عقد انشاء شركة مضاربة

الشّرائط الخاصّة في المضاربة

وهي على طوائف:
الطائفة الأولى: ما يشترط في رأس المال‏
(1) - قبل الورود في البحث عن المسألة ننقل كلام بعض من تعرّض للمسألة:
أمّا المنفعة، فقلّ من تعرض لها، وعمدة دليلهم للمنع فيها؛ أنّه لايجوز جعل العروض رأس المال، فالمنافع أولى بالمنع. وقد يأتي الكلام فيما استدلوا به في المسألة الآتية.(36)
وأمّا الدين:

أو مضاربة إلّا بعد أن يقبضه ثمّ يعطيه إيّاه إن شاء.»(37)
ونظيره كلام ابن إدريس‏رحمه الله.(38) 2 - وقال العلامةرحمه الله: «ولايجوز القراض على الديون ولانعلم فيه خلافاً، قال ابن‏المنذر: أجمع كلّ من يحفظ عنه من أهل العلم أنّه لايجوز أن يجعل الرّجل ديناً له، مضاربة... وعلى ما رواه السكوني في الموثق عن الصادق‏عليه السلام ...»(39 3 - وقال الشهيد الثاني‏رحمه الله ذيل كلام المحقق‏رحمه الله «ومن شرطه أن يكون عيناً»: «اشتراط ذلك في المال موضع وفاق، نقله في التذكرة وهو العمدة وعلّل مع ذلك بأن ما في الذمة لابد من تحصيله أولاً، ولا يجوز ضمّ عمل إلى التجارة... ولا يخفى أن إثبات الحكممثل هذه التعليلات بعيدٌ، والعمدة على نقل الإجماع.»(40)



الخاصة، فهي مخصوصة بالأعيان فلا تشمل الدين والمنفعة، فيكون الدين والمنفعة موردين لأصالة الفساد. وأمّا العمومات، فلا تشمل المضاربة؛ لأن المضاربة على خلاف القاعدة. ثم ذكر في وجه كونها خلاف القاعدة، الوجوه الثلاثة التالية:
الوجه الأوّل: إنّ في المضاربة، كالمزارعة والمساقاة، لايكون تمليك عن أحد الطرفين ماله للآخر؛ حيث لا يُملِّك المالكُ العاملَ إلّا حصة من الربح، وهي غير متحققة بالفعل؛ لأنّ المالك لا يَمْلكُ إلّا أصل ماله، فكيف يصح تمليكها لغيره؟ فالقاعدة تقتضي بطلان تمليك الحصة ولا عموم يقتضي صحته.
وفيه: إنّ ذلك صحيح في التمليك الشخصي؛ حيث يمكن أن يقال فيه: إنّه لابدّ من أن يكون المملوك في ملك المُمَلِّك وإلّا يكون التمليك باطلاً ؛ لأنّه كيف يعقل أن يُملّك الإنسان شيئاً لم يَملكه بعدُ. فلو كان مراده‏رحمه الله ذلك، فيرد عليه: أنّ التمليك في المضابة ليس في أمر شخصيٍ بل بالنسبة إلى أمر كلي، وهو نصف الربح مثلاً. وإن كان مراده التمليك المطلق، سواء أكان تمليكاً بأمر شخصي أو كلّي، فهو مع كونه في غاية البُعد، ضعفه وبطلانه واضح من أن يخفى على أحد ولايحتاج إلى شي‏ء من الاستدلال أصلاً ؛ لأنّه يوجب أن يكونتمليك الكلّي - الذي ليس عند المملّك شي‏ء منه فعلاً ولكن يحصّله فيما سيأتي - باطلاً، وليست قاعدة عقلية ولا شرعية ناطقة بذلك . أللهم إلا أن يقال: إن هذا المطلب قد تكرّر بهذه العبارة منه‏رحمه الله في المضاربة والإجارة وغيرها، والمراد منه أنّ العوض والمعوض لابد من أن يكونا موجودين؛ إمّا في الخارج كالجزئي أو في الذمة كالكلي حتى يكونا قابلين للتمليك والتمَلُك، وربح المضاربة قبل ااشتغال بالتجارة ليس في الخارج ولا في الذمة موجوداً؛ إذ يمكن أن لايوجد أصلاً فكيف يكون موجوداً في الذمة؟ فلا يصح أن يجعل موضوعاً للعقد، وعلى هذا فمراده أمر صحيح ولكن في العبارة مسامحة واضحة. فنقول: لو كان مراده‏رحمه الله هذا، فهو في البطلان
ليس بهذا الوضوح، لكنه باطل أيضاً؛ لان المراد من الموجود في الذمة ليس إلّا التعهد من صاحب الذمة لا أنّه شي‏ء موجود حقيقة في ذمته. ومن المعلوم صحة تعهد شخص بأمر قطعي الحُصول و أمر غير قطعي الحصول على تقدير حصوله، فكما يصحّ أن يتعهد الإنسان أن يعطي مالاً حالاً في المستقبل قطعاً، يصحّ أن يتعهد الإنسان إعطاء مال على فرض وجوده في المستقبل، والشاهد عليه الوجدان والعرف والشرع، فالقول بأنّ تعهد أمثال هذه الأمور ليس من قبيل ما يكون في الذمة، كلام غير صحيح وقول بلا برهان.
الوجه الثاني: إنّ الربح بتمامه يتبع رأس المال فلابدّ من أن ينتقل كلّه إلى المالك لا أن ينتقل سهم منه إلى المالك وسهم آخر منه إلى العامل ؛ لأنّه لابدّ في المعاوضة أن يدخل الثمن في محل يخرج منه المثمن، وكذا الربح يدخل في الموضع الذي يخرج منه رأس المال، فدخول بعض الربح في ملك العامل مخالف لهذه القاعدة . نعم، يمكن أن يقال: إنّ الربح كلّه يدخل في ملك المالك أوّلاً ثمّ ينتقل سهم منه إلى ملك العامل قبال عمله، إلّا أنّه خلاف قانون المضاربة.
وفيه: إنّ تلك القاعدة وإن كانت مشهورة في كلمات الفقهاء - ولذا قد يقال: إنّ قول القائل: «بع مالك عنّي» أو «أعتق عبدك عنّي» أو «اشتر بمالي لباساً أو غذاء لك»، معناه الوكالة في تمليك المال أو العبد عن نفسه أصالة وقبوله عن القائل وكالة ثمّ بيع المال أوعتق العبد عنه أو الوكالة في تمليك مال غيره لنفسه، ثمّ قبوله عن نفسه ثمّ الشراء به‏لنفسه - ولكن هذا كله غير صحيح؛ لكونه مخالفا لما هو المرتكز في أذهان العامة والعرف. والقول بأنّ ذلك مقتضى المعاوضة والمبادلة، ليس بسديد ؛ لأنّ العرف لايرى بعداً في أن يشتري الإنسن لنفسه شيئاً في مقابل ثمن الغير، أو أن يشتري للغير بمال نفسه؛ كما يتّضح ذلك بأدنى تأمل في أمثال تلك الموارد، نعم يمكن أن يقال: حيث إنّ ذلك اللباس أو الغذاء إحسان وهدية من قبل صاحب الثمن إلى من يشتريهما لنفسه، فهو

نحلة جائزة وليست بلازمة ، وله أن يستردّه منه، وفرق بين هذا وبين قولنا: إنّ المثمن يدخل أوّلاً في ملك صاحب الثمن الذي هو المحسن ثمّ يخرج منه ويدخل في ملك المحسن إليه - بصيغة المفعول - أو الثمن يخرج أوّلاً من ملكه ويدخل في ملك الآخر ثمّ يخرج منه ويدخل في ملك صاحب السلعة.
والحاصل أنّ تصوّر معنى البدلية في المعاوضة لايجبرنا أن نفرض أنّ الثمن يدخل محل المثمن وبالعكس، بل مفهوم المعاوضة والمبادلة هنا نفس مفهومها في موارد اُخر؛ مثل الضيافة والاستقبال والقصاص وغيرها في نظر أهل العرف، فكما أنّ العبد يذهب إلى الضيافة أو يقيم والاستقبال والقصاص وغيرها في نظر أهل العرف، فكما أنّ العبد يذهب إلى الضيافة أو يقيم الضيافة بدلاً عن صاحبه وكذا الولد بدلاً عن أبيه وأن شخصاً آخر يقتل بدلاً عن القاتل كما كان متعارفاً في عصر الجاهلية ومنعه الإسلام، فبهذه العناية أيضاً تستعمل البدلية في موارد التملك والتمليك.
الوجه الثالث: إنّ المضاربة تزيد على غيرها في الإشكال؛ بأنّها لاتنحصر غالباً في التجارة مرّة واحدة بل، تكون فيها التجارات المستمرة المتعددة. وعلى هذا فلو فرض أنّ رأس المال مأة دينار وكان للعامل نصف الربح فاتّجر العامل به واشترى سلعة بمأة دينار ثمّ باعها بمأتي دينار ، كان مقتضى العقد اختصاص المالك بمأة وخمسين ديناراً واختصاص العامل بخمسين ديناراً فقط . فلو اشترى بعد ذلك شيئاً بمأتي دينار ثمّ باعه باربعمأة دينار، فمقتضى العقد أن يكون مأة وخمسون ديناراً للعامل وللمالك مأتان وخمسون ديناراً. وهذا مخالف للقاعدة من حيث إنّ المأتين ديناراً الحاصلة من التجارة الثانية إنّما هي ربحٌ لمجموع خمسين ديناراً - حصة العامل - ومأة وخمسين ديناراً - حصة المالك - ومقتضى القاعدة أن يكون ربع هذا المبلغ له والثلاثة الأرباع الباقية بينه وبين المالك، فيصير سهم العامل مأة وخمسة وسبعون ديناراً وسهم المالك مأتان وخمسة وعشرون . فالقول بأنّ سهم العامل مأة وخمسون وسهم المالك مأتان وخمسون ناش عن

تقسيم ربح مال العامل أيضاً بينهما كثلاثة الأرباع الأخر وهو خلاف القاعدة، ومن هنا فلو كنا نحن والقاعدة ولم يكن هناك دليل على الصحة، لالتزمنا بفساد عقد المضاربة بقول مطلق.(42)
وهذا تدقيق منه‏رحمه الله ولكنّه في غير محلّه ؛ لأنّ المرتكز في المضاربة كون رأس المال في المرتبة الأولى من المالك. وأمّا في سائر المراحل، مادامت المضاربة قائمة على ساقيها، يكون رأس المال جميع ما يحصل من الربح في تلك الدفعات مع رأس المال الأصلي من دون ن يستثنى سهم العامل ويكون رأس المال للتجارة الآتية سهم المالك من الربح مع رأس المال الأصلي ، وفي مقام التصفية يأخذ المالك أوّلاً رأس المال الأصلي ثمّ يُقسم ربح التجارات المتعددة حسب قرارهم. ولعمري أنّ ذلك معلوم لكلّ أحد وليس مخالفاً للقاعدة ، هذا.
ثمّ، لو نسلم جميع ما أفاده‏قدس سره وفرضناه صحيحاً، فلِمَ لاتكفي العمومات في صحة المضاربة على الدين والمنفعة؟ ولِمَ لايكون شمول العمومات مثل شمول الأدلّة الخاصة؟ نعم، يمكن أن يقال إنّ تلك القواعد المذكورة في كلامه‏رحمه الله لو كانت مستفادة من الأدلّة شرعية والنصوص المروية ، تعارض العمومات وتخصصها. لكنها مع الأسف ليست كذلك، فلا بأس بالأخذ بعمومها.


التمسك بعموم «أوفوا بالعقود»، فهو أيضاً كذلك، أي يقتضي الصحة ولا يقتضي كونها مضاربة، ولاتجدي الإطلاقات المقامية أيضاً؛ لتوقّفها على صحّة المضاربة عند العرف، ولم يثبت أنّ المعاملة على الدين والمنفعة مضاربة عند العرف، والأصل عدم ترتب أحكام المضاربة عليها.»(43)
والذي نقوله في هذا المجال هو صحة المضاربة مطلقاً وذلك لأمرين:
الأوّل: إطلاق روايات باب المضاربة؛ كصحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهماعليهما السلام قال: «سألته عن الرجل يعطي المال مضاربة وينهى أن يخرج به، فخرج؟ قال: يضمن المال والربح بينهما.»(44) وكذلك سائر الروايات الواردة عقيبها(45)؛ مثل: صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله‏ليه السلام وصحيحة أبي الصباح الكناني عن أبي عبداللّه‏عليه السلام وصحيحتين اُخريين للحلبي ورواية أخرى للكناني وصحيحة رابعة للحلبي وصحيحة جميل وموثقة أبي بصير ورواية زيد الشحام ورواية أحمد بن محمّد بن عيسى عن أبيه عن أبي عبداللّه‏عليه السلام وكلمة «المال» الموجودة في هذه الروايات أعم من العين والدين والمنفعة. ودعوى أنها مخصوصة بالعين بقرينة كلمة الإعطاء، فإنّه لايتحقق إلّا في العين، مدفوعة بأن المراد من الإعطاء جعل المال تحت اختيار العامل سواء أكان بالإعطاء والدفع أو بالإذن والإجازة، مضافاً إلى أنه ليست كلمة «الإعطاء» في الرواية الأخيرة.
والقول بأن هذه الروايات ليست في مقام بيان هذه الجهة، أي صحة المضاربة بالمال مطلقاً وإنّما هي في بيان صحة الاشتراط، لايسمع بعد شمول إطلاق المال على الدين

والمنفعة فيها.
ولتوضيح البحث نقول: إنّ دعوى شرطية عينية رأس المال إمّا عرفية أو شرعية؛ فإن كانت عرفية - بدعوى أنّه لو لم يكن رأس المال عيناً، سواء كان منفعة أو ديناً، لما صدق عليه المضاربة عرفاً - فهي مدفوعة بأنّ الأمر ليس كذلك في عرفنا الراهن؛ لأنّ الناس لايفرقون أبداً في إطلاق المضاربة بين العين والدين والمنفعة، والظاهر أن عرف الناس في عصر النبي‏صلى الله عليه وآله وقبله وبعده أيضاً كان كذلك. ولو شككنا، فهو مقتضى أصالة عدم النقل كما في موارد أخرى. وإن كانت شرعية بدعوى أن الشرع الذي حكم بصحة المضاربة و أمضاها، نهى عنكون رأس المال ديناً أو منفعة، ففيها: أن الامر لو كان كذلك لكان اللازم على الشارع التصريح به؛ لأنه تقييد في نظر العرف وتصحيح له، لئلايشتبه الأمر على الناس ولايقعوا في غفلة ولا التباس، ولايحسن أن يُكتفى في ذلك بذكر كلمة مبهمة كالإعطاء والدفع الذي يحملان بسهولة على الأعمّ منهما ومن الإذن والإجازة، خصوصاً مع ذكر كلمة «المال» في جنبهما الذي هو أعمّ من العين والدين والمنفعة.
الثاني: العمومات مثل «إلّا أن تكون تجارة عن تراض»(46) و «يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود»(47) و «المؤمنون عند شروطهم»(48) وفي بعض الروايات «المسلمون»(49). والقول بأنّ أوفوا بالعقود مختصة بالعقود اللازمة، مردودةٌ؛ لأنّ عهود الناس مختلفة من حيث الإطلاق والتقييد واللزوم وغيره، والعقد إما مطلق العهد، ولو كان من طرف واحد، أو العهد من الطرفين أي العهد قبال العهد، فمعنى الآية الشريفة: إذا تعاهدتم بينكم،

فاعملوا بما تعاهدتم. وليس المراد أنّكم إذا تعاهدتم بنحو الإيجاب والإلزام، فاعملوا به وإذا كان تعاهدكم بشكل آخر، لاتعملوا به.
فإذا تعهد شخص بتمليك شي‏ء لشخص، فيجب العمل بتعهده، وإذا تعهد أن يجعل شيئاً وثيقة عند الدائن، فيجب العمل بتعهده. وأمّا الدائن، فلا عهد عليه ولذا يجوز له أخذ الوثيقة ويجوز رده ابتداء أو بقاء. وإذا تعهد أن يعطي رأس المال للآخر للتجارة أو أن يستنيب عن الملك في حفظ ماله أو أن يأذن أن يستفاد أحدٌ عن ماله تبرعاً، فيجب الوفاء به فما كان جائزاً ذاتاً بنفسه فلا يجب الوفاء به قهراً؛ لانه لم يتعهد بشي‏ء وما لم يكن كذلك، فيخصص العموم بالدليل الدال على جوازه لو كان جائزاً. وأمّا حديث «المؤمنون (المسلمون) عند شروطهم» ، فقد ذكرنا في «فقه الشركة»(50) مفصلاً أنّه يشمل الشروط الابتدائية أيضاً ولايختص بالشروط الضمنية، ويشمل جميع العقود حتّى العقود المستحدثة. وادعاء انصرافها بالعقود المتعارفة في عهد الرسول‏صلى الله عليه وآله أ الأئمةعليهم السلام أو العقود المتعارفة عند الفقهاء، لا وجه له و يخالفه الاعتبار أيضاً، فالأدلّة الشرعية، العامة والخاصة، شاملة للمضاربة على الديون والمنافع أيضاً.
وقد يستدل لبطلانها بأمور كلّها مخدوش وهي:
الأوّل: الإجماع، أو عدم الخلاف على اشتراط كون رأس المال عيناً، أو أنّه لايجوز القراض على الديون، وقد مرّ في كلام جماعة كالعلامة والمحقق والشهيد الثاني‏رحمهم الله. وفيه: أنّه لم يذكر المسألة جمع غفير من القدماء، وقد خالف فيه جمع من المتأخرين، ولو فرضنا وجود الإجماع فحجيته مشروطة بكشف قول المعصوم عنه ودون إثباته خرط القتاد.
الثاني: ما مرّ عن المحقّق الخوئي‏رحمه الله والسيد الحكيم‏رحمه الله ، وقد عرفت ما فيه

الثالث: ما قد قيل: إنّ المضاربة علاقة بين العمل والمال وحيث إنّ الدين والمنفعة ليسا بمالين، فلا يتصوّر العلاقة بينهما وبين العمل. وهو أضعف الوجوه التي ذكرت في المقام.
نعم، بقي هنا أمران؛ أحدهما مخصوص بالدين والثاني بالمنافع:
أمّا الأمر الأول الذي يختص بالدين، فهو الحديث الذي رواه محمّد بن يعقوب الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبداللّه‏عليه السلام قال: «قال أمير المؤمنين‏عليه السلام في رجل له على رجل مال فيتقاضاه ولايكون عنده ، فيقول هو دك مضاربة قال: «لايصلح حتّى تقبضه منه».(51)
حيث قيل: إن الخبر مانع من أن يكون الدين في المضاربة بعنوان رأس المال. ولكن الحق؛ أنّ الخبر أخصّ من المدعى‏؛ حيث إنّه لا يدلّ على عدم جواز كون الدين رأس المال إلّا ممّن لايكون عنده مال. وهذا أمر واضح عقلائي ، فإنّ من لم يكن عنده مال يقضي دينه كيف يجوز ن يكون عنده مضاربةً؟ والمبحوث عنه هنا في من كان عليه دين وأراد أن يقضيه، ولكن لايأخذه الدائن بل يقول هو باقٍ عندك مضاربة، والرواية لا تدلّ على عدم جواز ذلك بل، وكذلك لاتشمل الرواية من كان عليه دين ولم يكن عنده الآن مال حتّى يقضيه، ولكن قال له الدائن: هو عندك دين حتّى الميسرة وإذا وصل زمان اليسر كان عندك مضاربة. وهذا واضح.
وأمّا الأمر الثاني في كيفية تصوير جعل المنافع بعنوان رأس المال والاتجار بها، حيث قد يقال: إنه لايتصور انتقال المنافع في التجارات الواقعة بيد العامل، فلا يجوز جعلها بعنوان رأس المال. نعم، يمكن الاتجار بالأثمان والأجرات الحاصلة من المنافع بأن يعطي المالك للعامل داراً مثلاً فيؤجرها العامل ويجعل الأجرة رأس المال فيكون رأس المال أجرة الدار وهي عين لا منفعة.
الثاني(1): أن يكون من الذهب أو الفضة المسكوكين بسكة المعاملة؛ بأن يكون درهماً أو ديناراً؛ فلا تصحّ بالفلوس ولا بالعروض، بلا خلاف بينهم، وإن لم يكن عليه دليل سوى دعوى الإجماع . نعم، تأمّل فيه بعضهم، وهو في محله؛ لشمول العمومات إلّا أن يتحقّق الإجماع وليس ببعيد، فلا يترك الاحتياط.فنقول: يمكن تصويره فيما إذا اتجر العامل بنفس المنفعة بأن يشتري المثمن ويجعل الثمن سكنى الدار سنة مثلاً ولا إشكال فيه، نعم، هذا يتصوّر بسهولة في غير التجارة؛ كالصيد في البحر والهواء وسيجي‏ء القول فيه في الشرط الآتي إن شاء اللّه تعالى . (1) - نذكر قبل الورود في البحث جملة من كلمات الفقهاء حول المسألة:

وقال نحوه الشيخ الطوسي‏رحمه الله في نهايته.(53) 2 - وقال الشيخ الطوسي‏رحمه الله: «مسألة 1: لايجوز القراض إلّا بالأثمان التي هي الدراهم والدنانير وبه قال أبوحنيفة ومالك والشافعي. وقال الأوزاعي وابن أبي ليلى: يجوز بكلّ شي‏ء يتمول، فإن كان ممّا له مثل، كالحبوب والأدهان، يرجع إلى مثله حين المفاصلة والربح بعده بينهما نصفين، وإن كان ممّ لا مثل له كالثياب والمتاع والحيوان، كان رأس المال قيمته والربح بعدُ بينهما . دليلنا: أنّ ما اخترناه مجمع على جواز القراض به وليس على جواز ما قالوه دليل.
مسألة 2: القراض بالفلوس لايجوز ، وبه قال أبوحنيفة وأبويوسف والشافعي. وقال محمد: هو القياس إلّا أني اُجيزه استحساناً؛ لأنّها ثمن الأشياء في بعض البلاد. دليلنا: أنّ ما

قلناه مجمع على جواز القراض به وما ذكروه ليس عليه دليل، والاستحسان عندنا باطل.
مسألة 3: لايجوز القراض بالورق المغشوش، سواء أكان الغش أقل أو أكثر أو سواء وبه قال الشافعي. وقال أبوحنيفة: إن كان سواء أو كان الغش أقل، جاز وإن كان الغش أكثر لم يجز؛ بناه على أصله في الزكاة، وقد مضى الكلام عليه. دليلنا ما قلناه في المسألة الأولى سواء.»(54)





خلاف في جواز القراض مع حصول ما ذكرناه وليس على صحته إذا لم يحصل دليل.»(58)



فلا يصحّ القراض بالعروض ولا النقرة ولا بالفلوس ولا بالدراهم المغشوشة» :
«والمراد بالنقد الدراهم والدنانير المضروبة المسكوكة،... وما عدا ذلك لاتصحّ المضاربة عليه بإجماعنا واتفاق أكثر العامة.»(65)

المالكية: رابعها كون رأس المال عيناً يتعامل بها أهل البلد سواء كانت مضروبة أو غير مضروبة.
الحنابلة: ومنها أن يكون رأس المال ذهباً أو فضة مضروبين مختومين بختم الملك، فلا تصحّ إذا كان رأس المال قطع ذهب أو فضة لم تضرب ، كما لاتصحّ إذا كان فلوساً كالنحاس ونحوه... وكذلك لايصحّ أن يكون رأس المال عرض تجارة. فإنه إذا قال شخص لآخر خذ هذه الثياب... وبعها مضاربة بجزء معين من الربح، فإنّه لا تصحّ؛ إذ ربما ارتفع سعرها فربحت قبل أن يعمل فيها المضارب عملاً، فيأخذ نصيباً من ذلك الربح بدون عمل، وذلك غبن لصاحب السلعة.
الشافعية: أما المال، فإنّه يشترط له شروط، أحدها أن يكون نقداً مضروباً (ذهباً أو

فضة مختومين بختم الحاكم ليتعامل بهما) فلا تصح بالتبر... وكذلك لايصح بعرض التجارة كالنحاس والقطن و... ومن عروض التجارة الفلوس، فلا تصح المضاربة بها؛ لأنّها مأخوذ من النحاس والبرونز وهما من عروض التجارة وبعضهم يقول: إنّ الفلوس يتعامل بها كالنقدين فهي من النقد لا من عروض التجارة، فيصح جعلها رأس مال المضاربة.»(67)
هذه نبذة من كلمات القوم من الخاصة والعامة، وقد يستفاد منها أنّ في المسألة أربعة أقوال :
الأوّل: إنّه يشترط في المضاربة أن يكون مال المضاربة من الذهب والفضة المسكوكين، سالمين من القلب والغش. وهذا مجمع عليه، بمعنى أنّ كل العلماء قائلون بصحة المضاربة إذا كان رأس المال كذلك .
الثاني: هو نفس الأوّل من دون شرط السلامة من الخليط، إذا كان الخليط قليلاً أو مساوياً دون أن يكون الخليط كثيراً بحيث لايصدق كونه ذهباً .
الثالث: أن يكون رأس المال من الأثمان دون الأمتعة، سواء كان درهماً أو ديناراً أو فلوساً أو غيرها كالنقود القرطاسية المعمولة فعلاً من التوامين والريالات والدولارات وغيرها ، بشرط صحتها من القلب.
الرابع: لايشترط فيه أزيد من كونه مالاً، فكلما يصدق أنّه مال يصحّ أن يكون رأس المال في المضاربة، سواء كان من النقود أو الأمتعة.
هذه هي الأقوال، وأمّا الأدلّة التي استدلوا بها في المقام للمنع:
فقد تمسّك القائلون بالأول والثاني بأنّهما متيقنان من الأدلّة والأقوال، وأمّا غيرهما فمشكوك، فيتمسّك فيه بالأصل ومقتضاه الفساد .
وأمّا القائلون بالقول الثالث، فقد استندوا فيه بأمرين:


الأوّل: الإجماع على أنّه يشترط في المضاربة أن يكون رأس المال من النقود.
وفيه: أنّه غير موجود أوّلاً وعلى فرض وجوده فلا يمكن منه كشف قول المعصوم‏عليه السلام ؛ فإنّ الإجماع بنفسه ليس بحجّة بل، لابدّ أن يكون بحيث أن نطمئن منه بوجود دليل معتبر في أيدي المجمعين ولم يصل بأيدينا وكان بحيث لو كان وصل إلينا لنقول به، وذلك فيما إذاأفتى فقهاؤنارحمهم الله أجمع بشي‏ء ولم يكن في البين دليل عقلي ولا نقلي يحتمل أن يكون هو مستندهم، مع علمنا بأنّهم قوم متشرعون ومتعبدون ولايقولون بشي‏ء من الشرع بلا حجّة ودليل ؛ فلابد من أن كان في أيديهم دليل معتبر لو كان واصلاً لنا لقلنا به أيضاً. وهذه الملة ليست كذلك؛ لأنّه يحتمل أن يكون مبنى فتوى العلماء الخاصة الاستدلالات العقلية، كما أنّ العامة أيضاً أفتوا في المقام بهذه الاستدلات، فلا يكون الإجماع حجّة مستقلاً.
والثاني: الاستدلال الذي جاء في كلمات بعض؛ كابن قدامة(68) من علماء السنّة وبعض كلمات العلامةرحمه الله(69)، وخلاصته: أنّ رأس المال إذا لم يكن من النقود وكان متاعاً من الأمتعة؛ إمّا يكون مثلياً أو قيمياً. فإن كان مثلياً، فلا يخلو إمّا أن يكون رأس المال نفس الشي‏ء أو قيمته. فإن كان رأس المال نفس الشي‏ء بحيث يلزم عند المحاسبة النهائية دفع مثل العين ؛ لأنّ نفس العين تكون تالفة في ذلك الحين، كما إذا دفع إلى العامل مأة مَنّ سكراً وجعل نفسه رأس المال وباعه العامل واشترى شيئاً آخر، فيلزم أن يأخذ عند المفاصاة وتمية عمليات المضاربة مأة مَنّ من السكر بعنوان أصل المال وتكون البقيّة ربحاً بينهما، فقد يكون قيمة السكر مرتفعة في ذلك الحين فيكون مأة مَنّ من السكر أغلى بمراتب ممّا دفعه إلى العامل بعنوان رأس المال، فيذهب كثير من الربح بعنوان أصل المال. ولا بأس بكونه من المغشوش الذي يعامل به مثل الشاميات(1) والقمري ونحوها . نعم، لو كان مغشوشاً يجب كسره - بأن كان قلباً - لم يصح، وإن كان له قيمة، فهو مثل الفلوس . ولو قال للعامل: بع هذه السلعة وخذ ثمنها قراضا،
فلو كان مثلاً قيمته يوم الدفع ألف تومان ويوم المفاصاة ألف وخمسمأة تومان وكان الربح في تلك المدّة خمسمأة تومان، فلا يبقى شي‏ء بعنوان الربح بعد ردّ أصل المال بعنوان الربح فيبقى العامل صفر اليد. ولو كان الأمر بالعكس بأن كان السكر يوم المحاسبة وانتهاء أمد الضاربة أرخص من يوم الدفع فيبقى مبلغ من أصل المال مخلوطاً بالربح فيشترك فيه العامل مع المالك، مع انّه شريك في الربح لا في قيمة رأس المال. هذا إذا كان السكر رأس المال بنفسه، وأمّا إن كان بقيمته، فوقع الاختلاف في تحديدها، فيمكن أن يقوّمه المالك أغلى ممّا يقوّمه العامل .
وأمّا إذا كان المتاع الذي جُعل بعنوان رأس المال قيمياً، فنفسه لايكون رأس المال ؛ لأنّه يتلف في أثناء التجارة وليس له مثيل في السوق لفرضنا إيّاه قيمياً، فقيمته يكون رأس المال، فيقع التشاجر بينهما كما ذكرناه في المثلي، فلا يجوز أن تجعل السلعة رأس المال.

وفيه: أنّه لايلزم شي‏ء مما ذكره؛ أمّا كونه مثلياً وكون نفسه أو مثله رأس المال، فلا إشكال فيه؛ إذ يؤخذ المثل بعنوان رأس المال، سواء أكانت قيمته مساوية مع ما يؤخذ حين المحاسبة أو أرخص أو أغلى. وأمّا إذا كان قيميّاً، فلا يلزم الإشكال أيضاً؛ إذ في صورة الختلاف بينهما يُرجع إلى الخبرة في تعيين القيمة . وعلى هذا فلا إشكال في جواز كون رأس المال من الأمتعة والسلع. وهذا الإشكال لو كان وارداً، فلا يختص بالسلعة بل، يرد حتّى فيما كان رأس المال من النقود؛ لأنّها أيضاً كالسلعة قدترتفع وقد ترخص، إذا قيست بالنسبة إلى أسعار الأشياء، كما هو معلوم في عهدنا الراهن؛ فقد يرتفع قيمة الريال وقد ينقص بالنسبة إلى الدولار والنقود الأخر بل إلى أسعار الأجناس.
(1) - قد جاء ذكر «الدراهم الشامية» في حديث رواه الصدوق‏رحمه الله ولكن الموجود في لم يصحّ، إلّا أن يوكّله في تجديد العقد عليه بعد أن نض ثمنه(1) . 1- شركة العنان: وهي أن يجتمعا بالمال والبدن، فهذا زيد يدفع مائة ألف ريال وهذا يدفع مائة ألف ريال أو أقل أو أكثر ويعملا في هذا المال؛ يفتحا محلاً تجارياً…إلخ. 2- شركة مضاربة: وهي أن يدفع ماله لمن يقوم عليه بجزء مشاع معلوم من الربح، يعني: تعطيه مائة ألف ريال يعمل بها في البيع والشراء بجزء معلوم مشاع من الربح؛ له النصف أو الربع ولك الباقي. 3- شركة الوجوه: هي أن يشتري اثنان فأكثر سلعاً في ذمتيهما بجاهيهما والربح حسب ما يشترطاه، يعني: زيد وعمرو ليس عندهما أموال لكن لهما جاه وقدر عند الناس فيذهبا إلى الناس ويأخذا منهم سلعاً يقترضاها في ذمتيهما ثم بعد ذلك يقوما بالعمل والبيع في هذه السلع. 4- شركة الأبدان: وهي ما يكون بين أهل الحرف والصنائع سواء اتفقت الصنائع أو اختلفت على الصحيح، يعني: هذان الرجلان كل منهما نجار أو كل منهما حداد …إلخ؛ فيعملان وما تحصَّل فهو بينهما حسب ما يتفقان، على النصف أو هذا له الثلث وهذا له الثلثان … إلخ؛ وسواء اتفقت الصنائع أو اختلفت. 5- شركة المفاوضة: وهي ما يجمع الأقسام السابقة فيشترك اثنان شركة مفاوضة؛ يدفعان أموالهما، يعملان بأبدانهما، يأخذان بذممهما، يضارب أحدهما بالمال …إلخ. 1/ إنها استئجار بالمجهول بل بالمعدوم ولعمل مجهول جوزت ترخصاً واستحساناً . 2/ إنها وكالة والشرط الفاسد لا يعمل في الوكالة (إذا اشترط الوضيعة على المضارب) موسوعة الفقه الإسلامي في 38/54 . 3/ إنها أمانة "شرط عمل رب المال في عقد المضاربة يفسدها لأن المال أمانة فلا يتم إلا بعد تسليم رأس المال إلى المضارب" موسوعة الفقه الإسلامي 38/63 . 1/ إذا حصل ربح يشترك فيه صاحب المال والمضارب وفقاً للنسبة المتفق عليها. فمثلاً إذا حصل ربح مائة ألف ، يأخذ صاحب رأس المال خمسين ألفًا ، ويأخذ المضارب خمسين ألفًا. لنفترض أن الخمسين ألفًا هذه تساوي تكلفة الفرصة الضائعة بالنسبة للمضارب (أجرة مثله) ، بمعنى أنه لو أجر نفسه لصاحب الأعمال لوجد أن أجرته خمسون ألفًا. 2/ إذا لم يحصل ربح وانتهت المعاملة بلا ربح ولا خسارة، لا يجد المضارب شيئاً حتى أجر مثله ، ويأخذ صاحب المال ماله لا غير 3/ إذا حصلت خسارة (مائة ألف) فحال المضارب كما في الشكل الثاني وأما رأس المال فيحمل جميع خسارة (نقص) المال = مائة ألف. 1/ إذا سئل ما هي خسارة المضارب في الحالة الثانية ؟ وهل خسر صاحب رأس المال ؟ فالجواب واضح أنه خسر المضارب بدل عمله (وهو ما كان يتوقع من الربح) وخسارة رأس المال أنه أيضاً لم يربح ، معناه أنه كان يتوقع من الربح ولم يحصل ، فهذا بدل ذلك . 2/ ويجوز أن يتفقا على أي نسبة للمشاركة في الربح. 3/ أليس موقف الفقهاء يعرض صاحب المال لخطر أو غرر أكثر بالنسبة للمضارب، خاصة إذا كان العقد مبنياً على التوزيع السنوي ؟ 1/ مضاربة العصر الحاضر ليست مضاربة القرون الأولى ، ففي القديم كانت المضاربة في التجارة فقط واليوم طبقناها في الأنشطة الإنتاجية ذات المخاطرة العالية . 2/ كان يمكن في القديم أن تحدد أعمال المضارب بشروط وقيود كما رأينا في رواية ابن عباس رضي الله عنه ، وهذا لا يمكن اليوم إلا نادراً . 3/ يستخدم المضارب رؤوس الأموال بنفس الحرية التي يستخدمها في الأموال التي حصل كالديون فما بقيت المضاربة لا وكالة ولا أمانة ولا إجارة . 4/ قد رأينا العباس رضي الله عنه شرط على المضارب شروطاً وقال: إذا خالف فهو ضامن ، أليس للمضارب أن يقول لرب المال: أعطني حرية في جميع أعمال المضاربة وأنا ضامن. 5/ المساهمة في الخسارة ليست خلاف قاعدة: "الخراج بالضمان"، بل يبدو أنها مقتضاه. 6/ المساهمة في الوضيعة موقف وسط بين رأي الفقهاء أنه لا ضمان على المضارب وبين اثبات بعض المعاصرين ضمان الودائع المستثمرة على البنك المضارب ، كما لاحظنا في أحد لقاءات الأربعاء الماضية . 1. نطاق المعيار: 2. المعالجات المحاسبية للتمويل بالمضاربة : 2/1 إثبات رأس مال المضاربة عند التعاقد 2/1/1 يتم إثبات عمليات تمويل المضاربة عند تسليم رأس المال ( نقداً كان أو عيناً إلى المضارب أو وضعه تحت تصرفه. 2/1/2 إذا اتفق على تسليم رأس مال المضاربة الواحدة على دفعات يتم إثبات كل مبلغ عند دفعه . 2/1/3 إذا تم تعليق عقد المضاربة على حدث مستقبلي أو إضافته إلى وقت لاحق ولم يتم تسليم رأس مال المضاربة حتى وقوع الحدث أو مجيء الوقت فإن رأس مال المضاربة لا يتم إثباته إلا عند تسليمه للمضارب . 2/1/4 تظهر عمليات التمويل بالمضاربة في القوائم المالية للمصرف باسم (التمويل بالمضاربات ) ، وتفرد المضاربة بموجودات للاستغلال باسم (موجودات للاستغلال مضاربه ). 2/2 قياس رأس مال المضاربة عند التعاقد 2/2/1 إذا قدم المصرف رأس مال المضاربة نقداً يقاس بالمبلغ المدفوع أو الموضوع تحت تصرف المضارب . 2/2/2 إذا قدم المصرف رأس مال المضاربة عيناً ( عروضاً أو في صورة موجودات للاستغلال ) يقاس بالقيمة العادلة للعين (القيمة المتفق عليها بين المصرف والعميل ) ، وإذا نتج عن تقديم العين فرق بين القيمة العادلة وقيمتها الدفترية فإنه يعترف به ربحاً أو خسارة للمصرف نفسه . 2/2/3 لا تعتبر المصروفات الخاصة بإجراءات التعاقد التي يتكبدها أحد الطرفين او كلاهما ( مثل مصروفات دراسة الجدوى وما في حكمها ) ضمن رأس مال المضاربة إلا إذا اتفق الطرفان على خلاف ذلك . 2/3 قياس رأس مال المضاربة بعد التعاقد في نهاية الفترة المالية : 2/3/1 يقاس رأس مال المضاربة بعد التعاقد حسبما ورد في البند 2/2 ويخصم من هذه القيمة ما استرده المصرف من رأس مال المضاربة إن وجد . 2/3/3 إذا هلك رأس مال المضاربة كله بدون تعد ولا تقصير من المضارب تنتهي المضاربة وتتم تسوية الحساب الخاص بها ويعالج الهلاك بصفته خسارة على المصرف. 2/3/4 إذا انتهت المضاربة أو صفيت ولم يتم تسليم رأس مال المضاربة إلى المصرف بعد التحاسب التام (مأخوذة في الاعتبار الأرباح أو الخسائر ) فإنه يتم إثبات رأس مال المضاربة ذمماً على المضارب ( مأخوذة في الاعتبار أيضاً الأرباح أو الخسائر ). 2/4 إثبات نصيب المصرف في أرباح المضاربة أو خسائرها : 2/4/1 يتم إثبات نصيب المصرف في أرباح أو خسائر عمليات التمويل وفقاً للأساس النقدي . 2/4/2 في حالة عمليات التمويل بالمضاربة التي تستمر لأكثر من فترة مالية يثبت في دفاتر المصرف نصيبه في الأرباح عند تحققها بالتحاسب التام عليها أو على جزء منها بين المصرف والمضارب في الفترة المالية التي حدثت فيها وذلك في حدود الأرباح التي توزع . أما نصيب المصرف من الخسائر لفترة مالية فيتم إثباتها في دفاتر المصرف لتلك الفترة وذلك في حدود الخسائر التي يخفض بها رأس مال المضارب . 1 - قال الشيخ الطّوسي‏رحمه الله: «متى كان له على غيره مال دَيناً، لم يجز له أن يجعله شركة 4 - وقال المحقق الأردبيلي‏رحمه الله بعد نقل كلام المذكور عن العلامةرحمه الله: «وهي مروية في التهذيب عن النوفلي عن السكوني، وهما ليسا بموثقين، قيل في الأول: إنّه غلا في آخر عمره، والثاني عاميّ، وفي السند إبراهيم بن هاشم أيضاً، فتامل. فلولا الإجماع في اتراط كونه غير دين لأمكن القول بعدمه.»(41) 5 - وقال المحقّق الخوئي‏رحمه الله في بيان وجه عدم جواز المضاربة على الدين والمنفعة ما محصله: إنّ دليل صحّتها إمّا أدلة خاصة؛ وهي الروايات الواردة في باب المضاربة، وإمّا العمومات الواردة؛ كقوله تعالى «تجارة عن تراض» وقوله: «أوفوا بالعقود». أمّا الأدلة 6 - وقال المحقق الحكيم‏رحمه الله في بيان عدم جريان الأدلّة العامة في المقام مع قوله بأنه تختص الأدلة الخاصة بالعين دون الدين ما هذا ملخصه: «واستدل في الرياض بأنّه لا مجال للتمسك بعموم الوفاء بالعقود في المقام لاختصاصه بالعقود اللازمة، واستشكل عليه في لجواهر؛ بأنّه يكفي في الصحة قوله تعالى: «إلا أن تكون تجارة عن تراض». وفيه: أنّ ذلك إنّما يقتضي الصحّة ولايقتضي كونها مضاربة، ومنه يظهر أنّه لو سلم جواز 1 - قال المفيدرحمه الله: «إن أعطى إنسان غيره ثوباً ليبيعه له وشرط له فيه نصف الربح أو ثلثه، فهو بالخيار؛ إن شاء أمضى شرطه، وإن شاء رجع فيه، وكان عليه لبيع الثوب أجرة مثله في البيع دون ما سواه.»(52) 3 - وقال أيضاًرحمه الله: «إنّ القراض لايجوز إلّا بالأثمان من الدراهم والدنانير. وأما غيرهما، فلا يجوز وفيه خلاف. وأمّا القراض بالنقرة، فلا يصحّ؛ لأنّها معتبرة فيما له قيمة فهي كالثياب والحيوان، والقراض بالفلوس لايجوز، والقراض بالورق المغشوش لايجوز سواء كان الغش أقل أو أكثر أو سواء، وفيه خلاف.»(55) 4 - وقال ابن البراج‏رحمه الله: «إذا دفع إنسان إلى حائك غزلاً وقال له: انسج ثوباً أو إزاراً على أن يكون الفضل بيننا، هل يكون ذلك مضاربة صحيحة أم لا؟ الجواب: لايكون ذلك مضاربة صحيحة لأنّ المضاربة لاتكون إلّا بالأثمان التي هي الدنانير والدراهم ويختلط المالان وإنّما قلنا هذا؛ لأنّه لا خلاف في أنّ ما ذكرناه مضاربة صحيحة وليس كذلك ما يخالفه...»(56) 5 - وقال أيضاً: «وليس يجوز القراض إلّا بالأثمان من الدنانير والدراهم ولايجوز بغيرهما و لايصح بالنقرة؛ لأنّها معتبرة بالقيمة كالحيوان والثياب.»(57) 6 - وقال ابن زهرةرحمه الله: «ومن شرط صحة ذلك أن يكون رأس المال فيه دراهم أو دنانير معلومة مسلمة إلى العامل ولايجوز القراض بالفلوس ولا بالورق المغشوش؛ لأنّه لا 7 - وقال ابن حمزةرحمه الله: «فالصحيح ما اجتمع فيه شروط ثلاثة، العقد على الأثمان من الدراهم والدنانير غير المغشوشة.»(59) 8 - وقال ابن إدريس‏رحمه الله: «من شروط صحّة ذلك، أن يكون رأس المال معلومة، مسلمة إلى العامل، ولايجوز القراض بغير الدنانير والدراهم من سائر العروض، فعلى هذا لايجوز القراض بالفلوس ولا بالورق المغشوش.»(60) 9 - قال المحقّق‏رحمه الله: « ويشترط في مال المضاربة أن يكون عيناً، دنانير أو دراهم، ولاتصلح بالعروض.»(61) 10 - وقال العلامةرحمه الله: «وإنّما تصحّ بالأثمان الموجودة.»(62) 11 - وقال الشهيد الأوّل‏رحمه الله: «وإنّما تجوز بالدراهم والدنانير». وشرحه الشهيد الثاني‏رحمه الله بقوله: «إجماعاً، وليس ثمّة علة مقنعة غيره ، فلا تصح بالعروض ولا الفلوس ولا الدين ولا غيرها.»(63) 12 - وقال الشهيد الثاني‏رحمه الله في شرح قول المحقق‏رحمه الله في الشرائع «ومن شرطه أن يكون عيناً وأن يكون دراهم أو دنانير» ما هذا لفظه: «اشتراط ذلك في المال موضع وفاق، نقله في التذكرة وهو العمدة.»(64 13 - وقال المحقّق الثاني‏رحمه الله ذيل قول العلامة في القواعد: «الأوّل أن يكون نقداً 14 - قال الفيض الكاشاني‏رحمه الله: «قيل يشترط في المال أن يكون دراهم أو دنانير مسكوكة إجماعاً ولم نجد له نصاً.»(66) 15 - وفي الفقه على المذاهب الأربعة: «قالت الحنفية:... وأما شروط صحتها، فهي أمور، منها: أن يكون رأس المال من النقدين؛ الذهب أو الفضة المسكوكين باتفاق أهل المذهب وتصحّ بالفلوس الرائجة على المفتى به... وكذلك لايصحّ المضاربة بعروض التجارة فإذا أعطى رجل للآخر قطناً... وقال له: بعها مضاربة على أن يكون الربح بيننا، فهي مضاربة فاسدة.