المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال فلسفي : ليف تولستوي: فن العيش بطريقة أسطورية



نتائج البكالوريا - bac
06-16-2014, 02:19 PM
مقال فلسفي : ليف تولستوي: فن العيش بطريقة أسطورية
| منتدى مراجعة وتلخيص للفلسفة



منتدى الفلسفة والعلوم الانسانية منتدى الباكالوريا - منتدى الآداب و العلوم الإنسانيّـة - فلسفيات الباكالوريا آداب وشعب علمية بكالوريا علوم - باكالوريا آداب بكالوريا الجزائر بكالوريا المغرب - منتدى الفلسفة منتدى علم الاجتماع منتدى علم النفس (http://www.jobs4ar.com/jobs/forumdisplay.php?f=95)


ليف تولستوي (1828 ـ 1910): يكاد يكون الكاتب الروسي الوحيد الذي يتمتع بتلك الشهرة الواسعة جداً في الغرب، ولكنه لم يكن كاتباً فقط، بل فيلسوف ومؤسس ديانة جديدة، وشيخ أسطوري ملتح يسير في الشتاء والصيف حافي القدمين، وبطل كثير من الطرائف، ونبي، ومعلّم، بل حتى "مرآة الثورة الروسية"، هكذا وصفه لينين. أما حياة تولستوي فهي عمل فني بحد ذاته، إذ يمكن أن تكون موضوع رواية لا تقل إثارة عن رواية "الحرب والسلم".
في شبابه، درّب تولستوي نفسه، وكأنه يستعد ليصبح رجلاً خارقاً، فلم يرحم نفسه على الإطلاق، كان يحمل بيديه الممدودتين معاجم ثقيلة، ويسوط ظهره العاري بحبل، ويقوّي إرادته، فقد أراد أن يصبح إنساناً comme il faut ( كما يجب)، أرستقراطياً حقيقياً، كان يتحدث بالفرنسية بطلاقة، ويستميل سيدات المجتمع الراقي، ويحب اللعب بالورق، علماً بأنه غالباً ما كان يخسر، وذات مرة كان يسير مع شقيقه في الشارع بينما كان هناك سيد يتجه نحوهما، وإذ بتولستوي يقول لشقيقه باستخفاف: " يبدو أن هذا السيد نكرة"، "لماذا؟"، "لأنه بلا قفازات"، هكذا إذاً، بلا قفازات، يعني ليس إنساناً.
أربع حروب
قاده التوقُ لانطباعات جديدة إلى الحرب، وهناك حصل على انطباعات كثيرة، ففي إحدى المرات، عندما كان في القوقاز، انفجرت قنبلة عند قدميه تماماً، وفي الجبال كاد يقع في الأسر عند الشيشان، لكنه قاد جواده كالمجنون، وبالكاد استطاع أن ينطلق بعيداً. وبعد القوقاز ذهب إلى منطقة الدانوب لمحاربة الأتراك، ومن هناك إلى سيفاستوبول، فقد كانت روسيا تخوض الحروب طوال الوقت، وكان تولستوي يحارب أيضاً، ولا عجب أنه يوجد في مؤلفاته كثير من الحرب.
وعند عودته إلى بطرسبورغ بدأ ينشر أعماله، وحظي بالاعتراف على الفور تقريباً، وعلى أعلى المستويات، فقد بكت أرملة الإمبراطور نيكولاي الأول عندما قرأت " قصص من سيفاستوبول"، بينما أمر القيصر ألكسندر الثاني بترجمتها إلى الفرنسية، وفجأة تصرف تولستوي بطريقة غريبة، فقد ترك علية القوم وسافر إلى القرية، كان هناك إحساس بأن الزراعة تهمّه أكثر من الأدب، وكان الفلاحون يحبونه، ولكنهم كانوا يعدّونه سيداً غريب الأطوار: " تأتي إلى السيد للحصول على الأوامر، وإذ به معلق بركبة واحدة على عود خشبي، يتأرجح ورأسه يتدلى إلى الأسفل، شعره يتمايل، ووجه ممتقع بالدم، فلا تعرف إن كنت ستسمع أمراً أم تتعجب لأمره"، هكذا كان تولستوي يقوم بالتمارين الرياضية.
في القرية، كان تولستوي يفعل كل شيء بمفرده، يحصد، يحرث، يعلّم أبناء الفلاحين، وكانت عنده مدرسة فريدة من نوعها، فلا توجد فيها أية كتب، أو دفاتر أو واجبات بيتية، كان يذهب مع الأطفال إلى الغابة وهناك يتحدث عن الحياة، ويروي قصصاً، ويجيب عن الأسئلة.
تزوج تولستوي من صوفيا أندرييفنا بيرس، وكانا ينجبان طفلاً في كل سنة تقريباً، وكانت صوفيا امرأة فريدة من نوعها، فبالإضافة إلى أنها تحمّلت طباع تولستوي الصعبة، كانت تساعده أيضاً، فقد أعادت كتابة رواية " الحرب والسلم" أربع مرات، بل حتى سبع مرات حسب بعض الأقوال، وكانت تستمع إليه، وحتى تقدم له بعض النصائح، كانت زوجة كاتب حقيقية.

زوجات الكتّاب: معاً في الحب والعمل والموت
كان تولستوي يملك طاقة هائلة، فقد تعلم اللغة اللاتينية والعبرية القديمة، وقرأ حكماء الصينيين، وحاول ركوب الدراجة الهوائية، ولم ينغلق أبداً على نفسه، بل اهتم بشؤون الفلاحين والجنود والمشردين، وفي زمن المجاعة في الأقاليم الوسطى، كان يجمع الأموال لصالح الجياع، كما توافد البؤساء إلى أرضه في "كراسنايا بَلْيانا" من كل حدب وصوب، فقد كانوا يعرفون أن تولستوي سوف يساعدهم، هكذا أصبح تولستوي شخصية لها هيبتها الأخلاقية، ورمزاً للنزاهة والرحمة، مثلما أصبح غاندي ومارتن لوثر كينغ فيما بعد.
إلى السجن وإلى الحرية
في العقد السادس من عمره، عاش تولستوي أزمة عميقة، إبداعية وروحية، فقد خاب أمله بالأدب، بالحضارة وبالناس، وببساطة، يمكن القول بأنه تعب، حتى أنه ظهرت لديه فكرة الانتحار... لا يوجد انسجام في هذا العالم، القوي يأكل الضعيف، يقضي الناس حياتهم في اللهو الفارغ، وكان يؤلم تولستوي أن يرى ذلك، ولكن لم يستطع ألا ينظر. آنذاك، ظهرت " التولستويوية"، فقد أخذ يدعو إلى التسامح وعدم مقاومة الشر بالعنف، كانت هاتان المسلّمتان الأساسيتان عماد دينه الجديد، فالجوهر بسيط، يجب توزيع الثروة، الاتجاه نحو الشعب، الصبر على الحرمان، العيش حياة بسيطة، ولكن في الحقيقة فإن تولستوي لم يوزع ثروته ولم يترك ممتلكاته، وكان يشعر تماماً بهذا التناقض، وكان هذا يعذبه كثيراً، فقد كتب: " أيعقل، أنني سأموت ولم أعش سنة واحدة على الأقل من دون هذا البيت المجنون وغير الأخلاقي، ولم أعش سنة واحدة على الأقل بصورة إنسانية معقولة، أي في قرية وليس في أملاك النبلاء، بل في بيت فلاحي وسط الكادحين، أتناول الطعام وأرتدي مثلهم، وأحدث الجميع بلا خجل عن تلك الحقيقة المسيحية التي أعرفها".
بعد ثورة عام 1905 بدأ الإرهاب في البلاد، وبسبب معتقداهم زُج آلاف الناس في السجون ونُفيوا وأُرسلوا إلى الأشغال الشاقة، لكن أحداً لم يتجرأ على أن يمسّ تولستوي بسوء، رغم أنه كان يكتب للوزراء بأن أصل الشر موجود فيه، في تولستوي نفسه، وأنه من الغريب معاقبة أولئك الذين ينشرون تعاليمه، ولا يُمس هو نفسه، كان تولستوي يرغب كثيراً في أن يحس بالمعاناة، كان ضميره يعذبه على حياته المرفهة، وقد كتب يقول" لا شيء يمكن أن يرضيني وأن يمنحني السعادة مثل زجي في السجن، سجن جيد حقيقي، كريه الرائحة، بارد، جائع، كان يمكن لذلك أن يعطيني في آخر حياتي السعادة الحقيقية والرضا"، ولكن كان يحظى بوضع خاص ولم يجرؤ أحد على مسه بسوء.

تسعين مجلداً من أعمال ليف تولستوي بنقرة واحدة
كان تولستوي يعدّ أقرباءه مجانين، بينما كانوا يعدّونه أنه هو المجنون، حتى أن زوجته نصحته بالذهاب إلى مناطق المياه المعدنية للعلاج من الانهيار العصبي، فقد كانت تحبه بصدق، ولكنها لم تفهمه على الإطلاق، فكيف يمكن التخلي عن المال، عن الأرض، عن حقوق الملكية الأدبية؟ وعندما حاول الخروج، هددته بالانتحار، وذات مرة حاولت بالفعل أن ترمي نفسها أمام القطار، مثل بطلة رواية " آنّا كارينينا"، وبالكاد استطاعوا أن يقنعوها بالعدول عن ذلك، فأعلنت آنذاك أنه إذا بدأ بتوزيع ثروته فسوف تطلب الوصاية عليه، وإدخاله إلى مشفى الأمراض العقلية، وبذلك تبقى الأملاك في أيدي الأسرة.
ومع ذلك فقد ذهب، في الليل، سراً دون أن يعرف أحد، وترك رسالة لزوجته كتب فيها أنه لا يستطيع العيش في هذا الترف الذي يحيطه، وأنه يريد أن يقضي سنواته الأخيرة في عزلة وهدوء، ولكنه في القطار تعرض لنزلة برد، فأنزلوه في محطة " أستابّوفو" في حالة صحية صعبة، وخلال الساعات الأخيرة من حياته كان تولستوي في حالة اضطراب كامل، فقد كان يقول:" أيها الرجال، أيها الرجال، كيف يموتون، سأموت، كما يبدو، وأنا محمّل بالخطايا"، وقبيل وفاته، نظر أمامه وقال: " لا أدري ماذا علي أن أفعل!"، أما آخر كلماته فكانت: " يموت كثير من الناس في هذا العالم، أما أنتم فتنظرون إلى أسد واحد" ( اسم ليف بالروسية يعني أسد ـ المحرر).



http://i61.tinypic.com/2lid2bp.jpg

بالتوفيق للجميع

موقع وظائف للعرب في تونس والجزائر والمغرب العربي والخليج والشرق الاوسط واوروبا
من هنا (http://www.jobs4ar.com/jobs/index.php)

http://i61.tinypic.com/fem9w0.jpg (http://www.facebook.com/jobs4ar)

وظائف اليوم
05-31-2015, 06:59 PM
مقال فلسفي : ليف تولستوي: فن العيش بطريقة أسطورية