيش لذلك تشعر كل شعوب العالم بعدم قدرتها على الاكتفاء بذاتها.
وقد تظهر هذه الدواعي في مجالات عدة منها المجال الثقافي. فقد تضاعفت الحاجة اليوم لدى الشعوب إلى التّبادل الثقافي الحر استئناسا بالآخر والتعرف إلى عاداته وخبراته والاستفادة منها في تطوير مرجعياته الحضارية وفق آليات محددة.

شروط الحوار الحضاري
الاعتراف بالآخر : أن يؤمن كل طرف بحق الاختلاف في كنف الحرية والمسؤولية مما يساهم أكثر في الابتكار والإبداع، يقول توفيق بن عامر :"لا مجال للحوار بدون حرية وتضاف إلى هذه القاعدة قاعدة مبدئية أخرى هي ضرورة الاعتراف بالآخر وبهويته ومعتقداته وحضارته وإحلال مبدا التسامح محل النزاعات التعصب وإقصاء فكرة التفاضل بين الثقافات واستبدالها بفكرة التكامل بين الثقافات".
تجنب مبدأ المفاضلة : فعلى كل طرف أن يعامل الطرف المقابل له على مبدا المساواة في القيمة والمكانة تأثّرا وتأثيرا.
التبادل : أن يؤمن كل طرف بجدية الشراكة فينهض الحوار على تبادل مستمرّ للخبرات والقدرات والمعارف بشكل يسرق التقدّم ويحقق التطور الحضاري المطرد. فعلى كل طرف أن ينظر إلى الآخر على أنه كائن ثقافيّ وحضاريّ كفء وقادر على الإضافة وعلى أن يعطي بقدر ما هو مستعدّ إلى أن يأخذ.



وسائل تحقيق حوار الحضارات
الترجمة : هي من أقدم وسائل التعامل بين الثقافات والشعوب ومهمتها نقل الخبرات والقدرات والمعارف وتعميمها بين الأمم. يقول منجي الشّملي : بها ينشأ التفاهم بين الشعوب" والتعاضد الثقافي
الاعلام : في الحضارات والثقافات القديمة كان التلاقح بطيئا لبطء الاتصالات وأما في الأزمنة الحديثة فقد تسارع التاريخ فتسارعت وتائر التلاقح بفضل تقنيات الاتصال والبث والتبادل والسياحة والهجرة واختلاط السكان ولقد أسهمت وسائل الاعلام في سرعة تنقل خبرات الأمم، يقول مصطفى المصمودي : "يعتبر الكثير من الملاحظين أن تكاتف شبكات الارسال واتساع رقعتها سيفتح عهدا جديدا تتأثر به الأرضية الثقافية في مختلف المجتمعات".
ومن وسائل الحوار الحضاري نذكر الأنترنت والتبادل الثقافي في شكل رحلات علمية وبعثات ثقافية.

مقاصد حوار الحضارات
مقاصد إنسانية يمكن حصرها في الآتي:
- محاربة النزاعات الأنانية المدمرة
- إزالة مظاهر الحقد والبعضاء والحروب بين شعوب العالم




- نشر ثقافة الاعتدال والتسامح ونبذ مظاهر التطرف والتشدد
- نشر قيم الحرية والعدالة والسلم
- التقريب بين الثقافات المختلفة دون التفريط في الخصوصية الثقافية الضامنة للهوية
- كسر الحدود بين الشعوب وخاصة الجمركية لتحقيق حرية التبادل التجاري في مشروع العولمة

عراقيل الحوار الحضاري
- النزوع إلى الهيمنة بمختلف تجلياتها الاقتصادية والسياسية والثقافية فتلاقي الاقتصاديات في اقتصاد عالمي متدامج يجري حتى الآن على نحو متوحّش استفاد منه البعض وسقط البعض ضحايا له.

üنشر ثقافة عدائية عبر وسائل الاعلام فلابد اليوم أن نضمن درجة معقولة من التنوع الثقافي في العالم فلابد من إعادة هيكلة المؤسسات التعليمية في العلم لمجانسة برامجها في ما يخص القيم الكونية مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان باعتبارها قيما ثقافية عابرة للقوميات يتعرف فيها العقل الانساني على نفسه لتخريج أجيال إنسانية ذات وعي متجانس لا ينتهك حقوق الإنسان ولا يسكت على انتهاكها ومتشبع بقيم التضامن البشري وباحترام البيئة باعتبار الأرض وطن للإنسان الحقيقي المهدد بكارثة ايكولوجية مميتة.

- نزاعات التعصب العرقي والديني

1-معنى التفاعل الثقافي[وزن تفاعل يفيد معنى المشاركة]= هو الأخذ والعطاء والتأثر بالأخر والتأثير فيه 2-وسائل التفاعل =متعددة ومنها الترجمة لأنها تمكننا من الاطلاع على نمط حياة الآخرين وطريقة تفكيرهم ومواطن نجاحهم أو إخفاقهم وعاداتهم ..//الرحلات ..//الفضائيات والانترنات ..//الفنون مثل الأدب والسينما ..// الاستعمار الذي يحمل ثقافته ويحاول غرسها في الشعب المحتل (ما فعلته فرنسا للجزائر وتونس ) 3-مدى الحاجة إلى التفاعل كل شعب محتاج إلى التفتح على الثقافات الأجنبية والتفاعل معها .لماذا ؟ -ليستفيد من الجوانب المضيئة في حضارة الأجانب ويبني عليها تطوره فليس هناك شعب حضارته كاملة حتى يكتفي بها ( ومن المصلحين الذين دعوا إلى أن نقتبس من الغرب ما يصلح لنا خير الدين التونسي الذي طور التعليم في تونس مستفيدا من تجارب الدول المتقدمة )

-ليستطيع مواكبة التطور ويحقق مكانته بين الشعوب المتقدمة وهكذا يصد طمع الآخرين (عندما ضعف الدولة العثمانية وتفككت أتى شعوبها الاستعمار من كل مكان) -ليحقق التقارب الفكري والحضاري مع الآخرين وهذا يساهم في الحد من التوتر بين الشعوب وينقص من النزاعات والحروب الحجج الدالة على ضرورة التفاعل : القول المأثور "الحكمة ضالة المؤمن يأخذها حيث وجدها " المثل العربي يقول "إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ←يؤكد سلبيات الانغلاق رأي خيرالدين في الحضارة الغربية :قامت على الاستفادة من تجارب الآخرين وانجازاتهم 4- دور تفاعل الثقافات في تطور الفرد والمجتمع قديما وحديثا أمثلة من التفاعل الثقافي –قديما *تفاعل الثقافة العربية مع الثقافة الفارسية فتطور الأدب عند العرب لغة ومضمونا (خاصة في العصر العباسي ) *تفاعلت الثقافة العربية مع الثقافة اليونانية من خلال ترجمة الكثير من الكتب اليونانية في الفلسفة فتقدم الفكر العربي وظهر ما يسمى بعلم الكلام عند العرب *استفاد الغرب الذي كان غير متقدم –من العلوم العربية الإسلامية وذلك بالاعتماد على كتب ابن سينا (ت980م)في الطب إلى غاية القرن16 وعلى كتب الرازي(ت923م) الذي كان مرجعا في الطب بالنسبة إلى أوروبا هذا إضافة إلى استفادتهم من علم الخوارزمي في الحساب (اكتشف الصفر وهو أول

من استعمل الأرقام التي نستخدمها اليوم ) أمثلة من التفاعل الثقافي حديثا تأثرت الموسيقى الغربية بالعربية والعكس صحيح: موزارت ←تأثر بالموشح الأندلسي" لما بدا يتثنى " واقتبس منها محمد عبد الوهاب ←ادخل الآلات الغربية إلى التخت الموسيقي العربي واقتبس من الإلحان الغربية *تأثر خير الدين التونسي بمنهج التدريس الغربي فأسس المدرسة الصادقية التي كان لها دور كبير في خلق جيل جديد من المثقفين الحداثيين مثل بورقيبة وعلي البلهوان ←هذه الأمثلة وغيرها تؤكد دور التفاعل بين الحضارات في تطور الفرد والمجتمعات ذوقيا وذهنيا واجتماعيا 5- اتخاذ موقف نقدي من تفاعل الثقافات والحضارات -التفاعل←قد يؤدي إلى التقليد الأعمى للآخرين و بالتالي التبعية الثقافية والتطور المزيف والسطحي←انظر نص مصطفى الفارسي في الكتاب المدرسي (انظر كذلك قصة الغراب الذي حاول تقليد مشية الحمامة فعجز عن ذلك وحينما أراد العودة إلى مشيته نسيها) ← قد يؤدي إلى ذوبان هوية كل شعب أي لغته ودينه وقيمه وعاداته ونمط تفكيره.. وخاصة إذا كان الشعب في حالة ضعف يقول ابن خلدون "إن المغلوب مولع أبدا-بالاقتداء بالغالب في سائر أحواله" ← ما يؤكد خطر التفاعل على خصوصية كل شعب أن الدول المتقدمة نفسها صارت تخشى على ثقافتها ولغتها فمثلا منعت فرنسا

استعمال اللغة الانقليزية في وسائل إعلامها 6ما هو الحل ؟ -التفتح على الثقافات الأجنبية أمر ضروري ولكن يجب : -أن نتجنب النظر إلى ثقافات الآخرين نظرة مثالية تحجب ما لديهم من سلبيات ومظاهر سلوكية لا تتماشى وقيمنا -أن نصلح أنفسنا من الداخل وذلك بتغيير العقليات ودعم الثقافة التي هي القاطرة الحقيقية للتطور(ومثالنا في ذلك الدول الأسيوية -مثل اليابان والصين- التي تطورت دون أن تتخلى عن لغتها وثقافتها ) وهكذا نصبح مساهمين في الحضارة الإنسانية –كما ساهمنا قديما- وليس مجرد مقلدين ومستهلكين Uللإثراء قال د عصام الخرساني (كاتب من السعودية) "يذكر أن غرابا شاهد حمامة تمشي فأعجبته مشيتها فقرر أن يقلد مشي الحمام فحاول وحاول وبعد إجهاد طويل وجهد جهيد لم يستطع ّ ّ انه نسيها فلا هو مشى مشية الحمام ولا استطاع أن يعود إلى مشيته . وفشل فقرر أن يعود إلى مشيته القديمة إلا هذه حالنا عندما تركنا لغتنا العربية لغة القران ولغة العلوم والفنون واللغة التي سادت العالم لقرون عديدة ونقلت للأمم الأخرى إرثا من العلوم لا يقدر بثمن ثم يأتي الآن ويقول من يقول من الجهلة إن لغتنا لا تصلح كلغة للعلوم والمعارف .! ّ ّ مة في اللغة العربية أما ألان فيا خيبتنا يجب أن تصان لغتنا ولا مساومة في ذلك ..سابقا كان التلميذ إذا تخرج من الثانوية العامة يكون علا في خريجي الثانوية العامة ...نحمد الله أن احمد شوقي قد انتقل إلى رحمة الله ولم يعش وقتنا الحالي ليرى ما نرى.. ّ إن عيني لتدمع عندما ْ أصل لهذين البيتين من قصيدة أمير الشعراء وهو يرثي اللغة العربية : ٍ بهِ وعظاتِ ْ ُت عن آي ً وما ضِ ق ْ وسِع ُت كتاب الله لفظا وغاية ُ فكيف أضيق ْ اليوم عن وص َ فِ آلةٍ وتنسيق أسماء لمخترعاتٍ