الحـب عنـد سارتـر - منتدى الفلسفة
حتى أكون منصفًا فلنحت الكلمات هنا استقيتُ فكرتها -فكرتها فقط- من عضو متميز أثناء رياض تصفحي لأحدى المنتديات وقد اعجبتني فكرة الكتابة عن موضوع طالما أسحق الانسان وهوى بها الى مدارك العليل.... ولربما من نجح في تجاوز عقبة الحب قليل.... ولكن هو السؤال: هل الحب يمكن أن يكون "موضوع دراسة"؟!!!.... ومن يستحق فعلاً أن يكون دارسًا له؟.... وما هي اوصافه؟.... وما حقيقية الشعور الذي ينتابني في لحظاته وارهاصاته القاتلة؟.... وهل هذا الشعور بيان نسبي أم هو حالة عامة نستشعرها جميعا بنفس القوة والتأثير؟.....
تخيّل معي: عندما يتحدث شخص عبقري مثل سارتر عن الحب.... ماذا تعتقد صديقي بما يمكن ان يجليه سارتر؟..... وهل ترى سيان ان تحدث سارتر مع آخر مختلف؟..... هل كلام سارتر عن الحب يشابه كلام مطربي الفيديو كليب او مصاصي حركات التغيير؟....
بالطبع لسارتر خصوصية ليس لأنه فيسلوف كتب عن الوجود والإنسان؟.... أو لأنه اديب تربعت أدبياته زمانا على خشبات المسرح في باريس.... بل لأن سارتر "فنان".... فهو ليس إلا "فنان".... أحيانا أشك بأن سارتر رجل صاحب موهبة فلسفية.... بل في احايين كثيرة لا اجده إلا فيسلوفا ألمعيا..... ولكن... والحق أقول: أن سارتر أعظم فيلسوف في تاريخ الوجود!!!....
ولا يغرنّك قول قائل: أن سارتر "ملحد"!!!!.... أصلاً أكثر هؤلاء لم يقرأوا سارتر جيدًا لأن من يقرأ سارتر لا ينعته بالالحاد على كونها "سبـّة".... لماذا؟.... لأن ان تكون ملحداً أفضل بكثير أن تكون "كذاباً".... أو "منافقاً".... او "مرابيًا".... فالالحاد ببساطة: ليس "عيبًا"!!!!... العيب هو العيب فقط.... العيب او الحرام ان تكون "انتهازيًا".... او "مرتشيًا"..... فالانسان لا قيمة تشكله سوى سلوكه...
لأن الإلحاد وبقوة: اعتقاد ناشيء من فكرة او تفكير.... وما ضرّني أن اكون مُلحدًا ما دام اعتقادي هذا يسطّره الدليل..... ولذلك عقائديًا فإنّ الله تبارك وتعالى إنما يجازي عباده على أساس الدليل.... ويرى ان الانسان يكون مقصرًا لا قاصرًا أن لم يبحث او ينقّب..... فكلنا " مؤدلجون"... أما سارتر فليس شأنه أن يكون مؤدلجاً.... سارتر أفضل "منا" لأننا اصحاب فلسفة مختارة.... وأرباب "مؤسسات" وتفكير بنائي مشكل بطريقة مسبقة....
أما سارتر فهو "مثقف متمرد"... لقد عاش سارتر في احضان عائلة مسيحية ولكنه تمرد على تقاليد هذا الدين وتعاليمه والذي ما رأى فيه الا صورة مؤطرة لخربشة الإله!!!!!.... حتى انه ارتبط بعشيقته سيمون دي بوفوار طوال حياته من دون زواج لأنه أساسًا كان لا يعتقد بعقود الزواج التي تمنحها الكنسية.... وهذا هو ما يميز سارتر عن غيره.... أنه انسان خارج التقاليد.... وهو ثورة ضد كل فكرة قبلية....
اما نحن... فلنسأل انفسنا: من منا استطاع ان يخرج عن شرنقة الدين والتقاليد؟!!!.... لا أحد!!!!... أما النادر من هؤلاء المتمردين.... فهذه ليست إلا "ندرة" وكما قلت..... وبما اني أؤمن فطريا بوجود الله.... لأن حقيقة ان الله موجود.... حقيقة لا يمكن انكارها.... حتى الملحدين وسارتر معهم يكتبون وهم يعلمون ان الله موجود.... ولكنها الكتابة التي وباعتراف سارتر: غايتي ان أكتشف ذاتي من خلالها!!!!!.....
ولذلك فأنا اصنف سارتر بانه "ملحد حقيقي".... فكما ان هناك "مؤمن حقيقي" و" مؤمن مزيف".... فهناك ايضا "ملحد حقيقي" و"ملحد مزيف".... والملحد المزيف هو الذي يكابر بالحاده من غير دليل يسوقه الى ان يكون ملحدا..... أما من وضع الدليل على طاولة نقاشاته فهو من كان ملحدا حقيقيا....
كنتُ دائما ولا زلت اقول: أنا لا احب "فكر" سارتر.... وإنما تعجبني "طريقة تفكير" سارتر..... أحب سارتر عندما يفكر... عندما يمارس "عملية التفكير"..... أما فكر سارتر بالتأكيد امقته.... كونه يتعارض ومسلمات ما أؤمن به......
ولكن المشكلة دائما "نحن": لا نفكر وليس لدينا "فكرة" خالصة..... واذا جاء احدنا بفكرة لا تعتقد باخلاصها لأننا تعلمنا على السرقة وان ننسب لنا..... ما ليس لنا!!!!!..... لذلك نحن نحتاج الى التأمل اولاً.... ثم التفكير.... و"إعمال العقل" كأولى خطوات المنهجية في التفكير..... وإلا "نحن" نبقى "عيبًا".... ودائمًا ولا حياء!!!!!... ولكن مرة أخرى: قبل كل شيء لا بدّ من "التمرد".... وأقصد هنا "التمرد الايجايبي".... وهو السيبل ولا ريب لمعرفة اي حقيقة......
والآن لنستعرض رؤية سارتر عن الحب.....
في الحقيقة يذكر سارتر مجموعة من العوامل يحدد على أثرها معنى الحب وأسباب فشله.... يقول مثلاً: إن الحب في صميمه ضرب من الخداع الذاتي لأنه يتضمن حركة أو تسلسل إلى ما لا نهاية..... حين أحب أريد أن يحبني الآخر وبالتالي أريد أن يريد الآخر أن أحبّه....
أقول: أن أجمل ما في الحب هو هذا التمالك المفقود بين الأنا والآخر.... فأنا أهبُ الأخر حبي وهو يرغب أن يهبني حبه.... فهو شعور بالتعاطي والجود العاطفي وهو من المعاني السامية والتي تفرض عليّ وفي كل مرة استكشاف ذاتي في كل لحظة حب واهبة او لحظة حب مكتسبة..... إذن حقيقة هذا التسلسل هو انتعاش لحركة الحب لكي نزيد من ماكنيتها العاطفية.... هذه هي رؤيتي.... وعذرًا صديقي سارتر!!!!......
يقول سارتر: وكلما زاد حب الآخر لي زاد فقداني لوجودي وبالتالي زاد ارتدادي إلى مسؤولياتي الخاصة وقدراتي الخاصة..... "ولأنك عبقري فـذ اطأطأ رأسي لفيض كلماتك... وأرفع رايات النصر الساحقة لنجاحاتك السيكولوجية....".....
يقول سارتر: أن الحب صراع مستمر بين حريتين وليس مشاركة فعالة بين إرادتين على الرغم من أن الحرية قلما تريد ذاتها إرادة حقه دون أن تريد حريات غيرها...... "ولكن استاذي سارتر.... أليس الحب هو أختيار؟!!!.... أوليس الاختيار هو الحرية؟!!!!..... ومنطقيًا أدينك ومن فمك بأن الحب يعني الحرية..... وأما شقاق الحبّ فليس تحجيمًا لحريتي او انتقاصًا لها.... وإنما الغوص في فضاء الممكن.... يعني حريتي مرهونة في ممارستي لها وهذا يكفي سيدي سارتر!!!!....
يقول سارتر: الموت ليس الخطر الأوحد الذي يتهدد الحُبّ فهناك خطر أكبر هو الإحساس بالوحدة حتى في صميم الحب...... " فلسفة راقية واحساس انساني أقالته صنائع التجريبيين..... كل فلسفات الدنيا مجردة إلا بطائن فلسفتك.... لقد استطعت ان تلحق تجريدتها بالممارسة العملية وقد نجحت في ذلك وحتما...... ما أسوء ان يعيش الانسان حلقات الوحدة.... ولكنها الموت او مقدمته.... بل "الوحدة" شعور عميق بالموت في الحياة.... الوحدة هي ألم الحياة وهي موت الحياة.... كما ان الموت هو موت الموت!!!!!.....
يقول سارتر: إن الحب يحيا دائما على حافة الموت ولكن دراما الحياة البشرية تضطرنا للحب لكي نعيش..... "معنى عميق لسارتر بلا شك وهو يصور لنا استنهاض الحب بعد حالة ركود مؤلمة...... إلا ان عبارة "درامـا الحيـاة البشريـة" كانت رائعة بحق..... فنحن نحب لكي نتواصل ونعيش.... نحن نحب لأننا مجبورون على ذلك..... هكذا هو "روتين" الحياة!!!!.... ولكن ليست المسألة بهذه البساطة.... فنحن نحب لأننا لا نستطيع إلا أن نحب.... ولكي نعيش فلا بدّ من "الحبّ"!!!!....
يقول سارتر: إننا نعرف أنه قد يكون أيسر على الرجل أن يموت في سبيل المرأة التي يحبها من أن يحيا في سبيلها..... " ولكنه لم يذكر لنا حقيقة تضحية المرأة من أجل الرجل.... فالمرأة لا تموت فحسب وإنما تتلاشى في سبيل الرجل!!!!..... لأنها أكثر وفاء وصدقا منه....".....
يقول سارتر: فالحب عند المرأة يعني السعادة والاستقرار وكون الحب يعني عند المرأة أكثر مما يعنيه عند الرجل لذلك نرى خيبة النساء في الحب أكثر من خيبة الرجال..... "حب المرأة في القلب.... أما حب الرجل: في العقل!!!..... مجرد رأي!!!!.... واظن بخطأ معتقدي هذا...."..
يقول سارتر: أنّ المرأة يصيبها إحساس أليم عندما تكتشف تفاهة الرجل الذي أحبته...... والحب عند الرجل يعني اللذة الخاطفة والتنقل والشهوة والاستمتاع العابر..... فالرجل يعشق بسرعة ويهجر بسرعة في حين أن المرأة لا تحب إلا بصعوبة كبرى..... "واعتقد شخصيًا أن حب المرأة للرجل يكون عادة أكثر تأثيرًا وذوبانًا من حب الرجل للمرأة.... فالمرأة اذا احبت أخلصت... ليس هذا فقط.... بل يصيبها الجنون... بحيث تلفها الانهيارات العاطفية.... والتفكير المستمر القاتل والمتواصل.... وأنا أعني جيداً كلمة "جنون".... في الحقيقة ان المرأة التي احبت ولم تنل نصيبها من هذا الحب تصاب بخيبة كبيرة مصير أكثرها الجنون!!!!!......
أما الرجل فحالته أيسر وأكثرهم لا يعرفون معنى الحب والجمال كما ان أكثر الرجال: أغبياء.... لذلك معرفتهم عن الحب وممارسة الحب هي نوع من الاستئناس العاطفي او فترة ارهاص او فراغ كبيرين.... في الحقيقة كلمة "اغبياء" في محلها أي أنهم غير مخلصين أو لا يعرفون طريقًا للأخلاص :: (منقول للإفادة) .
بالتوفيق للجميع
موقع وظائف للعرب في تونس والجزائر والمغرب العربي والخليج والشرق الاوسط واوروبا
من هنا