ما هي أنواع الحجج التي يمكن استعمالها في النص الحجاجي؟ - شروط الحجاج الأساسية - أهمية النص الحجاجي - وظائف النص الحجاجي



في البداية يجب أن ننظر إلى النص الحجاجي كمفهوم مختص باللغات على اختلافها. فالحجاج هو المنازعة بالحجة. وهو فعل إقناعي واستدلالي يعتمد العديد من الأساليب والوسائل والتقنيات اللغوية والمنطقية بهدف الإقناع بالأفكار أو القضايا أو المواقف.

فأي نص حجاجي يمتلك الدفاع عن الأفكار والقضايا أو المواقف من خلال الاعتراض الصريح أو الضمني. وعندما يكون النص غير موجه إلى الخصم نفسه، وذلك لمنع القارئ من تبني رأي الخصم وأخذه على محمل الجد، أما إذا كان توجيهه نحو الخصم مباشرة، فالهدف هو محاولة إسكات الخصم دون الإقناع.

أهمية النص الحجاجي:

يعتبر الحجاج جزءًا مهمًا في المسار اللساني التداولي، فبُنيته من أكثر البُنى التي يمكن العمل عليها، لما تمتلك من قضايا مطروحة لإلقاء الحج وبيان توكيد المطلب، وهو السبيل لمعرفة الاستدلال وتمييز الحق من المحال، فمنه يتم تصحيح وضع الجدال من خلال الحجة. إنّ تحليل الصور البلاغية وفقًا للأنماط الحجاجية المتعلقة بها، يساعد في تحديد آثارها على عدة مستويات من الوعي والإدراك للجمهور.

لذا يقوم النص الحجاجي على التأثير في الجمهور المخاطب أو القارئ، ويحقق التوافق فيما بينهم، وتعزيز روح الالتزام تجاه ما طُرح من قضايا للاتفاق على ماهيتها. ويفترض في النص الحجاجي وجود متكلم يعرض الخطاب مشافهةً أو كتابةً، وجمهور متلقٍ للنص الحجاجي.

وظائف النص الحجاجي:

للنص الحجاجي وظيفتين أساسيتين هما:

أ- وظيفة إقناعية: حيث يسعى المُحاجج لإقناع الجمهوربمقاسمته بوجهة نظره، مستغلًا أحاسيسه للتأثير على عقله وأفكاره وقناعاته.

ب- وظيفة جدالية: عندما يكون هدف المحاجج السخرية والتقليل من شأن حُجة الخصم الذي لا يتفق على قضية أو موقف أو رأي.

تبرز الوظيفة الحجاجية للخطاب من خلال البنية التركيبية اللغوية. فالحجاج يوصل اللغة قبل أن يكون من مظاهر تداولها خطابيًّا. فهو علاقة دلالية تربط الأقوال الخطابية الناتجة عن عمل المحاججة. كما يضاف إلى الحجة والنتيجة ركن يسمى الروابط أو العوامل الحجاجية التي تربط بينهما، كما نجد تعدد الحجج في الخطاب الحجاجي والتي تنتمي لفئة حجاجية واحدة، لكنها تختلف فيما بينها بقوة الحجة أو ضعفها. يسمى الترتيب المنطقي الذي يحكمها بالسُلمَّ الحجاجي.

شروط الحجاج الأساسية:

من شروط الحجاج:

1. المحافظة على الرغبة في إقناع المتلقي المستمع للخطاب.

2. ضرورة التثبت العقلاني المنطقي على حد سواء مما يقتضي وجود لغة مشتركة بين المتكلم والجمهور.

3. معرفة الوقت والظرف المناسب لاستعمال وتفعيل العناصر الحجاجية

4. معرفة كيف يجري التحول من حالة الأمر إلى حالة الإقناع، ومعرفة الشروط النفسية والسوسيولوجية الدافعة نحو إحداث التحول.

5. تمييز الشروط التي تعزز الحجاج المتحرر من إجراءات قواعد الاتصال المؤسساتي الإلزامي لكل من المحاجج والجمهور لمجتمع ما، أو لحالات معينة في موقف ما.



لذلك على الحجج أن تمتلك قوة وفاعلية، وترتبط ارتباطًا وثيقًا بالنص الحجاجي، وتكون ملائمة لما يتم مناقشته من مواضيع.

أنواع الحجج:

- الحجة المنطقية: وهي التي تُبنى على الربط بين السبب والنتيجة، أو على القياس من خلال الربط بين المقدمة والنتيجة وتقوم الحجة على المنطق وإعمال العقل في الإقناع.

-حجة الشاهد القولي أو حجة السلطة: هي الحجج التي يتم انتقاؤها بالعادة من نصوص معترف بها وبأهميتها، فقوة النص هي التي تحدد قوة الحجة. من هذه النصوص النصوص القرآنية، السنة، أقوال الصحابة والتابعين، أقوال الحكماء. وإذا مثلت الحجة إجماع الفقهاء أو الأئمة أو العلماء فتسمى حجة السلطة.

- الحجة الواقعية: وهي التي تستعرض مجموعة من الأعمال أو العلاقات التي تميز الواقع الاجتماعي أو الحضاري، أو التاريخي، أو الديني، أو السياسي. يمكن للمحاجج الاعتماد على نمط السرد أو الوصف لرسم ملامح صورة أو رواية أحداث معينة.

- حجة المثل: وتقوم على تمثيل بمثل للمسرود استطرادًا- على الأغلب- أو ذكر أمثال سائدة من أمثال العرب الشائعة.

- حجة الإحصاء: وهي الحجة القائمة على العدد الكمي الذي يوظف للإثبات أو الدحض.

- حجة التعريف أو حجة الحد: تقوم هذه الحجة على تعريف المحاجج للموضوع تعريفًا لغويًّا أو اصطلاحيًّا.

فوائد الأساليب الحجاجيَّة:





1. توصيل الأفكار المراد محاججتها للطرف الآخر والجمهور

2. تعزيز مهارة الإقناع وتشجيع الغير على إتقانها.

3. تنمية مبادئ النقاش والحوار كعناصر مهمة في الحجاج.

4. دحض الأفكار الخاطئة ورد الآراء غير الصحيحة.

5. التجرد من التعصب لتحقيق الغرض من الحجاج وهو الإقناع وتبني الآراء الصحيحة.

شروط الحجاج:

* اختيار الحجج وفق ملاءمتها للأطروحة أو الوظيفة أو ملاءمتها لمقام المحاججة.

*حالة المتقبل: وهي العلاقة ما بين المتقبل والمخاطب

* اختيار الأساليب والصيغ التعبيرية التي تسهم في تقوية الحجة وما يظهر من عبارات تساهم في تحديد العلاقة بين المتخاصمين، والسعي لتقوية الروابط بين وحدات النص الحجاجي.

أساليب وصور الحجاج:

1. الندوة: هي من الفنون التعبيرية الحجاجية وتتضمن الحجاج بالدليل.

2. الحوار: والأهم هو الحوار الجيد المرتب والمنسق الذي يعد من الأساليب الحجاجية القوية.

3. المحاضرة: من الأساليب الحجاجية الجيدة التي تستخدم لإقناع الجمهور كبير الحجم.

4. الخطابة: من أكثر الأساليب التي نجد أنها ترد الشبهات وتؤيد الحق، وتستخدم إلى حد بعيد في النصوص الحجاجية.

5. مجموعة الفنون الكتابية:

- مثل فن المقالة: حيث نجد أنواع من المقالة تتضمن الحجج والأدلة لتصل إلى القارئ، وقد تكون من جهة رسمية خاصة، أو عامة، أو فكرة يود الكاتب توصيلها لإقناع القارئ.

- المسرحيَّة:والتي قد تمتلك رسالة أو هدف حجاجي معيّن حول قضية معينة مهما كان نوعها؛ سياسية، أو تعليمية، أو تربوية، أو عناصرية، لتوصيلها أثناء سير الأحداث خلال المسرحية ومشاهدها.

- القصَّة القصيرة والرواية:لمعالجة قضايا معينة باستخدام أحداث ومشاهد الرواية لإقامة الأدلة والحجج والبراهين. وأكثر الاستخدامات للأساليب الحجاجية في القصص لتفردها بوجود العديد من الفصول، مما يساعد الكاتب على استخدامها لإثبات حججه وصدق قضيته.

آليات تقديم الحجاج:

ولتقديم الحجاج وعرضه لتحقيق أهدافه ومنها إقناع القارئ أو المستمع وحتى الخصم، يتم استخدام آليات تقديم الحجاج وهي:

* الإخبار: وهي الإتيان بالخبر، وقد يدخله الصواب أو الخطأ، ويجانبه الكذب أو الصدق. والإخبار يشير للعلم الذي يمتلكه المُخبر.

* التفسير: يتضمن الموضوع الذي يتناوله الحجاج قضية معينة، ولا بد أن يتحقق من خلال طرق عدة منها التفسير، وتوضيح الأبعاد والحجج والأدلة والبراهين، وتتضمن هذه الآلية أساليب: الوصف، المقارنة، السرد، التعريف.

* الإقناع: ويتم الإقناع من خلال استخدام الحجج والبراهين الدالة على صدق وصحة الأفكار المتبنّاة من قِبل المتحدث. ومن الأساليب لهذه الآلية: وسائل منطقية لغوية، وسائل منطقية دلالية.

وحتى يتم الإقناع لا بد من استخدام البراهين والحجج التي تدل على صحة الفكرة التي يتبناها المتحدث ومن الوسائل التي تُستخدم فيها (وسائل منطقية دلالية، وسائل منطقية لغوية).

المصادر:

النص الحجاجي

كتاب النص الحجاجي العربي دراسة في وسائل الإقناع