المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال فلسفي : الذات و الممارسة السردية



نتائج البكالوريا - bac
06-18-2014, 12:17 AM
مقال فلسفي : الذات و الممارسة السردية
| منتدى مراجعة وتلخيص للفلسفة



منتدى الفلسفة والعلوم الانسانية منتدى الباكالوريا - منتدى الآداب و العلوم الإنسانيّـة - فلسفيات الباكالوريا آداب وشعب علمية بكالوريا علوم - باكالوريا آداب بكالوريا الجزائر بكالوريا المغرب - منتدى الفلسفة منتدى علم الاجتماع منتدى علم النفس (http://www.jobs4ar.com/jobs/forumdisplay.php?f=95)


ان احدى الاشكاليات الشائعة في الكتابة النقدية المعاصرة هي ضبابية المصطلح النقدي والتباس الدلالة الناتج عن تداخل مجالات الدوائر الاصطلاحية وتداعياتها. و لا يكمن ذلك الالتباس في الانحرافات الناتجة عن الترجمة او ضعف الاحاطة بالاسس المعرفية والمرجعية للمصطلح النقدي فقط، بل في تعدد وتنوع دلالة المصطلح الواحد بين مدارس النظرية النقدية الحديثة كذلك. ومن هذا المنطلق يصبح من الضروري تحديد الابعاد الدلالية لمصطلح "السردية" كما يرد هنا حتى يمكن فهم طبيعة الاشكالية التي يتم تاملها بين الذات والممارسة السردية. ان الممارسة السردية كمصطلح يتجاوز مفهوم السردية البنيوية.
فالسردية البنيوية ليست ممارسة ولا هي فعلا ناتج عن ذات واعية، انها بناء هيكيلي قابل للتمظهر كموضوع منقطع بالضروروة عن الهوية و عن الزمن وقابل للتفكيك الى وحدات واجزاء لغرض الدراسة و التحليل. لقد اقصت الدراسات البنيوية الزمان و الهوية من دائرة اهتماماتها بل واعتبرتهما من الاوهام النظرية المترسبة عن الدراسات الرومانسية في الادب والفلسفة. اما اقتران السردية بالممارسة فهو احالة على مجال اصطلاحي مغاير تماما، ومنهج نقدي مختلف بداء بالتبلور النظري على يد الفيلسوف الفرنسي بول ريكور، فالسرد عند ريكور ليس بنية جامدة بل ممارسة و تجربة بالمعنى الواسع للكلمة، يقول ريكور "تتمثل فرضيتي الاساسية في ان بين فعالية سرد قصة، وبين الطبيعة الزمانية للتجربة الانسانية، تعالقا ليس بالعرضي، بل يمثل شكلا ثقافيا متبادلا من اشكال الضرورة. بحيث يصير الزمن انسانيا، فيصاغ بصيغة سردية، و يكتنز السرد بمعناه الكامل حيث يصير شرطا للوجود الزماني "بول ريكور: الزمان والسرد، ج 1، ص 53). وضمن هكذا تصور للسرد تعود الذات الانسانية لتحتل موقعا مركزيا في الفعل السردي بحيث يعني اقصاءها الغاء لأمكانية وجود السرد ذاته. ان الممارسة السردية تتوسط المسافة الكامنة بين الذات و العالم الخارجي فالحياة "ظاهرة بيولوجية" كما يقول ريكور و يذهب الفيلسوف باركلي الى "اننا نرى المظاهر وحدها، لا الخواص الواقعية للاشياء" ( الوجود و الزمان و السرد، ت، سعيد الغانمي، ص124_125). وبذلك تصبح الممارسة السردية هي الفة الذات مع عالم الاشياء والظواهر عبر عملية خلق معاني ودلالات لتلك الظواهر و ادخالها ضمن مجال الوعي الفردي و من ثم الجمعي، وعبر هذا النشاط تتحقق الذاتية و تنوجد داخل الزمن. اننا هنا نتحدث عن فعل وجودي تقوم فيه الذات بأنسنة العالم وخلق وسط غير مادي يتم تواصلها فية مع غيرها من الذوات الاخرى فيما يعرف بالثقافة.وتصف السيميولوجيا الثقافة كمنظومة من الاشكال الرمزية التي يصوغها الوعي البشري الجمعي، وهذه المنظومة ذات طبيعة جدلية و تكونية مرتبطة بالممارسة الانسانية وليست سكونية جامدة، وهذا مايؤكده الفيلسوف والناقد الايطالي أمبرتو أيكو في كتابه"العلامة: تحليل المفهوم وتاريخه" عندما يتحدث عن اهمية الممارسة الانسانية في انتاج السنن الثقافية: "ذلك ان السنن الثقافية (الاشكال الرمزية) لا تنمو خارج ملكوت الممارسة الانسانية، فالعلامات هي افراز للفعل المفرد و الجماعي، وليست كما سلوكيا مودعا في ذاكرة الانسان خارج تفاعله الحي مع محيطه الطبيعي و الانساني" (أمبرتو ايكو: العلامة ، تحليل المفهوم وتاريخه،ت سعيد بنكراد،ص 11). وياتي هذا التوصيف السيميولوجي للثقافة على الضد من تصور رائد البنيوية، الفيلسوف ليفي شتراوس للبنية الثقافية للجماعة البشرية كمنظومة جامدة تقع خارج حدود الزمان و التاريخ. أن الوعي البشري امام عالم الظواهر و الاشياء الخارجي ينزع غريزيا الى فعل التامل، والذي يتجسد قصديا في محاولات الفهم و التاويل و اضفاء المعنى والترابط الدلالي ثم يتجه هذا الوعي الفردي للتعبير عن خبرته من خلال الممارسة السردية و التي تتخذ طابعا تواصليا بالضروروة. والغاية من تلك الممارسة هي خلق وسط ثقافي لمجموعة من الذوات تتواطىء وتتلاقى ضمن الوسط الثقافي الواحد لخلق وحدة وجودية بشرية تسمى بالمجتمع. ويشير الناقد و المفكر سعيد بنكراد الى اننا اذا ماسلمنا "بان العالم الواقعي نفسه هو عالم مبني على شكل و حدات ثقافية، وان مانطلق عليه (الواقع) هو في نهاية الامر بناء يتم انطلاقا من وجود شبكة من المصافي التي تتوسط ادراك الفرد للعالم الخارجي، فان بناء العالم لن يكون سوى بناء ايديولوجي" ( سعيد بنكراد: سيميائيات الايديولوجيا، ص32). وهنا تتداخل مفردتي الثقافة و الايديولوجيا، حيث اننا يمكن ان نعتبر كل ثقافة هي نوع من انواع الايديولوجيا بالمفهوم العام لمصطلح الايديولوجيا. فالثقافة هي نزوع نحو ادراك الواقعي و تمثيله رمزيا و دلاليا. اي تحويل الشيء الى رمز و دلالة يمكن تداولها حتى مع غياب الشيء في ذاته. ان الطبيعة الانسانية لا تستطيع التعامل مع عالم الظواهر الفيزيائية المستقلة عن الوعي و الخالية من المعنى. ولذلك يلجأ الانسان، عبر السرد، الى ادخال تلك الظواهر الى مجال الوعى البشري ووضعها في سياق معين يضفي عليها معنى و دلالة ما. ان السرد هو اثبات لوجود الذات امام عالم الاشياء و تاكيد هويتها عبر استخدام الصوت و الزمن. و قد تجسدت هذه الممارسة عبر التاريخ البشري بمظاهر متعددة ظاهريا، غير انها متماثلة جوهريا، مثل الاساطير والخرافات التي ارتبطت بعلاقة الانسان الاول مع الطبيعة و محاولة اضفاء معاني ودلالات على تلك الظواهر من خلال ربطها بالالهة المتعالية، وبالمنظومة الدينية التي حلت محل الاساطير. ومن هذا المنظور يمكن اعتبار المدارس الفلسفية على تنوع اتجاهاتها وتمايزها ممارسات سردية خالصة. والسرد هو محاولة الذات ضد الفناء من خلال تاصيل الهوية. فالهوية تحل في السرد وتنتشر فيه. ومن ذلك ينشأ الألتباس بين الهوية والسرد، وكأن حضور احدهما نفي وتدمير للاخر. ان العلاقة بين الذات والسرد ليست علاقة تنافرية طاردة بل تواصلية متفاعلة، ويمكن تصوره هذا بشكل اكثر وضوحا من خلال مفهوم الخطاب. فالخطاب هو سرد ارتقى من المستوى الفردي الى المستوى الجمعي. يحدد المفكر ادوارد سعيد مفهوم الخطاب باعتباره " تشكيل عالم متماسك متخيل، تحاك ضمنه صور الذات عن ماضيها، وتندغم فيه اهواء، و تحيزات، و افتراضات تكتسب طبيعة البديهيات، ونزوعات و تكوينات عقائدية يصوغها الحاضر بتعقيداته بقدر ما يصوغها الماضي بتجلياته و خفاياه، كما يصوغها بقوة و فاعلية خاصتين، فهم الحاضر للماضي و انهاج تاويله له، ومن هذا الخليط العجيب، نسج حكاية هي تاريخ الذات لنفسها وللعالم، تمنح طبيعة الحقيقة التاريخية، وتمارس فعلها في نفوس الجماعة وتوجيه سلوكهم وتصورهم لانفسهم وللاخرين، بوصفها حقيقة ثابتة تاريخيا" (ادوارد سعيد: الثقافة والامبريالية، ت كمال ابو ديب، ص 16). ويكاد يجمع نقاد وفلاسفة مابعد الحداثة على هذا التعريف للخطاب، رغم انهم يفترقون في تحديد دور الخطاب في الممارسة الانسانية بشكل عام. فميشيل فوكو، مثلا، يعطي للخطاب خاصيتي الهمينة و الاقصاء، ويجرد الخطاب من البعد الطبقي الماركسي كما عند التوسير. وعند النظر الى الخطاب باعتباره سردا جماعيا ارتقى الى مرتبة المسلمات، نجد ان هناك تناقض نظري داخل نظرية مابعد الحداثة تجاه كل من الخطاب و السرد، فهذه النظرية تطرح الخطاب كحامل لهوية جمعية داخل زمنية محددة لمجتمع ما، بينما تفشل في استيعاب فكرة حضور الهوية مع السرد في الزمن. فعند التسليم، مع فوكو، بان تحليل الخطاب الحضاري و الكشف عن انساقه يعيننا على الفهم الاعمق و الاكثر شمولية للحضارة الانسانية في حقبة معينة، نجد انه من الصعب تقبل اطروحة رلان بارت حول موت الشخصية و ذوبان الهوية في السرد وتشكل السرد كبنية خارج مدارات الذات والزمن. فاذا كان الخطاب تعبير عن هوية جمعية داخل الزمن، فان السرد هو تعبير عن هوية فردية داخل الزمن، اي ان الممارسة السردية تعبير عن وجود وفاعلية الذات. ولمفهوم الذات اشكاليته الخاصة ايضا. فالتصورات البنيوية على الصعيد الفلسفي والنقدي تطرح تصورها عن الذات كمعطى متشكل و تام لايخضع لجدلية التفاعل الداخلي ولا لحركية التاريخ. وهذا التصور ربما كان الارث غير المباشر لفلسفة الانوار، حيث تمثل الذات وعي خالص نقي، او عقل نظري قادر من خلال نمط التفكير الفلسفي الحر ان يعي ذاته، كما تحدث عنها الفيلسوف الفرنسي ديكارت. فقد ربط ديكارت بين الكينونة و عملية التفكير. ويستند موقف بارت الى" نفي وجود اي ذات ممكنة التحقق و لا يترك الا احتمالية وجود الانا الديكارتية الخالصة او الجوهر الروحي المجرد" ( الوجود والزمان والسرد،ت سعيد الغانمي، ص 257). ولعل اهم ماطرحته فلسفة مابعد الحداثة هو ازاحة هذا الوهم من مركزية الفلسفة الغربية المعاصرة، وهكذا قلبت مقولة ديكارت الشهيرة الى "انا افكر، أذن فالمجتمع موجود". فلاوجود لحالة العقل الخالص المتعالي الذي يطفو في سديم من الافكار يتخير منها مايستطيع ان يثبت امام منطقه العقلي الخاص، لا وجود لوعي بريء يتجرد من الاحكام المسبقة حتى يصل درجة الصفر في التفكير،ثم يبدا من تلك النقطة بانيا منظومته القيمية و الفلسفية الخاصة. فالوعي يخضع بالضرورة للخطاب القيمي للمجتمع الذي ينوجد فيه.



http://i61.tinypic.com/2lid2bp.jpg

بالتوفيق للجميع

موقع وظائف للعرب في تونس والجزائر والمغرب العربي والخليج والشرق الاوسط واوروبا
من هنا (http://www.jobs4ar.com/jobs/index.php)

http://i61.tinypic.com/fem9w0.jpg (http://www.facebook.com/jobs4ar)

وظائف اليوم
06-03-2015, 02:08 PM
مقال فلسفي : الذات و الممارسة السردية