المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هجرة العرب إلى السويد للعمل والدراسة وتداعيتها



درة رزق
06-20-2013, 07:16 AM
هجرة العرب إلى السويد للعمل والدراسة وتداعيتها



يعتقد الشباب العربي قبل هجرتهم إلى السويد بانهم سيعيشون في رغد العيش و يتخلصون من هموم حياتهم السابقة ومن البطالة. التخطيط لهذه المغامرة قد يستغرق سنين و ينفق هؤلاء اموال كثيرة للحصول على تأشيرة سياحية للسويد أو اي قطر اوروبي وخاصة دول الشنجن و بما أن السفارات لا تمنح التأشيرة بسهولة ، يلجأ الشباب الى المهربين وما اكثرهم على الساحة الأوروبية عامة والسويدية على وجه الخصوص. و تكلفة تهريب الشخص لا تقل عن 10 آلاف دولار تدفع على مرحلتين ، أولاها عند الإتفاق و الثانية عند الوصول. غالبية الشباب لا يملكون هذه الأموال لذلك يمارسون ضغوط نفسية كبيرة على ذويهم ليبيعوا ارضهم أو بيتهم أو يرهنوا العقار للبنك على امل النجاح و إعادة المال المستدان لفك الرهن أو سداد الدين.
لا ينجح الجميع بالوصول إلى السويد ، فبعضهم يلقى القبض عليه و يعاد تسفيره لبلده و هناك من يتحفظ عليه في مخيمات لإيواء المهاجرين غير الشرعيين و خاصة ممن لا يملكون وثائق اثبات الشخصية. و هناك من يغرق في البحر لأن المراكب التي يستقلونها غير صالحة للملاحة و هناك من يموت اختناقا في الحاويات التي يختبؤن بها و القليل ينجح بدخول السويد و في مراكز الحدود يعرض اللاجئ أسباب لجوءه الشخصية على مركز الشرطة ثم يحول الى دائرة الهجرة لإستكمال إجراءات اللجوء، ويتقدم بالأدلة على تلك الأسباب.
على المرء أن يوثق هويته بالوثائق الشخصية كجواز السفر أو الهوية و طريق السفر و لا تقبل السويد طلب اللجوء اذا هبط المرء في بلد أوروبي حيث يسفر لذلك البلد و لذلك يحاول البعض تمويه طريق القدوم وهذه لا تخدم طالب اللجوء .
يتم بعدها تكليف محام ليتولى الدفاع عن حقوق اللاجئ و متابعة طلب الهجرة و الإستئناف في حالة رفض الطلب وتقديم مذكرة بها إلى دائرة الهجرة Migrationsverket والدولة تتحمل كل اتعاب المحامي.
يسلم ملف طالب الهجرة لموظف في دائرة الهجرة للبت فيه. هذه العملية تأخذ من الوقت عدة أشهر وأحيانا سنوات، يكون فيها اللاجئ قد فرز إلى أحد معسكرات اللجوء وغالبية العرب يفرزون لمخيمات في اقصى شمال السويد في منطقة تدعى بودن تبعد عن ستكهولم اكثر من 800 كم و هي باردة جدا في فصل الشتاء، و غالبية اللاجئين يغادرون هذه المخيمات و يلجأون الى أحياء في مدن وبلديات سويدية يقطنها عرب . يمنح اللاجئ تصريح عمل مؤقت و الكثير منهم يجدون اعمال ذات اجور منخفضة جدا في المطاعم و شركات التنظيف.
يعيش اللاجئ هذه الفترة على أعصابه بانتظار المجهول. وخلال تلك الفترة يكون فيها اللاجئ المتزوج بعيدا عن أفراد أسرته، التي تركها، ويفكر بأحوالها. كما ويجتر وعلى مدار الساعة بأفكاره ظروف الحياة السابقة ويضع في حساباته رفض طلبه للجوء وبالمصير الذي سيحل به بعده. فإذا حصل على عدم الموافقة فيرسل محامية إعتراضا قانونيا على قرار دائرة الهجرة إلى محكمة شئون المهاجرين، التي تعطي القرار النهائي وغالبا ما يتطابق قرار المحكمة مع قرار دائرة الهجرة فيصار إلى إعادة اللاجئ من حيث أتى ويكون قد خسر أشهرا أو سنوات من عمره دون جدوى. هناك إجراءات إستثنائية لمواطني بلدان تتعرض لحروب داخلية مثل سوريا و أغلب اللاجئين السوريين يمنحون اقامة مؤقته لأن اعادتهم لموطنهم تشكل خطرا على حياتهم.
و السعيد هو من يصله جواب بالموافقة على طلب اللجوء، ويحصل المرء على تصريح الإقامة الدائمة والعمل والبعض يحصل على إقامة مؤقته لسنتين أو لسنة أو ستة اشهر و تجدد إذا لم ينتفي سبب اللجوء. يبدأ اللاجئ بالتواصل مع الجهات الرسمية لتسجيل نفسه والحصول على رقم وطني و بعدها تتعامل الدولة معه وكأنه مواطن يتمتع بكافة الحقوق، من تأمين صحي واجتماعي ويحصل على السكن والدراسة. تعم الفرحة في قلب اللاجئ ويعتقد بأنه وصل إلى كل مايبتغيه. بعد فترة لا تزيد عن أسابيع قليلة تبدأ جولة معاناة قانونية جديدة تتمثل في إحضار ماتبقى من افراد العائلة من مكان تواجدهم. فعلى العائلة أن تتوجه حينئذ إلى سفارة السويد، لترفع طلب لم الشمل وتحصل على موعد، يأخذ عادة عدة أشهر، لإجراء مقابلة مع طاقم السفارة. ويرسل محضر المقابلة من هناك إلى دائرة الهجرة في السويد للتأكد من أن الذين سيحضروا إلى السويد هم فعلا أقارب من الدرجة الأولى للاجئ، وأن أعمارهم جميعا، ماعدا الزوجة، تحت سن الرشد 18.
و في حالة وجود احد الوالدين على قيد الحياة يمكنه تقديم طلب شمل له بشرط ان يثبت انه يعيش معه و انه ليس له معيل غيره و يجب ان يقدم الطلب خلال السنة الأولى من حصول اللاجئ على الإقامة بالسويد. تتم بعدئذ الموافقة على جمع الشمل وتتخذ إجراءات السفر للحضور. وهنا تبدأ معاناة الحصول على مسكن يناسب عدد أفراد العائلة. تلتقي العائلة وتعود الفرحة للعائلة لمدة أسابيع قليلة جديدة. يتم صرف إعانات شهرية للأسرة من مصلحة الشؤون الإجتماعية و تقدر بحوالي 3200 كرون للزوجين و حوالي 1500 كرون عن كل طفل و تغطى تكلفة ايجار السكن ولا يدري المرء ماهو مخبأ له فيما لو لم يحسن الإستفادة من ظروف الحياة الجديدة والإندماج في المجتمع. وتكون ظروف وشرط الأقلمة على مراحل، مثل دراسة اللغة السويدية، والحصول على عمل، والأهم من هذا وذاك الحصول على توازن في العلاقات الأسرية مع الزوجة ومع الأبناء والبنات.

العمل/ الدراسة
يوفر التامين الإجتماعي الإعالة المالية (= الإعاشة) بالحدود الدنيا للعائلة. وتكون هناك متابعة دورية تدفع من خلالها مؤسسة الشؤون الإجتماعية القادمين الجدد للبحث عن العمل/ الدراسة ليتمكنوا، بعد تعلم اللغة، من إعالة أنفسهم بأنفسهم. وغالبا مايفتش المرء عن عمل يقارب مهنته التي اعتاد عليها. وإذا كان المرء متقنا للغة لما تحتاجه مهنته ومتقنا للمهنة ذاتها، يتمكن من الحصول على عمل رغم المنافسة الشديدة في سوق العمل. هذا وتصل نسبة البطالة في السويد حاليا إلى 6 إلى 7 بالمائة، ومن الملفت بأن نسبة البطالة هذه ترتفع لضعف هذه النسبة عند غير السويديين وخاصة الآسيويين والأفارقة منهم، وذلك لأسباب عدة لامجال لذكرها هنا.

التوازن الإجتماعي
وهو الأكثر حساسية وتأثير وغالبا مايشكل صدمة ثقافية. فكما هو معلوم بأن مجتمعنا العربي الفلسطيني يعيش بمجمله في مجتمعات عربية يغلب عليها الطابع الإسلامي، مع عادات وتقاليد ممتدة لقرون خلت. ويمكن تسميه التربية التي تنشأ عليها الأجيال بالتربية المثالية، أي المرتبطة بالروحانيات والرباط العائلي. تربية تفرض على الأفراد فيما بينهم سلوكيات محددة، مثل استخدام الألقاب قبل ذكر الأسماء مثل الدكتور فلان أو العقيد فلان أو غيرها، أو استخدام صفة الجمع بدل المفرد مثل أنتم وسيادتكم وفخامتكم وغيرها من تعابير. وكما هو معروف فإن حلا الخلافات بين الأفراد يتم عبر استخدام العنف وليس بالحوار أو بالقانون. في حين تختلف الأمور التي يسير عليها المجتمع السويدي، فهو يسير نحو الفلسفة التربية الواقعية والإهتمام بالفرد وحرياته. فالأفراد بكل فئاتهم متساوون أمام القانون، وينادي المرء الآخر، مهما علت مرتبته الوظيفية، بإسمه الشخصي.
في مجال تربية الأطفال و حقوقهم
تهتم السلطات السويدية بالأطفال و تخصص لهم منذ ولادتهم نقدية للطفل تبلغ حوالي 1100 كرون شهريا ، ويتمكنوا من الذهاب فورا إلى المدارس السويدية مما يسمح لهم بالإحتكاك المباشر مع المجتمع من خلال زملاء الدراسة داخل وخارج أوقات الدوام. الأمر الذي لايتوفر للوالدين حيث كافة زملائهم من القادمين الجدد. وهذا مايسرع عملية التعليم لدى الأطفال من خلال العملية التدريسية ومن خلال التقليد السريع لزملائهم. هذا ويتأثر جزء لابأس به من الأطفال بتعلم اللغة السويدية الجديدة لتصبح هذا اللغة، وفي كثير من الأحيان، اللغة الأولى، وتتراجع اللغة العربية إلى حد قريب أو بعيد، حسب إهتمام الأهل ومتابعتهم لتعليم أطفالهم اللغة العربية.
إن تعلم الأطفال السريع للغة وعدم تخصيص الوالدين وقتا كافيا لتعلم اللغة يؤدي إلى تفاوت شديد مابين المعرفة اللغوية والاجتماعية مابين الأطفال واهليهم. الأمر الذي يجعل الطفل، وفي كثير من الأحيان، مترجما لأبويه في المحافل الرسمية او الرد على الهاتف أو قراءة الرسائل والتواصل مع الدوائر الرسمية. . إن عدم التوازن هذا يتفاقم مع الزمن ليؤدي في كثير من الأحيان إلى مشاكل عائلية عويصة، وخاصة في حال استخدام الوالدين للعنف في تربية الطفل. وفي حال استخدم أحد الوالدين العنف او هدد به، عند تربية الأطفال، وخبر المعلم أو الجار بذلك، وهم المجبرون على إبلاغ الشرطة أومصلحة الشئون الإجتماعية لتقوم الأخيرة بوضع يدها على الأطفال، لتنقلهم إلى عائلة أخرى تقوم بتربيتهم حسب القوانين السويدية.
ففي حالة عدم تعلم الوالدين اللغة السويدية وفهم الثقافة المجتمعية في السويد وعدم إنتباه الوالدين للأطفال، بسبب انشغالهم بأمور أخرى تم ذكرها سابقا، يعاني الأطفال أولا: الكثير من التناقض في التعامل مابين حياة البيت التي تحاول دائما الحفاظ على طريقتها الوطنية التي جرت عليها سابقا، كالتعود على الطاعة المطلقة للوالدين، وحياة الروضة أو المدرسة التي تساعد على الحوار والإستقلالية والبحث عن المعلومة وتحمل المسئولية عند الطفل. وثانيا: وهو الأخطر في حياة الطفل في هذه المرحلة هو أن يتعلم الطفل اللغة السويدية بسرعة عالية ويفقد تدريجيا اللغة العربية، فيضطر في كثير من الأحيان التعبير عن فرحه أوحزنه بلغته الجديدة التي لايفهمها الوالدين بشكل جيد مما يسبب سوء فهم مايريده الطفل.
من المعلوم بأن الشخصية الإنسانية تتكون من عنصرين أساسيين الأول منها بيولوجي، أي مايرثه الطفل عن والديه جسديا، والثاني فهو مايتعلمه المرء من محيطه من سلوك وطريقة تفكير وعادات وتقاليد وثقافة ودين وتاريخ وجغرافية. إذا يلعب الأهل ومن ثم المدرسة، التي يعيش الطفل فيها باقي ساعات نهاره ويقضيها مع زملائه ومعلميه وكتبه ومصادر معرفته الأخرى، الدور ألساسي في تكوين شخصية الطفل. ومن الطبيعي بأن تختلف الأمور مابين طفل قدم حديثا إلى السويد، عن الطفل الذي ولد وقضى سنوات حياته الأولى في السويد و هو الذي عايش الأمن والأمان في المجتمع السويدي فيكون معفيا من الصدمات النفسية الناجمة عن الحروب والعنف. يعيش الطفل العربي بيئتين، البيت مع عائلته والمدرسة ومؤسسة اوقات الفراغ، أي مابعد دوام المدرسة، مثل النوادي الرياضية أو الفنية أو الإجتماعية وغير ذلك:
الأولى وهي العائلة في البيت، التي تعيش محاولة الحفاظ على الطريقة التربوية، المثالية، التي اعتادت عليها. ويتابع الطفل في هذه العائلة أخبار الوطن عبر الفضائيات ويأكل نفس الطعام الذي تتقنه والدته ويتحدث عبر الهاتف مع جده وجدته وأصدقائه في الوطن الأصلي ويتابع أخبارهم، وفي العطلة الصيفية للمدارس يقوم الكثير منهم بزيارة لمواطنهم الأصلية. وهذا الجانب عند الطفل يكون له منبعا ثقافيا ووطنيا وهوية وانتماء اثني و ديني.
والثانية وهي المدرسة، حيث ينتقل الطفل في ساعات النهار إلى بيئة المدرسة ذات التربية الواقعية والبراغماتية، بلغتها الجديدة وطعامها الجديد. فالمدرسة إلزامية لمدة تسع سنوات يبدأها الطفل في سن السادسة أو السابعة حسب رغبة الأهل، المدرسة التي توفر الفرصة لكل طفل حسب قدراته الجسدية والعقلية وبطريقة ديمقراطية يتساوى فيها جميع التلاميذ، مع توفير الأمن والآمان، وتحمل التلميذ المسئولية وتساعده على معرفة القدرات الذاتية، وتقوية الثقة بالذات، وتعلمه طرق النقد البناء والبحث عن المعلومة والتحليل، ولاتعتمد على المنافسة، وتحارب الإضطهاد والعنصرية، وتقوي عند التلميذ إحترام الآخر وآرائه. هذا وتقوم المدرسة بالتعاون الوثيق مع أهل التلميذ لمتابعة تطوره العلمي والسلوكي. ويستفيد الأهالي من الإحتكاك بالمدرسة لطرح هوية العائلة العربية و الدينية.
أزمة كبار السن:
يقدم كبار السن، أي من هم مافوق 65 سنة، وهو سن التقاعد في النظام السويدي، من العزلة الشديدة وخاصة في حال عدم تعلمهم لغة البلد. فهم لايستطيعون المشاركة بالنشاطات مع المتقاعدين السويديين، مما يضطرهم في كثير من الأحيان للبقاء في المنزل للتفرج على ما يقدمه التلفاز من برامج تحكي عن الوطن. وبهذا ينقل الواحد منهم وطنه إلى داخل بيته ويختزله من خلال شاشة صغيرة. ويكون تواصل المتقاعدين الإجتماعي محصورا مع الأبناء والأحفاد إن وجدوا، وبعد أوقات ادوامهم، أو مع صداقات محدودة مع أبناء الوطن الذين يشاركوهم في هذا النوع من العيش. لا توجد دور للمسنين العرب بالسويد و الحاجة ملحة في السنوات القادمة. ينتظر كبير السن صلاة الجمعة بفارغ الصبر ليزور المسجد و يستمع لخطبة الجمعة و يتعرف على اصدقاء جدد.


مع تحيات موقع وظائف العرب

لمتابعة عروض الشغل اليوم في تونس وعروض الشغل في جميع صحف التونسية والعربية منتدى وظائف العرب يقدم لكم الوظائف وعروض الشغل في تونس والخليج وجميع الدول العربية وفرنسا وكندا والولايات المتحدة الامريكية والسويد

من هنا (http://www.jobs4ar.com/jobs/index.php)


وظائف العرب صحيفة وظائف اخبار وظائف وعروض الشغل في تونس انتدابات ومناظرات في القطاع العام والخاص
http://www.jobs4ar.com/jobs/index.php

jobs4ar
10-24-2013, 01:59 AM
هجرة العرب إلى السويد للعمل والدراسة وتداعيتها

sisko
01-01-2016, 09:49 PM
هجرة العرب إلى السويد للعمل والدراسة وتداعيتها