تاريخ تطاوين انتفاضة الودارنة 1916
تاريخ تطاوين انتفاضة الودارنة 1916
موسوعة العرب الموسوعة الطبية موسوعة تعليمية موسوعة طبية موسوعة الابحاث العلمية موسوعة الابحاث الموسيقية موسوعة الطفل ابحاث تعليمية الموسوعة الاسلامية ابحاث اسلامية موسوعة المسرح موسوعة الفنون ويكيبيديا العرب - encyclopédie anglais - encyclopédie arabe encyclopédie français
من هنا
تاريخ تطاوين انتفاضة الودارنة 1916
.تعد اهم حركة فلاحية في تاريخ تونس المعاصر بالرغم من عملية التعتيم الشديد التي استهدفتها و لا سيما من قبل سلطة الحماية . و يكون من المفيد هنا الاشارة الى ما يلي :
1-ندرة الدراسات التي عالجت خلفيات هذه الانتفاضة و مقدماتها و اطوارها و نتائجها.
2-تركيز الكتابات القليلة التي تناولتها على العوامل الخارجية بوصفها السبب الرئيسي لاندلاعها (أفكار الجامعة الاسلامية –دعاية الاتراك و الالمان).
3-طول المدة الزمنية التي استغرقتها (اكثر من سنتين) و اتساع مجالها الجغرافي (جزء هام من الجنوب الشرقي للبلاد) و اهمية الخسائر البشرية في صفوف الطرفين المتقابلين(فاقت عديد المئات في صفوف الجيش الفرنسي و القوات النظامية و الالاف في صفوف الودارنة).
أسباب الانتفاضة
الاسباب البعيدة
شدة وطأة الجهاز السياسي ’الاداري و العسكري الذي تم تركيزه بأقصى الجنوب منذ 1888 على قبائل الودارنة (اهم هذه القبائل أولاد دباب’أولاد شهيدة’العمارنة) . ذلك ان المستعمر اجتهد في تدمير المؤسسة القبلية لما كانت تشكله من خطر و عمد الى سلب أنصاف البدو الودارنة كل العناصر و المناشط التي كانوا يستمدون منها وجاهتهم الاجتماعية (نزع سلاحهم,حل مؤسسة الميعاد,ابطال العمل بجل السوالف و الاعراف القبليةاقرار تقسيم اداري جديد كبل القبائل الكبيرة و شل حركتها) .
كما عمد الى تسويتهم بمحميهم القدامى عديمي الروح الفروسية و الجاه. و يشار هنا الى أن ترسانة القوانين التي أتت عللى أسس الحياة القبلية قد استصدرت في فاصل زمني قصير و ما درى صانعوها ان تعمدهم قلب الاوضاع على نحو سريع قد يترتب عليه ردة فعل قوية يصعب التنبؤ بعواقبها.
-نضوب الموارد التقليدية للودارنة ذلك ان هذه القبائل كانت تفرض فتوات على سكان القرى الجبلية لقاء حمايتها و حماية ممتلكاتها. و على اثر الاحتلال وضع الفرنسيون حدا لتلك الممارسة التي كانت تدخل في نطاق التكامل بين المستقرين و أنصاف البادية. و ترتب عن ذلك تفقير أبرز الفرق الجبلية لاولاد دباب و أولاد شهيدة و العجاردة . و كان الجبالية يوفرون سنويا ما قيمته 30000 فرنك من أسير البدوية.
-كما ساهم تمركزالاحتلال باقصى الجنوب في انقطاع الموارد الاضافية للقبائل نصف البدوية و من ذلك تقلص عمليات الاغارة و السعي (و كانت القبائل البدوية تستمد منها وجاهتها الاجتماعية). اضف الى ذلك ما سجل من نقص في عمليات التهريب عبر الحدود الجنوبية الشرقية. ثم ان فتور حركة القوافل التجارية عبر الصحراء قد انعكس سلبا على الودارنة باعتبار أنهم تخصصوا في خفر القوافل (تأمين سلامتها و توجيهها للطريق السليم) التي كانت تمر بمساراتهم نظير فتوات معتبرة. و لقد ترتب على عملية ترسيم الحدود مع ليبيا (ماي 1910) تقلص اخر في موارد الودارنة,باعتبار أن فرسانهم كانوا يؤمنون الحماية لقسم هام من سكان القرى البربرية لجبل نافوسة لقاء أعطيات سنوية هامة.
الاسباب المباشرة
-أصداء هزيمة الايطاليين الكبيرة في ليبيا في نهاية 1914 و خلال المنتصف الثاني لعام 1915( لا سيما في منطقة الجبل الغربي المتاخمة لحدود تونس و مجالات الودارنة بصفة خاصة ) ,في اقصى الجنوب التونسي و جلائهم الى المنطقة الساحلية و استغلال الامبراطورية العثمانية و المانيا تلك الهزيمة لتبث القلاقل في المستعمرة التونسية عبر الدعاية المركزة و تحريض السكان على الثورة (تحمس الودارنة لنداء الجهاد الصادر عن السلطان العثماني خليفة المسلمين ).وقد نهض لهذه المهمة نفر من الضباط و الخبراء العسكريين الاتراك الذين نزلوا بليبيا في صيف 1915.
-المجهود التحريضي الذي قام به المقاوم الليبي خليفة بن عسكر و الذي اصبح في جويلية 1915 سيد غربي نافوسة بعد طرد الايطاليين من نالوت (و ما نجم عن ذلك من فوضى و انفلات الامن على الحدود). و من نتائج حث ابن عسكر الودارنة على الثورة التحاق مئات من الرجال بصفوف حركته منذ أوائل أوت 1915.
ان ما عددنا من هذه المقدمات و الاسباب من شانه ان يدفع الى تسجيل ما يلي:
أولا ,اقتصار هذه الحركة المسلحة على قبائل الودارنة دون سواها من قبائل الجنوب,فالدعاية لصالح الجهاد لم تشمل أجوارهم من قبائل ورغمة.
ثانيا,ان دعاة الانتفاضة و المحرضين عليها كانوا من كبار أعيان الودارنة , سعيد بن عبد اللطيف, الزعيم الاول كان عضو في الجمعية الشورية ,أما شقيقه علي بن عبداللطيف فكان يشغل خطة شيخ أولاد دباب.
و تدفعنا هذه الملاحظة الى التساؤل عن الدوافع الكامنة وراء تزعمهم الانتفاضة:
-هل كانوا حقا يعيشون على نبض التبدلات التي زعزعت استقرارالواقع الاجتماعي القبلي و كانت بالتالي وراء تفكيرهم, ام انهم كانوا يعتبرون ان الاستعمار أوصد في وجوههم مدارج الرقي?
-ألم ترفض السلطة العسكرية مطلب سعيد بن عبد اللطيف بتولية كهاية الودارنة لا لشيء سوى أنها قررت الاعتماد على الجبالية ?
أطوارالانتفاضة
تندرج الحرب التي أعلنها الودارنة على الفرنسيين ضمن ما يعرف بحرب العصابات و يجدر التنبيه هنا الى ان هذا الاسلوب كان أنسب أشكال المقاومة المسلحة في تلك الظروف لانعدام التوازن في ميزان القوى و الوسائل بين الطرفين المتقابلين.
شهد خريف 1915 و اوائل صيف 1916 أهم الوقائع بين فرسان الودارنة المدعومين أحيانا من قبل خليفة بن عسكر و القوات الفرنسية التي بلغ عددها 5000 جندي بعد وصول تعزيزات هامة للمنطقة.
أبرز وقائع خريف 1915
انطلقت المناوشات الاولى في بداية سبتمبر 1915 و شهد هذا الشهر وقوع عدة أحداث هامة مثل واقعة جبل عفيفة في 14 سبتمر.
و تعتبر واقعة ذهيبة (16-20 سبتمبر) التي جمعت أكثر من 2500 فارس من الودارنة مدعومين بقوات الجيش الفرنسي منعرجا هاما في وقائع هذه الانتفاضة . على اثر تواتر الهجومات التي استهدفت المواقع الفرنسية ,قررت القيادة العسكرية في 6 سبتمبر الانسحاب من مركز بئر بستور بجيش بارفنكير و شهدت نهاية سبتمبر وقوع معركة رمثة 25 سبتمبر . و بالرغم من ضراوة هجوم الودارنة على ثكنة رمثة ,فان الحامية العسكرية استطاعت الصمود بعد وصول الامدادات من تطاوين في اليوم الموالي.
و لعل معركة أم صويخ من أهم وقائع 1915 و أشهرها فقد دام حصار الحصن الفرنسي من 2 الى 9 أكتوبر, و شارك في هذه العملية زهاء 3000 مقاتل كانوا تحت قيادة زعماء الانتفاضة من أولاد دباب الى جانب خليفة بن عسكر. ففي 9 أكتوبر نجح الجيش الفرنسي في كسر الطوق الذي فرض عليه ثم فك الحصار. و قد لقيا سعيد بن عبد اللطيف و علي بن عبد اللطيف مصرعهما خلال هده العملية.
أهم وقائع صيف 1916
جدد الودارنة العهد مع هجماتهم على الجيش الفرنسي منذ أوائل جوان 1916 و سيشهد هذا الشهر ثلاث معارك هامة : ذهيبة(20-25جوان),رمادة(26-27 جوان) و بئر مغري(30 جوان).
و بالرغم من ضراوة هذه الهجومات ,فان المهاجمين فشلوا في اقتحام التحصينات الفرنسية و لا سيما الطيران فقد تم قصف مواقع الثائرين لا سيما –بلدان نالوت- التي شكلت قاعدة انطلاق المتمردين. على اثر هذاالفشل جنح المنتفضون الى نصب الكمائن و اعتراض سبل الجيش الفرنسي. اذ شهد النصفالثاني لسنة 1916 و كامل عامي 1917-1918 تواتر الغارات الخاطفة و عمليات الانقضاض الجريئة (على هيأة زمر سريعة الحركة) بين 10 و 20 فارس. و قد استهدفت هذه الغارات قوافل الجيش الفرنسي و عربات البريد و القوافل التجارية و قطعان الماشية. و ينبغي الاشارة هنا الى الفظاعات التي اقترفها الجيش الفرنسي و خاصة بجهة تطاوين بدعوى مقاومة المفسدين و قطع دابر الفوضى,اذ تم هدم القصور(مخازن جماعية على هيأة طوابق من الغرف المشيدة من الحجارة و الجبس) و نهب ثرواتها و اجتثاث الاشجار و مصادرة قطعان الماشية. و لم تتورع الجيوش الفرنسية في اعدام الاسرى رميا بالرصاص. كما انتصب بمدنين مجلس حرب و أصدر 49 حكما بالاعدام ما بين 1916-1917 , و دائما في اطار هذه الاجراءات الانتقامية صدر عن الباي ما بين 1915 و منتصف 1916 ما لا يقل عن 1682 أمرا نصت على استعفاء عقارات القبائل الثائرة التي اخذت طريق الهجرة الى القطر المجاور(من أولاد شهيدة).
نتائج الانتفاضة
لماذا أخفقت الانتفاضة?
يمكن حصر أسباب هذا الفشل في العوامل التالية:
أولا,طغيان الارتجال على استعدادات الودارنة القتالية و على مبادراتهم الاولى, و تكفي الاشارة الى ان انطلاق العمليات الحربية الاولى تم دون تنسيق و تبصر بسبب انعدام قيادة موحدة اذ قام عمر الابيض بشن الهجوم على مركز رمثة دون علم حلفائه من أولاد دباب. و قد نبه هذا العمل المرتجل الفرنسيين الى خطورة الوضع في الوقت المناسب, و في المقابل أدخل البلبلة في صفوف بقية زعماء القبائل الثائرة.
ثانيا,انعدام التوازن بين القوتين المتقابلتين اذ جمعت المعارك جيشا نظاميا عصريا مزودا بأحدث الاسلحة يرفده سند لوجستي هام,بجماعات من الفرسان البدو لم يكن لديهم تصور واضح للعمليات فضلا عن انهم لم يوفقوا في تطويع الامكانيات المتوفرة لديهم (على تواضعها) مع طبوغرافيا المنطقة الحدودية و مناخها المناسب لا سيما خلال معارك صيف 1916.
ثالثا,شعورالثقة المفرط في صدق نوايا الاتراك و الالمان الذي كان يحدو الودارنة أثناء كامل مراحل عملية التحضير للانتفاضة. و نشير هنا الى انه بعد خيبة أمل الودارنة في الاتراك والالمان عام 1915 صدم هؤلاء بعد جوان 1916 بقرار خليفة بن عسكر توقيع الصلح مع فرنسا و التزامه بمنع الثائرين الودارنة من القيام بهجوماتهم انطلاقا من التراب الليبي.
رابعا,النجاح النسبي للسلطة العسكرية الفرنسية في عزل المنتفضين و تطويق هذا التحرك من خلال دعاية مضادة مركزة من ناحية,وتقديم ضروب من المساعدات للقبائل التي لم تنخرط في الحركة من ناحية اخرى. و يفيدنا محمد المرزوقي في كتابه –دماء على الحدود- ان أجوار الثائرين من القبائل لم يتفاعلوا مع حركتهم و اعتبروهم بمثابة قطاع الطرق.
نتائج الانتفاضة
كشفت هذه الانتفاضة عن:
-نسبية الحديث عن –سلم فرنسية- باقصى الجنوب التونسي قبل 1918.
-صعوبة انقياد القبائل المرابطة على البثور الجنوبية للبلاد و هذا ما دفع السلطة العسكرية الى مزيد المراقبة و تكثيفها.
-و بناء على ما تقدم فان سلطة الحماية عمدت الى التعجيل باصدار أمر 23 نوفمبر 1918 الخاص بالتخصيص في المجال العقاري بالنسبة لقبائل أقصى الجنوب في محاولة لتكريس ما دأبت عليه منذ اوائل القرن من جهود لتقويض ركائز المؤسسة القبلية الاهلية.
كما يتجلى من خلال خلفيات هذه الحركة و اطوارها أنه لم تتبلور عند القائمين عليها رؤية واضحة و برنامج او خطة عمل معينة و بالتالي افتقار هذه الانتفاضة الى بدائل.
-بوسعنا القول في هذا الصدد أن ما صرح به أنطوني غرامشي بشأن فلاحي الجنوب الايطالي في العشرينات يصدق الى حد كبير على جل الحركات الفلاحية في حوض البحر المتوسط حين ذاك,اذ أكد أنهم (اي الفلاحين) في حالة غليان مستمر و لكنهم كجماهير عاجزون عن التعبير عن تطلعاتهم و حاجاتهم بكيفية مركزة.
- لم يحشد الفرنسيون في تونس اكثر من 15000 جندي و ضابط صف و 350 ضابط عن مختلف الاسلحة للتصدي لحركة مقاومة في مكان معين مثلما فعلوا ذلك سنة 1915 بغرض سحق انتفاضة الودارنة. كما اننا لا نعرف حركة مسلحة أوقعت في الفرنسيين حسب مصادرهم 478 بين قتيل و مفقود (من بينهم 22 ضابط) و 264 جريحا و 1548 ضحية بسبب الاوبئة و الامراض و بذلك يكون مجموع قتيلي الجانب الفرنسي 2266 رجل.
-جاء في الوثائق الفرنسية أن حوادث الجنوب التونسي آنذاك شكلت جبهة من جبهات الحرب العالمية الاولى لا تقل أهمية عن بقية جبهات الحرب و هي شهادة تؤكد مدى خطورة تلك الحركة المسلحة.
ذاكرة الارض
انتدابات مناظرات في جميع الوزارات التونسية موقع وظائف للعرب انتدابات مناظرات تعيينات اكتتابات مسابقات توظيف عروض شغل وظائف في جميع الدول العربية في
تونس والجزائر موريتانيا والمغرب العربي والخليج والشرق الاوسط واوروبا
من هنا
رد مع اقتباس
