المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال فلسفي : هيغل ونهاية الأصوليات



نتائج البكالوريا - bac
06-18-2014, 01:10 AM
مقال فلسفي : هيغل ونهاية الأصوليات
| منتدى مراجعة وتلخيص للفلسفة



منتدى الفلسفة والعلوم الانسانية منتدى الباكالوريا - منتدى الآداب و العلوم الإنسانيّـة - فلسفيات الباكالوريا آداب وشعب علمية بكالوريا علوم - باكالوريا آداب بكالوريا الجزائر بكالوريا المغرب - منتدى الفلسفة منتدى علم الاجتماع منتدى علم النفس (http://www.jobs4ar.com/jobs/forumdisplay.php?f=95)


لانتفاضات التي عصفت بالعالم العربي منذ العام 2011 قرئت بالإجمال قراءات سياسية ولم تكن الا نادراً موضوعاً لقراءة فلسفية تستلهم حركة التاريخ وتوجهاتها. هل هو فوضوي ام انه يمشي في اتجاه المزيد من العقلانية والاخلاق والنظام والحرية؟ هل هو عشوائي ام انه يهدف الى تحقيق السعادة للبشر على هذه الارض، وكذلك تحقيق التقدم المادي والمعنوي؟ هل الثورات والحروب وما ينجم عنها من كوارث وفواجع وتضحيات كبرى هي محن عبثية للانسان لا معنى لها سوى عذابه وقهره ام انها مخاض لعالم ومجتمع جديدين؟

ازاء هذه التساؤلات المربكة يستلهم هاشم صالح في «الانتفاضات العربية على ضوء فلسفة التاريخ» (دار الساقي 2013) بعض اطروحات الفيلسوف الالماني هيغل، انه هو «اصل كل ما يحصل من اشياء عظيمة في مجال الفلسفة منذ مئة سنة» على حد تعبير ميرلو بونتي، وربما كان آخر فيلسوف شمولي في التاريخ.

في رأي هيغل، ان التاريخ عقلاني، على الرغم من انه يبدو لنا فوضوياً، مليئاً بالحروب والظلم والقهر والتناقضات، لأن العقل هو الذي يحكم العالم والتاريخ، طبقاً للرؤية الهيغيلية المتفائلة. فالتاريخ كان عقلانياً وسيبقى على الرغم من كل المظاهر الخادعة والفظائع الجنونية التي قد توهم بالعكس.

والتاريخ طبقاً لتصورات هيغل، يسير باتجاه هدف معين هو الوعي بالذات الذي يجعل الانسان حراً. فمسيرة التاريخ الكوني هي مسيرة عقلانية، والعقل هو الذي ينتصر بنهاية المطاف، وكذلك النظام والحياة الرغيدة للشعوب. وهذا ما تحقق بالفعل في اوروبا. لكن النظام الجديد السعيد، نظام دولة القانون والمؤسسات والمساواة، لا يتحقق الا بعد المرور بمرحلة الفوضى الخلاقة المدمرة، اي التي تدمر اسس النظام القديم وتكلف الناس تضحيات كبيرة ومرعبة. وعلى هذا الاساس رأى المؤلف ان فلسفة التاريخ تعلمنا ان استخدام السلبي للتوصل الى الإيجابي شيء ضروري جداً، وما يحصل من كوارث وفواجع اليوم في سوريا او العراق او اليمن او كل مكان من ارض العرب، ربما كان ضرورياً لولادة العالم العربي الجديد.

من هذا المنظور لن تذهب عذابات الشعوب العربية وتضحياتها سدى، اذ باكتوائها بنار الاصولية تتحرر منها لاحقاً. هذا هو ديالكتيك التاريخ او قانونه الاعظم الذي اكتشفه هيغل، والذي يرى ان الحروب الاهلية والصراعات الطائفية وتطاحنات البشر العنيفة ليست الا «المواد الخام» التي يستخدمها العقل لكي يحقق مبتغاه، اي حرية البشر وسعادتهم، فالعقل يتوصل الى مبتغاه عن طريق اللا عقل، وهنا بالذات يكمن «مكر العقل».

هكذا، سوف يكتوي العرب بنار الاصولية لفترة من الزمن، قبل ان يتحرروا منها، ينبغي ان يمروا بها لكي يتجاوزوها. هذه هي مهمة العامل السلبي في التاريخ، وهو اخطر بكثير من العامل الايجابي واكثر اهمية، فمحال الوصول الى نتيجة قبل دفع الثمن باهظاً. ومن هنا يجب الا نخاف من الكوارث الجارية حالياً، على الرغم من بشاعتها ووحشيتها، انها الثمن المدفوع لكي ينبثق النور في نهاية النفق المظلم او بالاحرى، التضحية الالزامية التي تدفعها الشعوب السائرة نحو الانعتاق والحرية.

فالمؤلف متفائل بما يحصل الآن، فحركة التاريخ العربي في رأيه، تتقدم الى الامام في الوقت الذي تبدو فيه كأنها تتراجع الى الوراء. هنا يكمن «مكر التاريخ»، لنترك الاصولية تحكم وتسيطر، فسوف يتولد رد فعل ضدها عاجلاً او آجلاً. الاطروحة اي الاصولية سوف تولد الاطروحة المضادة اي الحداثة الليبرالية. عن طريق التفاعل الصراعي بينهما سوف تتولد التركيبة الجديدة او الصياغة الجديدة للعالم العربي. ستحصل مزاوجة بين التراث والحداثة في نهاية الصيرورة التفاعلية، وسوف يتمخض كل ذلك في نهاية المطاف عن الحداثة العربية الاسلامية. الا ان الثورة التنويرية العربية لن تحصل قبل ان ينتصر التأويل الجديد للاسلام على الفهم الاكراهي القديم للدين. ومن هنا اندلاع المعركة على مصراعيها بين الاصوليين والمثقفين المستنيرين في بلدان الانتفاضات، من محاكمة عادل امام، وسيطرة الاصوليين على الشارع في مصر وتخويفهم للنساء والصحافيين وحرية الفكر عموماً، وإعادة احياء عقلية محاكم التفتيش من جديد، والاتهام بالزندقة الذي طاول مجموعة من رموز التنوير العربي من نجيب محفوظ وعادل امام، الى الافتئات على المسيحيين وإعادة الاحتكام الى الشريعة كمصدر رئيس للتشريع في مصر خلافاً لدستور 1923 الذي نص على المساواة المواطنية الكاملة.

ان الثورة الفكرية لم تحصل بعد في عالم الاسلام، وهي وحدها التي ستدخل العرب في التاريخ بعد خروجهم منه لعدة قرون، فليس كافياً الاحتكام الى ديموقراطية منزوعة من قاعها الليبرالي، لأن الاساسي هو التوصل الى النظام الليبرالي الحديث. لكن العرب في رؤية المؤلف المتشائمة ليسوا سائرين في هذا الاتجاه، بل في الاتجاه المعاكس. الا ان «الربيع العربي» مع ذلك دشن حراكاً تاريخياً لن يتوقف قبل ان يحدث تغييراً جذرياً في المجتمعات العربية. وقد اثبت مسار الانتفاضات العربية توقعات المؤلف، اذ لم تلبث الاصوليات الظلامية في مصر وتونس ان آلت سريعاً الى الانكفاء ليتقدم الأمل مجدداً في التحول الليبرالي الموعود.

ان الكتاب يمثل قراءة فلسفية جديدة للانتفاضات العربية على الضد من القراءات المتسرعة، المتفائلة والمتشائمة على السواء. وقد اكد فيه مؤلفه ما كان قد دأب على تأكيده في مؤلفاته السابقة، وهو ان الثورة الفكرية هي التي تمهد للثورة السياسية، وإنها لن تكون من خلال العودة الى الماضي، بل بالقطيعة معه. كما ان للفلسفة دوراً مركزياً في الحراك الثوري، اذ في رأيه، لا حرية من دون فلسفة، ولا ديموقراطية ولا حضارة من دون فلسفة، وليس غريباً اذن ان تكون الحضارة العربية الاسلامية قد ماتت بموت الفلسفة وتكفير الفلاسفة.



http://i61.tinypic.com/2lid2bp.jpg

بالتوفيق للجميع

موقع وظائف للعرب في تونس والجزائر والمغرب العربي والخليج والشرق الاوسط واوروبا
من هنا (http://www.jobs4ar.com/jobs/index.php)

http://i61.tinypic.com/fem9w0.jpg (http://www.facebook.com/jobs4ar)

وظائف اليوم
06-03-2015, 02:03 PM
مقال فلسفي : هيغل ونهاية الأصوليات