المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دور فريضة الزكاة في الاصلاح الاقتصادي



علاء منير
12-17-2012, 09:55 AM
دور فريضة الزكاة في الاصلاح الاقتصادي


تقديم عام:
الإسلام عقيدة وشريعة وهو عبادات ومعاملات وهو ماديات وروحانيات وهو دين ودولة إنه منهج شامل لكل نواحي الحياة وصدق الله القائل : ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل : ( تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي )
وجاء الإسلام لإصلاح الدنيا بالدين لقد أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور ومن الضلالة إلى الهدى ومن الظلم إلى العدل ومن الفقر إلى الغني ومن الرق إلى الحرية ومن الغش إلى الحق ومن الربا إلى المشاركة ومن السرقة والحرابة إلى الأمن والاستقرار
وشتان بين حال العرب قبل الإسلام وبعد الإسلام وشتان بين حال الأمة قبل الإسلام وحالها في صدور الإسلام وحالها في الماضي وحالها اليوم في ظل الوهن والظلم والفساد المستشري في كافة نواحي الحياة فلقد انتشر الفساد في الأرض والبر ومن أسباب ذلك البعد عن تطبيق شرع الله
وكان من جراء ذلك معاناة الأمة من مشكلات شتى منها : انتشار الأخلاق الفاسدة والفقر والجوع والبطالة والعنوسة وتسلط الغني على الفقير والاعتداء على المال بكل صور ولا مخرج من هذه الأزمات وعلاج هذه المشكلات إلا بالإسلام وبنظامه الاقتصادي الذي يقوم على القيم الإيمانية والمثل الأخلاقية والضوابط الشرعية التي تحقق الحياة الكريمة الرغدة لجميع الناس
وفي هذه الدراسة سوف نركز فقط على دور الاقتصاد الإسلامي ونظامه الزكوي في المساهمة في علاج الفساد الاجتماعي والاقتصادي وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية ليكون ذلك مرشدا أمام الحكومات وأمام الاقتصاديين ليهتدوا به في علاج مشكلاتنا الاقتصادية المعاصرة وحتى الإسلام هو الحل مصداقا لقول الله عز وجل (قال اهبطا منها جميعا لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى)
وسوف نقدم بعض النماذج والبرامج العملية لدور الزكاة في المساهمة في علاج الفقر ، مشكلة غلاء الأسعار ، مشكلة عدم المقدرة على الزواج ، مشكلة تعثر التجار
وسوف نخصص الجزء الأخير من هذه الدراسة للتطبيق المعاصر لفريضة الزكاة وكيف نضع برامج إصلاح عملية قابلة للتطبيق
الفساد الاقتصادي : أسبابه ومظاهره ووجوب الإصلاح:
- أسباب الفساد الاقتصادي:
يعيش معظم الناس في حياة ضنك بسبب البعد عن شريعة الإسلام وأصل ذلك قول الله تبارك وتعالى ( فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ) ولقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من نزول الكوارث والابتلاءات بسبب عدم تطبيق شرع الله فقال ( يا معشر المهاجرين خصال خمس إذا ابتليتن بهن نزلن بكم أعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا وفشا فيهم الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم ولم ينقضوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدو من غيرهم فيأخذ بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل بأسهم بينهم) (رواه ابن ماجة والبزار )
ولقد صدقت نبوءة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولا ملجأ من الخروج إلا بالرجوع إلى تطبيق شرع الله
-مظاهر الفساد الاقتصادي:
لقد أسفر الخروج عن تطبيق شرع الله بصفة عامة وعدم تطبيق مفاهيم وأسس الاقتصاد الإسلامي بصفة خاصة إلى مجموعة من مظاهر الفساد الاقتصادية السيئة منها:
- انتشار الرذائل الاقتصادية مثل : الغش والتدليس والغرر والرشوة والربا والقمار ونقض العهود والمواثيق والاعتداء على المال العام والخاص والتعامل بالأموال القذرة والموالاة لغير المسلمين
- الفقر : وانخفاض مستوى المعيشة وأصبحت حياة الفقراء ضنكا لا يجدون الضروريات الأصلية مثل : المآكل والمشرب والملبس والمأوى والعلاج والتعليم والزواج
- البطالة : بكل صورها وأصبحت كارثة وأزمة ومصيبة للفرد والأسرة والمجتمع وتسبب قلقا للنظم الحاكمة كما أدت إلى الفساد الاجتماعي والاقتصادي بكافة صورها
- تعثر التجار وعدم استقرار المعاملات مما أدى إلى الإفلاس وضياع الحقوق وانتشار البطالة
- زيادة الهوة بين الأغنياء والفقراء مما أدى إلى شقاء الفقراء والمساكين والمعوزين بصنيع الأغنياء ومن مظاهر ذلك الإسراف والتبذير من قبل الأغنياء والحياة الضنك التي يعيشها الفقراء
- التبعية للغير والتسول للحصول على الحاجات الأصلية وهذا أدى إلى عجز الميزانية وتفاقم الديون وسلب الإرادة
دواعي الحاجة إلى الإصلاح الاقتصادي:
لقد تم تجربة العديد من المناهج الوضعية لعلاج الفساد الاقتصادي ووضعت الخطط والبرامج ولكن ما زال مستشريا وخلص بعض الاقتصاديين أن هناك ضرورة لوضع استراتيجيات تقوم على القيم والمثل والأخلاق وتعاون الدول الغنية مع الدول الفقيرة ويرى فقهاء الاقتصاد الإسلامي أن الإسلام هو الحل من خلال مبادئه وقواعده وأساليبه ونظمه من خلال برنامج اقتصادي إسلامي للإصلاح
وسوف نركز في هذه الدراسة نظرا لضيق المقام على بيان دور فريضة الزكاة في المساهمة في الإصلاح الاقتصادي وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية للأمة الإسلامية كأحد أركان المنهج والبرنامج الاقتصادي للإصلاح

· دور الزكاة في علاج الرذائل الاقتصادية وغرس الأخلاق الفاضلة:
إذا أديت فريضة الزكاة بالحق ووزعت حصيلتها بالحق وفقا لنظامها الدقيق الذي شرعه الله وطبقه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والتابعين من بعده .... شفيت النفوس من الحقد والكراهية وطهرت من الشح والبخل والطمع تربت على الصدق والأمانة والإخلاص والإنفاق والبذل والقناعة والإيثار والتراحم وبذلك فإنها تقضي على الرذائل الاقتصادية ومنها: الغش والغرر والتدليس والربا والقمار وأكل أموال الناس بالباطل وبذلك تعالج النفوس الأمارة بالسوء ويأمن المجتمع من الخوف ويحيا الناس حياة طيبة رغدة في الدنيا أخوة في الله متحابين ويفوزوا برضاء الله في الآخرة راضين مرضيين
فلقد غرست فريضة الزكاة الأخلاق الفاضلة في المسلمين في الصدر الأول من الإسلام وقومت سلوكهم ولقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في كتابه الكريم فقال ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم)
ولقد نادى علماء الاقتصاد بصفة عامة بضرورة أن يقوم الاقتصاد على الأخلاق الفاضلة وأن هناك مشكلات اقتصادية لا تعالج إلا من خلال القيم الإيمانية والأخلاق الفاضلة والسلوك الاقتصادي السليم وهذا ما طبقه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما بنى للمسلمين سوقا في المدينة بعد الهجرة
· دور الزكاة في علاج مشكلة الفقر وتحقيق التنمية الاقتصادية:
تعتبر زكاة المال عصب النظام الاقتصادي الاسلامي ففيها الحلول للمشكلات الاقتصادية المعاصرة والتي فشلت النظم الاقتصادية الوضعية في علاجها ومن بين هذه المشكلات مشكلة تكدس الأموال في يد فئة مما أدى إلى زيادة الفوارق بين الطبقات ومشكلة عدم الاستقرار الاقتصادي ومشكلة التضخم ومشكلة الاكتناز ومشكلة الفوائد الربوية
ولقد أدت هذه المشكلات وغيرها إلى الحياة الضنك للطبقة الفقيرة وانخفاض مستوى الدخول وعدم توفير الحاجات الأساسية للحياة
ويتمثل دور الزكاة في علاج مشكلة الفقر في أنه يساهم في تحويل الفقراء القادرين على العمل إلى منتجين وأنها تزيد من القوة الشرائية للنقود بنقلها إلى الفقراء الذين ينفقونها على الضروريات والحاجيات بدلا من أنها كانت تدفق على الكماليات كما سوف توجه أموال الزكاة أحيانا إلى التنمية الاقتصادية الذاتية داخل البيوت الفقيرة من خلال تمويل المشروعات الصغيرة والمتناهية في الصغر وهذا بدوره يساهم في علاج مشكلة الفقر
· دور الزكاة في محاربة الاكتناز وتنشيط الاقتصاد:
تؤدى زكاة المال إلى محاربة الاكتناز وفي نفس الوقت تحفز على استثمار الأموال وهذا يوفر الأموال السائلة أمام المشروعات الاقتصادية لتنمو وتزدهر فلقد فرضت الشريعة الاسلامية الزكاة على المال النامي أو القابل للنماء وهذا يحرك صاحبه على استثماره خشية أن تأكله الزكاة ولقد أكد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله ( اتجروا في مال اليتيم حتى لا تأكله الصدقة )
وفي هذا الحديث معاني عديدة من أهمها الحث على استثمار الأموال حتى لا تنقرض من الزكاة الحولية ولقد أمرنا الله في كتابه الكريم بعدم الاكتناز والحث على الإنفاق حيث قال عز وجل ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم )
ولقد فسر بعض فقهاء الإسلام أن لفظ ينفقونها في هذا المقام ليس المقصود منه الزكاة فقط بل أيضا الإنفاق الاستثماري ولو أن بعض الفقهاء يرون أن أي مال دفعت زكاته فليس بكنز ولكن حبس المال عن التداول فيه ضرر على المجتمع الاسلامي وهذا أمر لا تقره الشريعة الاسلامية
· دور الزكاة في تحسين أحوال الفقراء والمساكين:
لقد أكد علماء الاقتصاد الإسلامي على ضرورة وأهمية تحصيل الزكاة بالحق واستخدامها في مصارفها بالحق ومنع الإسراف والتبذير في تحصيلها أو استخدامها في مجالات الترف فعلى سبيل المثال عندما تعطي الفقير والمسكين ونحرر العبيد ونساعد الذين أثقلتهم الديون وإقامة المرافق العامة كل هذا يؤدي إلى زيادة القوة الإنتاجية للمجتمع ويزداد الدخل القومي وسوف يؤدي هذا إلى ارتفاع مستوى الأفراد جميعا وبذلك ترتفع الكفاية الإنتاجية لكل منهم وترتفع مستويات الدخول ولنا في صدر الدولة الاسلامية الأدلة على ذلك فعلى سبيل المثال : في عهد عمر بن عبد العزيز ارتقى مستوى المعيشة للأفراد لدرجة أنهم لم يجدوا فقيرا أو مسكينا لإعطائه الزكاة
وفي هذا الصدد يجب أن نذكر قول الأستاذ الدكتور/ يوسف القرضاوي : " فرض الله الزكاة وجعلها من دعائم دين الإسلام تؤخذ من الأغنياء لترد على الفقراء فيقضي بها الفقير حاجاته الأساسية المادية مثل المآكل والمشرب والملبس والمسكن وحاجاته النفسية والحيوية مثل الزواج وحاجاته المعنوية الفكرية مثل العلم وبهذا يستطيع الفقير أن يشارك في الحياة الاقتصادية " فالذي يحصل على الزكاة اليوم سوف يصبح بعد ذلك دافعا وهذه هي سنة الحياة ولن نجد لسنة الله تبديلا
كما تعمل زكاة المال على القضاء على مشكلة تكدس الثروات في يد فئة قليلة واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء فهي تنمي موارد الفقير والمسكين والمثقل بالديون من ناحية وتحفز الغني ليساعده وكل الوسائل الممكنة ولا سيما عن طريق الإيعاز بأنه سيموت وأنه تارك ماله فهذا المنهج سيقود في الأمد القريب إلى تقريب الفوارق بين الطبقات
· دور الزكاة في تحقيق التوازن والاستقرار الاقتصادي:
إن من أهم أسباب الكوارث الاقتصادية والخلل في البنيان الاقتصادي هو نظام الاحتكار والفائدة الربوية والربح الفاحش فكثيرا ما نجد أن هناك العديد من المشروعات تفلس بسبب عدم توفير الأموال السائلة إن من يحلل مصارف الزكاة يجد أن من ضمنها سهم الغارمين وهم الذين ركبتهم ديون لا يقدرون على الوفاء بها سواء بسبب الانتاج أو بسبب الاستهلاك وهنا يظهر في مساعدة هؤلاء وفي هذا الصدد نذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة )) ذكر منهم (( رجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله فحلت له المسألة فسأل حتى يصيب قواما من عيش )) ويعتبر ذلك تأمينا ضد الكوارث وتحقيق الاستقرار الاقتصادي
· دور الزكاة في الحد من التضخم النقدي:
تساعد زكاة المال على تنمية الأموال عن طريق الاستثمار وعدم الاكتناز وفي ظل نظام اقتصادي اسلامي نجد أنه يكون هناك أثرا واضحا في التضخم والذي من أهم أسبابه نقص الإنتاج ، الإسراف في الاستهلاك ، ارتفاع الاسعار ، والإسلام يدعو إلى العمل وزيادة الإنتاجية وإلى الترشيد في الإنفاق وعدم الإسراف والتبذير كما يحارب الإسلام الأرباح الفاحشة ويحارب الاحتكار بكل هذه الأدوات والأساليب بجانب نظام الزكاة يمكن القضاء على ظاهرة التضخم
· دور الزكاة في علاج مشكلة البطالة وتمية العنصر البشري:
البطالة مشكلة متعددة الأطراف لها آثار عقدية وخلقية واجتماعية واقتصادية وسياسية وهي كالسرطان يهدد كيان المجتمع بأسره وتعاني منها كافة دول العالم سواء أكانت رأسمالية أو اشتراكية وسواء أكانت رأسمالية أو اشتراكية وسواء أكانت متقدمة أو نامية ولقد وضع الإسلام مجموعة من الضوابط لتجنب ظهورها من الأصل من أهم هذه الضوابط ما يلي:
حث الإسلام على العمل واعتبره عبادة وقيعة وشرف وثوابه مثل ثواب المجاهد في سبيل الله ولقد أشار القرآن إلى ذلك في مواطن كثيرة منها قول الله تبارك وتعالي ( وأخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله))
على ولى الأمر المسلم مسئولية توفير فرص العمل وإعداد وتدريب العاملين وأساس ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (( فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته والإمام راع وهو مسئول عن رعيته ))
ويمكن أن تساهم الزكاة لعلاج مشكلة البطالة من خلال توفير مستلزمات العمل من آلات ومعدات وخامات للعمال حتى يتحولوا إلى طاقة إنتاجية وكذلك الإنفاق على البرامج التدريبية للشباب العاطل لتأهله في ضوء احتياجات سوق العمالة
· دور الزكاة في علاج مشكلة اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء:
من بين مقاصد الإسلام رقع مستوى الفقراء والمساكين وتحويلهم إلى طاقة إنتاجية في المجتمع فلا يقتصر الأمر على إعطائهم إعانة وقتية بل يمكن أن نشترى لهم وسائل الإنتاج مثل آلات الحرفية والحيوانات كما أن فريقا من الفقهاء يرى أن تعطيهم ما يكفيهم ومن يعولون طول العمر إذا كان هناك فائضا في حصيلة الزكاة ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الدور فقال الله سبحانه وتعالى :
( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامي والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهزوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب )
ويجوز لولي الأمر المسلم أن يباين في توزيع الصدقات بين الفقراء والمساكين لتحقيق التقارب بينهم ولقد طبق رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المنهج في توزيع أموال بني النضير إذ خص بها المهاجرين وحدهم للتقريب بينهم وبين الأنصار
· دور الزكاة في علاج مشكلة الكوارث والتعثر والإفلاس:
يتعرض الإنسان في حياته لكثير من الحوادث والكوارث والمصائب وهذه تسبب له خوفا وفزعا ولقد كفل الإسلام لهؤلاء التأمين الحقيقي إذ خصص لهم سهما في حصيلة الزكاة باعتبارهم من الغارمين بقول الله تبارك وتعالى:
( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم) فعن مجاهد قال (( ثلاثة من الغارمين : رجل ذهب السيل بماله ، ورجل أصابه حريق فذهب بماله ، ورجل له عيال وليس له مال ينفق على عياله )) نقلا عن د. يوسف القرضاوى – كتاب فقه الزكاة – صفحة 623 والتراث الاسلامي حافل بالنماذج التي تؤكد ذلك فعلى سبيل المثال مر عمر بن الخطاب بشيخ من أهل الذمة يسأل على أبواب الناس فقال : ما أنصفناك إن أخذنا منك الجزية في شبيبتك ثم ضيعناك في كبرك ثم أجري له من بيت المال ما يصلحه كما كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطأة وإلى البصرة بوصية بها : (( وانظر من قلبك من أهل الذمة من كبرت سنه وضعفت قوته وولت عنه المكاسب فاجر عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه))
كما اهتم الإسلام بإصلاح ذات البين وجعل لمن يغرمون في هذا الشأن حظ من حصيلة الزكاة فعن قبيصة بن مخارق الهلالي قال (( تحملت حمالة الحمالة ما يتحمله الإنسان في إصلاح ذات البين فاتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة فتأمر لك بها ثم قال : يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلآ لأحد ثلاثة : رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة فسأل حتى يصيبها ثم يمسك ورجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله فحلت له المسألة فسأل حتى يصيب قواما من عيش أو قال سدادا من عيش ، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجي من قومه قد أصابت فلانا الفاقة فحلت له المسألة فسأل حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش ثم يمسك وما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكلها صاحبها سحتا ))
· دور الزكاة في علاج مشكلة العنوسة وإعانة الراغبين في الزواج:
يعتبر الزواج من الحادجات الأصلية للإنسان والتي توجب على ولي الأمر والمجتمع الاسلامي التضامن والتكاقل لتحقيق هذه الحاجة إذا كان الشاب فقيرا ودليل ذلك من السنة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من ولي للناس عملا وليس له منزل فليتخذ منزلا أو ليس له زوجة فليتزوج أو ليس له خادم فليتخذ خادما أو ليس دابة فليتخذ دابة ومن أصاب شيئا غير ذلك فهو غال " وجاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب منه المساعدة في الزواج : " فقال أني تزوجت امرأة من الأنصار فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " هل نظرت إليها فإن عيون الأنصار شيئا قال قد نظرت إليها قال على كم تزوجتها قال على أربع اواق فقال له النبي صلى الله عليه وسلم على أربع أواق كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل ما عندنا ما نعطيك ولكن عسى أن تبعثك تصيب منه قال فبعث بعثا إلى نبي عبس بعث ذلك الرجل فيهم " ووتأسيسا على ذلك فقد أجاز الفقهاء مساعدة الشباب الفقير في نفقات الزواج في إطار الضروريات والحاجيات كما ورد في سيرة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه عندما زادت حصيلة الزكاة ولم يجدوا فقيرا أو مسكينا امر المنادي أن ينادي في الناس : أين المساكين؟ ، أين الغارمون؟ ، أين الناكحون؟ ، ولقد استنتبط الفقهاء من ذلك أنه يجوز مساعدة الفقير الذي ليس له زوجة أن يتزوج ويرى اللدكتور يوسف القرضاوي : أن الزواج من تمام الكفاية وأفتى بجواز مساعدة الفقير من مال الزكاة ليتزوج إذا لم تكن له زوجة واحتاج
ومن الضوابط الشرعية لإنفاق الزكاة في مساعدة الشباب الفقير على الزواج:
- أن يتم الإنفاق في مجال الضروريات والحاجات الأصلية للزواج
- تجنب الإسراف في النفقات
- أن لا يتم الإنفاق في أي باب فيه مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية
- أن يكون عليه ديون بسبب الزواج وتعذر في سدادها فيعتبر بذلك من الغارمين
وفي هذا الخصوص نذكر أن مؤسسات الزكاة القائمة المعاصرة بكافة أشكالها وصيغها القانونية في العالم الإسلامي قد ساهمت مساهمة مباركة في مساعدة الشباب على الزواج ونأمل أن يؤسس صندوقا عالميا لتيسير الزواج
· التطبيق المعاصر للزكاة في الإصلاح الاقتصادي:
حتى نحول هذه المفاهيم والأسس والمبادىء الزكوية إلى واقع عملي يجب أن يكون لدينا تخطيط استراتيجي زكوي يترجم إلى برامج وإنشاء مؤسسات زكوية تساهم في علاج الفساد الاقتصادي المستشري ويتطلب ذلك ما يلي:
v إصدار قوانين للزكاة يتولى أمرها هيئات شعبية بعيدة عن الحكومة
v أنشاء صناديق( لجان ) الزكاة لتقوم بدورها في تحصيل الزكاة وإنفاقها في مصارفها الشرعية
v دعم مؤسسات المجتمع المدني التي تساهم في تحصيل الزكاة وإنفاقها في مصارفها الشرعية
v تحفيز أصحاب الأموال على أداء الزكاة وطمأنتهم بأنها تحصل بالحق وتنفق بالحق وتمنع من الباطل
· الخلاصة:
نخلص من الأدلة الشرعية السابقة إلى مجموعة من الثوابت من أبرزها ما يلي:
· شمولية الإسلام وأنه منهج جياة ولقد تضمنت شريعة الضوابط الشرعية التي تمنع الفساد الاقتصادي في المنبع وتعالجه إن ظهر
· من أهم أسباب الفساد الاقتصادي البعد عن تطبيق أحكام ومباديء الشريعة الاسلامية بصفة عامة وتطبيق مفاهيم ومبادىء الاقتصاد الاسلامي وأساليبه وأدواته العملية بصفة خاصة
· تساهم فريضة الزكاة كأحد أركان النظام الاقتصادي الاسلامي في علاج معظم صور الفساد الاقتصادي كما تساهم في تحقيق الإصلاح والتنمية الاقتصادية وفق استراتيجيات ذات مرجعية إسلامية حيث تساهم في علاج مشكلة الفقر والبطالة والاكتناز والاحتكار والفوارق بين الطبقات وغلاء الأسعار والاسراف والتبذير ونحو ذلك. (http://www.jobs4ar.com/jobs/index.php)
· هناك ضرورة شرعية لوضع خطط وبرامج استراتيجية للتطبيق المعاصر للزكاة ليساهم مع بقية النظم الاسلامية الأخرى في الاصلاح الاقتصادي



منتدى محاسبة الزكاة المحاسبة الاسلامية (http://www.jobs4ar.com/jobs/forumdisplay.php?f=65)

مسابقات التوظيف الجزائر
11-16-2013, 03:18 PM
دور فريضة الزكاة في الاصلاح الاقتصادي

sisko
03-12-2016, 05:50 PM
دور فريضة الزكاة في الاصلاح الاقتصادي