الفرق بين النحو والصرف والبلاغة - مفهوم اللغة وعلومها - تعريف النحو - تعريف الصرف - تعريف البلاغة - هدف النحو والصرف والبلاغة



يُعرّف ابن جني اللغة على أنّها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم، ويعرفها عبد القاهر الجرجاني على أنها نظام من العلاقات والروابط المعنوية المستفادة من المفردات والألفاظ اللغوية، وعلى الرغم من اختلاف العلماء في إيجاد تعريف واحد للغة إلا أنهم اتفقوا على أن اللغة وسيلة تواصل بين البشر وبواسطتها يمكن التفاهم والتفاعل بين الناس، كما أنها أداة للتعبير عن المشاعر والأفكار والعواطف، ولكل لغة من اللغات علومها، وعلوم اللغة العربية هي: النحو والصرف والبلاغة والنقد وهناك من يضيف علوماً أخرى فرعية، وهناك من يضيف الأدب على اختلاف مراحله، وكثيراً ما يتم الخلط بين مفهومي النحو والصرف في العربية، أما البلاغة والنقد فهما علمان مستقلان ومختلفان عن بقية العلوم، والأدب يعد موضوعاً آخر أيضاً، وهذا المقال سيركز على توضيح الفرق بين النحو والصرف والبلاغة من خلال تعريف كل منهما وبيان نقاط بحثه


تعريف النحو
النحو لغة هو القصد إذ يُقال نحوته نحوك أي قصدتك، وله معان أخرى كالمقدار، والناحية، والقسم، والحرف أو التحريف، والمثل، أما اصطلاحاً فهو العلم المختص بضبط أواخر الكلمة للتعرف على حالها في البناء والإعراب، لذلك فإن النحو هو إعراب الكلمات داخل الجملة استناداً إلى موقعها الإعرابي، أمّا علم النحو فهو علم تركيب الجمل أو علم النظم، وعلم النحو يمكّن الإنسان من الفهم الصحيح للجمل والمعاني وبالتالي فإن علم النحو يعين الإنسان على فهم القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، ونصوص الأدب الرفيع، كما يمكنه من تجنّب اللبس والغموض في الجمل.




تعريف الصرف
الصرف لغة هو التغيير، أمّا اصطلاحاً فهو العلم الذي تُعرف به أحوال أبنية الكلمة بعيداً عن الإعراب والبناء لأنه اختصاص علم النحو، ويعالج علم الصرف جوانب متعددة للكلمة مثل: وسائل اشتقاق الأسماء وتصريف الأفعال والتغييرات الصوتية الناجمة عن تجاور أصوات الكلمة الواحدة كالإبدال والإعلال، أو التغييرات الصرفية كالعدد، والتصغير، والجنس، والنسب، والإسناد، وموضوعه الألفاظ العربية من جانب الأصالة والزيادة، والصحة والإعلال، ومجال اختصاصه الأسماء المتمكنة والأفعال المتصرفة





تعريف البلاغة
البلاغة لغة من بلغ الشيء أي وصل وانتهى، أمّا اصطلاحاً فهي مطابقة الكلام الفصيح لمقتضى الحال، وعلوم البلاغة ثلاثة هي: البيان، والمعاني، والبديع، وترتبط كل العلوم البلاغية بالذوق، ويشترط في قيد الفصاحة في تعريف البلاغة العناية بالتركيب، وسلامة مراعاة قواعد النحو، والصرف، والصوت في سلامة النطق وخلوه من تنافر الحروف وبعده عن الغرابة، والحوشية، لذلك تعدّ البلاغة أكمل علوم اللغة[٤]، فالبلاغة تبحث في القواعد التي تجعل الكلام دالاً على المراد الدقيق بوضوح مع إضفاء محسنات بديعية لفظية ومعنوية تجوّد الشكل، وتبعث السامع على الإقبال على الكلام.


الفرق بين النحو والصرف
فيما يلي توضيح للفرق بين النحو والصرف استناداً إلى التعريفين السابقين:

الاختلاف في الموضوع: النحو موضوعه التركيب أمّا الصرف فيهتم بالكلمة المفردة، ويقصد بذلك أنّ النحو يهتم بموقع الكلمة في الجملة فعلاً أو فاعلاً أو مفعولاً به وغيرها، أمّا الصرف فيعتني بالكلمة المفردة داخل الجملة من حيث عدد الحروف وترتيبها، والحركات والسكون، ومثال ذلك جملة: ذهبَ مُحمدٌ، من الجانب النحوي كلمة ذهبَ فعل ماضٍ مبني، أما من الجانب الصرفي فإنّ كلمة ذَهَبَ كلمة على وزن فَعَلَ مكوّنة من ثلاثة حروف أصيلة و(ذهب) فعل ثلاثي مجرد صحيح سالم خالٍ من حروف العلة، أمّا كلمة محمد فإنها تُعرب على أنها فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره من الجانب النحوي، ومن جانب الصرف فهي اسم مفعول من فعل غير ثلاثي (حمّد).
الاختلاف في الزمن: عند القول بأن هذا الفعل ماضٍ أو مضارع أو أمر فإنّ هذا التقسيم تقسيم صرفي متعلق بالبناء الذي يأتي عليه الفعل بشكل عام، أمّا الزمن النحوي فهو الزمن الذي يكتسبه الفعل داخل الجملة بسبب تضامنه مع حروف أخرى، وفي هذه الحال قد يختلف الزمن النحوي عن الزمن الصرفي، فالفعل يدرس في جملة (لم يدرس الطالب) مثلاً هو فعل مضارع صرفياً، ولكن من الجانب النحوي هو فعل ماضٍ لأنه سبق بحرف جزم (لم) دلالته النفي والفعل مع لم أصبح يدل على الماضي.
هدف النحو والصرف والبلاغة
يُستنتج مما سبق أن النحو يُعنى بالإعراب، أما الصرف فيدرس بناء الكلمة، في حين أن البلاغة تختلف اختلافاً كلياً عنهما ولا يخلط الدارسون عادة بين النحو والصرف وبين البلاغة لوضوح الاختلافات بينها لكن الخلط قد يحدث بين النحو والصرف، فكل ما يتعلق بعلم البيان كالتشبيه على أنواعه، والحقيقة والمجاز، والكناية، والاستعارة إلى جانب المحسنات اللفظية والمعنوية كالطباق والتورية والمقابلة، والإيجاز والقصر، والإطناب والمساواة، وغيرها من العناوين كلها متعلقة بالبلاغة ويسهل على أي دارس معرفة ذلك لوضوح الاختلافات عن موضوعات النحو والصرف.