باكالوريا آداب : مدخل إلى تحليل النص الأدبي - Bac Lettres
مقدمة:
العمل الفني اللغوي الإبداعي حينما ينتجه الأديب وينشره للمتلقي يصبح ملكا فكريا لصاحبه ( كنص أدبي ) له حق التعبير التأليفي بإنتاجه الأدبي لأول مرة ( حقوق الفكر والتعبيرمحفوظة له )
وينبغي على كل منْ يتناول هذا الإنتاج الأدبي بأية صورة من الصور أن يذكر المصدر الأول وصاحبه الذي أبدع النص شعرا أو نثرا.
أما دور المتلقي لهذا النص ، فهو أيضا حرية التعبير عن رؤيته لأسرار صناعة هذا الإنتاج الأدبي حسب تذوقه الذاتي ، وعقد صلة وثيقة بين مدى ما حققه للقاريء أو المستمع من إشباع فني لأهدافه وأفكاره وبين صاحب النص وأهدافه ورؤيته التي ضمنها إنتاجه الأدبي ، والتي يتفاوت المتلقون في إحساساتهم بها كل من وجهة نظره الشخصية .
والمتلقي هنا يمتلك فهم اللغة وتذوقها وإسقاط مضامين وأفكار العمل الفني على ظروفه ومشاعره وأهدافه وله أن يعبر عن إعجابه أو عدم إعجابه بما توصل إليه من فهم المعاني العامة للنص بما يملكه من قدرة لغوية محدودة.
وهناك المتلقي المتخصص من الأدباء أو النقاد الدارسين لهذا الفن الإبداعي المطروح للقاريء والمستمع في الندوات أو الغرف الصوتية أو على صفحات الشبكة العنكبية أو المنشور في كتاب أو قصة أو ديوان شعر أو في عمود في صحيفة ثقافية أو غيرها ، وهذه النوعية من المتلقين لها علاقة شبيهة بمنتج النص من وجود الموهبة والمقدرة على الإنتاج الفني المتماثل ، ولديهم القدرة التخصصية المنهجية على تحليل تفاصيل النصوص الأدبية لأنهم نقاد وأدباء ، درسوا مناهج الأدب والبلاغة والنقد ومدارسه ، ويجب أن نعرف القاعدة التي تقول : إن كل ناقد أديب ، وليس كل أديب ناقد .
مدخل التحليل الأدبي للنصوص :
النصوص التي تُعالج القضايا ، باللغة العربية الفصيحة أو ( الدارجة ) ويعتمد فهمها على فنون البلاغة والتراكيب التناسقية اللغوية وتتضمن مضامين موضوعية حياتية تتعلق بوجدان البشر المنتمين لبيئة أو لغة أو موقف معين ، يمكن تحليلها وتوضيحها من خلال النص الأدبي بعيدا عن أسس مدارس التحليل النقدي المنهجي
وهذا الحليل المقصود الذي أعنيه لايقرب من الطابع النقدي إلا في فكرة الشرح التوضيحي لبيان المفاهيم الكلية لحبكة النص الأدبي
دون تعرض للقدح أو المدح في صاحب النص أو القليل من شأن النص ذاته وإبراز معايبه .
وهذا المفهوم يدعمه قول الدكتور تمام حسان أستاذ الأدب العربي ، في مجلة الفصول في عددها الصادر في سبتمبر 1987 :
( إن المصطلح البلاغي القديم في ضوء البلاغة الحديثة التحليلية ليس نقدا للنص الأدبي ، وإنما هو إضافة تحليلية لحبك النص وتوضيحه)
لأن جانب النقد الأدبي للنصوص فيه تتبع لمناحي الإبداع الفني أو القصور فيها وتوجيه أصحابها وغيرهم من المبدعين والأدباء إلى الأسس البنائية للعمل الفني ، وطرح الحبك الأمثل للجزء الخارج فنيا عن أطر المناهج الإبداعية لنوعية النص المطروح للنقد .
محاور التحليل الموضوعي للنص الأدبي :
1- القراءة اللغوية الإلقائية لتوضيح المفهوم العام
ويليها الوقوف اللغوي المبسط لمعاني غوامض بعض ألفاظ النص التي تزيد من تأويلات المضمون لدى المتلقي
2- معيار التماثل ومناسبة عنوان النص لمعانيه الكلية
مما يعكس البنية الدلالية للعمل الأدبي من المطلع إلى النهاية في تدرج ومنطقية واقناع شعوري
3- تقسيم النص إلى أفكار جزئية مترابطة تعرض أهداف النص
وفي هذا الجانب يعتمد التحليل للقصيدة على أسس تختلف عن تلك التي نحلل بها رواية أو قصة أو خاطرة أو رسالة أدبية ....
4- تناول التذوق البلاغي والأسلوبي لإبداعيات الأديب في النص
ومدى تناسبها مع الواقع والخيال والموضوع ، وإمكانية التحقق لعلاج قضية النص المطروح للتحليل ( الحبك الفني الداخلي للنص)
5- بيان ثمار أهداف النص المرموز إليها في ثنايا وتفصيلات مقاطع وأجزاء النص الأدبي كأفكار ومقترحات لعلاج المفهوم العام
وهو ما يمكن أن نسميه توظيف المادة التحليلية اللغوية في سياقات النشاطات الاجتماعية الحياتية اليومية للإنسان والتي تبنى على مدى التفاعل بين الأديب ومجتمعه وأسلوب إبداعه الأدبي بكفاءة تعني قدرته على ربط لغته وتصويراته بالمواقف الحياتية مما يقربه من القراء ويجعل نصوصه هدفا لتحليلات مستفيضة ممتعة لأن الكلام كما يقول أبو هلال العسكري قديما إذا كان حسنا بديعا ومليحا رشيقا كان داعية إلى الاستماع لما يجيء بعده من الكلام ، فهو يشجع المبدع على زيادة إنتاجه الأدبي المرغوب بسهولة ألفاظه ووضوح معانيه وصحة صياغته وتجنبه للحشو والزيادة وتجمله في مطالعه وتوافقه مع وجدان بيئته ومقام حديثه في تقسيم مبدع يرقى بفنه إلى العالمية .
يروى أن الجاحظ ذكر في كتابه ( البيان والتبيين ) سنة 255 هـ عن عمر بن لجا ، أنه قال لأحد الشعراء :
أنا أشعر منك !!
قال : وبم ذاك؟!
قال : لأني أقول البيت وأخاه وأنت تقول البيت وابن عمه .!
والإشارة هنا إلى درجة قوة الترابط الدلالي بين سلسلة منظومة النص الأدبي الكلية وقدرة صاحبه على القصد والتخطيط الهادف المتقن المتسلسل بنحو منطقي ووجداني مقبول لمواضيعه ومضامينه .
فإذا ما تدرب متذوق الأدب إلى هذا المعايير أمكنه بسهولة أن يقول بتحليل أي نص أدبي يرغب في توضيح تجربة صاحبه في حرية
لاقيد عليه فيها بعيدا عن النقد الهدام الذي لايعتمد على أسس علمية منهجية .
تابع ايضا : مواضيع شرح نص لغة عربية من هنا